اعلن المشاركون في المؤتمر الأكاديمي لدعم لمؤتمر الحوار الوطني الشامل في ختام اعماله اليوم بصنعاء عن رؤاه المختلفة حول مختلف القضايا الوطنية وفي مقدمتها قضيتي الجنوب وصعدة وشكل الدولة وطبيعة النظام السياسي والدستور الجديد.
 
وطالب المشاركون، مؤتمر الحوار الوطني الشامل الإستفادة من مخرجات المؤتمر الأكاديمي بإعتباره مؤتمرا رديفا ومساعدا للمؤتمر الوطني لوضع الحلول العملية لمعالجة مختلف المشاكل المطروحة على طاولة الحوار .
 
وبحسب البيان الختامي للمؤتمر الأكاديمي ، أكد المؤتمرون فيما يتعلق بالقضية الجنوبية وفي سبيل أولوية الحسم النهائي لهذه القضية بضرورة الإقرار بمظلومية الجنوب، وإدانة كافة الأعمال والممارسات والانتهاكات التي أدت إلى هذه المظلومية، وطالت الحقوق العامة والخاصة للأفراد، والتعامل معها باعتبارها قضايا لا تسقط بالتقادم.
 
مشددين على أهمية إنهاء كافة الأسباب التي أدت إلى نشوء هذه القضية بأبعادها الشاملة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وفق صيغة حل شاملة وعادلة، تستوعب النقاط الــ20، والنقاط الـ11، وإعمال كافة المعايير التي يفترض أن ينص عليها قانون العدالة الانتقالية، وضمان الاحترام الكامل لإرادة الشعب اليمني في المحافظات الجنوبية والشرقية، المتصلة بالصيغة الملائمة لإعادة بناء اليمن الموحد خلال المرحلة القادمة.
 
وفي شأن قضية صعدة أقر المؤتمر الإكاديمي بأولوية الحسم النهائي لهذه القضية، وذلك من خلال التأكيد على اقامة دولة المؤسسات القادرة على فرض سلطتها وفرض سيادة القانون علي عموم المحافظات اليمنية ، والعمل على ضمان التوزيع العادل للثروة والسلطة.
 
مشددين على ضرورة وقف تغذية الحروب والصراعات التى تنشأ بين الفينة والأخرى (صعدة – حجة - عمران – الجوف) وغيرها من المناطق وتأمين الطرق ومنع كافة أنواع التقطعات ونقاط التفتيش، ووقف كافة الإجراءات التى وقفت حائلاً امام مصالح الافراد وخصوصاً فى اغلاق المنافذ الجمركية وفتحها أمام صادرات المنتجات الزراعية، واعتماد الدرجات الوظيفية المخصصة للمحافظة, وإعادة الموظفين المدنيين والعسكريين الموقوفين قسراً جراء الحروب السابقة إلى أعمالهم, ودفع كامل مستحقاتهم القانونية، ومعاملة ضحايا حروب صعده كشهداء ومعالجة الجرحى وتعويضهم.
 
وأكد المشاركين على ضرورة وقف التحريض الطائفي والمذهبي و المناطقي, وإلغاء ثقافة تمجيد الحروب الأهلية تحت مبررات مذهبية وطائفية في وسائل الإعلام والمساجد ومناهج التعليم, والاعتراف بالتعددية المذهبية والفكرية واحترام وحماية حق وحرية التعبير عنها بالطرق السلمية.
 
مطالبين بتوجيه اعتذار رسمي لأبناء صعده وحرف سفيان والمناطق المتضررة الأخرى من قبل الأطراف المشاركة في تلك الحروب، واعتبار تلك الحروب خطأ تاريخياً لا يجوز تكراره, وإعادة إعمار ما دمرته تلك الحروب, وتعويض المتضررين، والإفراج الفوري عن بقية المعتقلين على ذمة حروب صعده والكشف عن المخفيين قسراً سواء كانوا أمواتاً أم أحياء.
 
كما شدد المؤتمرون في بيانهم على أهمية إحداث تغيير في طبيعة العلاقة بين السلطة والقوى الاجتماعية الأخرى (عسكرية - قبلية) لمنع أي شكل من أشكال استيراد الصراع الإقليمي, والحيلولة دون تحويل اليمن إلى ساحة حروب بالوكالة، و توفير الضمانات الدستورية والقانونية التي تكفل مبدأ الشراكة الوطنية وتمنع الانفراد بالسلطة, وتضمن عدم تكرار ما حدث من حروب.
 
وبالنسبة للموجهات العامة السياسية للدولة ، حدد المؤتمر الأكاديمي هوية الدولة بكونها دولة يمنية اتحادية عربية إسلامية مستقلة ذات سيادة ولا يجوز التنازل عن أي جزء منها، وأن دينها هو الإسلام ، واللغة العربية لغتها الرسمية، والشعب اليمني جزء من الأمة العربية والإسلامية، والشريعة الإسلامية المصدر الرئيس لجميع القوانين، والشعب مالك السلطة ومصدرها، يمارسها بشكل مباشر عن طريق الاستفتاء والانتخابات العامة والمحلية، كما يمارسها بطريقة غير مباشرة عن طريق الهيئات التشريعية والتنفيذية والقضائية وعن طريق المجالس المحلية المنتخبة.
 
واشار إلى أن نظام الحكم هو نظام جمهوري ديمقراطي نيابي ، ونظامها السياسي رئاسي يقوم على أساس الفصل بين السلطات ويضمن التعددية السياسية والحزبية والتداول السلمي للسلطة.
 
وأجمع الأكاديميون في بيانهم الختامي على تبني الشكل الاتحادي للدولة، وأن النظام السياسي الرئاسي القائم على الفصل التام بين السلطات هو النظام المستقبلي الملائم .
 
وفيما يتعلق بتنظيم السلطات فقد أكد البيان على أهمية الأخذ بنظام الغرفتين في السلطة التشريعية ، وبالنسبة للسلطة القضائية شدد البيان على ضرورة الاستقلال المالي والإداري والقضائي للسلطة القضائية ، واعتماد نظام القضاء المزدوج... مؤكدا على ضرورة الرقابة على دستورية القوانين من خلال إنشاء محكمة دستورية عليا، وأن يسمح للأفراد والمؤسسات بالتقدم برفع الدعاوى بعدم الدستورية.
 
وبالنسبة للسلطة التنفيذية رأى المؤتمرون الأكاديميون إمكانية أن تمارس هذه السلطة صلاحياتها المنصوص عليها دستوريا مثل رسم السياسة العامة للدولة وتنفيذ القوانين ،في حين يحظر عليها التقدم بمشاريع قوانين للسلطة التشريعية ، كما يحظر عليها حل مجلس النواب حفاظا على مبدأي الفصل بين السلطات والتوازن.
 
وفيما يخص شكل النظام الانتخابي أوصى المؤتمر الأكاديمي في بيانهم بإعتماد التمثيل النسبي في القائمة الوطنية المغلقة ، والدوائر الكبيرة ، وبدون نسبة حسم ،أما فيما يتعلق بشكل النظام الإداري فقد رأى البيان الأخذ باللامركزية الإدارية والإدارة المحلية ، وله ثلاثة مستويات هي (الاتحادي- الإقليمي – المحلي (المديريات ).
 
مؤكدين أهمية أن يتضمن الدستور الجديد كل ما تم ذكره أعلاه ، كما يجب أن يتضمن نصا دستوريا يحظر تعديل نص دستوري ، أو إضافة نص دستوري ، أو حذف نص دستوري قد يمس بشكل الدولة أو شكل النظام السياسي أو شكل النظام الانتخابي أو شكل نظام الحكم أو يهدد الحقوق والحريات.
 
 
وقال البيان الختامي للمؤتمر الأكاديمي الداعم لمؤتمر الحوار الوطني الشامل " يؤمن المؤتمر الأكاديمي أن أية صيغة لبناء الدولة اليمنية الجديدة، وتحديد شكلها، ينبغي أن تأتي متحررة من أي تأثير للتداعيات متعددة الأبعاد، التي أورثتها لنا الممارسات الخاطئة والشمولية، للمرحلة الفائتة من تاريخ الدولة اليمنية مشطرة وموحدة، ومن املاءات ومصالح القوى السياسية والاجتماعية، ولإملاءات القوى الخارجية أي كان تأثيرها وامتداداتها المحلية".
 
وشدد البيان على أن تحتكم صيغة بناء النظام السياسي وتحديد شكل الدولة، للمعايير العلمية والموضوعية، المعبرة عن عمق الهوية اليمنية الجامعة، وعن الحقوق والأولويات الأساسية للمجتمع اليمني، وتنوعه الثقافي والجهوي، وفي طليعتها حقه في إعمال رأيه في السياسات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والأمنية، على المستويين المركزي والمحلي، وبما يضمن استدامة النظام السياسي وفعاليته، ويضمن أيضاً الحد الأمثل للتوازن بين قوى المجتمع.. وعلى نحو ما تقضي به الموجهات العامة التالية:
 
أ‌- النظام السياسي:
 
يؤكد المؤتمر فيما يخص النظام السياسي ضرورة توفر نصوص دستورية تضمن الآتي:
 
- بناء أسس قوية لدولة يمنية مدنية ديمقراطية حديثة، تحتكم لمبادئ: الحرية والمساواة، وسيادة القانون.
 
- اعتماد نظام حكم جمهوري تعددي يقوم على مبدأ الفصل بين السلطات الثلاث: التنفيذية والتشريعية والقضائية، ويأخذ بالنظام الرئاسي الذي يجب أن يخضع في كل قراراته وصلاحياته الدستورية للرقابة الكاملة من قبل البرلمان، وللمساءلة البرلمانية ولسلطة البرلمان في منح الثقة وحجبها عن الإدارة الرئاسية.
 
- يقوم لرئيس الدولة، ضمن المهام الدستورية الأخرى، بمهمة مرجعية عليا حصرية، تتعلق بصيانة الدستور وحماية الوحدة الوطنية والسهر على كيان الدولة وسلامة أراضيها.
 
- تحديد الفترة الرئاسية، بفترتين، غير قابلة للتجديد، وعلى ضرورة تحصين هذه المادة من أي تعديل، سواء بالتوافق السياسي، أو من خلال إقرار البرلمان والاستفتاء، بما يضمن استقرار النظام السياسي، ويجسد مبدأ التداول السلمي للسلطة.
 
 
ب‌- شكل الدولة:
 
يؤكد المؤتمر فيما يخص شكل الدولة ضرورة توفر نصوص دستورية تضمن الآتي:
- اعتماد صيغة مبدئية لشكل الدولة تتمثل في: دولة لامركزية متعددة الأقاليم.
 
- حكم انتقالي، يحدد فترة انتقالية محددة زمنياً، يتم خلالها إيجاد نظم راسخة: إدارية ومالية، وبناء وتأهيل الموارد البشرية للنهوض بالمهام ذات الطابع المحلي، بما في ذلك إنشاء وتأهيل شرطية محلية، طبقاً للاحتياجات الأمنية لكل إقليم، وبما يضمن كفاءة وفعالية ونجاعة الصيغة اللامركزية، ويضمن استدامتها، على أن يتم في نهاية هذه المرحلة عقد مؤتمر عام للسلطة المحلية، يخول مهمة إقرار الصيغة النهائية لشكل الدولة بما يتفق مع الأولويات متعددة الأبعاد: سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية، وأمنية، وبما يجعلها إطاراً معززاً للدولة اليمنية المدنية الديمقراطية الحديثة: دولة الحرية والمساواة وسيادة القانون وتكافؤ الفرص.
 
ج- السلطة التشريعية:
 
يؤكد المؤتمر فيما يخص السلطة التشريعية ضرورة توفر نصوص دستورية تضمن الآتي:
 
- إنشاء سلطة تشريعية من غرفـتين عمومية هي مجلس النواب، وعليا هي مجلس الشورى، ويسمى عند انعقاده المشترك (المجلس الوطني، أو مجلس الأمة)، ويتولى رئاسة المجلس عند انعقاده المشترك رئيس مجلس الشورى، وينوبه رئيس مجلس النواب.
 
- مبدأ التساوي في تمثيل الأقاليم في الغرفة العليا بالسلطة التشريعية(مجلس الشورى).
 
- يحتفظ مجلس النواب بحق الرقابة والمساءلة ومنح وحجب الثقة للسلطة التنفيذية، إلى جانب حقه الأساسي في التشريع، في حين يحتفظ مجلس الشورى بصلاحية الإقرار النهائي للتشريعات في حال أحيط بطلب من السلطة التنفيذية لمراجعة أي من القوانين التي تصدر عن مجلس النواب، على أن يحتفظ بحق إقرار التعيينات الأساسية في سلطات ومؤسسات الدولة قبل إصدارها من الرئيس.
 
د- النظام الانتخابي:
 
يؤكد المؤتمر ضرورة أن يعزز النظام السياسي للدولة الجدية بنظام انتخابي كفؤ وفعال ويتطابق مع حاجة اليمن، ويحقق المقاصد والغايات السامية للنظام الديمقراطي الجديد، من حيث:
 
-التمثيل العادل لمواطني الدولة في السلطة التشريعية على المستويين المحلي والمركزي، وفي كل سلطات الدولة الأخرى.
 
- التعبير الكامل عن إرادة الناخبين.
 
- التقليل من هامش إهدار الأصوات الانتخابية.
 
- تمثيل عادل للأقليات الدينية والاجتماعية في البرلمان.
 
هـ - السلطة القضائية:
 
يؤكد المؤتمر أهمية أن تعزز الدولة اليمنية الجديدة، بسلطة قضائية تتمتع بالاستقلال الكامل، وتعتمد معايير المهنية والكفاءة فيما يخص قوامها البشري، من القضاة ورجال النيابة ومحامي الدولة، وأن تعزز بجهاز تفتيش قضائي كفؤ وفعال.
 
- إنشاء محكمة دستورية عليا، تمثل المرجعية النهائية فيما يتعلق بالسهر على دستورية القوانين، والبت في القضايا المتعلقة بتضارب الصلاحيات بين سلطات ومؤسسات الدولة، وبحيث تؤدي دورها في معزل عن أي تأثيرات سياسية أو جهوية، وبحيث ينص دستورياً على أن يكون للمحكمة مقراً رسمياً في إحدى عواصم أقاليم الدولة.
 
- حق المواطنين أفراداً أو جماعات أو من خلال تشكيلاتهم المدنية المختلفة بالطعن لدى المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية القوانين التي تصدر عن البرلمان.
 
و- النظام الإداري:
 
يؤكد المؤتمر ضرورة أن ينص دستورياً على إنشاء نظام إداري كفؤ وفعال يعتمد معايير الحكم الرشيد من حيث النزاهة، والمساءلة ومكافحة الفساد، وتكافؤ الفرص، وحيادية الوظيفة العامة، حظر الجمع بين المال والوظيفة العامة، وإخضاعها لمعيار الكفاءة، ويتمتع معها منتسبو الجهاز الإداري للدولة بعوائد مالية تلبي احتياجاتهم المعيشية وتحفظ كرامتهم، ومع نسبة زيادة سنوية تلقائية تتساوق مع النسبة التي تطرأ على أسعار السلع والخدمات وتحمي دخل الموظفين من الآثار التضخمية.
 
وفيما يخص بناء القوات المسلحة والأمن فقد اكد المؤتمر بشأن هاتين المؤسستين الوطنيتين الهامتين: العسكرية والأمنية، أن ينص الدستور على حق الدولة الحصري في إنشاء القوات المسلحة والأمن، ويحظر على أي طرف آخر داخل الدولة إنشاء تنظيمات مسلحة، و تحديد الأسس التي تبنى عليها القوات المسلحة بكل تشكيلاتها وفروعها والمرافق التابعة لها، وبالأخص منها: الأسس الوطنية والمهنية، والعقيدة القتالية.
 
ورأى المؤتمرون أن طبيعة المهمة الأساسية المسندة إلى المؤسسة العسكرية، هي الدفاع عن أمن الوطن وسلامة أراضيه، وأن تكون تبعية المؤسسة العسكرية الإدارية والمالية للسلطة السياسية تبعية كاملة،إلى جانب عدم منح هذه المؤسسة أي صلاحيات استثنائية ذات طابع سياسي، تخرجها عن الإشراف الكامل للسلطة السياسية.
 
ونوه المؤتمرون في بيانهم على أهمية تشكيل مجلس للأمن القومي، برئاسة رئيس الجمهورية وعضوية رئيس الحكومة ورئيسي مجلسي النواب والشورى والوزراء المعنيين، تعهد إليه مهمة رسم وإقرار السياسات الدفاعية والأمنية، والإشراف على تنفيذ هذه السياسات، وضمان حظر أي نشاط سياسي داخل المؤسستين العسكرية والأمنية، عدا مشاركتهم في الانتخابات والاستفتاءات، كما يحظر على منتسبي هاتين المؤسستين الانتماء لأي حزب أو حركة أو جماعة سياسية، لضمان مهنية وحيادية هاتين المؤسستين.
 
وحدد البيان الطبيعة المدنية للمؤسسة الشرطوية في حفظ الأمن والاستقرار والسلام الداخلي، تحت الإشراف المباشر للسلطة السياسية، على أن تؤدي دورها وفق معايير صارمة لاحترام الحريات العامة وحقوق الإنسان التي ينص على الدستور والقوانين المحلية والإعلانات والمعاهدات والمواثيق الدولية المتصلة بالحريات العامة وبحقوق الإنسان السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
 
وأكد البيان على حق الأقاليم في إنشاء هيئات شرطية مدنية محلية، تخضع للسلطة السياسية للإقليم، وإنشاء هيئة وطنية للطوارئ بقوام بشري ومادي وتقني ولوجستي يمنحها القدرة على التدخل في احتواء الكوارث والحوادث الطارئة الناتجة عن عوامل طبيعية أو بشرية، فضلا عن أهمية أن يكون إعادة بناء وهيكلة القوات المسلحة وفق المعايير الدستورية، تقتضي كأولوية ملحة اتخاذ الخطوات والإجراءات اللازمة، لإنهاء الإشكاليات المتصلة بأوضاع المسرحين والمتقاعدين قسرياً ، لضمان تحرير المؤسسة العسكرية من التأثيرات والتداعيات السلبية للأزمات الأساسية الماضية.
 
وبالنسبة للموجهات العامة الإقتصادية وتحديدا فيما يخص النظام الإقتصادي ، أقر المؤتمرون بأولوية تأسيس نظام اقتصادي يتفق مع الطبيعة التأسيسية للدولة اليمنية الجديدة .. مؤكدين بهذا الخصوص أن ينص الدستور على إقامة نظام السوق الاجتماعي كأساس للنظام الاقتصادي الجديد، وللسياسات الاقتصادية، على نحو يحقق التوازن بين متطلبات إطلاق الدور الحيوي والجوهري للسوق ولقطاع الأعمال في إدارة الشأن الاقتصادي والتوظيف، وبين مقتضيات التدخل الحكومي المنظم، الهادف إلى تحقيق العدالة الاجتماعية وإيجاد الحد المطلوب من الحماية الاجتماعية لمختلف شرائح المجتمع وخصوصاً الفقراء والأشد فقراً ومحدودي الدخل، وتعزيز المعايير الصارمة للحماية البيئة، وتحقيق الاستدامة في استغلال الموارد الطبيعة.
 
مشددين على أهمية تبني منهج اقتصاديات المحليات بما يكفله من امتلاك موازنات محلية مستقلة وقرار اقتصادي مستقل تنفذه السلطات المحلية للأقاليم، وأن الثروات الطبيعية في اليابسة والجرف القاري والمنطقة الاقتصادية الخالصة في المياه الإقليمية ملك للشعب.
 
منوهين بضرورة الشراكة الكاملة في إدارة الاقتصاد بين الأطراف الثلاثة، الدولة والقطاع الخاص والمجتمع المدني، وفق تشريعات توفر المناخ المناسبة لتحقيق هذه الشراكة بالكفاءة المفترضة وبما يقتضيه ذلك من دعم وتشجيع لمؤسسات المجتمع المدني وتعزيز بنيتها الهيكلية ودعم قدراتها البشرية والمادية والفنية واللوجستية.
 
منوهين بأهمية العمل على تحديد القطاع الاقتصادي ذي الأولية في الاهتمام( زراعي- صناعي-خدمي-سياحي)، والعمل على تأهيله وتطويره وحفزه ليكون القاطرة التي تقود الاقتصاد الوطني وتوجه أنشطته القطاعية المختلفة، وذلك وفقاً لمعايير موضوعية وللإمكانيات المتاحة في إطار كل قطاع اقتصادي، إلى جانب إنشاء مجلس أعلى للسياسات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، بقوام محدد من الكفاءات الوطنية وبتمثيل مناسب للجهات الرسمية وللقطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني وللخبرات الوطنية المعتبرة، تحدد مهمته في تنسيق السياسيات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية للدولة، و اقتراح خطط واستراتيجيات، وإعداد تشريعات لدعم وتنفيذ هذه السياسات، ونشر الوعي البيئي وحفز المبادرات الإيجابية فيما يخص الاستغلال الرشيد والمستدام للموارد المتاحة.
 
كما تتضمن مهامه صياغة رؤى وسياسات واستراتيجيات مستدامة لإنعاش قطاع الاستثمار، وإنهاء مشاكله المزمنة، وتأمين الضمانات السياسية والقانونية الكاملة، وإيجاد البُنى التحتية الملائمة، لتوفر بيئة استثمارية جاذبة، تسهم في زيادة حجم التدفقات الاستثمارية، وكذا اقتراح السياسات الملائمة لتعزيز كفاءة الدولة في استيعاب التمويل الخارجي من القروض والمنح والمساعدات.
 
وكذا إنشاء منظومة كفؤة وعادلة لتحصيل الموارد النقدية: الضريبية والجمركية وغيرها من الرسوم الجبائية الأخرى على المستويين المركزي والمحلي، وتحسين أوعيتها، وحظر أي شكل من أشكال الجباية الضريبية والجمركية وغيرها من أشكال الجبايات الأخرى خارج القانون، وربط هذه المنظومة بالمقاصد والغايات السامية لنظام الضمان الاجتماعي، وبأهداف التنمية وتحسين المنظومة الخدمية والبنية التحتية للدولة، وضمان إحداث تغيير هيكلي، يسمح بإنشاء حقيبة للاقتصاد والمالية، لتمسك بالأدوات المالية والنقدية والتخطيطية، وفصل وظيفة الخزانة عنها.
 
وفيما يتعلق بمجال التعليم شدد المؤتمر على الأولوية القصوى للنهوض بالتعليم، وتطوير منظوماته، من خلال أسس دستورية واضحة وقوية، باعتبار التعليم المدخل الأساس لإنجاز التغيير وتأمين ضمانات واستدامة التحول الشامل على مستوى الدولة بأبعاده السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وباعتباره كذلك الحامل الأهم لمنظومة القيم، والضامن الأساسي للتحول الإيجابي المنشود في منظومة وبنية لقيم المحفزة لتطور وعي المجتمع ونهوضه الحضاري.
 
كما أكد ضرورة إنشاء نظام تعليمي كفؤ وفعال، يتفق مع المعايير الحقوقية، ويجسد الارتباط الموضوعي بين مدخلات ومخرجات التعليم بكل مساراته ومساقاته من جهة وبين مقتضيات تحقيق النهضة الحضارية، ومتطلبات واحتياجات النهوض بالاقتصاد الوطني، واحتياجات ومتطلبات سوق العمل، و إنشاء مجلس أعلى لسياسات التعليم، بقوام تمثيل محدد لمؤسسات التعليم الرسمي والأهلي والقطاع الخاص، والمجتمع المدني وللكفاءات والخبرات الوطنية، تنحصر مهمته في تنسيق السياسات المتصلة بنظام التعليم بمختلف مستوياته ومساقاته، و اقتراح السياسيات والإستراتيجية المنفذة لهذه السياسات، والعمل على تجويد مناهجه ومُدْخَلاتِه، وقوامه من الموارد البشرية والبُنى التحتية والفنية، والموارد المالية.
 
كما تتضمن مهمته اقتراح وتطوير المبادرات الهادفة إلى تشجيع الفقراء والفتيات على الالتحاق بنظام التعليم، ومنح المزايا والمحفزات للمبرزين من الطلاب والطالبات، وزيادة عدد المنح المجانية المقدمة للفقراء وأبناء المناطق النائية والفتيات، لإتمام الدراسات الجامعية والعليا في الجامعات اليمنية والخارجية، و إعمال مبادئ ومعايير الحكم الرشيد فيما يتصل منها بتعزيز منظومة الرقابة والمحاسبة والمساءلة، وحظر المزاوجة بين المال والسياسة، وبما يحد من النفوذ السياسي للمال، ويؤكد على الشفافية والنزاهة ومكافحة الفساد،
 
وأكد البيان الختام على ضرورة استقلالية البنك المركزي، استقلالية كاملة عن الحكومة، وأن تنحصر مهمامه في إدارة السياسة النقدية للدولة، وتحريره من وظيفة صندوق الصرف لحسابات الحكومة، واتخاذ الإجراءات التشريعية اللازمة لتخويل البنوك الأخرى بالقيام بهذا الدور.
 
وفيما يتعلق بالموجهات العامة القانونية والاجتماعية والحقوقية فقد أكد المشاركون في المؤتمر الأكاديمي الداعم لمؤتمر الحوار الوطني على أن يأتي الدستور الجديد ضامناً- بما فيه الكفاية وبقواعد غير قابلة للتأويل إلى غير ما ينصرف إليه المعنى في ظاهر النص- للحريات العامة والحقوق الأساسية للمواطنين: السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وأن يجسد في مواد وأحكام هذا الباب المبادئ الأساسية للدولة المدنية الحديثة والديمقراطية: الحرية والمساواة، وسيادة القانون، وعلى نحو تتوفر معه كل الضمانات اللازمة لمواطنة متساوية وتكافؤ وغير منقوص للفرص، والمحرمة لكل أشكال التمييز في الحقوق والواجبات بين المواطنين، على أساس الجنس واللون والمعتقد والانتماء الديني والجهوي، وتضمن كذلك الحقوق القضائية بما فيها حقه في محاكمة عادلة، وإعمال مبدأ المتهم بريء حتى تثبت إدانته.
 
كما أكدوا ضرورة اعتماد معايير صارمة، تقنية ، لمن يشغلون عضوية اللجنة الدستورية التي ستعهد إليها مهمة كتابة الدستور الجديد، ومن أهم هذه المعايير أن يتحقق في قوام اللجنة شرط التمثيل المتساوي بين المحافظات الشمالية والجنوبية، و أن يتمتع أي من أعضاء اللجنة بأحد الخبرات المعتبرة، في التخصصات المهنية "الدستورية والقانونية، واللغوية، والسياسية والاقتصادية" ، وغيرها من الخبرات في شتى مجالات العلم والمعرفة.
 
كما تتضمن تلك المعايير أن لا تقل خبرة العضو في المجال عن عشرين عاماً على الأقل، وأن يخلو سجل العضو من ما يخل بسمعته المهنية والأخلاقية.
 
ونوه المؤتمرون على أهمية أن يتضمن الدستور الجديد مواداً تؤكد على أن الشريعة الإسلامية هي مصدر رئيسي للتشريع، والبناء على الإنجاز الهام الذي تحقق على صعيد تقنين أحكام ا لشريعة الإسلامية.
 
مشددين على ضرورة إنجاز قانون العدالة الانتقالية، بصيغة تتضمن كافة مبادئ وآليات ومقاصد العدالة الانتقالية، والمصالحة الوطنية، وبما يضمن استئصال كافة الآثار والتداعيات التي أفرزتها صراعات ما بعد إعادة تحقيق الوحدة اليمنية، و اعتبار المواثيق الدولية المتصلة بحقوق الإنسان والحريات العامة والمساواة بين المواطنين، مرجعية أساسية تتكامل في مقاصدها ولا تحتمل التعارض أو التناقض، ويكون ترجيح مرجعية أي منها محكوماً، بما يوفره من نص ضامن لهذه الحقوق.
 
مطالبين بحظر كل عمل أو ممارسة، من قبل الأفراد والمؤسسات الاعتبارية، وأي محتوى إعلامي، أو ثقافي، من شأنه أن يخل بمبدأ المساواة، أو يكرس التمييز بين أفراد المجتمع، أو يشجع على التعصب أو يحرض على الكراهية أو الازدراء، والعمل على تعزيز البنية الهيكلية لمنظومة حقوق الإنسان، بإنشاء مجلس وطني لحماية حقوق الإنسان، بمجلس أمناء يشتمل على تمثيل كافة قطاعات الدولة والمجتمع المعنية، ويتولى مهمة رسم وإقرار السياسات المتصلة بالحقوق والحريات، ورعاية ودعم منظمات المجتمع المدني العاملة في هذا المجال، في حين تضمن الدولة الحقوق الاقتصادية الأساسية للمواطنين: المأكل والملبس والمسكن.
 
ورأى المؤتمرون في بيانهم الختامي بأهمية اعتماد مبادئ وآليات واضحة لتمكين المرأة ، سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وثقافيا، وإيجاد الضمانات القانونية التي تحمي المرأة من الانتهاكات وفي مقدمتها العنف الجسدي.
 
- اعتماد مبدأ دستوري يجرم زواج الصغار، والعمل على تأمين الآليات التشريعية والإجرائية الفعالة التي تحقق المقاصد الدينية والدستورية للمساواة بين جميع فئات المجتمع، وخصوصاً الفئات المهمشة، ودمجها في المجتمع.
 
بالنسبة للتعليم فقد أكد البيان الختامي ضرورة إلزامية التعليم الأساسي، و أن تعمل الدولة على التطبيق الصارم لنصوص القانون، و إيجاد نظام كفؤ يوفر حق التنشئة والتعليم للأطفال دون سن التعليم الإلزامي، ضمن مستوى الروضة والتمهيدي، وإلزام المرافق العامة بإيجاد دور حضانة لأطفال النساء العاملات.
 
ولفت البيان إلى واجب الدولة والتزامها بمجانية التعليم العام والجامعي، وسنها لتشريعات محفزة للاستثمار الخاص في مجال التعليم، وتجويد مناهجه، وتوفر ضمانات ومحددات، من شأنها أن تخضع المنشآت التعليمية الخاصة والأهلية للرقابة الرسمية، وتضمن اتساقه مع منظومة التعليم الرسمي في الأهداف والغايات والمقاصد، وتحد من أشكال الاستغلال.
 
وفيما يتعلق بالصحة والتأمينات فقد أكد الأكاديميون في بيان واجب الدولة في توفير الرعاية الصحية الكاملة للمواطنين ، وسن تشريعات مؤسسة لنظم كفؤة للضمان الصحي، والتأمينات الاجتماعية.
 
مشددين على ضرورة إنشاء نظام فعال للضمان الاجتماعي يضمن الحد المطلوب من الإعانة والإعاشة للفقراء والعاطلين، ويحميهم من الفقر والعوز، والعمل على إيجاد تشريعات ضامنة لكافة أشكال الرعاية الموجهة نحو كبار السن.
 
وبالنسبة لقطاع الثقافة طالب المؤتمرون بإيجاد بنية مادية فعالة للثقافة، وتوفير بيئة محفزة للإنتاج الثقافي والإبداعي، على المستويين المركزي والمحلي، والعناية بالتراث الثقافي الشفهي والمادي وتعظيم دوره كقيمة مضافة في تحفيز قطاع السياحة ورفد الاقتصاد الوطني.
 
وفي مجال الإعلام أوصى الأكاديميون بضمان استقلالية المؤسسات الإعلامية التابعة للحكومة، وإنشاء مجلس للإعلام يؤدي دوراً تنسيقياً ويسهر على دور هذه المؤسسات المجسد لمبادئ الدستور والقانون، وكذا ضمان استقلالية مهنة الإعلام في أطرها الرسمية والحزبية والأهلية، والحقوق الأساسية المتصلة بالتأهيل والتدريب، وبحياة معيشة كريمة للمشتغلين في الحقل الإعلامي، وحفزهم على العمل وفق ميثاق شرف إعلامي و ضمان تحريم حبس المنشغلين بالحقل الإعلامي على خلفية نشاطهم المهني، إلى جانب تعزيز البنية التشريعية التي تكفل حق الحصول على المعلومات.
 
حضر الجلسة الختامية للمؤتمر الأكاديمي وزير التعليم العالي والبحث العلمي المهندس هشام شرف وعدد من أعضاء مؤتمر الحوار الوطني الشامل .
سبأ

حول الموقع

مركز الإعلام التقدمي مؤسسةٌ إعلاميَّةٌ تابعة لـ(ملتقى الرقي والتقدم) تُعنى بخلق ثقافة وطنية مدنية علمانية.