تحت عنوان "الثمانون من العمر، هي الخمسون الجديدة" وجّه جراح القلب وخبير الصحة العالمي الدكتور "أوز" العديد من النصائح التي تساعد المرأة على الاستمتاع بحياة صحية أفضل والتمتع بعمر أطول، واستعرض العديد من الدراسات والأبحاث الخاصة بأمراض القلب والرئة والشيخوخة خلال الجلسة التي أقيمت اليوم (الأربعاء) ضمن فعاليات اليوم الثاني لـ "منتدى المرأة العالمي" في دبي وتنظمه "مؤسسة دبي للمرأة" بالتعاون مع "منتدى المرأة للاقتصاد والمجتمع" في فندق مدينة جميرا في دبي،.

وشدد أوز خلال الجلسة التي خصصها له المنتدى في ثاني أيامه، ونظمها بالتعاون مع مجموعة "NMC" للرعاية الصحية ، وشهدت حضوراً كبيراً، على ضرورة تغيير أسلوب الحياة لتتمكن أعضاء الجسم من مواصلة العمل بكفاءة وزيادة قدرة الجسم على الاستشفاء من الأمراض، وأكد أنه لابد من تغيير المفاهيم الصحية الخاطئة، خاصة المتعلقة بحساب العمر الحقيقي للإنسان، حيث يعتقد البعض ان العمر يمكن حسابه منذ الولادة، ولكن الحقيقة أن ليس له علاقة بعدد سنين حياة الإنسان، ولكنها تقاس بعمر الجسد من خلال اختبار السن البيولوجي الواقعي والتعرف على عوامل الشيخوخة.
وقال طبيب القلب العالمي الشهير والذي يحظى برنامجه التلفزيوني المعروف "دكتور أوز شو" باهتمام ومتابعة ملايين المشاهدين حول العالم، أن الإنسان يمكنه العيش إلى سن 100 سنة، وكأنه في سن 60، ومع ارتفاع الرعاية والتوعية الصحية يمكنه العيش بشكل أفضل حتى سن 120 سنة، مشيراً إلى أن العيش بطريقة صحية يشغل المرأة بشكل كبير وهو ما يهمله الرجل على حساب اهتمامه بتحقيق طموحاته.
وقال أوز أن البعض يمتنع عن تناول بعض الأطعمة اعتقاداً منه انها مضرة، ضارباً المثل بالمدير العام لصندوق النقد الدولي كريستين لاغارد، التي لم تتناول اللحوم منذ 42 عاماً، مشيرا إلى مقاطعة اللحوم لا تكون دائما خيارا صحياً سليماً لأن الجسم بحاجة إلى كافة العناصر الغذائية ليتمكن من النمو بشكل افضل.

عادات صحية
وأشار أوز إلى ضرورة تمتع المرأة بثقافة صحية وغذائية جيدة تمكنها من العيش والعمل بشكل جيد، وتساعدها على تحمل مسؤولياتها المتعدد، لاسيما تلك المتعلقة بإنجاب الأطفال وتربيتهم، وهو ما قد يصيبها بالتوتر في حال عدم معرفة طريقة البدء في العيش بحياة صحية واستغلال إمكانياتها وطاقاتها الكاملة.

وأكد أن الإنسان مازال يستخدم جانباً بسيطاً من قدراته الجسدية الحقيقية، وذلك لأنها بحاجة إلى تعزيز وتحفيز وأن الإنسان يمكنه تعلّم ذلك واستخدام ما يزيد عن 90% من إمكانيات الجسم، وهو ما سيساعده على العيش والعمل بشكل يُطيل عمره ولا يشعره بتقدم العمر، لافتاً إلى تضرر القلب نتيجة أسلوب الحياة الخاطئ قد يؤدي في النهاية إلى الوفاة، بينما يمكن أن يزيد العمر البيولوجي للإنسان من خلال إتباع عادات صحية وغذائية تجعله يبدو في سن أصغر من عمره بعشرات السنين.

محدودية التفكير
وفيما يتعلق بالمفاهيم الصحية الخاطئة، أوضح د. أوز أن هناك شكلا من أشكال محدودية التفكير فيما يتعلق بإحداث التوازن بين الحياة الشخصية من ناحية والعملية من جهة أخرى، حيث يرى انهما لا يمكن الفصل بينهما، لأن الإنسان يجب أن يفكر ملياً وبشكل دائم في تحقيق طموحه والبحث دائماً عن اكتساب مهارات وميزات جديدة، ما يصعب معه الفصل بين الحياة الشخصية والعملية.

التعايش مع العيوب وتحقيق الاهداف
وعرض اوز احدى الصور التي تظهر عن قرب عيوب الوجه، مشيراً إلى أن ضرورة التعايش مع عيوب الإنسان بشكل عام وهو ما يشعره بحالة من الرضا والتسامح مع النفس، ضارباً المثل بالأحجار العتيقة التي تضفي التأثيرات السطحية عليها نوعاً من الأصالة والجمال.

واستعرض مقدم البرامج الشهير طُرق تحقيق الأهداف الرامية إلى حياة أفضل، مثل إدارة الطاقة الداخلية للجسم، وعدم تعليق الفشل على قلة الموارد المالية، لأن الكثير من الأهداف لها علاقة بالإرادة الداخلية وأشياء كثيرة يمكن القيام بها من دون مال، مؤكداً ان هناك أسباب كثيرة تعوق دون تغير الإنسان للأفضل أهمها على الإطلاق الخوف من التغيير.

نصائح
وقدم دكتور أوز العديد من النصائح التوعوية التي بمقدورها أن تحدث تغيراً في العادات اليومية للناس، بدأها بأن الإنسان لا يتغير بقدر ما يشعر ولكنه يتغير بقدر ما يعرفه ويكتسبه من أنماط جديدة تساعده على التغيير، مضيفاً ان تقديم المواعظ للناس لا يقدم كثيراً في أغلب الأحيان، وساق مثالا بالتدخين، وقال يمكنني أن أقضي الكثير من الوقت محذراً من مضاره وآثاره السلبية على صحة الناس، لكن في نفس الوقت يمكننى اتباع طريقة أخرى تعدل هذا السلوك بتحفيز المدخن بعرض نماذج تعيش حياة أفضل من دون تدخين.

ونصح أوز الحضور بضرورة وضع الأغذية الصحية من فواكه وخضراوات في أماكن قريبة من تناول أيديهم لتكون الخيار الأسهل عند الرغبة في تناول وجبة خفيفة في أي وقت، وهو ما يمكنه مع الوقت من التعود على هذا النوع من الطعام بشكل تدريجي، في حين أشار إلى أهمية النوم الجيد، والجلوس في مطاعم مضاءة بشكل جيد حتى يشعر الإنسان بالكميات التي يتناولها، وان يأكل الشخص ما يحبه من الطعام الصحي، وليس إرغامه على تناول الطعام الصحي على وجه الإطلاق.
ووصف د. أوز المرأة بأنها "الرئيسة التنفيذية" للأسرة وأنها قادرة على ضبط إيقاع الغذاء الصحي في محيط أسرتها واختيار الأصناف المفيدة والنافعة والابتعاد عن الأطعمة الضارة.

أمراض خطيرة
وعدّد أوز امراض وصفها بالمميتة للإنسان، أولها ضغط الدم، مشيراً إلى أن النسبة المقبولة للضغط تكون 115على 75، بينما ما يقلق أن يكون قياسهم عند 140 على 90، مؤكداً ان الضغط المنخفض ليس مرضاً ولكنه مفيد للقلب في بعض الأحيان.
وأكد أوز ان "السكري" من الأمراض الخطيرة، حيث شبهه بالشفرة التي تمزق الأوعية الدموية، وهو ما يجعل الإنسان يظهر وكأنه في سن الشيخوخة، مؤكداً ان ممارسة الرياضة لمدة 30 دقيقة يومياً تساعد الإنسان على العيش بطريقة صحية، وأن إدارة الضغوط والتوتر يساعد على القيام بالواجبات الذهنية بالشكل الصحيح، مشدداً على ضرورة الإقلاع عن إدمان بعض العادات الغذائية الخاطئة والأطعمة الغير مفيدة.

السُمنة
أكد الدكتور أوز أن السمنة أصبحت من أخطر أمراض العصر وأكثرها شيوعا، وضرب مثال بالولايات المتحدة الأمريكية وقال إن معدلات السمنة فيها أصبحت مرتفعة، وان هناك مرضى في بلدان كثيرة حول العالم يعانون الامراض الناجمة عنها، مشيراً إلى أن الكثير من المرضى يذهبون إلى العلاج بعد فوات الأوان مع معاناتهم من السُمنة مفرطة، فلا يكون في مقدور الأطباء إلا التعامل مع الأعراض كالضغط والسكر، بينما المرض الأساسي هو التخلص من زيادة الوزن المميتة.
وقال أوز ان الطريقة المثلى للحفاظ على شكل ووزن مثاليين هو التناغم بين قياس الوزن بالطريق المعروفة، وقياس محيط الخصر، وقال إن السبيل إلى معرفة ما إذا كان الفرد يعاني من السمنة أم لا، فعليه أن يقسم طوله على 2، ومن ثم مقارنته بقياس خصره، فإذا تساويا، فهذا معناه أن وزنه مثالي، أما إذا زاد قياس الخصر عن نصف طول الإنسان فهذا مؤشر للسمنة التي توجب التحرك للتخلص منها.

العناصر الغذائية البيضاء
وذكر اوز ان السكريات من أكثر العناصر الغذائية المضرة بجسم الإنسان، لاسيما تلك المصنّعة، مشيراً إلى أن كل أمريكي يتناول قرابة 172 رطل من السكريات، أي ما يعادل 5800 قطعة حلوى سنوياً، و16 من قطع البسكويت يومياً، وهي أرقام مخيفة يستوجب التوقف عندها والعمل على تغييرها، محذرا من الآثار الخطيرو للغذائية البيضاء، كالخبز الأبيض والسكر والأرز والمعكرونة، والتي شبه تأثيرها على المخ بتأثير مخدر "الهيروين".
وقال إن الأغذية البيضاء خاصة السكر هي العناصر الرئيسة في زيادة الوزن، وان الإنسان عندما يشعر بالجوع هو في الحقيقة بحاجة إلى السكريات التي انخفضت في الجسم.
وأضاف اوز أن أهمية الإفطار المتوازن والحصول على البروتين من البيض، مؤكداً ان نسبة الكولسترول الموجودة فيه لا تؤثر على الجسم، مثلما يؤثر الكولسترول الموجود بالدم والناتج عن تراكم الدهون والأطعمة الغير صحية، مشيراً إلى أن الحليب قليل الدسم يحتوي على السكر ولا ينقص الوزن، وان المكسرات أفضل عذاء يمكن للإنسان تناوله للحصول على أغلب العناصر الغذائية.

التوتر والنوم
واوضح أوز أن هناك علاقة بين التوتر والقدرة على النوم الجيد، مشيراً إلى ان التوتر يجعل أجسامنا تختزن كميات كبيرة من الدهون خاصة في منطقة الخصر والبطن، وان التوتر يجعل الشخص يزيد من الأكل، ولا يستفيد من ساعات النوم التي تفرز خلاله الجسم هرمونات النمو، واكد اوز أهمية ان تتمتع غرفة النوم بالهدوء الكافي، والإضاءة الخافتة، وان يذهب الإنسان للنوم قبل منتصف الليل، وأن يرتدي ملابس فضفاضة، حيث تساعد كل تلك العوامل في النوم بهدوء ما يعين الجسم على الاستفادة القصوى.

وعن العوامل المؤثرة في قدرة الانسان على التحكم في مقدار توتره، قال د. أوز إن التنفس بطريقة صحيحة تساعد الإنسان على التغلب على ضغوطات الحياة اليومية والتوتر والانفعال، مستشهداً بحقيقة أن الصلاة في أكثر الديانات تقوم على فكرة السكينة الهدوء الذي يصاحبه التنفس بعمق وهدوء، وقدم بعض النصائح الهامة حول أسلوب التنفس الصحيح، الذي لابد أن يكون مصدره منطقة البطن، وليس كما يعتقد عامة الناس أنه بتمديد منطقة القفص الصدري، موضحا أن حركة الحجاب الحاجز هي التي تساعد على تمدد وانكماش الرئتين ومن ثم حركتي الشهيق والزفير.
وقال أوز إن العمر لا يعد فارقا حقيقياً في صحة الإنسان، وساق مثالا بأن قدرة تحمّل كهل في عمر 65 تتوازى مع قدرة تحمّل شاب في سن 17، شريطة أن يكون بصحة جيدة، وقال إن ممارسة الرياضة لمدة بضع دقائق في كل صباح تمنح الإنسان القدرة على الصحة وتعين الجسم على مقاومة الأمراض، وقال إن تخفيض الوزن لا يمكن إلا بممارسة الرياضة، ولكنه لفت إلى أن ممارسة الرياضة تقوي عضلات الجسم ومن ثم تزيد معدل حرق الدهون.

وأختتم دكتور أوز حديثه الذي حظي باهتمام حضور لافت من قبل المشاركين في منتدى المرأة العالمي في دبي، بتوجيه نصيحة مهمة قال فيها: "لابد أن تعطي قلبك سببا وجيها كي يستمر في الخفقان"، موضحاً أن الإنسان عليه أن يعنى بأسلوب حياة صحيح وأن يجافي العادات السلبية والخاطئة الشائعة التي تقود في النهاية إلى تعقيدات صحية يمكن تفاديها بكل سهولة.

حول الموقع

مركز الإعلام التقدمي مؤسسةٌ إعلاميَّةٌ تابعة لـ(ملتقى الرقي والتقدم) تُعنى بخلق ثقافة وطنية مدنية علمانية.