ما من زائر إلى المكلا إلا وينشد قصر السلطان غالب بن عوض القعيطي الذي بناه عام 1925م، ويعد القصر من أبرز المواقع التاريخية الحديثة البديعة التي تحتضنها مدينة المكلا، أو كما يطلق عليها «سندريلا بحر العرب والمحيط الهندي»، فهناك حصن الغويزي والقلاع المعلقة على التلال والجبال والمكتبة السلطانية ومدرسة باشريف وغيرها من المواقع التي تشهد على عظمة الإنسان اليمني الحضرمي.

ويقع قصر القعيطي عند بداية مدخل مدينة المكلا الرئيسي، الذي كان يعرف قديما بـ «برع السدة» الذي تغزل بها الفنان الراحل كرامة مرسال.

قصر السلطان القعيطي، بني على لسان بحري ويتكون من ثلاثة أدوار يحيط به سور بمساحة كبيرة ويحتوي على دهاليز وصالة لاستقبال الضيوف، وقاعة للاجتماعات وغرفة واسعة خاصة للحكم ويتصدرها كرسي العرش.

قصر بالطراز الهندي

تأثر بناء القصر بطابع العمارة الهندية الذي كان شائعا في ذلك الوقت، مثل قصر الباغ في غيل باوزير، وقصر السلطان عبد الكريم فضل في حوطة لحج، وقصره الآخر في كريتر عدن.

حيث يقع القصر عند مدخل مدينة المكلا، والذي كان يسمى بـ «بدع السدة»، ويتميز القصر بالطراز المعماري الهندي الذي كان سائداً في ذلك العصر كذلك في عدن ولحج وحضرموت الساحل، بشكل خاص، حيث تأثرت هذه المناطق من جنوب اليمن بالطابع المعماري والزي الهندي، فنرى قصري السلطان العبدلي في لحج وعدن شاهدين على ذات النمط المعماري.

ويرجع السبب في اختيار ذلك النمط المعماري إلى: أولاً: الاحتلال البريطاني الذي ربط عدن (المستَعمَرة) بالإدارة البريطانية المركزية في الهند حتى عام 1937م، حين كانت الهند أيضاً مستعمرة من قبل التاج البريطاني، ثانياً: بسبب الموقع الجغرافي لعدن والمكلا كمنطقتين ساحليتين، فكان لذلك أثره البارز أيضاً على التنوع في الموروث الثقافي والنسيج الاجتماعي، وهو حال معظم المدن الساحلية في العالم أجمع.

متحف أثري

بعد سقوط السلطنة القعيطية في عام 1967 سمي القصر بـ«قصر 14 أكتوبر» وتحول في بعض أجزائه إلى مكتب للثقافة والإعلام والجزء الآخر إلى متحف، وبعد سنوات تحول القصر بكامله إلى متحف يتكون من ثلاثة أجنحة، يستعرضها "نيوزيمن" في هذا التقرير.

جناح الآثار القديمة

ويضم كثيراً من القطع الأثرية والنقوش والعملات القديمة التي يعود تاريخها إلى عصور ما قبل الإسلام، وهي التي عثر عليها من مواقع مختلفة من محافظة حضرموت، ومنها قطع أثرية عثر عليها أثناء حفريات البعثة الأثرية اليمنية الفرنسية في مدينة شبوة القديمة، وقطع أثرية عُثر عليها وجلبت من حفريات البعثة الأثرية اليمنية السوفييتية أثناء مسوحاتها الأثرية في مستوطنات وادي حضرموت القديمة والمهرة.

جناح مقتنيات السلطان غالب بن عوض القعيطي

ويحتوي هذا الجناح على الملابس المطرزة بالذهب والفضة، التي كان يرتديها أثناء مقابلاته لكبار الضيوف أو أثناء زياراته الميدانية في المدينة، والأحذية الخاصة به، وكرسي العرش، كما يوجد في الجناح مقتنيات أخرى كالتماثيل والتحف النادرة والثمينة المصنوعة من الذهب والفضة وصور مختلفة توضح مراحل مختلفة من حياة السلطان غالب وأسرته.

جناح خاص بالقاعة

وهي القاعة التي كان يستقبل فيها كبار الضيوف واسمها «القاعة الحمراء»، ويوجد فيها دولاب رص عليه عدد قليل من التحف والتماثيل الفضية والذهبية البديعة الصنع.

نبذة عن تأسيس السلطنة القعيطية

تأسست السلطنة القعيطية التي كانت تحكم الشحر والمكلا في حضرموت، على يد الأسرة القعيطية التي ترجع جذورها إلى منطقة يافع، وتحديدا على يد السلطان عمر بن عوض القعيطي في منتصف القرن الثالث عشر الهجري، وكانت مقسمة إلى ست مقاطعات تشمل المكلا، الشحر، شبام، دوعن، والمنطقة الغربية وحجر.

واستمرت الدولة القعيطية في الحكم حتى العام 1967 عندما ضمت حضرموت مع اليمن الجنوبي إيمانا منهم بالقومية العربية.

وكانت الدولة القعيطية متقدمة على غيرها من دول اليمن والجزيرة العربية، وخصوصا مع بدايات القرن العشرين حيث كانت عدن في قمة ازدهارها بفضل البريطانيين فأراد القعيطيون أن تصبح حضرموت كذلك إلا أن الحكومة البريطانية كانت تركز على عدن أكثر من غيرها من المستعمرات، فاعتمد القعيطيون على انفسهم وحققوا تقدما باهرا وملحوظا دون أي مساعدة من المستعمرين الإنجليز.

وكان من أبرز إنجازاتهم إدخال الكهرباء إلى المكلا عاصمة الدولة، كما أنشأوا مطار المكلا وتميزوا أيضا في خدمات البريد والبرق، ناهيك عن التقدم الاقتصادي والمستوى المعيشي العالي خصوصا مع صدور العملة الرسمية للدولة الشلن القعيطي.

*نيوزيمن

حول الموقع

مركز الإعلام التقدمي مؤسسةٌ إعلاميَّةٌ تابعة لـ(ملتقى الرقي والتقدم) تُعنى بخلق ثقافة وطنية مدنية علمانية.