انها الحقيقة المرة التي طالما حاولنا جاهدين الهروب منها أو عدم الاعتراف بها ألا وهي حقيقة نجاح (ثورتهم) وسقوط (النظام)..

حيث وكل الشواهد والأحداث والتطورات التي تشهدها الساحة اليمنية بين الفينة والأخرى تؤكد أن (ثورتهم) بهدفها العظيم (إسقاط النظام) وبشعاراتها النبيلة (ارحل –لا حوار-التغيير)قد حققت هدفها الأول والأساسي وهو إسقاط النظام بما تعنيه كلمة (النظام)كما أن شعاراتها ومبادئها تلك صارت اليوم طابعا في كل بيت وفي كل مؤسسة وفي كل حياة أبناء الشعب!

وإذا ما تأملنا في بعض الأحداث والتطورات التي تشهدها البلاد على مدار الأيام والساعات لوجدنا أن (النظام )بالفعل سقط بكل جوانبه (المؤسسات) و(القوانين والتشريعات) ولم يعد من مكونات النظام ما هو قائم إلا تلك الوحدات الرمزية من بعض وحدات الجيش والأمن كما هو الحال في كل من (الحرس الجمهوري) و(الأمن المركزي ) و(الشرطة العسكرية )و(النجدة) ..!

فأهم مؤسسات الدولة وهي (الحكومة)والتي تمثل العمود الفقري للنظام مغيبة أو في حالة (شلل تام)وتحولت إلى مجرد مجموعة من (الدمى)التي تتوجه إلى مقرات عملها أو إلى مقر الحكومة كل (ثلاثاء)دون أن تقدم أو تؤخر في الأمر شيء!

وإذا ما نظرنا إلى المؤسسة الأمنية لرأينا العجب العجاب ولوصلنا إلى مقولة شهيرة قديما (إذا كان بيت الله يوكل وين سيكون الكنان) حيث وأن الأحداث الأخيرة التي شهدتها قيادة المؤسسة الأمنية في البلاد (وزارة الداخلية)في الأسبوع الماضي أكدت بكل ما لا يدع مجالا للشك أن المؤسسة الأمنية صارت في حالة (موت سريري) حيث وأن قرار وزير الداخلية بالاستعانة بمجاميع من (البشمرقة) التابعين للقوات المنشقة لاقتحام الوزارة مما تسبب في اقتتال داخل الوزارة خلف العشرات من القتلى والجرحى وفتح نافذة للصراع بين رفقاء السلاح وجر المؤسسة الأمنية والعسكرية الى مربع الاقتتال والصراع الداخلي .

في الوقت نفسه الأوضاع الأمنية التي تمر بمعظم محافظات الجمهورية تشهد بكل وضوح على أن (النظام)سقط والدولة باتت في حكم (الضمير الغائب)حيث أن أعمال القتل والنهب والسلب والتقطع امتدت إلى مناطق كانت بعيدة كل البعد عن هذه الأمور وأكبر شاهد على ذلك هو ما يجري اليوم في مدينة العلم والثقافة (تعز)التي تحولت وتغيرت بعد الثورة من تعز العلم والثقافة الى تعز الاقتتال والفوضى والخراب حيث لايمر يوم على تلك المدينة دون قتل او فوضى في ظل تدهور خطير للأمن جعل من عصابات التخريب وميلشيات الأحزاب هي التي تسيطر على المدينة وتتحكم فيها تحت قوة السلاح ..!

وإذا ما عدنا إلى شعارات الثورة التي رفعت (ارحل) فقد صار هذا الشعار في كل بيت الابن يقول لأبيه والأخ لأخيه والصغير يقولها للكبير والجندي يقولها لقائده والموظف لمديره حتى تحولت حياة الناس الى جحيم في ظل غياب القيم والأخلاق التي كانت تقوم عليها حياة المجتمع .

كذلك شعار (لا حوار)صارت لغة الجميع في المجتمع ولم يعد هناك من يرضخ للحوار أو النقاش منطلقين من ذلك الشعار وتم استبدال لغة الحوار بلغة (العنف) لغة القتل والتخريب لغة الفرض والترهيب لغة أنا على حق وغيري على باطل لدرجة صار المجتمع على شفا حفرة من الضياع والانهيار القيمي والمجتمعي وبشكل غير مسبوق..

شعار التغيير ذكرني بمقولة شهيرة أنتشرت في تعز في حقبة (التسعينات) يوم أن خرجت مسيرات ومظاهرات في تعز تطالب بإقالة محافظ المحافظة أنذاك ( اليوسفي) وكانوا يرددون شعار (مانشتيش يوسفي نشتي ليم حامض) وبعد فترة استبدل المحافظ بمحافظ جديد (قلفد)ما بقي في المحافظة وأعادها للوراء فعاد أبناء تعز يطالبون باقالته ويترحمون على (اليوسفي)المحافظ السابق فقال لهم أحدهم قلتم ما نشتي يوسفي تشتو ليم حامض هذا هو الليم الحامض.

بالأمس دعاة التغيير طالبوا بمحاربة الفساد وإسقاط الفاسدين ودولة مدنية ومساواة واستبدال القبيلة بالدولة وإرساء دعائم دولة النظام والقانون لكن وللأسف كان التغيير للخلف فالدولة المدنية باتت شبه مستحيلة وباتت الطائفية والمذهبية الدينية هي سيدة الموقف والقانون النظام رمي بها تحت أنقاض ما أسموه ثورة وتحول التغيير إلى كابوس أرق الصغير والكبير

كل هذا يقودنا إلى هذه الحقيقة المرة لكنها صارت واقعا والاعتراف بها واجب أنها حقيقة نجاح ثورتهم وسقوط النظام ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم؟؟


حول الموقع

مركز الإعلام التقدمي مؤسسةٌ إعلاميَّةٌ تابعة لـ(ملتقى الرقي والتقدم) تُعنى بخلق ثقافة وطنية مدنية علمانية.