يتوجه المصريون للإدلاء بأصواتهم في الجولة الثانية من الاستفتاء على مشروع الدستور يوم السبت 22 ديسمبر في 17 محافظة. وهي الجولة التي يتوقع فيها التيار الإسلامي أن يحصل خلالها التصويت بنعم على الدستور بنسبة تصل إلى 55% مقابل 45% للتصويت بـ"لا"، اعتماداً على أن عددا من المحافظات المشاركة في الاستفتاء هي من معاقل التيار الإسلامي التقليدية. في المقابل، فإن المعارضة المدنية تراهن على تصويت محافظات المنوفية وكفر الشيخ والجيزة لوزن الكفة بـ"لا" في الجولة الثانية. وتقسم الدراسة المحافظات في الجولة الثانية من الاستفتاء المصري إلى محافظات مؤيدة للتيار المدني وأخرى مؤيدة للتيار الإسلامي إلى جانب المحافظات المتأرجحة التي لا يتمتع فيها اي من التيارين بسيطرة واضحة. وتمنح الدراسة معامل البحث عن الاستقرار اهمية خاصة، حيث يميل الناخبون المترددون في كافة العمليات التصويتية السابقة إلى التصويت بـ"نعم" بحثاً عن الاستقرار دون أن يكون صوتهممحسوباً على التيار الأسلامي . وهي نسبة اصوات تصل في المتوسط "المصري" إلى نحو 20% من إجمالي الناخبين الفعليين. تمثل محافظات بورسعيد والاقصر والمنوفية والبحر الأحمر مراكز لنفوذ التيار المعارض للتيار الإسلامي بشكل عام ضمن محافظات المرحلة الثانية من الاستفتاء. ويرجع ذلك لعدة أسباب منها الانتماء التقليدية لمحافظات خط القناة (بورسعيد والسويس) لخط المعارضة حتى خلال عهد الرئيس المخلوع مبارك ووجود طبقة وسطى كبيرة بها. وهناك محافظتي الاقصر والاقصر واللتان يعتمدان علىالسياحة مما يجعل جمهور المصوتين يخشى من تداعيات صعود التيار الإسلامي على دخولهم ومصادر رزقهم الرئيسية. تنقسم المحافظات التي تميل في تصويتها للتيار الإسلامي وتتجه للانحياز للتصويت بنعم على الدستور إلى محافظات يهيمن عليها التيار الإسلامي مثل الفيوم ومرسى مطروح ودمياط ومحافظات الصعيد التي تصوت على أساس طائفي وخاصة في بني سويف والمنيا. تضم المحافظات المتأرجحة في التصويت على الاستفتاء كل من الجيزة والقليوبية والسويس وكفر الشيخ وقنا. وهي محافظات لن تصوت بنعم أو لا بنسبة تزيد عن 55% على الأرجح بسبب تركيبتها الاجتماعية والطبقية والطائفية. وهي تضم محافظات تأرجحت في التصويت بالانتخابات الرئاسية بين تأييد مرشح مدني (القليوبية وكفر الشيخ) في الجولة الأولى وترجيح كفة مرشح "الإخوان" محمد مرسي في الجولة الثانية. وفي الصعيد، تقف قنا بعيدة نسبياً عن التصويت الطائفي المباشر، حيث تتمتع القبائل من العرب والهوارة بنفوذ واضح على الناخبين يقف حائلاً دون تحول الصندوق إلى "حاسب ديموجرافي" لنسبة الأقباط والطبقة الوسطى الحضرية من أبناء المحافظة كما هو الوضع في المنيا وبني سويف. ففي محافظة قنا يصل نسبة الأقباط إلى 20% تقريباً من السكان. ولكن نجد أن التيار الإسلامي لم يحصل سوى على 59% من الأصوات في انتخابات مجلس الشعب. مما يشير لدور القبيلة في التصويت الانتخابي بعيداً عن التركيبة الطائفية. بالإضافة إلى فوز مرشحي التيار المدني بنحو 55% من الأصوات في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية. وبلغت نسبة تأييد مرشح "الإخوان" محمد مرسي نحو 55% وهي الأقل بين محافظات الصعيد (باستثناء الاقصر التي تصنف كمحافظة سياحية بالأساس). وهي الوضعية التي تجعل قنا ضمن فئة المحافظات المتأرجحة التي لا ينطبع عليها تصويت جماعي مباشر لصالح خيارات التيار الإسلامي. بالتوازي فإن نسبة الأقباط المرتفعة إلى جانب كون الحضر يمثل نحو 30% من السكان ونفوذ القبائل والعائلات الكبيرة يمثل محدداً رئيسياً لاتجاهات التصويت. وهو ما سينعكس في عدم تجاوز نسبة التصويت بـ"نعم" 55% إلى 60% خلال الاستفتاء على الدستور.
وفي سياق فهم السلوك التصويتي للناخبين المصريين خلال الجولة الثانية، فإن هناك ضرورة لفهم محددات التصويت في المحافظات السبعة عشر عبر تبني منظور "الديموجرافيا السياسية". وتقسم هذه الدراسة المحافظات المصرية في الجولة الثانية بحسب توجهات تصوييتها في العمليات الانتخابية السابقة منذ ثورة يناير 2011، والتيارات المهيمنة سياسيا بها بالإضافة إلى نسب التعليم والفقر وقوة الطبقة الوسطى وحجم الحضر وهي المعاملات التي كان لها مدلولاً واضحاً في التصويت بالجولة الأولى للاستفتاء. وهي الجولة التي انتهت بحصول بتأييد 56% من المصريين للدستور مقابل رفض 44%. وتتوقع الدراسة أن تتقدم "نعم" في الجولة الثانية أيضاً بنسبة 58% مقابل 42% للتصويت بـ"لا".
وتطرح الدراسة عدة دلالات في التصويت ومنها أن المحافظات التي فاز بها المرشحان حمدين صباحي وأحمد شفيق في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية هي التي تميل للتصويت بـ"لا" على مسودة الدستور، وهي محافظات القاهرة والغربية (التي صوتت الأغلبية بهما على الاستفتاء). وكان الفارق ضئيلاً في محافظات الدقهلية والاسكندرية مع استثناء الشرقية التي مالت لصالح نعم في الجولة الأولى للاستفاء لرجحان معامل الاستقرار بهذه المحافظة الزراعية . وتضم الجولة الثانية محافظات ايدت حمدين وشفيق في الانتخاباتالرئاسية وهي المنوفية والقليوبية وكفر الشيخ والبحر الأحمر والأقصر. وهي المحافظات التي ترجح الدراسة ان تصوت بـ"لا" على الدستور أو لا تزيد نسبة "نعم" عن 52%.
محافظات "لا": الطبقة الوسطى تتحدى حكم الإسلاميين
وأخيراً هناك المنوفية التي أظهرت ميلاً واضحاً لرفض حكم الإسلاميين خلال الانتخابات الرئاسية الأخيرة مع وجود نفوذ قوي للقوى الاجتماعية المتحالفة سابقاً مع النظام وخشية ابناء المحافظة التي ينتمي لها الرئيس المخلوع وعدد كبير من قيادات النظام السابق من عقاب الإسلاميين. واجتماعياً نجد أن تركيبة هذه المحافظات يغلب عليها الطابع الحضري وقوة الطبقة الوسطى وارتفاع نسبي لمستويات التعليم وهي معاملات تحد من قدرة التيار الإسلامي على الحشد التقليدي للتصويت.
وتفصيلاً، نجد أن محافظة بورسعيد كانت ضمن المحافظات التي صوتت لصالح أحمد شفيق في المرحلة الثانية من الانتخابات الرئاسية ولصالح حمدين الصباحي في الجولة الأولى من الانتخابات. وبلغ نسبة رفضها للاستفتاء على الإعلان الدستوري بمارس 2011 نحو 30% وهي نسبة جعلتها ضمن أكبر خمس محافظات من حيث نسبة التصويت بـ"لا" في الاستفتاء السابق. وهي من المحافظات القليلة التي حصل بها مرشحي التيار المدني في جولة الانتخابات الرئاسية الأولى على أكثر من 70% من الأصوات. وحصل بانتخابات مجلس الشعب مرشحي التيار الإسلامي بكافة أطيافة على اقل من 60% من الأصوات. وهي المؤشرات التصويتية التي تدلل على ميل المحافظة للتصويت بـ"لا" في الاستفتاء على الدستور بفارق ليس قليلاً.
ويبلغ عدد السكان في بورسعيد نحو 600 ألف نسمة. ويصوت في المتوسط نحو 230 ألف من ابناء المدينة في الانتخابات والاستفتاءات بنحو 45% من الناخبين المسجلين. وقسم كبير من السكان يعمل في هيئة قناة السويس وبالتجارة حيث كانت المدينة تتمتع بامتيازات في المعاملة الجمركية على السلع المستوردة منذ إعلانها منطقة حرة في منتصف السبعينيات. وعدم وجود ريف بالمدينة يجعلها نموذجاً لتصويت الطبقة الوسطى المتعلمة، حيث أن نسبة التعليم بالمحافظة تفوق أغلب المحافظات المصرية الأخرى ولا تتجاوز نسبة الأمية بها 14% مقابل 26% وهي النسبة العامة للأمية في مصر.
وهناك محافظتي السياحة الأقصر والبحر الأحمر، فهاتان المحاظفتان يغلب عليها النشاط السياحي كنشاط اقتصادي رئيسي مما يجعل سكانها يتخوفون من تأثيرات حكم الإسلاميين على مصدر رزقهم. فنجد أن في محافظة البحر الأحمر كانت ضمن المحافظات القليلة التي تجاوز بها نسبة رفض الإعلان الدستوري الأول 35%، كما أنها المحافظة الوحيدة التي حصل بها التيار الإسلامي في الانتخابات البرلمانية على أقل من 40% من الأصوات وانحازت لحمدين صباحي في الجولة الاولى من الرئاسة وحل مرسي خامساً. وصوتت لأحمد شفيق في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية.
وتعد الغردقة مركزاً ثقيلاً للتصويت المعادي للتيار الإسلامي، حيث ترفض المدينة السياحية محاولات هذا التيار لتقييد السياحة، خاصة أن أغلب سكان المدينة من الوافدين الذين اقاموا بها للعمل في القطاع السياحي. ولا يزيد عدد سكان المحافظة عن 350 ألف نسمة منهم نحو 100 ألف على الاقل يعملون في القطاع السياحي بشكل مباشر أو غير مباشر. وبالتالي فإن تصويت المحافظة سيكون بالاغلب لصالح "لا" بنسبة قد تتجاوز 60%.
أما في الاقصر، فإننا أمام محافظة تأثرت بشدة من تداعيات الثورة وتراجع مستويات السياحة، حيث أن بعض الأرقام تشير إلى أن نحو 75% من سكانها – البالغ نحو مليون نسمة - يعملون في القطاع السياحي بشكل مباشر أو غير مباشر. وكان واضحاً أن الاقصر تمثل أحد مراكز معارضة التيار الإسلامي انتخابياً، فبعد أن هيمن معامل الاستقرار على التصيوت في الاستفتاء على الاعلان الدستوري بنسبة 81%، لم ينجح التيار الإسلامي في الحصول سوى على 55% من الأصوات بانتخابات مجلس الشعب (مقابل 75% في النسبة العامة). كما انحازت المحافظة لأحمد شفيق في الجولتين الأولى والثانية من الانتخابات الرئاسية. ويمثل العاملون في السياحة والصوفيون والاقباط الكتل الرئيسية للتصويت وهي كتل تميل للتصويت بـ"لا" على الدستور.
واخيراً هناك المنوفية التي تمثل الرهان الرئيسي للمعارضة في رفع نسبة الرافضين للدستور الجديد، فالمنوفية هي المحافظة التي لم ينجح الاسلاميون في النفوذ إليها بقوة بسبب تركيبتها العائلية التي تميل للتحالف مع اطراف من النظام السابق في مواجهة محاولة التيار الإسلامي تفكيك التحالفات القديمة في المحافظة التي ينتمي لها الرئيس المخلوع واغلب اركان النظام السابق.
ويبلغ عدد سكان المنوفية نحو 3.6 مليون نسمة. وتمثل نموذجاً للمحافظة الريفية التي تتمسك بالتحالفات العائلية المهيمنة، فهي محافظة تتمتع بارتفاع نسبي لمستوى الدخل، حيث تقع في المرتبة الحادية عشر من حيث جودة الحياة ورقي مستوى الخدمات. وهي محافظة ريفية حيث يمثل سكان الحضر نحو 15% فقط وهي اكثر المحافظات بوجه بحري طرداً للسكان.
وبرز كون المنوفية عصية على التيار الاسلامي في انتخابات الرئاسة، حيث صوتت لأحمد شفيق في الجولتين الأولى والثانية ومنحته نحو مليون صوت في الجولة الثانية بنسبة تجاوزت 70% من الأصوات. وهي مثل الاقصر مالت لخطاب الاستقرار في الاستفاء على الإعلان الدستوري بنسبة تجاوزت 85%. ويعتبر التحالف التقليدي المعادي للإخوان في المحافظة أن الاستفاء على الدستور بمثابة اختبار لمدى قوته على الحشد وابراز قوته قبل اي انتخابات مقبلة، مما يرجح تصويت المحافظة بـ"لا" على الدستور.
محافظات "نعم": نفوذ التيار الإسلامي والتصويت الطائفي
وتمثل الفيوم المحافظة النموذجية لنفوذ التيار الإسلامي بفصيليه "الإخوان" و"السلفيين". فهي من المحافظات القليلة التي صوتت بنعم على الإعلان الدستوري باكثر من 90% ومنحت التيار الإسلامي في انتخابات الرئاسة في المرحلتين الأولى والثانية ما بين 74% إلى 77% من الأصوات. واعتبرها الإسلاميون ألمحافظة التي حسمت المعركة لصالح محمد مرسي في هذه الانتخابات. والفيوم محافظة ريفية فقيرة يبلغ عدد سكانها نحو 2.8 مليون نسمة. ويتركز نحو ربع السكان في مدينة الفيوم بأكثر من نصف مليون نسمة. ولا يتجاوز نسبة سكان الحضر بالمحافظة 22% من إجمالي السكان. ويبدو من اتجاهات التصويت انحياز أكثر من 90% من الريفيين لخيار التيار الإسلامي. وهو ما سيجعل على الأرجح نتيجة الاستفتاء على الدستور تميل لصالح نعم بنسبة تتجاوز 80% بنحو 600 ألف صوت مقابل 100 ألف صوت ستنحاز إلى رفض مسودة الدستور.
وفي دمياط، نجد أن المحافظة الصناعية مالت نحو الاستقرار في الاستفتاء على الإعلان الدستوري بنسبة تأييد تجاوزت 82%. وايدت مرشحي التيار الإسلامي في انتخابات مجلس الشعب بنفس النسبة تقريباً، كما كانت من المحافظات القليلد التي حصل فيها مرشحي التيار الإسلامي بالجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية على أكثر من 45% من الأصوات وانحازت في هذه الجولة لعبد المنعم ابو الفتوح تعبيراً عن النفوذ السلفي بها. كما صوتت لصالح محمد مرسي في الجولة الثانية بنسبة تجاوزت 55%. ويتوقع ان يميل أكثر من 65% من ناخبي دمياط لصالح تأييد الدستور. ودمياط تعد اغني محافظة في مصر ويبلغ عدد سكانها نحو 1.2 مليون نسمة يشارك منهم نحو نصف مليون في التصويت بالانتخابات بنسبة تصويت تبلغ 45% من الناخبين المسجلين. وتتميز بوجود الميناء والزراعة والتجارة ويهيمن عليها الريف بنحو 70% مقابل 30% في الحضر يتركزون في مدينة دمياط.
وتمثل البحيرة نموذجاً مماثلاً لدمياط، فهي محافظة تقع في الوجه البحري ويقطنها نحو 5.3 مليون نسمة والتي تضم مراكز صناعية كبيرة مثل كفر الدوار، فيما يهيمن عليها الطابع الريفي بأكثر من 65% من السكان. ويتمتع الإخوان والسلفيين بنفوذ كبير على الريف في البحيرة، فيما يتركز نفوذ التيار المدني في كفر الدوار وايتاي البارود. وانحازت البحيرة في العمليات التصويتية منذ ثورة يناير 2011 لخيار التيار الإسلامي بوضوح، حيث صوتت لصالح الإعلان الدستوري بنحو 87%. كما منحت مرشحي "الإخوان" والسلفيين 79% من الأصوات في الانتخابات البرلمانية وانحازت لمحمد مرسي في الانتخابات الرئاسية بنسبة 58%. ويتوقع أن تصوت البحيرة بـ"نعم" في الاستفتاء على الدستور بنسبة تتجاوز 60%.
وتعد الإسماعيلية – بلد مؤسس الإخوان حسن البنا – المدينة الوحيدة على خط القناة التي يتمتع فيها التيار الإسلامي بنفوذ واضح. وهي محافظة صغيرة لا يتجاوز عدد سكانها مليون نسمة وعدد الناخبين يبلغ 700 ألف ناخب. وانحازت الإسماعيلية للتيار الإسلامي في الانتخابات البرلمانية بنحو 80% من الأصوات وانحازت في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية إلى محمد مرسي ومنحته في الجولة الثانية نحو 55% من الأصوات. وهي محافظة ستنحاز بوضوخ إلى الموافقة على الدستور بنسبة تتجاوز 60% على الأرجح.
أما محافظتي التصويت الطائفي المباشر فهما بني سويف والمنيا، حيث أن التصويت في كلتا المحافظتين يتناسب بشكل مباشر مع التركيبة الطائفية والانقسام الحاد في التوجهات السياسية بين المسلمين والمسيحيين. ففي بني سويف نجد أن نسبة المسيحيين تصل إلى 18% تقريباً من السكان، وهي النسية التي حصل عليها تقريبا مرشحي التيار المدني في انتخابات مجلس الشعب العام الماضي التي هيمن عليها المعامل الديني.
ويميل سكان بني سويف المدنية من الطبقة الوسطي للتصويت ضد التوجهات الإسلامية مما منح مرشحي التيار المدني في الجولة الأولى للانتخابات الرئاسية نحو 38% من الأصوات وانحاز 33% من الناخبين لاحمد شفيق في الجولة الثانية. ويتوقع أن يؤيد الدستور الجديد نحو 65% إلى 70% من المصوتين في بني سويف، بخصم أصوات الأقباط والطبقة الوسطى الحضرية. وبني سويف هي المحافظة الأفقر في مصر بنسبة تصل إلى 20.7% من السكان البالغ عددهم 2.6 مليون نسمة. وهي محافظة ريفية بامتياز بنحو 71% من السكان يعملون بالقطاع الريفي.
ونفس التقسيم الطائفي ينطبق على المنيا التي يبلغ فيها نسبة الأقباط نحو 20%. وهي النسبة التي مالت للتصويت بـ"لا" على الإعلان الدستوري والتي انحازت للتيار المدني في الانتخابات البرلمانية. وبإضافة الطبقة الوسطى الحضرية في الانتخابات الرئاسية حصل أحمد شفيق على 35% من الأًصوات في الجولة الثانية. ويبلغ عدد سكان المنيا نحو 4.7 مليون نسمة. ويصوت في الانتخابات تقليديا نحو مليون ناخب. ويتوقع أن يصوت نحو 65% من الناخبين بنعم في الاستفتاء مقابل 35% ستنحاز إلى "لا".
ويبقي مرسي مطروح والوادي الجديد، وهما محافظتان حدوديتان صغيرتان لا يتجاوز عدد سكانهما معاً500 ألف نسمة. وهي محافظات بدوية يهيمن عليها التيار السلفي كما هو الحال في شمال سيناء وتصوت بشكل واضح لصالح "الخيار السلفي" سواء في الانتخابات التشريعية أو الرئاسية. حيث صوتت الوادي الجديد لصالح التيار الإسلامي في الانتخابات البرلمانية بنحو 74% من الأصوات التي لا تزيد اجماليها في المتوسط عن 60 ألف صوت واستمر هذا التوجه في الانتخابات الرئاسية بجولتيها. بالتوازي، فإن مرسى مطروح هي ايضاً مركز للنفوذ السياسي السلفي وتؤييد الخيار الإسلامي بنسب تتجاوز عادة 80%.
المحافظات المتأرجحة: التركيبة الاجتماعية المزدوجة
فالجيزة، هي محافظة ضمن حيز القاهرة الكبرى ووتنوع بين مراكز حضرية كبيرة ملاصقة للعاصمة مثل المهندسين والعجوزة وامبامبة وميت عقبة وإمبابة والدقي. وهي المناطق التي انحازت للتيار المدني بوضوح في الانتخابات البرلمانية وفي الانتخباات الرئاسية بجولتيه الأولى والثانية. فيما صوتت المركز الريفية بالمحافة والبعيدة عن القاهرة لصالح التيار الإسلامي وخاصة الصف وكرداسة والعياط واوسيم والحوامدية.
ويبلغ عدد سكان الجيزة نحو 6.9 مليون نسمة وهي ثاني أكبر محافظة في مصر بعد القاهرة ويبلغ عدد الناخبين المسجلين بها نحو 4.2 مليون ناخب. وتظهر في هذه المحافظة الاختلاف الكبير بين نسبة من يصوتون في الاستفتاء مقابل الانتخابات، حيث بلغ عدد المصوتين في الاستفتاء على الاعلان الدستوري نحو 900 الفاً مقابل أكثر من مليوني ناخب في الانتخابات البرلمانية والرئاسية في مرحلتيها.
ويفرض التيار المدني سيطرة واضحة على اتجاهات الطبقة الوسطى التي تقطن المناطق المحازية للقاهرة فيما يتمتع التيار الإسلامي بنفوذ واضح في المراكز الريفية. وهو ما يجعل التصويت بالجيزة منقسماً جغرافياً وطبقياً. وهو ما ظهر في تصويت 31% بـ"لا" على الإعلان الدستوي وهي نسبة كبير مقابل 22% للتصويت العام. في المقابل، حصل التيار الإسلامي على 80% من أصوات المحافظة في الانتخابات البرلمانية بسبب الحشد في المناطق الريفية. وانحازت الجيزة في الانتخابات الرئاسية في المرحلتين الأولى والثانية لمحمد مرسي ومنحته نحو 1.3 مليون صوت في الجولة الثاني. ويتوقع ان تصوت الجيزة لصالح الدستور بنسبة تصل إلى 55% في حال نجاح الحشد لسكان المناطق الحضرية بينما قد ترتفع النسبة إلى 60% في حال تراجع التصويت عن 1.5 مليون ناخب وهو ما سيمنح الصوت الريفي القدرة على حسم المعركة في ظل قدرات التيار الإسلامي على ضمان نسب تصويت مرتفعة في مناطق نفوذه وخاصة بالعياط والحوامدية والصف.
وينطبق على القليوبية، التي تنتمي ايضاً للقاهرة الكبرى، ما انطبق على الجيزة فهي مقسمة جغرافيا واجتماعياُ إلى قسمين قسم حضري مجاور للقاهرة وخاصة شبرا الخيمة وعاصمتها بنها وجزء ريفي محافظ يوجد به نفوذ كبير للتيار الإسلامي. والقليوبية التي يبلغ عدد سكانها نحو 4.7 مليون نسمة تتمع بكونها محافظة صناعية توجد بها نسبة كبيرة من الحضر مقابل الريف إلى جانب أن الريف بالقليوبية غني بسبب زراعة الفواكه وحدائق البرتقال – على عكس الجيزة. ومن هنا فإن التيار الإسلامي لا يهيمن على الريف بل ينافس تيارات اخرى على النفوذ. ومن هنا فإن القليوبية التي منحت 83% من اصواتها في الاستفتاء على الإعلان الدستوري عادت لتمنح مرشحي التيار المدني 64% من الاصوات في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية وانحازت لأحمد شفيق بنسبة 58% في الجولة الثانية على حساب المرشح "الإخواني". ومن هذا المنطلق فإن القليوبية قد تميل للتصويت بـ"لا" بنسبة لا تتجاوز 55% ولكن هذه النسبة ستعتمد على القدرة على الحشد في المراكز الحضرية وفي اوساط الريف الغني نسبيا الذي يميل للتصويت لصالح الانتماءات العائلية ولا يقتنع بسهولة بخطاب التصويت لصالح "الدين".
وتمثل كفر الشيخ نموذجاً للمحافظات المتأرجحة، فهي محافظة تضم تركيبة سكانية يعمل نصفها تقريبا بالزراعة - من بين 2.9 مليون نسمة - خاصة في زراعة الأرز إلى جانب الصياديين الذين يتركزون في مدينة بلطيم. وهي محافظة تنخفض فيها نسبة البطالة إلى اقل من 10%. وهي محافظة تضم عدد من قيادات التيار الإسلامي ولكن يتمتع فيها التيار المدني بنفوذ واضح تحت تأثير قوة الطبقة الوسطى وتأييد عدد كبير من ابناء المحافظة لأبنها حمدين صباحي. وقد منحت كفر الشيخ أكثر من نصف اصواتها في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية لصباحي ولكنها عادت لتؤييد مرسي بنحو 55% من الأصوات خلال الجولة الثانية. ويتوقع أن تحسم مراكز بلطيم وسيدي سالم وقلين نتيجة التصيوت في الاستفتاء على الدستور. وربما لن تزيد نسبة التأييد أو الرفض عن 55%.
وهناك أيضاً محافظة السويس التي تمثل أبرز مراكز ثورة 25 يناير والتي يعتبرها البعض المفجر الرئيسي للثورة في المدن خارج القاهرة. وهي محافظة - مثلها مثل السويس – تتمتع بارتفاع المكون الحضري وهيمنة الطبقة الوسطى ويبلغ عدد سكانها نحو 570 ألف نسمة يصوت منهم نحو 200 الف في الانتخابات بنسبة تتجاوز 50% من الكتلة التصويتية. ومالت السويس في الانتخابات التشريعية لصالح التيار الإسلامي بنسبة 76% وهي نفس النسبة تقريبا التي صوتت لصالح الإعلان الدستوري في مارس 2011. ولكن في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية مالت إلى محمد مرسي بفارق طفيف عن حمدين صباحي وعبد المنعم ابو الفتوح وكانت من اقل المحافظات التي منحت اصواتاً لأحمد شفيق بسبب موقفها المعادي من رموز النظام السابق. وانحازت في الجولة الثانية بوضوح إلى مرسي بنسبة 62% من الأصوات.
وبسبب التركيبة الطبقية للسويس التي تهمين عليها الطبقة الوسطى ومواقفها المعارض تقليديا للسلطة وبالتوازي مع نفوذ قوى للتيار السلفي بقيادة الشيخ حافظ سلامة، فإن نتيجة الاستفتاء على الدستور تبقي غير محسومة لتيار بعينه، حيث انها تبقي ضمن المحافظات التي لن تزيد فيها نسبة التأييد أو الرفض عن 55%. وربما تحسم نتيجة الاستفتاء بها عبر اقل من 30 ألف صوت من بين 200 ألف ناخب يتوقع ان يصوتوا في الاستفتاء بنحو 55% من إجمالي الناخبين البالغ ععدهم نحو 380 الف ناخب.
صعيد مصر
*أعد الدراسة الباحث أكرم ألفي