لا شك بان ظاهرة التسرب من المدرسة تبقى اولى خطوات الضياع التي يقدم عليها الاطفال.. فهذه الظاهرة تاخذ في الاتساع والانتشار يوما بعد يوم ومرحلة اثر الاخرى بسبب التدهور الاقتصادي للبلاد والذي انعكس سلبا على المستوى المعيشي وهو الامر الذي حدا بالكثيرين من اولياء الامور الى اخراج اطفالهم من المدارس بعد ان عجزوا عن توفير ادنى المتطلبات الدراسية بل والدفع بهم لممارسة اعمال لا تتناسب اطلاقا مع اعمارهم ومنهم من سلك درب الاغتراب عبر التسلل الى دول الجوار كما هو حاصل في العديد من المحافظات الحدودية والقريبة من تلك الدول كمحافظة حجة والحديدة وصعدة فيما يعرف بظاهرة تهريب الاطفال والتي تعتبر محافظة حجة الاولى في نسبة انتشار هذه الظاهرة فيما تبقى التناولات والانشطة التي تقوم بها عدد من المنظمات المدنية والجهات الرسمية المختصة بهذا الشأن خجولة جدا ولا تتوائم مطلقا مع حجم هذه الظواهر السلبية التي تهدد المجتمع بأسره حاضرا ومستقبلا ..


التسرب من التعليم
وبرغم ان هذا العام منذ بدايته قد تم الاعداد له بصورة جيدة كما يقول مسئولو وزارة التربية والتعليم بان الوزارة قامت بتجهيز جميع الاجواء لانجاح العام الدراسي الحالي والعلمية التعليمية من حيث المدرس والكتاب ووسيلة التعليم بشتى انواعها حيث ان الطلاب والطالبات الصغار يتدافعون يوميا الى مدارسهم في العاصمة وعموم المحافظات الا انه يظل هناك تواجد كبير للعديد من الطلاب الذين يجوبون الشوارع حاملين حقائبهم ماكثين على الارصفة والتي يعتبرونها المعلم الذي يستقون منه علمهم وابجديات حياتهم ..
حيث ان هناك العديد من الاسباب التي تؤدي الى تسرب الاطفال من التعليم منها اسباب اجتماعية وشخصية كعدم الرغبة في التعليم وعدم الرغبة في الدراسة واسباب اقتصادية وترجع لضعف الحالة المادية لاهل الطالب والذين يضطرون الطفل لترك المدرسة بحثا عن العمل وهناك عوامل نفسية كضعف التركيز وضعف الذاكرة وصعوبة الحفظ وكثرة تنقل التلميذ بين المدارس وانخفاض مستوى التعليم والغياب الدائم وكذلك تعتبر المدرسة عامل مهم في تسرب التلميذ من التعليم في العامل الاجتماعي الذي لها تأثير في بناء شخصية الطفل وكذلك سوء معاملة المعلمين للتلاميذ .


تهريب الاطفال
تشير التقارير الى ان 200 طفل اسبوعيا يهربون عبر الحدود الى الاراضي السعودية وقد اثبتت الدراسات الى ان بعض الاسر تدفع باطفالها الى المهربين نظير الحصول على مبالغ شهرية تمكنهم من ضمان احتياجات العيش
واظهرت دراسات سعودية الى ان ما يقارب 3500 طفل يمني يقبض عليهم شهريا من قبل السلطات السعودية المختصة بسبب تهريبهم الى اراضيها بطرق غير شرعية بغرض العمالة والتسول وكشفت دراسة ميدانية اسباب ظاهرة تهريب الاطفال في اليمن ان هناك عوامل متعددة تقف وراء هذه الظاهرة حيث ان حوالي 94% تقريبا من الاطفال الذين يتدافعون الى السعودية للبحث عن العمل وهذه الاعمال تتمثل في رعي الاغنام والمواشي.


أنشطة قاصرة
منظمات المجتمع المدني على كثرتها وتعدد انشطتها وتوجهاتها لا تزال غائبة في المشهد الخاص بواقع الاطفال في هذه البلاد التي يعاني منها ملايين الصغار من مشكلات عديدة
وما تزال اصابع الاتهام تتوجه باستمرار صوب تلك المنظمات المجتمعية التي شهدت في السنوات الاخيرة ازديادا كميا غير مسبوق بانها انحرفت عن مسارها الاجتماعي المأمول .
ويجمع كل المهتمين والمتابعين لاداء المنظمات المدنية في المجتمع المدني على قصور وضعف تلك المنظمات فيما يتعلق بالمواضيع والقضايا الخاصة بالطفولة على الرغم من تعدد وتعقيدات المشاكل وتفاقم الاخطار التي تهدد الاطفال في هذا البلد الذي يعاني اوضاعا اقتصادية صعبة واضطرابات سياسية شبه دائمة انعكست بطبيعة الحال على وضع الاسرة اليمنية حيث بات الكثير منها تدفع صغارها الى سوق العمل والمجازفة بهم في اعمار مبكرة لمواجهة مصاعب جمة لا تتوقف عند العنف الجسدي والاستغلال الجنسي بل تتعداه الى امكانية الانخراط في عالم الجريمة والانجراف الى مهاوي الضياع والانحراف وغير ذلك من المخاطر المحدقة.


مصاعب وتحديات
واذا كانت النظرة السائدة عن اداء منظمات مجتمعنا المدني بهذا السوء والامتعاض من قبل الكثيرين من المراقبين والمهتمين فان عدد من تلك المنظمات ترى في ذلك الغياب الواضح لادوارها فيما يتعلق بقضايا الطفولة والمجتمع بشكل عام الا نتيجة لمصاعب وتحديات ما فتئت تواجهها تلك المنظمات على الدوام تقول الدكتورة نورا العمودي المدير التنفيذي لمؤسسة نون للابداع : يعتبر اليمن من بين اقل الفئات الاجتماعية حصولا على الحقوق الانسانية على الرغم من وجود قوانين وتشريعات خاصة بحقوق المواطنين الصغار وبرغم انتشار كثير من الجمعيات والمنظمات الاجتماعية التي تعني بحقوق الطفل وبالطبع يمثل التمويل اكبر الصعوبات التي تواجه العديد من المنظمات الحقوقية .
وتضيف : العمل لاجل الاطفال وتطويرهم وبناء قدراتهم وافساح المجال لهم للابداع والابتكار هو اقوى وافضل الوسائل التي توصلنا لمجتمع متحضر متطور ومؤثر في الحضارة الانسانية عامة ولا يمكن ان يتطور مجتمع ما الا ان حصل الاطفال في ذلك المجتمع على فرص التطوير والتأهيل والابداع لان العمل مع الاطفال في هذه المجالات هو عمل مركز على الجذور فمن المؤكد انه سيثمر ثمرات حقيقية وناجحة في المستقبل القريب والبعيد.

حول الموقع

مركز الإعلام التقدمي مؤسسةٌ إعلاميَّةٌ تابعة لـ(ملتقى الرقي والتقدم) تُعنى بخلق ثقافة وطنية مدنية علمانية.