في احدث سلسلة هجمات ارهابية في 15 مارس 2013 قتل 18 شخصا على الاقل واصيب نحو ثلاثين آخرين في سلسلة تفجيرات منسقة رافقها اقتحام مجموعة مسلحة لمبنى وزارة العدل وسط العاصمة العراقية بغداد، في سيناريو بات مكررا على غرار اقتحام كنيسة سيدة النجاة والبنك المركزي وسجن مكافحة الإرهاب ويعد الهجوم الذي لا يبعد كثير عن المنطقة الخضراء المحصنة الاعنف منذ حوالي شهر، ويأتي قبل ايام من الذكرى العاشرة للغزو الاميركي للعراق .,
ورغم الاجراءات الامنية المشددة التي تفرضها القوات الامنية منذ اكثر من اسبوع بالتزامن مع الذكرى العاشرة لحرب الاطاحة بنظام صدام حسين، الا ان بغداد عاشت صباحا داميا اخر الثلاثاء 19 مارس 2013 من خلال موجة تفجيرات طالت احياء متفرقة من العاصمة. وراح ضحية التفجيرات التي نفذت بتسع سيارات مفخخة واكثر من اربع عبوات ناسفة، اكثر من 60 قتيلاً وعشرات من الجرحى وفقاً لإحصاءات رسمية. وقد اعترف تنظيم مايسمى دولة العراق الاسلامية بالعمليتين واعتبرها :"بداية الغيث " أي هنالك توفع بتصعيد العمليات الارهابية الى فترة ماقبل الانتخابات للمجالس البلدية في العراق المققر عقدها في 20 ابرل 2013 رغم استثناء محافظة الانبار والموصل منها بسبب احداث العنف .
تورط الشركات الامنية الخاصىة
واوردت مصادر خاصة بان شركات الامن الخاصة كانت وراء التخطيط للحادث . وذلك من خلال مصادر خاصة من داخل أللجنة الامنية لمحافظة بغداد في 19 مارس 2013 واضافت المصادر بان قوات عمليات بغداد راجعت اشرطة كاميرات المراقبة لتتبع حادث اقتحام وزارة العدل ووجدت ان الشركات الامنية الخاصة التي تعمل في العراق كانت هي المعنية في تمرير السيارات المفخخة عبر نقاط التفتيش في بغداد وكانت السيارات ضمن رتل او موكب سيارات الشركات الامنية الخاصة في العراق حتى مدخل وزارة العدل بعدها استمرت سيارات الشركات الامنية بالتوجه الى المنطقة الخضراء بينما السيارات المجهزة للتفجير دخلت مدخل وزارة العدل لتحقيق أهدافها . علما بان العملية كانت تستهدف احداث الارباك فقط عند مداخل الوزارة ليتمكن مسلحون اخرون بزي الشرطة أف بي اس بالدخول الى احدى طوابق الوزارة لاتلاف ملفات مطلوبين على قائمة الارهاب .واستمرت الفوضى حتى وصول قوات النخبة في الداخلية / قوات سوات لاستعادت السيطرة على الوزارة .
لقد تعددت انواع واشكال العنف والقتل في العراق فماكنة القتل تطحن بالعراقيين وسط شراكة سياسية بائسة ادخلت العراق في دوامة العنف والدمار والشركات الامنية الاجنبية والعراقية كانت وماتزال احدى عوامل ذلك العنف رغم رحيل القوات الاميركية عام 2011 .
نقلت الادارة الاميركية تجربة خصخصة الأمن في العراق بعد احتلالها عام 2003 وجائت بالشركات الأمنية الخاصة لتقوم بحماية الدبلوماسيين والمقاولين الأمريكان بدلا من القوات الاميركية لتجنب اي توابع قانونية تلزم الحكومة الامريكية في مسائلتها وقد شهد الشارع العراقي الكثير من عمليات القتل العشوائي بسبب تلك الشركات الامنية فهي تحرمها على اراضيها وتحللها في اراضي الدول الاخرى مثلما فعلته في معتقل غوانتناموا . ويعتبر رامسفيلد وزير الدفاع الاميركي الاسبق هو عراب خصخصة الامن في العراق بالاشتراك مع ديك تشيني نائب الرئيس الاميركي في عهد بوش الابن ومدير سابق لشركة الامن الاميركية (هاليبرتون) العاملة في العراق وتعتبر اكبر مجهز لوجستيك للقوات الاميركية .
تسجيل الشركات الامنية في العراق
أصدر الحاكم المدني بريمر عام 2004 القانون المرقم 17 والذي منح الشركات الأمنية الحق باستعمال القوة واحتجاز العراقيين مع توفير الحصانة القضائية لها ـ للشركات ـ فبدأت حينها الشركات الأمنية تدخل العراق عن طريق اتحاد الشركات الأمنية في العراق وسمح القانون العراقي لها باستيراد ما تريد من الأسلحة دون موافقة وزارة الداخلية والاكتفاء بأطلاعه .
لقد وصل عدد الشركات الأمنية في العراق الى 120شركة 28 منها أجنبية
والباقي عراقية وتستعين اغلب الوزارات العراقية بشركات أمنية أجنبية لحماية المواقع وبعض المسؤولين ومنها مطار بغداد الدولي التي تقع مسؤوليته تحت شركة (آرمر كروب البريطانية ) . لكن النائب صالح المطلك في حديث سابق له في شباط 2012 اشار بان عدد الشركات الأمنية العاملة تقلص إلى 80 ثم إلى 65 شركة حاليا، وما بين 15 و20 منها لجنسيات أميركية وأوروبية، والباقية عراقية . واكدت مصادر اخرى أنها أنخفضت من 120 شركة، ألى 65 شركة أغلبها عراقية، تتولى حماية الشركات الخاصة وبعض البنوك الأهلية.
يعتبر الجنود السابقون من قوات الكوماندوز المصدر الرئيسي لتلك الشركات ووفقاً لتقرير لجنة تقصي حقائق لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة فان 5% فقط من مخالفات المرتزقة في كل من العراق وأفغانستان تم عرضها أمام القضاء اما صحيفة (الاندبندنت) البريطانية فقد وصفت مقاتلي الشركات الامنية بالمرتزقة وهم يتحركون في بغداد مدججين بأسلحتهم مثل رعاة البقر .
وفي عام 2007 نبه تقرير صادر عن الأمم المتحدة حول نشاط المرتزقة جمعته مجموعة من خبراء حقوق الإنسان المستقلين إلى حقيقة أن معظم الأفراد المتعاقدين المنتشرين في مناطق الصراعات المسلحة لا يمكن مساءلتهم إلا أمام الشركات التي تتعاقد معها .
شركة "بلاك ووتر "
"بلاك ووتر "ا بالانكليزية Blackwater والتي ، التي كانت سابقا " بلاك وتر يو أس أي"، هي شركة تقدم خدمات أمنية وعسكرية أي أنها شركة مرتزقة. وتعتبر واحدة من أبرز الشركات العسكرية الخاصة في الولايات المتحدة . وقد تأسست وفق القوانين الأمريكية التي تسمح بمصانع وشركات عسكرية خاصة ورغم ذلك تعرضت لانتقادات واسعة بعد نشر كتاب "مرتزقة بلاك ووتر.. جيش بوش الخفي" الذي قال إنها تدعم الجيش الأمريكي بالعراق فيما يخضع جنودها للحصانة من الملاحقات القضائية. تقدم الشركة خدماتها للحكومات والأفراد من تدريب وعمليات خاصة. تتكون الشركة من ست شركات فرعية .
تاريخ " بلاك ووتر"
شركة بلاك ووتر: هي أقوى جيش مرتزقة في العالم تم تأسسيسها عام 1996 من قبل إريك برنس .
ويرجع تاريخ خصخصة الحرب حسب الصحفي الأمريكي( جيريمي سكيهيل ) إلى حروب الولايات المتحدة في أمريكا اللاتينية وتأمرها مع الجنرال أوغيستو بينوشية في قلب نظام الحكم في تشيلي وقتل الرئيس سيلفادور أليندي المنتخب ديموقراطيا عام 1973 آخذا بنظر الاعتبار نشاطات شركة بلاك ووتر الآن في تشيلي فيما يخص استئجار أعداد كبيرة من المرتزقة العسكريين التشيلين وإرسالهم إلى العراق تحت غطاء فرق الحماية الأهلية.
وقد تولت مهام حراسة الشخصيات السياسية والعسكرية الأمريكية والعراقية المهمة وتقاضت من أجل تأمين حماية بول بريمر (21) مليون دولار في السنة وهي تملك اكثر من ( 20 الف مسلح ) .
وفي حادث منفرد قتلت بلاك ووتر 17 عراقيا في شهر سبتمبر 2007 في ساحة النسور في بغداد بدون ان تخضع الى اي مسائلة قانونية
جريمة ساحة النسور
قام حراس شركة " بلاكووتر"الأمنيون بإطلاق نار عشوائي في ساحة النسور ببغداد في 17 سبتمبر عام 2007 مما أدى إلى مقتل 17 عراقياً وجرح أخرىن وتقول الشركة ان إطلاق النار كان رداً على هجوم تعرض له موكبها في حين تنفي مصادر أخرى هذا الإدعاء وتقول أن الحراس أطلقوا النار بشكل عشوائي وبدون سبب. على إثر هذا الحادث طالبت الحكومة العراقية شركة بلاك ووتر بوقف فوري لأعمالها في العراق والخروج منه باستثناء المتورطين في الحادث الذين يراد محاسبتهم. ثم تم تغيير الطلب إلى تعويض قيمته 8 ملايين دولار أمريكي على كل قتيل, إثر هذا الخلاف فتحت الحكومة الأمريكية تحقيقاً في الحادث وأرسلت لجنة خاصة للعراق للتحقيق. و في تاريخ 11 أكتوبر 2007 رفعت قضية رسمية في محكمة أمريكية ضد شركة بلاك ووتر بخصوص حادثة ساحة النسور ببغداد نيابة عن الضحايا العراقيين.
"تحذير من بلاك ووتر "
حذر سياسيون عراقيون من مغبة بقاء عناصر شركة "بلاك ووتر " في العراق تحت مسميات جديدة واكد النائب عن كتلة الاحرار بهاء الاعرجي لوسائل الاعلام ،أن عناصر تلك الشركة والشركات الامنية الاخرى هم من مجرمي الولايات المتحدة . ويذكر ان وثيقة سرية نشرها موقع ويكيليكس كشفت ان مئات الموظفين في شركة بلاك ووتر ما زالوا يعملون في شركات امنية اخرى ببغداد ، واشارت وثيقة اخرى الى قلق السفارة الامريكية في بغداد من الجهود العراقية لإقصاء الشركة من البلاد .ووفقا لبرقية من السفارة الامريكية يعود تاريخها الى الرابع من كانون الثاني 2010، فإن هناك العديد من الموظفين السابقين في شركة بلاك ووتر يعملون في شركات أمنية أخرى في العراق مثل شركة" تريبل كانوبي" و "داينكورب " واضافت البرقية ان السفارة تدرك بأن شركة " تريبل كانوبي" توظف حاليا عدة مئات من موظفي شركة "بلاك ووتر" السابقين . وكان وكيل وزير الداخلية العراقي عدنان الأسدي قد أعلن في شباط 2012 أن الحكومة العراقية تعتزم فرض قيود صارمة على شركات الأمن الخاصة لكبح نشاطها، بعدما وصفها "بجيش جرار يهدد استقرار البلاد". واتهم الشركات بممارسة نشاط استخباري ضمن أجنداتها الخاصة وارتباطها بدول تسخرها للتجسس على البلد .
وقد أعلنت لجنة الأمن والدفاع في مجلس النواب العراقي في 11 /أب 2011 عن قرب عرض مشروع قانون تنظيم عمل الشركات الأمنية الخاصة على البرلمان. وقال نائب رئيس اللجنة اسكندر وتوت ان القانون الجديد سيمنح إجازات العمل للشركات الأمنية الأجنبية والعراقية فقط، بينما لن يسمح بالعمل لأية شركة عربية بالعمل في العراق، مضيفا ان هذه الخطوة جاءت لمنع استخدام هذه الشركات من قبل بعض دول الجوار لجمع معلومات استخباراتية لزعزعة أمن العراق.
وبناء على ما اقره مجلس النواب وصادق عليه مجلس الرئاسة واستنادا الى احكام البند (اولا) من المادة (61) والبند (ثالثا) من المادة (73) من الدستور قانون ( ) الشركات الامنية الخاصة لسنة 2011 قانون الشركات الامنية الخاصة / الفصل الاول/ المادة -1- اولا- تسري احكام هذا القانون على الشركات الامنية الخاصة العراقية وفروع الشركات الاجنبية والعاملين فيها.
الشركات الامنية تفرض سياستها
المشكلة هنالك خلط بينها وبين القوات الاميركية والكومندوز وهي لاتقل بطشا عن بعضها في قتل الشعب العراقي .وقد وجدت واستمرت بضغوطات اميركية على العراق لتكون بديلا لحماية قواتها هذه السياسة فرضت على العراق ليكون امن وحماية المنشأت الاحنبية والمطارات تحت ادارة شركات الحماية وهي ليست بصالح العراقيين وتعتبر اشارة تشكييك في المؤسسات الامنية في العراق .أن ألتزام ألصمت امام جرائم شركات الامن يثير التسؤلات ، خاصة انها تمسك بامن المنطقة الخضراء والمطار والمؤسسات والشخصيات البارزة .
تداعيات استمرار الشركات الامنية
ان وجود واستمرار تلك الشركات وفيالق المرتزقة في العراق ممكن ان يؤثر على القرار العراقي وعلى علاقات العراق الخارجية وفقا لما يخدم تلك المجموعات لتكون هنالك ماكنة قتل وارهاب خفية فوق القانون والشبهات . المجتمع العراقي يشهد حملة عسكرة مسيسة فما عاد امام الشباب العراقي من خيار غير الالتحاق ببعض تلك الشركات او الجيش او الشرطة بعيد عن التعليم مستغلة في ذلك اعداد البطالة من العراقيين اللذين اصبحوا يبحثون عن اي فرصة عمل . ان استمرار الشركات الامنية يبعث الرعب في نفس المواطن العراقي و خيبة امل وفقدان الثقة في المؤسسات الامنية ، لان كلاهما اصبحا تحت رحمة " حماية" الشركات الامنية .
لقد بات من الضروري فرض ومتابعة القوانين وخاصة من قبل وزارة الداخلية باعتبارها هي المسؤولة عن تنظيم ومتابعة عملها وذلك سيعمل على تنظيم الشركات الأمنية الخاصة وحصر إعداد منتسبيها وجنسياتها وعدد الأسلحة التي تمتلكها وبالتاكيد سوف يعمل على الحد من الانتهاكات التي تقوم بها الشركات الامنية للقانون وحرمات الدم العراقي