سبق أن اعلنت الولايات المتحدة خلال ادارة بوش قرارها باعلان الحرب على الارهاب والذي مضى عليه اكثر من 13 عاما وسط مواجهات عسكرية واستخبارية مابين الطرفين . فرغم جهود الولايات المتحدة بوضع حد الى هذه الحرب وعدم جعلها مفتوحة فان الاحداث التي تشهدها منطقة الشرق الاوسط وخاصة في سوريا وما حصل من عملية بوسطن/الولايات ألمتحدة في ابريل 2013  ،قد  يعيد الحرب على القاعدة ثانية للواجهة .وهذا ما اعتبره البعض احدى الدوافع التي دفعت اوباما بتغيير  قوانين اللعبة في سوريا بعد 5 مايس 2013 .


رسم أستراتيجيات جديدة للولايات ألمتحدة



لكن  أوباما حاول خلال  فترته الثانية في البيت الابيض ديسمبر 2012 و مطلع عام 2013 ألى  وضع نهاية الى الحرب على الارهاب ، وادلى بعض المسؤوليين المعنيين بالاستخبارات بان القاعدة لم تمثل خطر على الولايات المتحدة ، رغم انها كانت مجرد تصريحات للمسؤوليين اكثر مما كانت قرارات او مشروع قرار لغرض اعتماده . كذلك سعت ادارة اوباما ضمن نفس السياق بأغلاق معتقل غوانتنامو والذي كان يضم عناصر وقيادات القاعدة   .هذه الخطوات جميعها جائت محاولة من اوباما لاعادة رسم وجه الولايات المتحدة في الخارج اكثر اعادة رسم أستراتيجيات الولايات المتحدة الجديدة القائمة على الحوار ومهادنة الخصوم  وتقليص ميزانية الانفاق العسكري. الولايات المتحدة عملت على تقليص عدد قواتها واعادة نشرها بل سحبها الى الداخل  في خطة  لاعادة تنظيمها من الداخل لمواجهة التحديات الاميركية الجديدة في اسيا والتحديات الاقتصادية مع الصين اكثر من البقاء عالقة في الشرق الاوسط . هذه السياسة من شانها تقلص تواجد القوات الاميركية وقواعدها  في الشرق الاوسط ومنها قاعدة ألعديد في قطر . لكن هذا لايعني ابدا اغلاق قواعد اميركية ، فستبقى حريصة على ابقاء قواعدها العسكرية البرية والبحرية ولكن باعداد وميزانية اقل  ، هذه الستراتيجية من شانها تقلص اهمية قطر في ألمنطقة .


 


ألولايات المتحدة وصلت الى هذه القناعة  بعد ان حققت عمليات "ألدرون " طائرة بدون طيار أهدافها باصطياد قيادات القاعدة  في أفغانستان واليمن.هذه العمليات كانت موضع انتقاد من قبل المنظمات الدولبة وحقوق الانسان باعتبارها تمثل عمليات قتل دون محاكمات  وهي ليست موصوع ألبحث في هذه الورقة . وتأتي هذه التصريحات في وقت تعيد واشنطن النظر في حجم القوات العسكرية التي يتعين عليها الإبقاء عليها في أفغانستان عند انتهاء مهمة حلف شمال الأطلسي القتالية هناك في عام 2014.


أكد ت وكالة المخابرات المركزية والبنتاغون  بأن محاربة  تنظيم القاعدة ستظل المهمة الرئيسية في السنوات القادمة، وحذرت من محاولة مقاتلي التنظيم  شن هجمات جديدة في أفغانستان، في حين قال محامي وزارة الدفاع الأميركية ، إن الحرب ضد القاعدة لا ينبغي النظر إليها على أنها صراع بلا نهاية.  من جهته اعتبر محامي البنتاغون" جي جونسون" أن تنظيم القاعدة "سوف يتم تدميره يوما ما، والولايات المتحدة لن تعتبر نفسها حينئذ في صراع مسلح". جاء هذا الرأي للمسؤول الأميركي في كلمة مقرر أن يلقيها أمام جامعة أوكسفورد في بريطانيا، لكنه لم يحدد في محاضرته يوم الذي سينتهي فيه الصراع المسلح مع القاعدة أوامتداداتها في اليمن وغيرها من المواقع التي تشكل فيها خطرا


 حرب ألاستنزاف



 في مراجعة اصدار القاعدة /الملاحم ذي العدد السادس عشر،  للسنة 2012 التابع لتنظيم اليمن والجزيرة العربية، ذكر اصدار الملاحم في صفحته 17 بقلم يحيى ابراهيم تحت موضوع " عبوات الاستنزاف " قائلا ان عملية الطرود البريدية التي احدثت ضجة في المطارات العالمية واثارت الذعر عند الغرب لم تكلف تنظيم القاعدة غير مبلغ 4300 دولار اميركي، بضمنها شراء هاتفان ب 150 دولار للواحد وطابعتان كمبيوتر بسعر 300 دولار للواحدة اضافة الى نفقات المواصلات والشحن لتصل الى مبلغ 4200 دولار اميركي . ولم تستغرق العملية اكثر من ثلاثة اشهر للاعداد اليها.امافريق العمل الذي كان وراء عملية الطرود البريدية المفخخة فكان يتكون من ستة اشخاص فقط .


اعترفت القاعدة في اصدارها بان الهدف من العملية كان اقتصاديا واضافة حالة الصدمة والرعب داخل المطارات . وان القاعدة في الجزيرة العربية واليمن اختارت طائرات الشحن اكثر من طائرات المسافرين. واعتبر تنظيم القاعدة طائرات الشحن كهدف لا يجلب الانتباه والاهتمام من قبل الوكالات الاستخبارية واجهزة الامن والحماية.


وكان التنظيم يهدف من هذه العملية الى استنزاف اميركا والغرب اقتصاديا بالاضافة الى حالة الرعب لما يكلفهما من اموال طائلة واستنزاف في متابعة امن وحماية الشحن الجوي مستقبلا اكثر من ايقاع الخسائر البشرية الذي بات معروفا في عمليات القاعدة الانتحارية . واضاف التنظيم في اصداره قائلا :" اننا نعلم ان طائرات الشحن الجوي ليس فيها الا قبطان ومساعد،لذا فان هدفنا من هذه العملية ليس تحقيق اكبر عدد من القتلى وانما تحقيق اكبر حجم من الخسارة للاقتصاد الاميركي ." وكما كان متقوقعا فان العبوات فتشت في مكتب الفيدكس في عمان ومرت العبوتان من اجهزة الكشف في مطار صنعاء ولم تكتشف، فحسب ادعاء القاعدة في بيانها فان العبوة الاولى نجحت بالمرور من مطار صنعاء  على متن  UPSللشحن في سبتمبر/  2010  لكن كشفت عنه مطار دولة الامارات العربية أما الطرد الثاني فقد وصل الى بريطانيا .


المحاربون على الانترنت


 تبذل ألولايات ألمتحدة ميزانية و جهود كبيرة في مراقبة محركات الانترنيت الجهادية وخطوط الهاتف ،والترجمة في مختلف اللقاء وهذا ما يزيد من نفقات ميزانية وكالاتها الاستخبارية في الداخل والخارج .واعترفت باكثرمن مرة بانها بعض المواقع تشتغل ضمن سيطرتها،اي مراقبتها ومنها موقع Inspire اي "ألالهام " والذي كان يديره ويشرف علية العولقي ، وصرح مسؤولون في الاستخبارات المركزية ووكالة الامن القومي الاميركية بانهم يستفيدوا من تشغيل هذه لمحركات ومنها  موقع" انسباير" لقراءة ما في داخل شبكة القاعدة وتنظيمها "ألجهادي " من أفكار وخطط ولم يتردد المسؤولون من الشعور بالاحباط بعد توقف خدمة هذا الموقع  في اعقاب مقتل العولقي في سبتمير 2011  في هجوم بطائرة بدون طيار تابعة للمخابرات الاميركية في بلدة نائية بمحافظة الجوف الشمالية المتاخمة للحدود مع السعودية ،بطائرة بدون طيار  .


ورغم حرص بعض " الجهاديين " بتنزيل موضعاتهنم ألجهادية على الشبكة من خلال مقاهي الانترنيت العامة ، فان الخدمة الجديدة مكنت الحكومات ععلى متابعة المطلوبين والقبض عليهم ، وكانت السعودية ودولة ألامارات قد أستخدمت هذه الطريقة الاستخبارية بشكل مبكر، مما ساعدها بالقبض على شبكات على اراضيها.


واوضح المتحدث باسم وزارة الخارجية  ألاميركية  قائلا "المحاربون على الانترنت" كما يعرف عنهم يعملون بشكل مكشوف مشيرة الى انهم "يعرفون عن انفسهم ويقولون انهم يعملون لحساب وزارة الخارجية". والمبدأ وراء هذه العملية بسيط: يقوم خبراء معلوماتيون من وزارة الخارجية يتكلمون بطلاقة العربية والاردو اللغة الرسمية في باكستان والصومالية بتصفح المواقع والمنتديات وغيرها من الشبكات الاجتماعية بحثا عن دعاية للقاعدة سواء خطيا او على هيئة صور او تسجيلات فيديو فيردون على كل منها على الموقع نفسه


 


"ألجهاد" ألاقتصادي


 تستهدف القاعدة بهذه العمليات النوعية والصغيرة حضورا إعلاميا عبر حلحلة استقرار الدول، وقد سعت القاعدة للتأسيس الديني والفقهي لهذه العمليات النوعية والصغيرة ودعاها عبد العزيز الطويلعي الشهير بأخ من أطاع الله" استراتيجية الجهاد الاقتصادي" بينما دعته القاعدة في اليمن " استراتيجية النزف أو استراتيجية الألف جرح" وهي استراتيجية متطورة وأكثر تحديدا من تنظيرات إدارة التوحش التي سبق أن عرض لها أبو بكر ناجي، وتقوم على على الجهاد الفردي ، وتركز على استهداف المصالح الاقتصادية  منها المصالح والمنشآت النفطية . فالتنظيمات " الجهادية " والقاعدة تستهدف أنابيب النفط ومصافي المنتجات النفطية وخطوط الكهرباء والطاقة في ألدول الاهداف من أجل أستنزاف وارهاق تلك الدول وكانت افغانستان  واليمن والعراق أبرز الدول التي عانت من هذا النوع من الاستنزاف .


ألقاعدة / التنظيم المركزي هو من يضع الستراتيجيات امام التنظيمات المحلية لتكون مادة درس لمقاتلي التنظيم ،لذا المراقب الى اسلوب والية عمل القاعدة في ألدول الاهداف تكون دروس مستنسخة ألا سوريا فالحالة الموجوده هناك هي حالة اشتباك جهادي متعدد الاطراف ولا تمثل القاعدة فيه القطب الرئيس الفاعل .


 أن الاستنزاف واطالة المواجهة مع الخصم هو ابرز سمات استراتيجيات ألقاعدة على الارض،المطاولة في الصراع يعني الرهان على اضعاف الخصم ، وما تراهن عليه القاعدة حاليا خلال عام 2013 هو أستنزاف الولايات ألمتحدة واضعاف قبضتها في المنطقة وخاصة في أفغانستان لوجود القوات الاميركية على الارض . وهي مرحلة كشفت عنها "أسفار " القاعدة ضمن  تبشيرها  بان عام 2013 سيشهد ضعف وتراخي القبضة الاميركية في المنطقة وحددت عام 2016 أن يكون عام قاعدي  .




حول الموقع

مركز الإعلام التقدمي مؤسسةٌ إعلاميَّةٌ تابعة لـ(ملتقى الرقي والتقدم) تُعنى بخلق ثقافة وطنية مدنية علمانية.