مؤشرات عديدة تشير لاقتراب موعد الخلاص من نظام بشار الأسد القمعي وماكينة موته الشغالة منذ انطلاق ثورة الكرامة السورية من وجدان أطفال درعا في 15 مارس سنة 2011 ما يزيد عن عامين ونصف الآن..أيدولوجية وحيدة اعتمدها نظام الأسد الابن هي أنا أو الطوفان، أيدولوجية شعارها الوحيد- كما يقول سلامة كيلة- سوريا الأسد أو لا أحد وحريق سوريا ولو بالكيماوي كما حدث مرات عديدة كان آخرها في 21 أغسطس الماضي في غوطة دمشق وسبق استخدامه في ريف دمشق ودير الزور، وغيرها وهو ما قدمت العديد من الحكومات وأجهزتها الاستخباراتية أدلة موثقة عليه، كما نشرت مجلة دير شبيجل في 3 سبتمبر وكذلك أعلنت الخارجية الفرنسية في نفس التاريخ أنها ستقدم أدلة موثقة على هذا الفعل المأساوي الذي يمثل جريمة ضد الإنسانية بكل المقاييس!
كل لحظة تتزايد احتمالات التدخل الدولي ضد نظام الأسد في سوريا، خطر يستشعره الأسد وحاشيته فتم نقل مقر القيادة في دمشق لمكان غير معلوم، وقيل إن الأسد شخصيا غير مقر إقامته ومكان نومه
في الثالث من سبتمبر أيضا أعلنت الأمم المتحدة عن أن عدد اللاجئين السوريين تجاوز رسميا مليوني لاجئ، هروبا من جحيم القمع المستمر لنظام الأسد بعد الفزعة الدولية لتكرار استخدامه السلاح الكيماوي ضد شعبه، وهو ما تزامن الحديث عه مع تجميد روسيا لصفقة صواريخ( إسكندر أرض أرض) لنظام الأسد، حسبما نشرت جريدة هآرتس الإسرائيلية يوم الثاني من سبتمبر، وهجرات العائلات الروسية من سوريا عبر مطار بيروت الدولي، وهو ما فسره البعض بتراجع ملحوظ للموقف الروسي وتخل محتمل- ومرجح- عن نظام بشار الأسد، وسنحاول فيما يلي قراءة السيناريوهات والخيارات المحتملة للتدخل العسكري ضد الأسد وليس ضد سوريا التي اختزلها فيه.
الخيارات العسكرية المحتملة ل ضرب الأسد:
الخيار الأول: الضربة التأديبية المحدودة
إن الضربة التأديبية المحدودة هي الخيار الأقلّ خطراً والذي يتطلّب أقل الموارد. وقد يسعى هذا الخيار إلى التأكيد على مصداقية الولايات المتحدة وحلفائها من خلال ضرب أهداف تابعة للنظام السوري، بما فيها مراكز القيادة والسيطرة، وأهداف أخرى ذات قيمة عالية أو ذات قيمة رمزية. ويتمثل غرض الضربة التأديبية بإقناع نظام الأسد بعدم العودة إلى إستخدام الأسلحة الكيميائية في الحرب الأهلية، لكن من دون شلّ النظام السوري نفسه.
الخيار الثاني: شل النظام والأهداف الرئيسية لا تقل عن مائة:
ضمن هذا السيناريو، هناك أهداف من المرجح أن يهاجمها الغرب، مثل مراكز القيادة والسيطرة لتوجيه رسالة إلى قيادة النظام، خصوصاً القيادة العسكرية، بأنها تدفع ثمن قرار استخدام الأسلحة الكيميائية، ومن المستبعد أن يتم إستهداف بشّار الأسد نفسه لأن قتله قد يورّط التحالف في النزاع السوري بدرجة لا يريدها.
ومن الممكن أيضاً استهداف وزارة الدفاع ومديرية المخابرات الجوية ومديرية الأمن السياسي ووزارة الداخلية، والفرقة المدرعة الرابعة ومقر الحرس الجمهوري في دمشق ومختلف مراكز القيادة والسيطرة في جميع أنحاء البلاد. كما يمكن إستهداف وحدات المدفعية التي يُعتقد أنها شاركت في الهجوم الكيميائي.
إجمالا تحتاج الولايات المتّحدة وحلفاؤها لضرب أقل من مائة هدف في مثل هذه المهمّة، علماً أن بعض الأهداف يتطلّب ذخائر متعدّدة وضربات متكرّرة، ويمكن التعامل مع غالبية هذه الأهداف بواسطة صواريخ كروز غير الخارقة للتحصينات، لكن الأهداف الموجودة تحت الأرض تتطلب ذخائر قادرة على تدمير الملاجئ والتحصينات
وتكفي الأسلحة الأمريكية المنشورة حالياً – من بوارج ومدمرات وغواصات- لتنفيذ هذه الضربة التأديبية من دون الحاجة إلى نشر طيران حربي تكتيكي أو إختراق شبكة الدفاع الجوي السورية
الخيار الثالث: استهداف كيماوي الأسد
إذا قررت الولايات المتّحدة وحلفاؤها توسيع نطاق هذه المهمّة، فإنهم قد لا يحاولون فقط إقناع النظام بعدم العودة إلى استخدام الأسلحة الكيميائية، بل سيعملون أيضاً على القضاء على قدرة النظام على استخدام هذه الأسلحة. هنا، ستظل مراكز القيادة والسيطرة وشبكة الإتصالات من بين الأهداف التي سيتم ضربها، لكن هذه العملية تتطلب أيضا ضرب شبكة أوسع بكثير من الأهداف ودفاعاتها.
قد تركز هذه المهمّة على الوسائل الرئيسية الثلاث التي يستخدمها النظام لإيصال أسلحته الكيميائية( سلاح الجو والصواريخ البالستية وسلاح المدفعية) علماً أن عدد المطارات العسكرية التي يسيطر عليها النظام حالياً يبلغ حوالي 13 مطاراً بعضها غير محصن؛ كما أن عدد الصواريخ البالستية السورية تراجع بسبب الحرب الأهلية إلى نحو 200 صاروخ؛ وتشير التقديرات إلى وجود ما بين ألف إلى ألفيّ مدفع لدى القوات المسلحة السورية
نهاية الأسد والانتقال الديمقراطي..مخاض عسير:
إن القضاء على هذه القدرات السورية، وبالتالي، شلّ قدرة النظام السوري على شن أي هجوم بالأسلحة الكيميائية، يتطلّب إستخدام أصول مهمة من جانب الولايات المتّحدة وحلفائها، الأمر الذي سيُطيل أمد الحملة وويصعد من دور الولايات المتّحدة في النزاع السوري، كما أن تدمير معظم القدرات المدفعية والصاروخية والجوية للنظام السوري سيؤدي ببساطة، إلى ترجيح كفة الثوّار فوراً، لذا سيتم تحميل الولايات المتّحدة مسؤولية سوريا ما بعد الأسد، وربما يكون هذا هو المرجح في هذه الحالة.
يتطلب هذا السيناريو إستخدام طائرات حربية تكتيكية وقدرات للمراقبة والإستطلاع والبحث والإنقاذ بسبب ضرورة العمل ضمن مدى الدفاعات الجوّية السورية. ومع أن شبكة الدفاعات الجوية السورية عانت من ضربات عدة أثناء الحرب الأهلية، إلا أنها لا تزال كثيفة وخطرة، الأمر الذي يتطلب تدميرها بواسطة صواريخ توماهوك البعيدة المدى خلال المرحلة الأولى من العملية العسكرية
ومن دون الدعم والتعاون القصير المدى من جانب دول مثل قبرص أو تركيا أو الأردن أو اليونان، فإن العمليات الجوية التكتيكية قد تكون معقدة للغاية، لأن نشر الطائرات التكتيكية وطائرات البحث والإنقاذ يتطلب قواعد أمامية (أو حاملات طائرات) قريبة من سوريا. وفي المجموع، قد تحتاج هذه العملية إلى 400 صاروخ توماهوك، على الأقل، أي أكثر من ضعف عدد صواريخ توماهوك الذي استُخدم في التدخل الأخير في ليبيا. وتتطلب هذه الحملة أيضاً مجموعة متنوعة من الذخائر، مثل القذائف المضادة للإشعاعات وصواريخ كروز والصواريخ المدمرة للتحصينات وصواريخ جو- جو وصواريخ تكتيكية مختلفة.
وهناك متغيّرات عدّة من شأنها أن تشكّل طبيعة النزاع، مثل التزامات الحلفاء ومدى توفر الإسناد والتكاليف وتفضيلات القادة ومرونة العدو. على سبيل المثال، من شأن إنضمام تركيا إلى هذه المهمّة أن يعدّل السيناريو بشكل دراماتيكي لأن إنضمامها يُضيف فوراً 200 طائرة حربية تكتيكية أو أكثر إلى هذه العملية، ناهيك عن أهمية الموقع الجغرافي لتركيا كجارة لسوريا.
حالة التحالف الدولي ضد الأسد:
بعد إنسحاب بريطانيا، بعد رفض البرلمان المشاركة في الضربة العسكرية المحتملة ضد نظام الأسد، ، أصبح من الواضح أن الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، لن يحصل على التحالف الدولي الذي كانت إدارته تتوقّع أن يشارك في تحمّل أعباء الضربة العسكرية المحدودة ضدّ سوريا وما يليها، بالتالي، لدى الولايات المتّحدة خيار القيام بضربة أحادية الجانب رمزية وغير مؤثّرة لحفظ ماء الوجه، أو شنّ هجوم أرض - جو بمفردها يمتد لشهور عدة ولا يحظى بأي تأييد شعبي؛ أو التخلي عن الحملة العسكرية برمتها.
ومن دون تشكيل تحالف يُعتدّ به، قد تضطر الولايات المتّحدة إلى تبني خيار تركيز جهودها على تسوية تفاوضية طموحة وصعبة للغاية تشارك فيها روسيا وإيران، لكن الآفاق الضيقة لمثل هذه المفاوضات وعدم جدوى الضربة التأديبية الأحادية الجانب، قد يدفعان الولايات المتّحدة إلى التراجع عن موقفها إزاء سوريا، ما لم تلمس تغييراً مهماً في الموقف المتردّد ل تركيا، خاصة بعد اتساق واستقامة الموقف الفرنسي في التوجه للمشاركة في العملية.
إن الدول الوحيدة التي ساهمت حتى الآن بأصول عسكرية لتنفيذ عملية محتملة ضدّ سوريا هي الولايات المتّحدة والمملكة المتّحدة وفرنسا. وفي الحقيقة، لم ترسل إلا الولايات المتّحدة والمملكة المتّحدة سفناً قادرة على إطلاق صواريخ كروز ضدّ الأهداف في سوريا.
ولدى الولايات المتّحدة في المنطقة خمس مدمرات وعدد غير معروف من الغوّاصات، بينما لدى المملكة المتّحدة غوّاصة واحدة قادرة على ضرب أهداف في سوريا. كما نشرت المملكة المتّحدة سفينة برمائية واحدة وفرقاطتيْن وست مقاتلات من طراز تايفون في قبرص لأغراض الدفاع الجوّي. في الوقت ذاته، أرسلت فرنسا فرقاطة قاردة على المساهمة في الدفاع الجوّي
ماذا بعد انسحاب بريطانيا:
في 29 أغسطس، صوّت مجلس العموم البريطاني ضدّ المشاركة في العمل العسكري ضد نظام الحاكم في سوريا، وتُعدّ خسارة لندن كشريك محتمل في التحالف كبيرة، رغم دلالتها على تراجع الدور البريطاني في العالم والقضايا الدولية، ولكن تتأتى الخسارة التي قد تعيد التخطيط وتبطئ من مسار الضربة المحتملة كون المملكة المتّحدة هي الحليف الوحيد القادر على ضرب الأهداف السورية بصواريخ كروز من أماكن لا تطالها الدفاعات السورية المضادّة للسفن.
ومع أن العديد من أعضاء الناتو الآخرين، بما فيهم فرنسا، يمتلكون قدرات لشنّ هجمات صاروخية، إلا أن مدى الصواريخ التي يمتلكونها هو أقصر بكثير من مدى صواريخ توماهوك، الأمر الذي يتطلّب نشر أسراب من الطائرات التكتيكية في قواعد جوية قريبة من سوريا. ويؤدي نشر مثل هذه القدرات، حتماً، إلى زيادة مخاطر هذه العملية كما يقول تقرير ستراتفور في 30 أغسطس الماضي.
هل تنفرد الولايات المتحدة بالضرب:
بالتالي، يبدو حتى اللحظة أن الولايات المتّحدة ستكون الدولة الوحيدة التي ستضرب الأهداف السورية في حال حدوث التدخّل العسكري. وإذا تصاعدت المواجهة، فإن الحلفاء الآخرين الذين لم يرفضوا المشاركة في العملية بعْد، لا سيما فرنسا وتركيا، قد يساهمون بأسراب من المقاتلات التكتيكية وببعض السفن الحربية وأصول أخرى. ولدى باريس خيار إرسال حاملة الطائرات شارل ديغول لمساندة العمليات أيضاً.
وجدير بالذكر أن الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند أخبر صحيفة لوموند في 30 أغسطس بأن تراجع بريطانيا لن يمنع فرنسا من المشاركة في الضربة التي قد تقودها الولايات المتحدة ضدّ نظام الأسد،. لكن الرئيس الفرنسي أحال قرار المشاركة في العملية العسكرية ضدّ سوريا إلى البرلمان الفرنسي الذي سيناقش هذا الخيار في 4 سبتمبر، وذلك لكسب الوقت ولضمان المشاركة في العملية ضدّ سوريا بتفويض من البرلمان، خصوصاً بعدما تراجعت شعبيته إلى مستويات متدنية للغاية.
وبسبب قربها الجغرافي، تستطيع تركيا تقديم دعم مهم إذا تصاعدت هذه العملية وتجاوزت الضربة المحدودة. لكن تركيا ستكون أيضاً عضو الناتو الأكثر عرضة للضربات الإنتقامية. ومع أن الحكومة التركية أصدرت بيانات قوية تدعو للتدخل في سوريا، إلا أنها قد تتراجع عن المشاركة في ضرب سوريا بسبب تضاؤل حجم التحالف وبسبب سيناريو الضربة المحدودة المحتمل
كل لحظة تتزايد احتمالات التدخل الدولي ضد نظام الأسد في سوريا، خطر يستشعره الأسد وحاشيته فتم نقل مقر القيادة في دمشق لمكان غير معلوم، وقيل إن الأسد شخصيا غير مقر إقامته ومكان نومه
في الثالث من سبتمبر أيضا أعلنت الأمم المتحدة عن أن عدد اللاجئين السوريين تجاوز رسميا مليوني لاجئ، هروبا من جحيم القمع المستمر لنظام الأسد بعد الفزعة الدولية لتكرار استخدامه السلاح الكيماوي ضد شعبه، وهو ما تزامن الحديث عه مع تجميد روسيا لصفقة صواريخ( إسكندر أرض أرض) لنظام الأسد، حسبما نشرت جريدة هآرتس الإسرائيلية يوم الثاني من سبتمبر، وهجرات العائلات الروسية من سوريا عبر مطار بيروت الدولي، وهو ما فسره البعض بتراجع ملحوظ للموقف الروسي وتخل محتمل- ومرجح- عن نظام بشار الأسد، وسنحاول فيما يلي قراءة السيناريوهات والخيارات المحتملة للتدخل العسكري ضد الأسد وليس ضد سوريا التي اختزلها فيه.
الخيارات العسكرية المحتملة ل ضرب الأسد:
الخيار الأول: الضربة التأديبية المحدودة
إن الضربة التأديبية المحدودة هي الخيار الأقلّ خطراً والذي يتطلّب أقل الموارد. وقد يسعى هذا الخيار إلى التأكيد على مصداقية الولايات المتحدة وحلفائها من خلال ضرب أهداف تابعة للنظام السوري، بما فيها مراكز القيادة والسيطرة، وأهداف أخرى ذات قيمة عالية أو ذات قيمة رمزية. ويتمثل غرض الضربة التأديبية بإقناع نظام الأسد بعدم العودة إلى إستخدام الأسلحة الكيميائية في الحرب الأهلية، لكن من دون شلّ النظام السوري نفسه.
الخيار الثاني: شل النظام والأهداف الرئيسية لا تقل عن مائة:
ضمن هذا السيناريو، هناك أهداف من المرجح أن يهاجمها الغرب، مثل مراكز القيادة والسيطرة لتوجيه رسالة إلى قيادة النظام، خصوصاً القيادة العسكرية، بأنها تدفع ثمن قرار استخدام الأسلحة الكيميائية، ومن المستبعد أن يتم إستهداف بشّار الأسد نفسه لأن قتله قد يورّط التحالف في النزاع السوري بدرجة لا يريدها.
ومن الممكن أيضاً استهداف وزارة الدفاع ومديرية المخابرات الجوية ومديرية الأمن السياسي ووزارة الداخلية، والفرقة المدرعة الرابعة ومقر الحرس الجمهوري في دمشق ومختلف مراكز القيادة والسيطرة في جميع أنحاء البلاد. كما يمكن إستهداف وحدات المدفعية التي يُعتقد أنها شاركت في الهجوم الكيميائي.
إجمالا تحتاج الولايات المتّحدة وحلفاؤها لضرب أقل من مائة هدف في مثل هذه المهمّة، علماً أن بعض الأهداف يتطلّب ذخائر متعدّدة وضربات متكرّرة، ويمكن التعامل مع غالبية هذه الأهداف بواسطة صواريخ كروز غير الخارقة للتحصينات، لكن الأهداف الموجودة تحت الأرض تتطلب ذخائر قادرة على تدمير الملاجئ والتحصينات
وتكفي الأسلحة الأمريكية المنشورة حالياً – من بوارج ومدمرات وغواصات- لتنفيذ هذه الضربة التأديبية من دون الحاجة إلى نشر طيران حربي تكتيكي أو إختراق شبكة الدفاع الجوي السورية
الخيار الثالث: استهداف كيماوي الأسد
إذا قررت الولايات المتّحدة وحلفاؤها توسيع نطاق هذه المهمّة، فإنهم قد لا يحاولون فقط إقناع النظام بعدم العودة إلى استخدام الأسلحة الكيميائية، بل سيعملون أيضاً على القضاء على قدرة النظام على استخدام هذه الأسلحة. هنا، ستظل مراكز القيادة والسيطرة وشبكة الإتصالات من بين الأهداف التي سيتم ضربها، لكن هذه العملية تتطلب أيضا ضرب شبكة أوسع بكثير من الأهداف ودفاعاتها.
قد تركز هذه المهمّة على الوسائل الرئيسية الثلاث التي يستخدمها النظام لإيصال أسلحته الكيميائية( سلاح الجو والصواريخ البالستية وسلاح المدفعية) علماً أن عدد المطارات العسكرية التي يسيطر عليها النظام حالياً يبلغ حوالي 13 مطاراً بعضها غير محصن؛ كما أن عدد الصواريخ البالستية السورية تراجع بسبب الحرب الأهلية إلى نحو 200 صاروخ؛ وتشير التقديرات إلى وجود ما بين ألف إلى ألفيّ مدفع لدى القوات المسلحة السورية
نهاية الأسد والانتقال الديمقراطي..مخاض عسير:
إن القضاء على هذه القدرات السورية، وبالتالي، شلّ قدرة النظام السوري على شن أي هجوم بالأسلحة الكيميائية، يتطلّب إستخدام أصول مهمة من جانب الولايات المتّحدة وحلفائها، الأمر الذي سيُطيل أمد الحملة وويصعد من دور الولايات المتّحدة في النزاع السوري، كما أن تدمير معظم القدرات المدفعية والصاروخية والجوية للنظام السوري سيؤدي ببساطة، إلى ترجيح كفة الثوّار فوراً، لذا سيتم تحميل الولايات المتّحدة مسؤولية سوريا ما بعد الأسد، وربما يكون هذا هو المرجح في هذه الحالة.
يتطلب هذا السيناريو إستخدام طائرات حربية تكتيكية وقدرات للمراقبة والإستطلاع والبحث والإنقاذ بسبب ضرورة العمل ضمن مدى الدفاعات الجوّية السورية. ومع أن شبكة الدفاعات الجوية السورية عانت من ضربات عدة أثناء الحرب الأهلية، إلا أنها لا تزال كثيفة وخطرة، الأمر الذي يتطلب تدميرها بواسطة صواريخ توماهوك البعيدة المدى خلال المرحلة الأولى من العملية العسكرية
ومن دون الدعم والتعاون القصير المدى من جانب دول مثل قبرص أو تركيا أو الأردن أو اليونان، فإن العمليات الجوية التكتيكية قد تكون معقدة للغاية، لأن نشر الطائرات التكتيكية وطائرات البحث والإنقاذ يتطلب قواعد أمامية (أو حاملات طائرات) قريبة من سوريا. وفي المجموع، قد تحتاج هذه العملية إلى 400 صاروخ توماهوك، على الأقل، أي أكثر من ضعف عدد صواريخ توماهوك الذي استُخدم في التدخل الأخير في ليبيا. وتتطلب هذه الحملة أيضاً مجموعة متنوعة من الذخائر، مثل القذائف المضادة للإشعاعات وصواريخ كروز والصواريخ المدمرة للتحصينات وصواريخ جو- جو وصواريخ تكتيكية مختلفة.
وهناك متغيّرات عدّة من شأنها أن تشكّل طبيعة النزاع، مثل التزامات الحلفاء ومدى توفر الإسناد والتكاليف وتفضيلات القادة ومرونة العدو. على سبيل المثال، من شأن إنضمام تركيا إلى هذه المهمّة أن يعدّل السيناريو بشكل دراماتيكي لأن إنضمامها يُضيف فوراً 200 طائرة حربية تكتيكية أو أكثر إلى هذه العملية، ناهيك عن أهمية الموقع الجغرافي لتركيا كجارة لسوريا.
حالة التحالف الدولي ضد الأسد:
بعد إنسحاب بريطانيا، بعد رفض البرلمان المشاركة في الضربة العسكرية المحتملة ضد نظام الأسد، ، أصبح من الواضح أن الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، لن يحصل على التحالف الدولي الذي كانت إدارته تتوقّع أن يشارك في تحمّل أعباء الضربة العسكرية المحدودة ضدّ سوريا وما يليها، بالتالي، لدى الولايات المتّحدة خيار القيام بضربة أحادية الجانب رمزية وغير مؤثّرة لحفظ ماء الوجه، أو شنّ هجوم أرض - جو بمفردها يمتد لشهور عدة ولا يحظى بأي تأييد شعبي؛ أو التخلي عن الحملة العسكرية برمتها.
ومن دون تشكيل تحالف يُعتدّ به، قد تضطر الولايات المتّحدة إلى تبني خيار تركيز جهودها على تسوية تفاوضية طموحة وصعبة للغاية تشارك فيها روسيا وإيران، لكن الآفاق الضيقة لمثل هذه المفاوضات وعدم جدوى الضربة التأديبية الأحادية الجانب، قد يدفعان الولايات المتّحدة إلى التراجع عن موقفها إزاء سوريا، ما لم تلمس تغييراً مهماً في الموقف المتردّد ل تركيا، خاصة بعد اتساق واستقامة الموقف الفرنسي في التوجه للمشاركة في العملية.
إن الدول الوحيدة التي ساهمت حتى الآن بأصول عسكرية لتنفيذ عملية محتملة ضدّ سوريا هي الولايات المتّحدة والمملكة المتّحدة وفرنسا. وفي الحقيقة، لم ترسل إلا الولايات المتّحدة والمملكة المتّحدة سفناً قادرة على إطلاق صواريخ كروز ضدّ الأهداف في سوريا.
ولدى الولايات المتّحدة في المنطقة خمس مدمرات وعدد غير معروف من الغوّاصات، بينما لدى المملكة المتّحدة غوّاصة واحدة قادرة على ضرب أهداف في سوريا. كما نشرت المملكة المتّحدة سفينة برمائية واحدة وفرقاطتيْن وست مقاتلات من طراز تايفون في قبرص لأغراض الدفاع الجوّي. في الوقت ذاته، أرسلت فرنسا فرقاطة قاردة على المساهمة في الدفاع الجوّي
ماذا بعد انسحاب بريطانيا:
في 29 أغسطس، صوّت مجلس العموم البريطاني ضدّ المشاركة في العمل العسكري ضد نظام الحاكم في سوريا، وتُعدّ خسارة لندن كشريك محتمل في التحالف كبيرة، رغم دلالتها على تراجع الدور البريطاني في العالم والقضايا الدولية، ولكن تتأتى الخسارة التي قد تعيد التخطيط وتبطئ من مسار الضربة المحتملة كون المملكة المتّحدة هي الحليف الوحيد القادر على ضرب الأهداف السورية بصواريخ كروز من أماكن لا تطالها الدفاعات السورية المضادّة للسفن.
ومع أن العديد من أعضاء الناتو الآخرين، بما فيهم فرنسا، يمتلكون قدرات لشنّ هجمات صاروخية، إلا أن مدى الصواريخ التي يمتلكونها هو أقصر بكثير من مدى صواريخ توماهوك، الأمر الذي يتطلّب نشر أسراب من الطائرات التكتيكية في قواعد جوية قريبة من سوريا. ويؤدي نشر مثل هذه القدرات، حتماً، إلى زيادة مخاطر هذه العملية كما يقول تقرير ستراتفور في 30 أغسطس الماضي.
هل تنفرد الولايات المتحدة بالضرب:
بالتالي، يبدو حتى اللحظة أن الولايات المتّحدة ستكون الدولة الوحيدة التي ستضرب الأهداف السورية في حال حدوث التدخّل العسكري. وإذا تصاعدت المواجهة، فإن الحلفاء الآخرين الذين لم يرفضوا المشاركة في العملية بعْد، لا سيما فرنسا وتركيا، قد يساهمون بأسراب من المقاتلات التكتيكية وببعض السفن الحربية وأصول أخرى. ولدى باريس خيار إرسال حاملة الطائرات شارل ديغول لمساندة العمليات أيضاً.
وجدير بالذكر أن الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند أخبر صحيفة لوموند في 30 أغسطس بأن تراجع بريطانيا لن يمنع فرنسا من المشاركة في الضربة التي قد تقودها الولايات المتحدة ضدّ نظام الأسد،. لكن الرئيس الفرنسي أحال قرار المشاركة في العملية العسكرية ضدّ سوريا إلى البرلمان الفرنسي الذي سيناقش هذا الخيار في 4 سبتمبر، وذلك لكسب الوقت ولضمان المشاركة في العملية ضدّ سوريا بتفويض من البرلمان، خصوصاً بعدما تراجعت شعبيته إلى مستويات متدنية للغاية.
وبسبب قربها الجغرافي، تستطيع تركيا تقديم دعم مهم إذا تصاعدت هذه العملية وتجاوزت الضربة المحدودة. لكن تركيا ستكون أيضاً عضو الناتو الأكثر عرضة للضربات الإنتقامية. ومع أن الحكومة التركية أصدرت بيانات قوية تدعو للتدخل في سوريا، إلا أنها قد تتراجع عن المشاركة في ضرب سوريا بسبب تضاؤل حجم التحالف وبسبب سيناريو الضربة المحدودة المحتمل