أعلن نظام الأسد، ممثلا في رئيس مجلس برلمانه محمد جهاد اللحام يوم الاثنين 28 أبريل، أن رئيسه الحالي بشار الأسد تقدم بطلب للترشح للانتخابات الرئاسية، المقرر إجراؤها في الثالث من يونيو المقبل،  والتي يحاول النظام تصويرها  ك"انتخابات رئاسية تعددية" في سوريا، بعد إقرار برلمانه لقانون الانتخابات الرئاسية في 14 آذار/مارس، والذي يغلق الباب عمليا على احتمال ترشح اي من المعارضين المقيمين في الخارج.

انتخابات رئاسية بلون الدماء من مختلف الطوائف والعرقيات في سوريا،  افترستها شهوة الأسد للبقاء  والجثوم على صدر شعب غدت مأساته المأساة الأكبر في التاريخ المعاصر، مسرحية هزلية معهودة من حاكم لا يرى غير بقائه قانونا أبديا سرمديا، يكشف حقيقة وعمق التصدع والانهيار القائم خلف هذا الديكور الديمقراطي الدامي في لعبته وبعض حلفائه ومؤيديه الذين يتدربون معه على السياسة في سباق الترشح القائم! بينما يتوقع المسئولون الأمميون أن يصل عدد اللاجئين 6 مليون شخصي هذا العام، تم حرمانهم من حقهم في التصويت حيث أعلن مسؤول سوري أن من غادر البلاد "بطريقة غير شرعية" لن يحق له الاقتراع في الخارج،

تقدم بشار الأسد بأوراق ترشحه ممهورة بدماء أكثر من 200,000 سوري وسورية، ومرفقة بسجل حافل بالجرائم يتصدرها تشريد وتهجير أكثر من 9  ملايين داخل سورية وخارجها، وتدمير هائل للبنية التحتية ولاقتصاد البلاد على مدار السنوات الثلاثة الماضية. كما ارتكب الأسد جريمة القرن باستخدامه الأسلحة الكيميائية ضد المدنيين من الرجال والنساء والأطفال؛ بالإضافة إلى خرق السيادة الوطنية السورية بإدخال عصابات طائفية أجنبية إلى البلاد لمساعدته على سفك دماء المدنيين العزل[1]، إنه انتخاب بلون الدم ورائحة الكيماوي! والبراميل الحارقة التي راح ضحيتها قرابة الألف مواطن سوري هم ضحايا للقصف العشوائي بسلاح القنابل البرميلية ، قرابة ال 97% منهم مدنيين، منهم 252 طفلا  و 137 سيدة  أي أن نسبة الأطفال و النساء بلغت 42% من مجموع الضحايا المدنيين وهي نسبة مرتفعة جدا، وتكاد بلاده تخلو من أي كوادر طبية لعلاج ضحاياه وضحايا فشله في إدارة السياسة مع شعبه وثورته، ووأد كل إمكانات الحل السلمي والسياسي التي طرحت منذ الشهور الأولى للولادة البريئة لثورة أطفال درعا في 15 مارس سنة 2011 التي عسكرها عنفه واستدعي بميليشياته الطائفية ميليشيات جهادية مضادة لهاـ، حولت السياسة على الطرفين لإرهاب طائفي وديني وبراميل حارقة وأسلحة محظورة، وبات الوطن اشتاتا لا تسيطر الإدارة الفاشلة للأسد وحلفائه على أكثر من ثلث سوريا!! فأي شرعية بقيت له حتى يرشح نفسه لولاية جديدة؟! بعد أن صور وحلفاؤه ما تم من تقدم في منطقة القلمون وبيرون انتصارا، وهي التي عادت الاشتباكات قائمة فيها، وتم قصف مطارها من قبل المعارضة وقوات الثورة آواخر أبريل الماضي، كما لا زال تقدم المعارضة في عدد من المناطق الأخرى..

أي شرعية باقية للكيماوي:

هل هي شرعية القمع وشرعية القتل والغاب التي تستخدم وحشية الأسلحة المحظورة في الغابات ضد الشعوب وضد المدنيين، التي تكررت العديد من المرات كما رصدها تقرير سابق في سبتبر الماضي لمعهد العربية للدراسات[2]، على الرغم من صدر قرار مجلس الأمن 2139 و الذي تم تبنيه بالاجماع بتاريخ 22/شباط وفيه نص واضح "بالتوقف الفوري عن كافة الهجمات على مدنيين و وضع حد للاستخدام العشوائي عديم التمييز للأسلحة في المناطق المأهولة، بما في ذلك القصف المدفعي والجوي، مثل استخدام القنابل البرميلية"..

أم أنها شرعية الحل السياسي الذي وـأده في جنيف 1 وجنيف 2 بمراوغاته المستمرة وعدم الالتزام بما تم الاتفاق عليه في الأولى، من شرط تأسيس حكم انتقالي كامل الصلاحيات وتشتيت الفكرة عبر فزاعة الإرهاب التي بدأها واستثمر فيها حينا وعبر اتهامات أخرى حينا! آخر تزامن ترشح الأسد الذي لا يقبل فكرة الرحيل مع انباء تزايدت عن استقالة الأخضر الإبراهيمي من مهمته كوسيط دولي في الأزمة السورية! مما يعني اليأس من السياسة مع الأسد! وأنه لا سبيل إلا المزيد والمزيد من دعم المعارضة حتى رحيله!

بينما تنشغل روسيا في أوكرانيا وتزداد شقة الخلاف بينها وبين الغرب، حدثت عدد من التغيرات والتحولات في الموقف من الأزمة والثورة السورية، يبدو أنها انتهت كما أنتهى السوريون إلى اليأس من السياسة مع الأسد! الذي صارت تشم من بقائه رائحة وضرورة الرحيل بأي شكل داخليا وخارجيا!

 

في دعم المعارضة:

حاول المجتمع الدولى والإقليمي العديد من الجهود لوضع حد لمأساة الشعب السوري الأكبر ربما في تاريخ العصر الحديث، بشهادة المنظمات الدولية والعالمية، منذ أكثر من أربعة أعوام منذ تفجرت شرارات الثورة الأولى ضد الأسد لإيجاد سبيل للحل السياسي أفشلته دائما مراوغة الأسد وتعنتته، وليس آخرها ما كان في جنيف الأولى والثانية، ويبدو أنه لا يزال البعض فيه يحاول فقد طرح البرلمان الأوربي في أبريل الحالي احتمالية الذهاب ل جنيف 3 بعد فشل جولتتيها السابقتين، وهو ما أرجعه لمراوغة الأسد وعدم التزام وفده بمرجعية جنيف 1 كما كان متفقا عليه.

هو ما يفتح المجال للبحث والتحليل في أسباب استمرار تعلق وتعثر الثورة السورية والأزمة السورية بعموم،  والتي يأتي في مقدمتها الإمكانيات المتاحة للمعارضة السورية سواء بالتمويل او التدريب، فضلا عن استحالة الحسم مع عدم قدرة أي طرف في الأزمة – المعارضة والنظام- على حسم المعارك لصالحه على الأرض، حيث أعلنت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية " جينيفر بساكي" الثلاثاء 15  أبريل الجاري، أنها لا توافق على ما قاله بشار الأسد بان مجريات الحرب تميل لصالح نظامه، حيث وصفت المتحدثة بان ما يحدث اصبح شبيها بحرب الاستنزاف لا يحرز فيها أي طرف مكاسب تحسب علي الأرض، وهو ما أعاد فتح المجال للحديث عن الفرص المتاحة لتسليح المعارضة السورية خاصة من قبل الولايات المتحدة الأمريكية.

 يذكر أنه قد سبق وأن اقر الكونجرس الأمريكي في مطلع عام 2014 إرسال أسلحة خفيفة ومتوسطة إلى الجيش الحر، علاوة على ارسال المساعدات غير القتالية إلية كأجهزة اتصالات ومعدات نقل، بعد ان كان تم تعليقها في ديسمبر 2013 إثر استيلاء جبهة النصرة على مخازن أسلحة الجيش الحر، وهو الامر الذي عاد الحديث حولة خلال الايام القليلة الماضية،عندما تم الإعلان عن وجود خطة أمريكية لدعم مقاتلى المعارضة السورية ذات التوجهات المعتدلة، ولذلك سوف نحاول البحث في مضمون هذه الخطة ومدى تأثيرها على المعارك وعلى مواجهة النظام وذلك بعرض أهم الامكانيات لتحقيقها وكذلك التحديات التي تواجهها.

الإمكانيات والمعوقات:

على الرغم من ان خسارة المعارضة السورية ليبرود يعد خسارة استراتيجية ومعنوية لهم، إلا انها ومن ناحية اخري، كانت دافعا قويا من أجل تحقيق المزيد من التقدم على الأرض واستعادة المناطق التي سبق وان سيطر عليها النظام السوري، والسعى إلي التصعيد الميدانى في ظل تعثر جهود التسوية السياسية بعد فشل جينيف2.

كان ذلك بهدف الضغط على القوى الدولية خاصة الولايات المتحدة لتوسيع دائرة تسليح المعارضة كالجيش السورى الحر وغيره من الجماعات المعتدلة المقاتلة بصواريخ مضادة للطائرات ومدرعات بالأساس، سواء تلك المتواجدة في الأردن بالإضافة إلى الحدود الجنوبية السورية، وكذلك حث الدولة الأوروبية خاصة المانيا على إعادة النظر في موقفهم من مسألة الدعم العسكرى للمعارضة على مراحل يتبعها تقييم تدريجي لنوعية الأسلحة، ومدي كفاءة استخدامها من قبل المقاتلين، وقد تمتد المرحلة الأولى من صفقة التسليح طوال العام الحالي بناءا علي تصريحات عدد من القيادات في الائتلاف الوطني السوري في مطلع شهر ابريل الجارى بأن الخطة يمكن ان تري النور بعد اتفاق أمريكي/سعودى علي بداية تنفيذها، علاوة علي تضمن الخطة لمسألة تدريب فصائل من الجيش السوري الحر على استعمال هذه الأسلحة المتطورة تمهيدا ًلتسليمها جزءاً منها، علاوة علي فصائل لا تنضوي تحت راية الجيش الحر سيتم الاعتماد عليها كذلك، وهي الفصائل غير الإسلامية في إيديولوجيتها، حتى تتمكن المعارضة من تحقيق انجاز وتقدم ميداني ملحوظ، أو على اقل تقدير تحقيق توازن في القوى العسكرية بين النظام والمعارضة بصورة يمكن ان تدفع أو تجبر النظام على تقديم تنازلات محدودة، تساهم في حلحلة الملف في المرحلة القادمة.

 أي وبعبارة اخري، يتمثل هدف الدعم العسكري الجديد للثوار بتمكينهم من استعادة السيطرة على الضواحي والمناطق التي خرجت عن سيطرتهم لصالح النظام، على أمل إرغام الاخير على قبول حل سياسي لإنهاء الصراع من خلال الموافقة على حكومة انتقالية، من دون الرئيس بشّار الأسد، وتؤكّد فصائل المعارضة على أن توفير الكميات اللازمة من الصواريخ الفردية المضادة للطائرات سيرّجح كفّة المعارضة، ومن شأن الصواريخ المضادة للطّائرات وصواريخ كونكورس المضادة للدبابات أن تساعد المعارضة في حرمان النظام من الأفضليتيْن الرئيسيتيْن في ساحة المعركة المتمثلتين في سلاح الجوّ وسلاح المدرعات الثقيلة.

حركة حزم وتطورات المشهد:

   في منتصف شهر أبريل الجارئ 2014 بدأ ظهور العديد من اللقطات ومقاطع الفيديو التي تم تداولها عبر شبكات الأنترنت وهي تظهر بعض فصائل المعارضة السورية تحمل بعض الأسلحة التي جاءت إليها في إطار صفقة التسليح الأمريكي الأخيرة.

   أعلن تأسيس حركة حزم في 26 يناير 2013، وذلك من خلال عملية دمج حدثت لأكثر من 22 حركة معارضة سورية، اغلبها ينتمي للاتجاهات المعتدلة، واصبح الهدف الرئيسي للحركة مثلها مثل باقي الفصائل المقاتلة أسقاط نظام بشار الأسد، وتميزت الحركة بان قيادتها تتشكل من مزيج ما بين العسكريين والمدنيين، ويتولى عبد الله عودة 28 عاما قيادتها العسكرية ويعد عودة من بين أوائل الضباط الذين انشقوا عن الجيش النظامي عام 2011، ومنذ انشقاقه، شارك في الكثير من المعارك، كان معظمها تحت راية «كتيبة الفاروق»، التي كان ينتمي إليها قبل تشكيل حركة حزم.

بينما يتولى قيادة مكتبها السياسي حمزة الشمالي، كما تقع  قاعدة الحركة في منطقة صخرية غير مأهولة تغطيها الأشجار الكثيفة في محافظة إدلب، وحرص أعضاء الحركة علي ارتداء الزي العسكري ويخضعون لاختبارات طبية وينامون في أسرة من طابقين ويتدثرون بأغطية متطابقة، كما هو الحال في الجيوش النظامية، ولذلك كان لها طابعها العسكري المميز، حيث يتولى القطاع الشمالي بزعامة مرشد الخالد تغطية كل من إدلب، ومحافظة حماه، وحلب، أما القطاع الجنوبي بزعامة محمد الدهيك أو المعروف باسم أبو حاتم، فيتولى كل من ريف دمشق ، وحمص ومدينه دمشق، ومحافظة درعا.

  غير معروف حتي الآن الأعداد الحقيقة المشاركة في حركة حزم، بينما تقول عدد من التقديرات أنها تضم حوالي 5.000 مقاتل، ولهذا تعتبر من أقل جماعات المعارضة عددا، لكن أشار عودة زعيم الحركة بأن الهدف الأساسي للحركة هو التركيز على بناء قوة عسكرية تتمتع بتدريب عال، مؤكدا على تجنيد الأفراد السابقين في الجيش، الذين يتمتعون بخبرة عسكرية، ويتلقى أفراد حركة حزم رواتب شهرية تصل إلى 100 دولار لكل مقاتل، توفرها الجهات الحليفة للمقاتلين، مضيفا أن 150 من أعضاء حركته تلقوا تدريبا في قطر.

 

أما فيما يتعلق بتسليح الحركة، فتشير بعض التقارير والتي كان من بينها تقرير صادر عن معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى في 28 أبريل 2014 أنها تتسلح بأسلحة ثقيلة ومنها:

عربات القتال المدرعة: وتشمل T-72، T-62، T-55 والدبابات وBMP-1 وعربات القتال للمشاة، وتستخدم في المقام الأول في دور دعم المشاة وقطع المدفعية.
المدفعية وقذائف الهاون: وتشمل 122 مم D-30 مدافع الهاوتزر 130 مم M-46 مدفع ميدان و 82 ملم و 120 ملم قذائف هاون، وصواريخ غراد 122 ملم.
أسلحة مضادة للطائرات: الرشاشات الثقيلة، ZPU-2، ZU-23 و S-60 المدافع المضادة للطائرات، ZSU-23/4 المدافع المضادة للطائرات ذاتية الدفع، وربما SA-16 وهي منظومات الدفاع الجوي المحمولة، والعديد من المدافع المضادة للطائرات هي هيدروليكية، وأحيانا تستخدم في تكوين البطارية التي تعزز من فرص إصابة الهدف.
ولذلك فيمكن القول أن الإدارة الأمريكية بدأت بشكل تدريجي وحذر ارسال بعض الأسلحة الي حركة حزم وهو ما أكدته صحيفة واشنطن بوست الأميركية التي صدرت بتاريخ 27 ابريل الجاري وذلك من خلال نشر معلومات تؤكد حصول مقاتلي المعارضة على صواريخ "تاو" الأميركية المضادة للدبابات، بعد تقديمهم ضمانات بإعادة الفوارغ لضمان عدم إعادة بيعها أو سرقتها أو وصولها إلى أيدي متشددين، وهي المعلومات التي تم نشرها نقلا عن الحركة وعن مسؤولين أميركيين رفيعي المستوى.
وعلى ما يبدو فإن الخطوة الأميركية تأتي في إطار دعم تشكيلات نظامية بعيدة عن الفوضى العارمة التي تعيشها فصائل المعارضة المسلحة.
 

عوامل تطور الموقف الأمريكي والغربي: 

* إدراك الولايات المتحدة الأمريكية المتأخر ان التدخل العسكرى المباشر لأى من القوى الدولية يمكن ان يعزز من فكرة " أقلمة " الصراع في سوريا، وهو ما سيؤدى إلى الإضرار بأمن إسرائيل، وكذلك سيلقى تداعيات السلبية على كل من لبنان والعراق والأردن وتركيا، وهو ما دفع الولايات المتحدة للتفكير في  إجراء تغيير تكتيكى في مجريات الأحداث في سوريا ، حيث نقلت  وكالة رويترز عن مسئولين أمنيين أمريكىين في مطلع شهر أبريل الجارى ، ان هناك خطة لزيادة تدريب مقاتلى المعارضة السورية وإرسال مزيد من الأسلحة إليها في مواجهة نظام الأسد، مع عدم شمول هذه الخطة على صواريخ مضادة للطائرات، وهو ما أكد عليه وزير الخارجية الأمريكي جون كيرى لنظيره الروسي سيرغى لافروف في أواخر شهر مارس الماضى، وما أكد عليه كذلك الرئيس الامريكي باراك أوباما خلال زيارته الأخيرة للسعودية 21 مارس المنصرم، حيث كانت أحد نتائج الاجتماع الأخير بين الرئيس الأمريكي باراك أوباما والعاهل السعودي عبدالله بن عبدالعزيز في السعودية هو قرار رفع حظر الأسلحة عن الجيش السوري الحر بالتدريج، وذلك نقلاً عن وكالة (آكي) الإيطالية للأنباء.

حيث ارتأت الأداة الأمريكية ان هذه الخطة للرد على اى انتقادات تعرضت لها فيما يتعلق بسياساتها تجاه الازمة السورية، التي تم وصفها في العديد من المرات بالسياسة غير الفاعلة، او السياسة المرتبكة، مما أدى إلى تصعيد الأزمة وزيادة المعاناة الإنسانية الناجمة عنها وتزايد تداعياتها على دول الجوار والإقليم.

* تستهدف الولايات المتحدة من خلال تلك الخطة إضعاف جماعات الإرهاب كداعش وجبهة النصرة الأكثر تشدداً عبر تقليص الأمدادات العسكرية لها مقابل استمرار الدعم لغيرها من الجماعات والقوى المسلحة المعتدلة، علاوة على رؤية الولايات المتحدة الأستراتيجية لمجريات الأحداث في سوريا في مرحلة ما بعد سقوط بشار الأسد وضرورة ان يكون لها ارتباط قوى ببعض قوى المعارضة السورية، اى انها تسعى إلى تعزيز علاقاتها مع فصائل المعارضة المعتدلة منها لتمكنها من التعامل بشكل أكثر حرية في المستقبل، خاصة وان مطلب الدعم العسكرى أحد مطالب الرئيسية للائتلاف الوطني السورى .

* قيام الولايات المتحدة بإعلانها الاتجاه نحو تسليح المعارضة يأتي كذلك في إطار التنسيق مع الجانب الأسرائيلى خاصة بعد الهجمات التي تعرضت لها إسرائيل في هضبة الجولان في منتصف مارس الماضى وقامت بالرد هي الاخري بهجمات مضادة في الداخل السورى، اى ان إسرائيل تعد بالنسبة للولايات المتحدة طرفا أساسيا في عملية التسليح، وان الموقف الاسرائيلي من هذه الخطة يمكن القول بانه يرتبط بالأساس بضرورة ان تخضع خطة التسليح لرقابة جادة، علاوة على رغبتها في ان يكون هناك تنسيق بينها وبين واشنطن فيما يتعلق بنوعية السلاح المقدم للمعارضة ودرجة تقدمه وتطوره، وهو ما تقوم به الولايات المتحدة بارسال رسائل تطمينات سواء بشأن عملية نقل المخزون الأستراتيجى السورى من الأسلحة الكيميائية لضمان عدم استخدمها أو وقوعها تحت سيطرة العناصر المتشددة من الجماعات الجهادية او الجماعات ذات الصلة بتنظيم القاعدة .

* إدراك الولايات المتحدة أنه بعد فشل جينيف 2، وتعثر آفاق الحل السياسي أو الأنتقال السياسي في سوريا وفق مرجعية جنيف 1، من الضرورة بمكان حسم هذا الصراع الذي تتجاوز مخاطره الداخل وحدوده للخارج عموما، ولكن وفق شروط وضوابط، ولا يمكن أن يحدث ذلك إلا من خلال تسليح المعارضة من أجل الوصول إلى مواءمات سياسية تحسن من شروط التسوية المستقبلية، بما يخدم المصالح الأمريكية ومصالح حلفائها سواء كان المقصود إسرائيل أو بعض القوى الغربية.

* تعثر الغرب حتى هذه اللحظة في الاتفاق حول إمكانية انعقاد جينيف 3 في ظل إعلان الرئيس السوري بشار الأسد انه سيخوض الانتخابات الرئاسية المقرر عقدها في شهر يونيو القادم، وكان قد أقر مجلس الشعب السوري مؤخرا البنود المتعلقة بالانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في يونيو والواردة ضمن مشروع قانون للانتخابات العامة.، وعلي الرغم من أن هذه البنود تتيح نظريا، وللمرة الأولى منذ عقود، إجراء انتخابات تعددية، إلا أنها تغلق الباب عمليا على ترشح معارضين مقيمين في الخارج، إذ تشترط أن يكون المرشح قد أقام في سوريا لمدة متواصلة خلال الأعوام العشرة الماضية، وهو ما يعني استمرار النظام السوري برفض فكرة انتقال السلطة وهو ما يفند أي جهود دولية أو إقليمية تتجه لعقد مؤتمر دولي يهدف إلي الاتفاق من أجل وضع محاور التسوية السياسية للازمة، ويصبح مشهد السعي لعقد مؤتمر سلام دولي لحلحة الملف تكرار لمشهد جينيف 2 حيث ذهب الطرفان –النظام والمعارضة- كل منهما بأجندة مختلفة تمسكا بها مما افضي في النهاية لفشل المؤتمر، وان اعلان بشار الأسد عن ترشحه في الانتخابات الرئاسية القادمة يفشل أي جهود للتسوية السياسية قبل ان تبدء من الاساس.

 

* معرفة الولايات المتحدة المتأخرة بان سوريا في ظل قمعية الأسد وفشله تحولت إلى ملاذ أمن لتنظيم القاعدة وغيرها من الجماعات الجهادية وهو ما يمثل تهديد للامنالامريكى ومصالحها في المنطقة، ولذلك كان الأتجاه نحو تسليح المعارضة المعتدلة، وكذلك بهدف عدم سقوط مؤسسات الدولة السورية خاصة الجيش والأجهزة الأمنية في المرحلة ما بعد بشار الأسد، لضمان قدرة هذه المؤسسات على القضاء على التنظيمات الجهادية المتطرفة والمسلحة المنتشرة في سوريا.

* جاء الموقف او الاتجاه الأمريكي الأخير، بعد ان تأكدت أن دول الخليج -خاصة بعد فشل جينيف 2- ستسعى إلى تزويد المعارضة السورية بأنظمة تسليحية متطورة ومنها صواريخ محمولة مضادة للطائرات وأنظمة مضادة للدبابات، وهو ما يثير قلق عدد من القوى الدولية وعلى رأسها روسيا الاتحادية وايران ، مما فرض على الولايات المتحدة التدخل وبفتح المجال امام تسليح المعارضة وفي نفس الوقت طمأنه الجانب الروسي – عدم شمول الخطة على صواريخ مضادة للطائرات –وكذلك طمأنه دول الخليج وفي المقدمةالمملكة العربية السعودية بإن هناك مواقف دولية تسعى هذا الحسم بعيدا عن التدخل العسكرى واتخاذ خطوات جادة في هذا الاتجاه تؤسس لمرحلة جديدة في ادارة الازمة السورية،من خلال تقدم المعارضة في المدى المنظور، وهو ما تم الأتفاق عليه من خلال لقاءات جمعت بين قادة من المعارضة السورية مع ممثلي بعض أجهزة الأستخبارات الخليجية والأمريكية في الأردن عقب انتهاء وإعلان فشل جينيف 2 وهو ما يعد، من جانب أخر، حظوة لتهدئة الأجواء المتوترة بين الولايات المتحدة والسعودية على وجه الخصوص خاصة فيما يتعلق بالأزمة السورية .

حيث ذكرت عدد من المصادر الإعلامية، كما جاء في تقارير صادرة عن روسيا اليوم ، وسكاي نيوز في أواخر شهر فبراير 2014 عن وجود اتجاه لعقد صفقات سلاح بين الرياض وإسلام آباد لتزويد المعارضة السورية بالسلاح، خاصة صواريخ مضادة للدبابات ومحمولة على الكتف والدروع بغرض تغيير التوازنات الميدانية، علاوة على أن تامين الأسلحة جاء متزامناً مع تسهيلات قامت الأردن بتقديمها لتخزين الأسلحة ونقلها إلى المعارضة ، كما أفادت صحيفة السياسة الكويتية في 22 فبراير 2014 بأن سفينة شحن باكستانية  أفرغت في ميناء العقبة 70 طنا ليتم من الأسلحة نقلها للمعارضة السورية.

* إصرار المعارضة السورية على تقديم ضربات موجعة للنظام لتعويض خسارتهم في يبرود من خلال تحقيق تقدم ملموس نحو الساحل في معركة أطلق عليها ( الأنفال) بسيطرتهم على " المرصد 45 " الذى يعد منطقة استراتيجية في ريف اللاذقية شمال غرب سوريا، حيث تهدف المعارضة السيطرة على الواجهة البحرية بطول 10 كم تمتد من الحدود التركية إلى رأس البسيط، مما يعرقل تقدم قوات النظام، ومن بين الفصائل المشاركة في تلك المعارك جبهة النصرة ، الاتحاد الإسلامي لأجناد الشام ، حركة أحرار الشام ، حركة شام الإسلام وفيلق الرحمن وفيلق الشام، وهو ما أدى إلى سيطرة المعارضة على كل من كسب والنبعين وبرج 45 وجبل النسر ونبع المر والتقدم نحو رأس البسيط كما سبق الذكر منذ بدء معركة الأنفال في 18 مارس الماضي، أي أن الواقع يشير إلي تقدم المعارضة إلي اللاذقية التي ينتمي إليها الرئيس الأسد، علاوة علي تقدمهم ي مدينة حلب شمالاً وسيطروا في 14 إبريل الجاري على مراكز للقوات النظامية قرب مبنى الاستخبارات الجوية معقل القوات النظامية في الشمال، في وقت سيطرت القوات السورية في شكل شبه كامل على منطقة القلمون التي تربط دمشق بحمص والساحل غرباً، واستمر التوتر في السويداء معقل الدروز جنوب البلاد.

وهو ما يعنى ان المعارضة تتحرك وفقاً لخطة مدروسة ممنهجة وكل ما تحتاجيه لمواجهة النظام السورى المدعوم من إيران وميليشيات عراقية ومقاتلين حزب الله هو ان يقوم الغرب وبعض القوى الأقليمية بتقديم مختلف أوجه الدعم اللوجيستىوالمادىوالعسكرىلها، وهو ما يمكن اعتباره بمثابة دافع للولايات المتحدة لتغيير وجهة نظرها المتحفظة من تسليح المعارضة.

من هنا يبقى ترشح الأسد مسكونا بهاجس الرحيل وطعمه لتبقى سوريا للسوريين..وطنا وليست مهجرا ومواطنة وليست قتلا وتمييزا ولجوءا في 17 دولة من دول العالم..

 

حول الموقع

مركز الإعلام التقدمي مؤسسةٌ إعلاميَّةٌ تابعة لـ(ملتقى الرقي والتقدم) تُعنى بخلق ثقافة وطنية مدنية علمانية.