قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، إن الغارات الجوية وحدها لن تقضي على تنظيم "داعش" الإرهابي في العراق وسوريا داعيا إلى توحيد الجهود في هذا المسار وإشراك الحكومة السورية فيها.

وأوضح في مقابلة خص بها قناة "روسيا 24" بثت الجمعة 28 مايو/أيار قائلا: "إننا ننطلق من أن الائتلاف الذي شكله الأمريكيون والذي يستهدف مواقع "الدولة الإسلامية"، في العراق بموافقة سلطات هذا البلد، أما في سوريا، فهو يعمل دون أن يبلغ السلطات أو يطلب إذنها، وذلك يمثل، طبعا، انتهاكا واضحا للقانون الدولي، لقد أعلن ما يسمى "الدولة الإسلامية" قيامة دولة الخلافة في مساحات واسعة في سوريا والعراق، وشارك عملاؤه في بناء موطئ قدم لهم في مناطق معينة في ليبيا، وظهرت قضايا في لبنان، وحتى في أفغانستان أصبح وجود أنصار لـ"داعش" واضحا، أما الغارات على اليمن، فلم يستفيد منها أحد لتعزيز مواقعه، باستثناء تنظيم "القاعدة" الذي يتنافس حاليا مع "الدولة الإسلامية".

واستغرب لافروف من رفض واشنطن اعتبار الحكومة السورية شريكا في محاربة "داعش" على الرغم من أن الأمريكيين لم يروا أية عقبات منذ عام، عندما تعاونت دمشق مع المجتمع الدولي في إتلاف ترسانتها الكيميائية.

وأردف: "يوجه الائتلاف الضربات، لكن الجميع يقرون باستحالة دحر "داعش" بالغارات الجوية وحدها، وبأن تحقيق هذه المهمة سيتطلب في جميع الأحوال إجراء عمليات برية، وإنني لا أتصور كيف يمكننا أن نقوم بذلك دون مشاركة الحكومة السورية (في الجهود المشتركة)".

وقال:علينا أن نأخذ بعين الاعتبار أن العديد من الجماعات الإرهابية الأخرى شرعت في مبايعة "داعش" وإعلان نفسها جزءا من دولة الخلافة".

وأعاد إلى الأذهان أن الجيش العراقي والحشد الشعبي وقوات البشمركة في العراق تنسق عملياتها وتحاول استعادة المدن والأراضي التي وقعت تحت سيطرة "داعش"، معبرا عن ثقته من استعداد الحكومة السورية للعمل في هذا المسار أيضا.

وكانت روسيا قد طرحت فكرة إجراء تحليل شامل للمخاطر الإرهابية برعاية من مجلس الأمن الدولي، والاعتماد عليها الاتخاذ موقف موحد للمجتمع الدولي إزاء الإرهاب، وقال وزير الخارجية الروسي إن هذا الاقتراح يرمي إلى منع تكرار ما حدث في ليبيا، حيث شنت الدول الغربية حملة غارات بغية تغيير النظام انتهاكا لقرار مجلس الأمن الدولي، وعملت على تسليح المعارضة بغض النظر عن الحظر الدولي، وفي نهاية المطاف تسببت الأزمة الليبية بظهور قضايا كبرى في مالي ودول أخرى في المنطقة.

ولذلك يجب أن تتعلق الخطوة الأولى، حسب لافروف، بوضع استراتيجية موحدة لمحاربة الإرهاب على أساس تحليلات نزيهة مشتركة تجري برعاية مجلس الأمن الدولي، أما الخطوة الثانية فيجب أن تتمثل في إصدار قرارات تشرع الإجراءات االرامية إلى التصدي للخطر الإرهابي.

واعتبر الوزير أن مثل هذه الاستراتيجية يجب أن تعتمد على 3 نقاط وهي:

تقديم دعم دولي قوي للدول التي تنشط فيها الجماعات الإرهابية،
مشاركة دول أخرى راغبة في المساعدة، في جهود مكافحة الإرهاب، تعمل على أساس تفويض صادر عن مجلس الأمن وتنسق عملياتها مع الحكومات الشرعية في الدول التي تجري فيها تلك العمليات
تقديم الدعم للدول التي تواجه الخطر الإرهابي بصيغ أخرى
وفيما يخص البند الثالث، أوضح لافروف أن روسيا قد شرعت في تقديم مثل هذه المساعدات ، وهي تعمل على تعزيز قدرات جيوش العراق وسوريا ومصر والقوات المسلحة للدول الأخرى في المنطقة والتي تواجه الإرهابيين.

لا وجود لحرب باردة جديدة بين روسيا والولايات المتحدة

اعتبر وزير الخارجية الروسي أنه لا يجوز المقارنة بين وضع العلاقات الروسية-الأمريكية الحالي وبين فترة الحرب الباردة.

وأوضح: "لا توجد أية مواجهة أيديولوجية يمكن أن تعيدنا إلى شيء يشبه الحرب الباردة، بل هناك قضايا جدية تظهر لأن العالم يتغير، أما مواقف شركائنا الغربيين فتبقى كما كانت طوال فترة هيمنتهم الحصرية والتي استمرت لقرون طويلة".

وأكد أن موسكو لا تتخلى عن التعاون مع الولايات المتحدة، وخاصة فيما يتعلق بإيران وسوريا والتسوية الشرق أوسطية بين الفلسطينيين والإسرائيليين والأزمة في اليمن والأزمات الأخرى، لكنه أكد على ضرورة أن يعتمد مثل هذا التعاون على مبدأ العمل المشترك، وأوضح أنه من المستحيل أن تقبل روسيا عندما تدعوها الولايات المتحدة إلى التعاون في بعض الحالات، وهي تعتبر في الوقت نفسه أنه من حقها "معاقبة" موسكو في حالات الأخرى، وشدد على أن روسيا ستتعاون مع الولايات المتحدة، ليس لأن الأخيرة ترغب في إقامة مثل هذا التعاون في مجالات معينة، بل فقط في حال كان هذا التعاون يصب في المصالح الروسية أو يتعلق بالقضايا التي تهدد الاتحاد الروسي.

تصرفات سلطات كييف تمثل أكبر عقبة أمام تطبيق اتفاقات مينسك

قال لافروف إن الدول الغربية الرئيسية كلها التي تتابع الوضع في أوكرانيا، باتت تتفهم أن تصرفات السلطات الأوكرانية هي العقبة الرئيسية أمام تطبيق اتفاقات مينسك السلمية.

وتابع: "يتخذ الغرب موقفا مفاده: سنرفع العقوبات عن روسيا إذا تم تطبيق اتفاقات مينسك، كأن روسيا وحدها وقعت على اتفاقات مينسك وهي الجهة الوحيدة الملزمة بتنفيذها".

واستغرب الوزير من هذا الموقف، معيدا إلى الأذهان بنود اتفاقية مينسك وهي:

بدء المشاورات حول التحضير للإجراء الانتخابات البلدية في مقاطعتي دونيتسك ولوغانسك، وذلك على أساس القوانين الأوكرانية والتعاون مع دونيتسك ولغانسك، لكن هذه المشاورات لم تبدأ حتى الآن
رفع الحصار عن مناطق شرق البلاد واستئناف دفع المعونات الاجتماعية وإنعاش عمل المنظومة المصرفية، لكن كييف لم تفعل شيئا لتحقيق ذلك
إعلان العفو عن جميع المشاركين في الأحداث بجنوب شرق أوكرانيا. لكن كييف لم تعلن أي عقو
تطبيق القانون الخاص بمنح منطقة دونباس وضعا خاصا، لكن كييف أجلت تطبيق هذا القانون حتى "تحرير" أراضي جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك الشعبيتين بشكل كامل وفرض سيطرة السلطات الأوكرانية على تلك الأراضي
وتابع الوزير أنه من انتهاكات كييف لاتفاقات مينسك أيضا رفضها إجراء الإصلاح الدستوري، والذي يجب أن يتم إعداده، حسب الاتفاقات ، بالتنسيق مع دونيتسك ولوغانسك، لكن السلطات الأوكرانية رفضت حتى إشراك الممثلين عن دونيتسك ولوغانسك في لجنة صياغة الدستور والتي تضم نحو 15 خبيرا غربيا.

وقال لافروف إن هذه التصرفات تنبأ عن تشاؤم عميق من استعداد السلطات الأوكرانية الحالية على تطبيق ما وقع عليه في مينسك الرئيس الأوكراني بيترو بوروشينكو.

المصدر: RT

حول الموقع

مركز الإعلام التقدمي مؤسسةٌ إعلاميَّةٌ تابعة لـ(ملتقى الرقي والتقدم) تُعنى بخلق ثقافة وطنية مدنية علمانية.