ما إن تهبط الطائرة في مطار بيشه تهبط معها القيم الانسانية والاخلاقية لدى استخباراتهم ، فلن تجد هبوط وسقوط اخلاقي في العالم يوازي هذا الهبوط الذي ظهر لنا منذ تسعة اشهر للعدوان السعودي على اليمن .

اثناء توقفنا الاعتباطي الاستفزازي في بيشة كان على متن الطائرة رجل اربعيني مستلقي على قاعدة مسطحة في مؤخرة الطائرة فاقد للوعي يتنفس صناعيا بجهاز التنفس الصناعي مغروس في عنقة انابيب لا تدري ماهية كنهها الطبي ويتدلى من قبضة الطائرة مغذيتان مغروستان في وريده قيل لي مصاب برصاصة او شظية وحالته خطرة سينقل للاردن للعلاج .

مع طول فترة هبوط الطائرة ولأن الطقس حار نوعا ماه كان الاكسجين منخفظ لدرجة أننا شعرنا بضيق نفس كبير ، قال مشرف طاقم الطائرة لأبو خالد رجل الاستخبارات الذي أنهم بحاجة الى بطاريتت لتشغيل خهاز هذا المريض لأنه شارف على التوقف بسبب طول فترة توقفنا .

الاستخباراتي أبو خالد صاحب العلكة والنظارات الشمسية والثوب الابيض المخصر على جسده والعطر النسائي الذي يبلل ملابسه ، لا يعير اهتمام لقضية انسانية متل هذه فتعامل ببرود واثناء الحاح المشرف عليه اتصل لاحد ليحضر البطارية المقصودة . ومنذ بداية توقفنا يطالب المشرف ابو خالد البطارية اين البطارية اذا سمحت نحتاج البطارية الله يخليك يا ابو خالد استعجلهم وكررها اكثر من مرة متوسلا وراجيا تعطف الاستخباراتي بالاسراع والاستعجال.

الاكسجين ينخفظ وتتلاشى ذرات الهواء ، لأخرج من مقعدي لبوابة الطائرة باحثة عن الهواء لأنني حينها شعرت بضيق تنفس وكدت افقد الوعي ، اجزم ان خرطوم ضخ الهواء الذي زودوا به الطائرة لم يضخ لنا شيئ مما خصص له .

كان المريض ينتظر قليل من الاهتمام وقليل من الانسانية وحد ادنى من الشعور بالمسؤلية أما رجل الاستخبارات اكثر ما يهمه الترن داخل الطائرة والاستفزاز والاسئلة الاعتباطية الغبية الغرض منها فقط أن نفقد اعصابنا اكثر ونشعر بسلطته وتغطرسة .

ومع كل ما يمكن أن تتخيله إلا أنك لن تصل لمستوى السقوط الذي وصلوا اليه لدرجة أنه في احد الرحلات كان ضمن الركاب امراءة حرازية جملية شاهدوا صورتها ف لتمسو جمالها ليقرر بعد ذاك بعض من الحيوانات المسعورة انزالها من الطائرة بحجة خضوعها للتفتيش لكن طاقم الطائرة مع الركاب رفضوا وقالو سينزلون معها .

أيها العالم الاخرس بيشه محطة للسقوط الاخلاقي والانساني فمن نجا من الصواريخ والموت لن ينجوا من الامتهان ، متيحدث في بيشه ابشع بكثير من الذي حدث في معتقلات جونتاناموا فثمة اذلال نفسي يستبيح الكرامة اليمنية ويتعدى حدود الاعراف والاخلاق فتغيب الانسانية بل اصبحت في خبر كان .

لهذا ننادي العالم الذي يصر أن يصم اذانه عن معاناتنا وعن ما يحدث لنا أن يرفع هذا السقوط الممارس على ابناء الشعب اليمني فثمة قوانين وقواعد بمثابة مسلمات تخترق في بيشه وفي عموم الاراضي اليمنية التي تتعرض للقصف الهمجي والغير قانوني المحرم دوليا بموجب اتفاقيات وقواعد تنظم الاوضاع حالة الحروب والاهداف وكيفية التعامل .

حول الموقع

مركز الإعلام التقدمي مؤسسةٌ إعلاميَّةٌ تابعة لـ(ملتقى الرقي والتقدم) تُعنى بخلق ثقافة وطنية مدنية علمانية.