ابلغ السيد وليد المعلم وزير الخارجية السوري السيد رمزي عز الدين مساعد المبعوث الدولي الى سورية ستيفان دي ميستورا، اثناء لقائه به في دمشق، ان بلاده ستشارك في محادثات جنيف المرتقبة اواخر شهر آب (اغسطس) لايجاد حل سياسي، ودون اي شروط مسبقة.
لا جديد في هذا الموقف الرسمي السوري، ولكن الجديد هو تحديد موعد استئناف هذه المفاوضات اواخر شهر آب، الامر الذي قد يوحي بأن هناك تفاهما غير معلن، بإنهاء معركة حلب قبل هذا التاريخ، واحكام الحصار على ما تبقى من الفصائل المقاتلة، او تخييرها بين الاستسلام والتمتع بالعفو الرئاسي (للسوريين فقط) او القتل، خاصة بعد التقدم الكبير الذي حققته قوات الجيش السوري في ريف حلب الشرقي، وفتحها اربع ممرات آمنة لخروج المدنيين.
***
الادارة الامريكية قالت على لسان وزير خارجيتها جون كيري بأنها تعرضت لـ”خدعة” لفتحها الممرات الآمنة وطريق الكاستيلو الذي يربط مدينة حلب بالريف الشمالي، وهددت بان مثل هذه الخدعة، وان تمت، فانها “ستعرض للخطر التعاون بينها وبين روسيا”.
من الواضح ان الوزير كيري يمارس التضليل، ويحاول اللعب على الكلمات، وتبرير خذلان بلاده كليا للمعارضة السورية المسلحة والتخلي عنها، في اطار التفاهمات مع روسيا.
الخذلان الآخر للمعارضة السورية جاء من جانب الحليف التركي، الذي اكد مرارا ان حلب تعتبر خطا احمر، ولا يمكن ان يتم السماح بسقوطها، ويتعذر هذا الحليف بالانشغال في معالجة ذيول الانقلاب العسكري الفاشل، وتطهير هياكل الدولة التركية، وجيشها ومؤسستها الامنية، من المتورطين فيه من جماعة الداعية فتح الله غولن وانصاره.
وكان لافتا ان الدول الخليجية، وخاصة المملكة العربية السعودية ودولة قطر، اقتصر دعمها على الجوانب الاعلامية فقط، وحتى الاعلام تراجع زخمه في الايام الاخيرة.
حديث اشتون كارتر قبل ايام عن وجود استعدادات لفتح الجبهة الجنوبية، اي الحدود الاردنية مع سورية، ربما يشكل اعترافا مسبقا باحتمالية استعادة قوات الجيش السوري المدعومة بغطاء جوي روسي لمنطقة حلب، والانطلاق بعد ذلك نحو ادلب وجسر الشغور، ومنبج المحاصرة حاليا من قبل قوات سورية الديمقراطية ذات الاغلبية الكردية.
واذا صحت التقارير الاخباربة التي تقول بأن تركيا سحبت ضباط استخباراتها من غرفة “المُك” المكلفة بقيادة العمليات في الجبهة السورية بقيادة امريكية، ومشاركة ضباط استخبارات من السعودية والاردن ودولة الامارات، فان هذا يؤكد حدوث تغيير جذري في الموقف التركي في الملف السوري سياسيا وعسكريا.
***
الجولة الجديدة من المفاوضات السورية في جنيف في حال انعقادها اواخر شهر آب ستكون قطعا مختلفة عن سابقاتها، بعد ان تخلت امريكا عن معزوفتها الاكثر تأثيرا على قلبها، وهي حتمية رحيل الرئيس بشار الاسد، وابداء الاستعداد للموافقة على بقائه في السلطة اثناء المرحلة الانتقالية، وما بعدها، اي وضع دستور جديد واجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية.
المبعوث الدولي دي مستورا بدأ يتحدث عن حكومة وحدة وطنية سورية، تضم بعض الوجوه المعارضة، ربما تكون هذه الصيغة هي السقف الاعلى لهذه المفاوضات في جولتها الجديدة.
تنظيم “الدولة الاسلامية” قلب كل المعادلات على الارض، واثار الرعب في قلوب الغربيين بعد عملياته الارهابية الاخيرة في اوروبا وامريكا، وخفف الضغوط عن الرئيس بشار الاسد وحكومته، سواء اراد ذلك ام لم يرد، الامر الذي غير كل الاولويات، مثلما غير كل قواعد اللعبة في الملف السوري برمته.