قالت مجلة “نيوزويك” ان النفقات العسكرية للسعودية تتزايد على مدى السنوات الست الماضية.
و أشارت المجلة ان الانفاق العسكري السعودي يناهز 13% من الناتج المحلي الإجمالي.
و اعتبرت المجلة على الأنباء المتداولة عن تحرك قوات قوات سعودية في مدينة عدن اليمنية و ما يشاع بشأن خطط سعودية لتدريب أطقم غواصات في ماليزيا، بأنه يحمل مؤشرات على ميل صقور المؤسسة السياسية في المملكة إلى القيام بعمل عسكري، و تحديداً في باب المندب، بدافع هو أقرب إلى أن يكون وسيلة للهروب إلى الأمام، و استباق (موجة) اضطراب داخلي ناجم عن التدهور الاقتصادي الحاصل داخل المملكة.
و بحسب موقع “العربي” حذرت المجلة من أن يتسبب فشل الإصلاحات الاقتصادية في المملكة العربية السعودية، وفق “رؤية 2030″، و هو ما يبدو سيناريو “مرجّحاً”، ما سيدفع المملكة نحو اتخاذ إجراءات، يمكن أن تتسبب بإشعال حرب إقليمية.
و قالت المجلة إن واقع القيود السياسية، و الضوابط الاجتماعية داخل السعودية، و ما يترتب عليه من ضيق أفق النهوض باقتصاد البلاد، يجعل من المخيف ان تذهب الرياض إلى البحث عن هذا النهوض خارجياً، و ليس داخلياً، و ذلك “عبر الغزو، والتوسع العنيف”.
و ألمحت إلى أن تقدير صنّاع القرار في الرياض لمسائل خارجية عدة، مثل عزوف الرأي العام الأمريكي عن الدخول في “حروب أخرى” في الشرق الأوسط، أو ما يشاع عن تضاؤل القيمة الاستراتيجية للنفط السعودي مع تحول الولايات المتحدة إلى دولة “مصدّرة للنفط”، وتركيز الإدارة الأمريكية الحالية على “احتواء روسيا”، و”عدم التحرك” حيال أزمات الشرق الأوسط، يعد عنصراً هاماً يتحكم في رسم الصورة النهائية للسياسة السعودية تجاه دول الإقليم.
التدخل العسكري في اليمن
و بحسب المجلة، “للوهلة الأولى، وبرغم (سياسة) العسكرة التي انتهجتها المملكة العربية السعودية خلال السنوات الست الأخيرة، قد يبدو تهديد السعوديين لأحد جيرانهم بتدخل مباشر، غير مرجح”، على خلفية تواجد قوات متعدّدة الجنسيات في البحر الأحمر عند ثغور مضيق باب المندب، ومرابطة الأسطول الأمريكي الخامس في مياه الخليج، الأمر الذي سوف “يكف يد المملكة” عن القيام بحروب ضد جيرانها.
و مع الأخذ بعين الاعتبار بضعف السياسات الأمريكية في كل من سوريا، واليمن، “إذا كان السعوديون لا يعتقدون بأن الولايات المتحدة، سوف تتصدى لغزو المملكة لأحد جيرانها، فلن يكون هناك ما يمنع المملكة جديّاً عن القيام بذلك”، علماً بأن “التاريخ السياسي والاقتصادي والديني للمملكة يعزّز من (فرضيّة) اندفاعها باتجاه التوسع الخارجي عبر شن الحروب والغزوات، عوض التوسع الداخلي بإنتاج السلع والخدمات”.
سيناريو مرجح
و على هذا الأساس، رأت المجلة أن غزو السعودية لليمن هو السيناريو “الأكثر ترجيحاً”، حيث “تقصف” الرياض ذلك البلد منذ زهاء عامين، وحيث “تركز آلة الدعاية السعودية معظم جهودها ضد المتمردين الحوثيين”، منذ بدء الحرب هناك، مشيرة إلى أن “إغلاق” أو “خلق حالة من الارتباك والفوضى عبر مضيق باب المندب”، الذي يمر عبره يومياً حوالي 3.8 مليون برميل نفط، ومليون متر مكعب من الغاز الطبيعي، “سوف يحقق قفزة في أسعار النفط والغاز”، على نحو “يفيد منه الاقتصاد السعودي، بشكل ملحوظ”.
ادعاءات باطلة
و تابعت المجلة “إذا كانت السعودية تدّعي غالباً أن الحوثيين هم من يهدد المضيق، فإن الحقائق تشير إلى خلاف ذلك”، لافتة إلى أن “سيطرة الحوثيين على مواقع عدة مطلة على المضيق، خلال العامين الماضيين”، لم تتسبب في عرقلة الملاحة في باب المندب، الذي تعبره على الدوام سفن تجارية تابعة لإيران، “حليفة الحوثيين”، فيما “تعرّضت سفن إيرانية، وباكستانية، إلى هجمات من قبل السعودية، وحلفائها في مناسبتين على الأقل”، مع الإشارة أيضاً إلى “نقص الدلائل بشأن وقوف الحوثيين خلف غالبية الهجمات، التي استهدفت سفناً غير تابعة للتحالف السعودي، على مدى العامين الأخيرين”.
العراق ساحة حرب
كما لفتت المجلة إلى أن العراق تعد ساحة محتملة لتصعيد سعودي ممكن. معتبرة أنه من الممكن أن تقدم السعودية على “استهداف المناطق الشرقية، والجنوبية للعراق، كبعض أجزاء محافظتي الأنبار، والمثنى، حيث احتفظت الرياض (تاريخياً) بنفوذ قبلي كبير، قبل انتقال الحكومة العراقية إلى أيدي الشيعة”، و إن كان هذا السيناريو يحمل “نذر حرب مع إيران”، و قد يقود إلى تفاقم المشكلات بين المملكة من جهة، والشيعة، من جهة أخرى، لا سيما في الداخل، وهو الأمر الذي “لا يرغب به السعوديون”.
و حسب المجلة فإن السيناريو الأكثر قابلية للتحقق، هو أن تحاول الرياض، وبغية رفع أسعار النفط، “تعطيل خط الأنابيب النفطي الاستراتيجي للعراق”، سواء عبر “بعض القذائف الموجهة بدقة”، أو من خلال تنفيذ أو رعاية “بعض الأعمال الإرهابية”، عبر تنظيمات متطرفة مثل “داعش”، الذي استفاد من تدفق الأسلحة إليه من جهات سعودية، لـ”تعطيل إمدادات النفط الكبيرة في شمال العراق، بما أفاد المملكة على نحو واسع”، وفق ما جاء في مجلة “فوربس”.
و أوضحت المجلة أنه “في حال إقدام السعودية على اجتياح العراق، فمن المفترض أن تُحكم السيطرة على أجزاء من محافظتي المثنى، والأنبار، قليلة السكان، والتي لا تقطنها غالبية شيعية، وهو ما من شأنه أن يعود على المملكة بفائدتين رئيسيتين”، أولها يتمثل في “السيطرة على حقول النفط في أبو الخيمة، والسماوة، وسلمان، والديوان”، وثانيها يرتبط بتمكنها من إحداث “اضطراب دائم، أو خلق سيطرة تامة على خط الأنابيب الاستراتيجي العائد للعراق”.
نزاع قطري سعودي
و استعرضت “نيوزويك” احتمالات تفجّر نزاع سعودي- قطري، على خلفية استحواذ قطر على احتياطيات غازية تفوق ما لدى السعودية بثلاثة أضعاف، ومع ارتفاع واردات أوروبا من الغاز الطبيعي بنسبة 17 في المئة، على حساب وارداتها النفطية من السعودية، وإن كان ذلك يبقى “السيناريو الأقل قابلية للتحقق”، و”ملاذاً أخيراً لمنع إمدادات الغاز الطبيعي القطري، من تقويض الصادرات النفطية السعوديّة”.
و شدّدت “نيوزويك” على أن تعزيز فرضية وقوف الغرب إلى جانب جيران المملكة في حال تعرضهم لعدوان من جانبها، من شأنه “ردع المملكة عن استخدام ترسانتها العسكرية” لأغراض توسعية، “على المدى القصير”، فيما يقبع “الرادع الأكبر لذلك، على المدى البعيد، داخل المملكة نفسها”.
و ختمت المجلة بالقول: “إذا كان ترامب وغيره من القادة الجدد جديين في مسألة التصدي للإسلام الراديكالي، وتعزيز الاستقرار في المنطقة، فإنهم بحاجة إلى تشجيع الإصلاحيين الحقيقيين في المملكة، بدلاً من الاعتماد على شبان من العائلة الحاكمة”.