المقال نقلاً عن نيوزيمن
تخيلوا معي المشهد التالي:
يذهب كبار موظفي الدولة من وزراء ونواب ووكلاء لمقابلة سفراء ووزراء ومبعوثي الدول الأوروبية لتأكيد أنهم شرعية تسيطر على ثلثي البلاد وتدير شؤون المجتمع وتبشر بالأمن وتحسن الأوضاع الاقتصادية ثم يبعثون بأبنائهم وأقاربهم لطلب اللجوء بحجة أن البلاد غير آمنة، وأنهم معرضون للمخاطر والموت جوعاً نتيجة لغياب القانون والنظام.
بل إن الأبناء والأقارب يحصلون على تأشيرات الذهاب عقب لقاءات الآباء والتي تكون عملياً لطلب كهذا.
المشهد حقيقي جداً وليس خيالياً، ويكفي أن تتابعوا أخبار التعيينات أو أسماء الحاصلين على اللجوء المريح وستعرفون.
يتقافز كبار موظفي الشرعية نحو الخارج طلباً للجوء وكأن القارب الذي يحملهم يوشك على الغرق. لكنهم في الوقت عينه يمنعون غيرهم من تحمل المسؤولية وتبوء المناصب التي يتقاسمونها محاصصة عائلية ومناطقية وحزبية حتى انك تجد الوزارة وقد تحولت عملياً إلى وزارة فلان الفلاني وأولاده المحدودة.
كل وزير يتجمل لوزير آخر ويعين له قريباً أو قريبة هنا أو هناك. السفارات متخمة بالعاطلين والمتهبشين والمتقافزين. الوزارات مثقلة هياكلها بالوكلاء ووكلاء الوكلاء ووكلاء وكلاء الوكلاء.
مع هذا يكذبون على أنفسهم وعلى الناس وعلى الجنود تحديداً الذين يكابدون المشقات ويغالبون الموت في الجبهات، يكذبون أنهم سيستعيدون الدولة ويحققون الانتصارات ويهزمون الحوثي.
اتدرون من يقاتل في صف الحوثي؟ أبناء عائلات ميسورة تعلموا في أمريكا وأوروبا وماليزيا وعادوا يقاتلون إيماناً منهم بالوعد الإلهي والتمكين السماوي. وحولهم بالطبع حشد هائل من الجهلة والأشقياء ومختاري العبودية والمغفلين بأنهم يحاربون أمريكا ويصنعون لهم مجداً يلون أيامهم الكالحة وحاضرهم العدمي. إنهم مؤمنون بأنهم يقاتلون مرتزقة. والحقيقة هم يقاتلون شرفاء من أشرف من أنجبت اليمن، اختاروا الجبهات ولكن على رؤوسهم لصوص جبناء يتذرعون بالحكمة وهم يفتقرون إلى العقل، ويتذرعون بالسلام وهم غارقون في جبنهم وذلهم وحبهم الشره للمال والسلطة.
بسبب هؤلاء تشردنا وتعذب أهلنا. وسيبقى حال اليمني هكذا حتى يحكم الله حكمه ويخلصه من المجرمين باسمه ومن اللصوص باسم الوطن.