لم أكمل سنتي الأولى عضواً في مجلس شورى التجمع اليمني للإصلاح، حتى كنت قد سمعت منهم أوصافهم القبيحة ضدي، ذاتها هذه التي أقرأها اليوم من صغارهم وأسمائهم المستعارة.
بادئ الأمر، سخِرت منهم ومن اتهاماتهم، كنت ما زلت في أوج حماسي معتقداً أنها "نعرة" جهل وغباء بعض القيادات التي تكلَّست عقليتها بالماضي.. وأني أنا أصلاً أنتمي للفكرة التي هي أعلى شأناً من "كهنة المعبد" من قيادات الاستغلال الديني للناس في إخوان اليمن.
ولذا صارعتهم، ولم أدخل معهم في مواجهة إلا خرجت منتصراً، أيدني الزنداني وانتصر لي عبدالوهاب الديلمي، وبعد صراخ عاد عبدالله أحمد علي ليقول لي: أفصح الله لسانك.. وانزوى سالم بن طالب مختبئاً بعد محاولة تحريض بائسة ضد الصحوة.
كنت أقف بينهم، شاباً مؤمناً بأنهم "خير" من يجتمعون في اليمن.. وأقارعهم بالحُجة، واستعيدهم إلى الطريق المستقيم.. الطريق نفسه الذي كنت مقتنعاً أنهم هم من يمثلونه أصلاً..
أبهرني محمد اليدومي، وهو يقول بصراحته للزنداني: أخطاؤك تتحملها أنت، لا علاقة للتنظيم. في النقاش حول علاقته بقَتَلة جارالله عمر، رحمه الله.
ورأيت عبدالوهاب الآنسي، ميزاناً "إبليسياً" وأنا أستخدم اللفظة هذه كما استخدمتها صحيفة الميثاق حين وصفته إبليس الإصلاح، وقلت له يومها: لا ينقص الوصف منك، فهذا وصف شعبي للذكي الحريف..
صلت وجلت في فروع الإصلاح وميادينه، وتعرَّفت على شخصيات عظيمة في كل فرع ومنطقة.
غير أنه وبعد أن أنجزت معارك المتطرفين، وجدت الحقيقة الناصعة. المتطرفون هم مجرَّد غطاء شعبي.. السوء هو في جوهر التنظيم وقرار الادعاء.
بدأت المعارك، لماذا تنشر الصحوة أخبار الرياضة؟ لماذا ننشر للبردوني؟ لما كذا يظهر ذراع امرأة في إعلان سمن البنت وهو إعلان بالأبيض والأسود أصلاً، لماذا نقول المرحوم في التعازي.. وكيف نواصل الكاريكاتير.. وبأي حق يكتب عبدالرحيم محسن ضد مغتصب امرأة، ولماذا لا نلزم علي الصراري بالكتابة عن الصلاة.. لماذا نقول الشهيد عن جار الله عمر..؟ لماذا نشيد بصنعاء عاصمة للثقافة، لماذا ننشر للصوفية..؟
وفي آخر اجتماع لذلك المجلس بعد سنوات، وقبل أن أحرك سيارتي، كتبت لمحمد قحطان رسالة تلفونية انتقدته لغيابه الاجتماع، وقلت له تكذبون علينا وعلى الناس بالتصريحات السياسية ووقت القرارات لا يكون إلا التطرف والتخلف وضيق الأفق.
وهو غاب مرهقاً من اللف والدوران هذا، وما لا يعلمه أحد أن الإخوان قد أبعدوا محمد قحطان من قيادتهم من وقت مبكر جداً، وعينوا بدلاً عنه في منصبه محمد السعدي.. ومناصب الإخوان أمر باطني لا يعلن عنه.
قرَّر حراس المعبد أن محمد قحطان، غير رشيد من 2001، ولكنهم تجرّعوه حتى 2003، وفي 2006 كان أكثر من غضب من أصحابه بعد حكاية اختراق حراسات فيصل بن شملان عبر حمود هاشم الذارحي، الاثنان كانا في صراع دائم، وقد طرد الذارحي قحطان يوماً من بيته الذي كان مستأجراً له.
وقفت اللقمة في حلقي وأنا أرى قحطان مبلوداً، والذارحي يقول له: "ماخلفتكش ونسيت، قد لك ثلاثة أشهر ما تدفع الإيجار.. قم اخرج".
أما في 2011 فقد قرَّر قحطان جرهم للشارع غصباً، فصرخ بالجيش الوطني وبغرف النوم.
من يومهم الأول، اتهموني وديني، ولكن عرضي بقي حتى خرجت منهم، وأعلنت استقالتي في 2007 وقلت فيها إني احترم تنظيمهم لكني ضد فكرهم وتوجههم.
قالوا لي: لا.. أنت تقصد العكس. فقلت لهم: بل أنا ضد فكركم وتفكيركم.. الباطني المخادع.
دخلوا معي في حرب مفتوحة، والجدار القصير لمحاربة أي يمني هو عائلته وأبناؤه وأمه وزوجته..
كنت أسمع بعض من لا يعرفني وهو يتكلم عني، يحدث الموجودين كأنه صهري.. كأنه أخي.. وأنا موجود وهو لا يدري من أنا.. ويتحدث بهذا المنطق السافل الذي تقرؤونه الآن، عن زوجتي الحبشية.. عن تشرد أبنائي.. عن عقوق أبي، ثم عن كيف قال لي علي عبدالله صالح: قلنا لك اخرج من الإصلاح مش من الإسلام، ثم كيف أني أبول وأنا واقف.. وصولاً لخيالاتهم المريضة أو لأفعالهم هم أصلاً من سلوك بني البشر، في اللصوصية وبيع المبادئ والمتاجرة بالأخلاق..
يؤلفون الأكاذيب التي تعني أن من يخالفهم هو أصلاً منحرف وفاسد وضال..
كن معهم وقل وافعل ما تشاء، لن ينصحوك حتى مجرد النصح، وسيدافعون عنك بالحق وإلا باطل، خالفهم وسيتهمونك بكل الأكاذيب..
وهذه واحدة من أسباب، إعلاني المبكر الكفر بهم فكراً..
كنا نسمعهم يحاضروننا عن إبراهيم الحمدي، باعتباره عربيداً خمراً ودعارة عيال وبنات، دموياً.. ولم يمهلوا علي عبدالله صالح، فمنذ الخلاف الأول بينهم سمعت قيادات تدعي الفضيلة منهم تصفه بما يوجب حكم القذف عليها..
يسحقون المخالف لهم لكي لا يكون خلافهم معه إلا انتصاراً للفضيلة التي هي هم، وضد الرذيلة التي تشكَّلت به.
وكل هذا باسم الله.. باسم الدين والأخلاق، ولا يخدعكم أحد أنَّ هذا فعل السفهاء، السفهاء هم أطيب الناس فيهم.
يضحك القيادي للسفيه ويكافئه ويقول أمامه المعلومة التي يريد أن تكون الواقع، يتهم الناس بالزنا وهو يستغفر الله، يتهمهم بالموبقات ولسانه يقطر تسبيحاً..
يشترون بآيات الله ثمناً قليلاً..
يعبدون شهواتهم..
لا يرعون في الأخلاق إلاً ولا ذِمّة..
يتناقلون التفاصيل، وهي خيال، ويجمعها أحدهم كأنها وقائع فيكتبها ثم مصادر الحكاية كلها يندهشون للمعلومات الدقيقة التي حصل عليها هذا الكاتب وكأنهم ليسوا هم مصدرها.. فيعيدون النشر، وإن صحا دين واحد منهم وعنَّفهم قالوا: هو هذا الكاتب الملعون.. مدري من أين يأتي بكل هذا الكذب..
زرت مصطفى عبدالخالق إلى منزله بعد قرابة 11 سنة من جريمة مقتل ابنته "لينا"، كنت ما زلت في الإخوان، ولا أدري لماذا اتصلت به يومها.. كان يشتم الزنداني بين كل جملتين من كلامه، لم تكن قضيته من قتل لينا، بل كيف تاجروا بقضيتها وصدقها وإيمانها وبراءتها وطهرها وعائلتها..
دخلوا حرباً مع عائلتها، لأسباب سياسية لبسوها أولاً لباس الإسلام في مواجهة الشيوعية، ثم صارت العفاف في مواجهة الرذيلة.. ثم بعدها نقاء الإخوان ودناءة الاشتراكيين، وهذا كله حملوه تلك الشابة الجميلة العاقلة المنفتحة المؤدبة، لا يقيمون وزناً لأي قيمة طالما هي مصالحهم..
حين تكون ضدهم فدمك ومالك وعرضك حلال لهم..
وفي الحقيقة، عليك أن تثبت إن وصلت معهم لهذا المستوى.. أنه ثمن سهل مقابل أن تقول للشرور: أف لكم أيها السفلة.
كلمة حق عند جماعة مارقة...
من حائط الكاتب على الفيسبوك