في ثقافتنا العصبوية المشوّهة، يُجيز بعضنا لأنفسهم تمجيد القَتَلة وموالاة الطّغاة، ولا يستوحشون من تأييدهم للمفسدين ومناصرة الظّلمة المستبدين؛ بل ويستحسنون الشراكة الفعلية لأنفسهم وأوليائهم مع أيّ عُتُلّ زَنِيم أو وإرهابي أثيم.. ولكنهم لا يطيقون أن يظهر غيرهم وبرفقته أحد ممن يختلفون معه في شأن فكري أو سياسي، ويعتبرون ذلك انسجاماً بينهم في كل أمر وتوافقاً على كل شيء.
للأسف لقد تمكن هذا المزاج الغوغائي من إرهاب النُّخب وفرض العزلة على كثير من الأشخاص، حتى بات أحدهم يشعر برُعب إن تحدث إليه شخص مختلف أو جلس بجواره من لا يروق لهذه الجهة أو تلك، فضلاً عن أن يظهر معه في صورة أو يتفق معه على رأي!
أيها الأعزاء.. لقد بات لِزاماً على كل قادر أن يساهم في مواجهة ذلك الإرهاب الفكري والسياسي، بأن يعبّر عما يراه ويقف حيث يُريد ويظهر مع من يشاء، حتى لا نساعد الغوغاء على قَتل التَّنوع ومصادرة القواسم المشتركة بين الناس.
مع التأكيد على أن لكل خصوصيته، وكل فرد مسئول عن نفسه وسلوكه وطبيعة أقواله وأفكاره، فـ{كل نفس بما كَسَبت رهينة}. {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى، وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى}.
أسعد الله أوقاتكم بسكينة العدل وروائع المنطق الإنساني.
* من صفحة الكاتب على (الفيسبوك)