ربيع العرب هو الاختراع الذي أخرج الأوساخ التي نحن عليها، وليس مهماً أن تكون معه أو ضده، لأنه صورتنا بكل تناقضاته!!
واليمن لم يعد يحتمل الكثير من توزيع القوة بالطريقة التي تقود إلى شتات متنافر وتناقضات تطحن المجتمع والدولة.
فإعادة تركيز القوة في مركز مدني مسيطر يقتضي إعادة تفعيل دور المؤتمر الشعبي العام ولملمة قواه ودفعها إلى الواجهة كحاكم (قرار وإدارة) بالشراكة مع بقية القوى وذلك باعتبار الشراكة ضرورية وتحتاج مركزا مسيطرا.
كثير من التحليلات التي قدمت عن اجتماع مؤتمر صنعاء لم تمتلك المعلومة ولا طبيعة الصراع.
وفي تاريخ الإنسانية، أعلى نموذج للتعايش حتى الآن، هو المشروع الليبرالي بتجلياته المتعددة في أوروبا وأمريكا.. ويبقى السؤال: هل سيتمكن الإنسان من تطوير نموذج آخر؟
أعتقد أن أي تقدم إنساني للتعايش والاخوة الإنسانية سيكون من داخل هذا المشروع وبناءً عليه.
فميزة الليبرالية أنها تحترم أي إنسان وتقدره وتدافع عن حقوقه وتحميها بالقانون، وايا كان حتى وان كان رافضا لها وحتى وان حاول مناهضتها دون ان يخالف القانون الجامع والحامي لكل فرد.
حتى من يعتبرها كفراً تهيء له البيئة والاجواء لنقدها وتعتبر ذلك خيارا فرديا وجزءاً لا يتحزأ من مشروع التقدم الانساني الذي تحميه.. لذلك كان المجد لليبرالية ايا كانت اخطاؤها الأخرى.
وكلما زاد انغلاق التنظيمات السياسية في بنيتها الأيديولوجية زاد عدائها لليبرالية.. اما إذا كانت تنظيمات شمولية على مستوى البناء والفكرة فعادة تناهض الحرية وقد تسعى الى هدمها حتى وان رفعتها كشعار.
وكلما كانت التنظيمات ذات جذور كهنوتية من حيث التركيبة والعقيدة تصبح الليبرالية عندها كفر خالص.
ولبس الأقنعة لا يجدي، ولا الشعارات بإمكانها أن تغطي الوجه القبيح لتلك التنظيمات، إلا أن الليبرالية باعتبارها قانونا طبيعيا تراهن على إصلاح هذا الخلل بمزيد من الحرية.
ولا مشكلة في حق هذه التنظيمات في العمل، الشرط ان لا تكون مسلحة وتلتزم بالقانون الجامع وان لا تسعى لتغيير القيم الكلية الجامعة للناس واهم مرتكزاتها في الليبرالية الحرية والفردية.
الليبرالية بأبعادها المختلفة اكثر تنظيما وحيوية في حركة التقدم وتعالج أخطاءها بالتجربة وتحمي نفسها بشراسة وهي تخطو إلى الأمام من اجل التعايش والرفاه.
لا تتراجع، إذا تراجعت نهضة مسيرة التاريخ.. لا نهائية عندها، وتسعى لتصدح قانون الإنسان النافع لكل فرد.. فهي قانون طبيعي رباني متحرك.
* جمعه (نيوزيمن) من بوستات للكاتب على صفحته في (الفيسبوك)