الضالع أذلت خرافة القوة والزهو الكاذب بانتصارات مشتراة؛ عندما غابت الحاميات وحضرت الخيانات.
وعندما جوبهت بمعارك حقيقية كانت تسوق المئات إلى محارق حقيقية شمال الضالع مرغت خيلاء حاطبي ليل وردتهم إلى مناطق أخيرة تستلقي بظهرها إلى إب.
قبلها فعلت جبهات الساحل والحديدة نفس الدرس، وستستكمل لا محالة.
مؤخراً، أيضاً، في شبوة ومحورها وإلى البيضاء ومقاومتها وفزعة العمالقة ويافع مع آل حميقان وتوغلها في الزاهر.
وفي أقصى الشمال بصعدة وتضاريسها الشاهقة والمعاندة المجالدة، عند البقع وكتاف وأخواتها، مع رجال المقاتل الوصابي ورفاقه ورفاقهم.
حسناً، في الواقع حدث وتكرر هذا في جبهات كثيرة،
لولا؛ (العين) الخبيثة وما جرته علينا، وما جنته براقش وأخواتها (أو إخوانها)!
نستذكر للأستاذ البردوني من هذا الباب للاستئناس على الأقل:
"ما كان جباراً هواك .. وإنما قواه ضعفي".
ولطالما لم يكن فارق كبير بين شجون الحب وشئون الحرب، ولم يتقاربا لفظاً إلا ليتقاربا أكثر في المعنى، كما قال يوماً أمير قرطبة والخليفة المغدور، محمد بن أبي عامر.
ولعل توزع وانصراف مقتضيات الحب ولاءً واقتفاءً لأكثر من أمير وخليفة في الحالة اليمنية (المعيونة)، صرف مقتضيات الحرب وصرَّفها بعيداً عن مقتضى النار ولا العار، كما يحاول مثل شعبي تناقل إلينا من الأسلاف، أن يفهمنا الفارق بين القيم والقيمة.
ليس أن اليمن انهزم أو سينهزم، حاشاه. بل إن اليمنيين يخونون النصر وأسبابه ويجترحون معاركهم الخاصة وصفقاتهم الأخص.
ولأن العهد ورب الكعبة قد تطاول على وجوه شائخة وأعين زائغة ورؤوس فارغة تعتلي هذا المشهد وتدير هذا الخراب وتديله بينها بسفه وحمق وفساد عظيم.
واستجرت عقدها التاريخية وأمراضها وميراث عقود خمسة على الأقل من الكيد والمكر والولاءات المتنقلة عبر أكثر من رب وراع وأحياناً عهدة فراغ يدير فراغاً وفارغين.
هؤلاء أفضل من يدخل معركة كاسبة ليحقق الهزيمة والخسران المبين.
وقد آن لليمنيين أن ينعتقوا وينالوا حريتهم أخيراً من أئمة مجمهرين وجمهوريين إماميين أفرغوا أحشاء الجمهورية وسلموها للحوثي وذهبوا سالمين.
واليوم يقتضي القول بالدولة الانتهاء من حل مشكلة سرقة الدولة والتخلص من سراق الدولة.
القوة / القوى التي برزت للحوثيين عليها واجب موازٍ لا يسقط عنها لأي سبب أو تحت أي مبرر؛ أن تتجمع وتستجمع شجاعة ورسالة ومسئولية المصير والتاريخ والشراكة (الآن على الأقل في لحظة يتساوى فيها خيار العيش بالموت سوياً).
وأن تمضي قدماً لاستكمال المشوار حتى آخر المشوار، فإن نصف النصر أو نصيفه أو أقل ليس نصراً وليس آمناً وليس خياراً عاقلاً يتعالى على خدع وحيل الظروف والمباغتات المرحلية السارة وغير المأمونة غالباً.
يتحرك التاريخ، كائناً حياً في مسرح الجغرافيا التي بقيت هي هي ذاتها دائماً ومنذ كانت جغرافيا وكان تاريخ. وكل الذي تغير خطوط وحدود طارئة تأتي وتذهب كل كم عقد أو قرن.
تظهر وتطفو وتندثر مسميات دول ودويلات ويبقي التاريخ وتبقى الجغرافيا جهات لا مصنع أقدار ومصائر. واحترام النسبية هنا، جغرافياً وسياسياً، يقتضي بالضرورة احترام الأنساب الأبعد والأعمق والحسابات الأليق برجال يتحركون مع التاريخ ويحركونه في آن.
لا تنتهي ولن تنهي معركة ما في منطقة ما أو محافظة ما أو جبهة ما ما لم تنتهِ جميع وكافة المعارك والجهات والجبهات في صنعاء.
لا أنانية في الحروب والسلام.
بدون دولة في صنعاء، ليس فقط الحوثيون سيزحفون مراراً على الضالع، بل الشعب والناس سيزحفون على الجنوب إن كانت ستكون هناك دولة يأمنون بها وفيها.
وليس من المعقول أن تسلم شعباً لمصير مع الحوثيين ويكون هذا نصراً، إلا أن يكون نصراً للحوثي بحدود ما أقررته على ما تحت يديه بدون وجه حق.
*
الحوثة رايحين والوعد قريب..
لأن عصابة لن تهزم بلداً.
ولأن اليمن لن يحتكم أو ينهزم لعصابة،
هي مخلب قذر وجارح في خدمة إيران لأذية اليمن والعرب.
ولأن أدعياء الاصطفاء والانتخاب الإلهي والأسبقية الجينية كائنات مسمومة ملغومة تحمل بذور نهايتها بداخلها.
ولأن اليمن لليمنيين وليس للإيرانيين.
الباقي تفاصيل وأسباب ومقادير ودوائر تدار وتدور،
واللي زرعها شر بايحصد شرور.
*نقلاً عن #نيوز_يمن