كنا نعزو عجزه وضعفه إلى طغيان شخصية الرئيس الراحل، وذهبنا للتعاطف معه على حساب الديمقراطية والدولة، فانتخبناه رئيساً توافقياً، وجعلناه يؤدي رقصة البرع وحده لا شريك له داخل صندوق مغلق على مرشح من غير منافس.
اعتقدنا وجوده على رأس السلطة حلاً ناجحاً للمشكلة الجنوبية وإغلاقاً لملف الحساسيات التي تغذيها شعارات الضم والقضم والإلحاق.
وانتدبناه فارساً على صهوة الوطن الواحد، وطن المساواة والعدالة والتنمية والرفاه.
رفعنا صوره فوق هاماتنا بوصفه صمام أمان للثورة والجمهورية.. فلماذا كافأنا بالخذلان وأسلمنا للتشرد والخوف؟
تفرد بالقرار، وعين القادة، وشكل الحكومات، وهيكل الجيش، وصار بتوافق القوى السياسية وتواطؤ العالم رئيساً لا راد لقراراته ولا معقب على حكمه.
ولم نكن وحدنا الذين انخدعوا بهادي وأسرفوا في حسن الظن به.. العالم كله انخدع وتورط.
ما من رئيس دولة في العالم حظى بنفس القدر من المؤازرة والإسناد كما حصل عليه هادي، إذ لم يحدث وربما لن يتكرر في التاريخ أن يقرر مجلس الأمن الدولي عقد جلسة له في عاصمة غير التي عليها مركزه الدائم باستثناء ما حدث من أجل هادي ودعماً لحكمه ليتبخر هذا الدعم بل وليتحول إلى سقطتين مروعتين إحداهما دماج والثانية بسقوط عمران.. ولم يحدث أن اجتمعت أعناق وأشداق وأوراق 16 دولة على زناد وقلب رجل كما حدث مع شرعية هادي.
إن كان ثمة شيء يسميه الشرع أم الكبائر فإن من بين القادة من تجوز تسميته أم الهزائم وأم الخسائر وأم الانتكاسات.
نكتب اليوم بتحسر وألم، وينتابنا قدر من المرارة على كل موقف وقفناه وكلمة خطتها أقلامنا دفاعاً عن هادي وشرعيته.
وفي الواقع فإن مواقفنا تلك لم تكن مدفوعة الأجر ولكنا وقفنا مع ما نعتقده خيط العنكبوت المرتبط بالدولة وبشيء اسمه الشرعية.
من دماج إلى عمران إلى العاصمة صنعاء ثم عدن هذه السلسلة من الانتكاسات الكبرى في تاريخنا الهادوي المدمي توجعنا إذ ما الذي تبقى لليمنيين بعدها ليتذكروا عهد هادي أو يقيموا أود الأمل به أو معه.
كان مع علي ناصر وغير موقفه وتحالف مع صالح ضد الاشتراكي ونقض عهده لصالح الإخوان وخذل الإخوان وأجرى الدموع من عيني علي محسن حين وقف ووزير دفاعه في صف الحوثيين ليستقر به المقام خارج الوطن يمضغ العشب الأخضر وينام على سرير العجز عن العثور على استراحة داخل اليمن يتخذ منها مركزا للقيادة ورمزا لسيادة القرار الوطني.
لست أدري والحال ما سلف.. كيف لنا بمجرد التفكير في هزيمة الانقلاب الحوثي على الدولة طالما يقود المعركة رئيس مهاجر محاط بلفيف من اللصوص والأفاكين.
إن كانت القضية خارج سيطرة اليمنيين في الوقت الراهن على الأقل فإن مصلحة الأشقاء في الإبقاء على هادي تبدو واضحة كالشمس في كبد السماء.!!
لا وقت للمزيد من التواري خلف جدار الصمت
نحن الذين وقفنا مع هادي كعنوان لما نعده موروث دولة، ونحن الذين ساندناه عندما تنكر له أقرب الناس وأكثرهم استفادة منه.
نحن الذين جاهرنا بالوقوف معه وهو قيد الحصار ثم تحت قبضة الحوثيين داخل منزله الذي تحول إلى سجن يضمه وأسرته.
نحن الذين صرخنا بملء أشداقنا إدانة لقصف مقر إقامته في قصر معاشيق نشهر اليوم براءاتنا من هادي ونعلن حكمه محمية للفشل ومدونة للتسليم والاستسلام.
*من صفحة الكاتب على (الفيس بوك)