الخلفية الإنجيلية التوراتية للعلاقة الأمريكية و الإسرائيلية
لا يمكن معرفة أسباب و دوافع أي حرب،الا إذا عرفنا النخبة التي تقود و توجه هذه الحرب . النخبة التي تقود هذه الحروب في شتى أنحاء المعمورة هي واحدة .على الرغم من اختلافاتها الطبقية و الايديولوجية و المصالح ، هي النخبة الصهيونية . أكانت رأسمالية أو بلشفية أو عنصرية ، فهي من نفس الجذور الصهيونية . فروعها المختلفة ، لكنها من نفس نوع الشجرة التي في النهاية تحمل نفس الثمار . الصهيونية العالمية لها طرق و شعارات مختلفة في قمع الأمم و لأبقائها في خدمتها مستخدمة تأثيرها على الرأي العام في جميع الدول .النخبة الصهيونية العالمية لن تهدأ حتى يصبح قانون معاقبة معاداة السامية ( الصهيونية ) منفذ في جميع دول العالم ، حتى في العالم الاسلامي ، لفرض هيمنة اليهود على شعوب العالم و تحت حماية القانون . حتى من يناقش في هذه المسألة يعاقب من خلال الحروب أو المقاطعة الأقتصادية و الأجتماعية أو الارهاب الفكري . مثل ما يحصل الان مع الشعت الفلسطيني و الإيراني و معاقبتهم بسبب معاداتهم لإسرائيل و الصهيونية .
صفقة القرن الاطار الاوسع و الاشمل لصفقة وعد بالفور 1917 ، على اساسها قدمت بريطانيا دولة فلسطين و تشريد شعبها هدية للنخبة الصهيونية العالمية لاستحداث دولة في مكانها كـ ” وطن قومي لليهود ” إرضاء للنخبة الصهيونية العالمية مثل عائلة روتشيلد و غيرها من فوبيا النبوءة اليهودية ، بدون أي اساس قانوني أو أخلاقي أو تاريخي . هؤلاء النازحون مثل نتنياهو ، بيني غانتس ، إيهود باراك ، هم أوروبيون أنجلو- ساكسون بيض ، أو قبائل جرمانية أو سلافية أو خزرية اعتنقوا اليهودية – البروستانتية . نشروا كذبتهم ان أجدادهم تركوا وطنهم القومي – فلسطين قبل 2000 عام . في احد المرات قالت مرغريت ثاتشر للرئيس حسني مبارك في لندن 1981 انهم ، أي الإسرائيليين ” لمدة 2000 سنة ، حافظ اليهود على حلمهم في انشاء دولة حية . هم شعب فريد لكن التعامل معه صعب للغاية “. و للامانة التاريخية كثير من المؤسسات اليهودية رفضوا العودة الى فلسطين و لإقامة دولة ، على سبيل المثال رفضها مؤتمر حاخامات اليهود الإصلاحيين في مدينة فرانكفورت في عام 1845 ، و في مدينة فيلادلفيا في عام 1869 وفي مدينة سانت بطرسبورغ في عام 1885 و يرغبون العيش كأقلية أو طائفة دينية في المجتمع . عدا طائفة دينية صغيرة تعتبر من المتطرفين ، لا تمثل التيار العام في الكنيسة إلا ان نفوذها كبير في دول عظمى مثل انجلترا و الولايات المتحدة الامريكية ذاتها ، جعلها تلعب دورا حاسما في الصراع الفلسطيني الاسرائيلي الحالي . قد كتب عنهم البروفيسور جورج بوش من جامعة هارفارد الامريكية الذي الف كتاب بعنوان ( عودة عظام اليهود الجافة للحياة ) دعا فيه الى توطين اليهود في فلسطين في عام 1844 ( ربما يكون هذا البروفيسور جد الرؤساء بوش الأب و بوش الابن ) .
لكن مسألة عودة اليهود الى فلسطين هذه مرتبطة بالثقافة اليهومسيحية Judeo- Christian Culture المتأثرة بالأفكار و التنبوءات التوراتية . لذا رأوا المهاجرون الأوائل لأمريكا ( في القرنين 16 – 17 ) أنفسهم الوارثين للكتاب المقدس .هذا الايمان اصبح اساسا لمفاهيم النظام الأمريكي و للثورة الأمريكية و ميثاق الاستقلال و دستور الولايات المتحدة الأمريكية . المستوطنون حملوا معهم الى أمريكا الكراهية ضد الاسلام .لان الاغلبية العظمى من المستوطنين الأوائل في الأرض الجديدة ( أمريكا ) من المارانو .
من هم المارانو ، عندما أسقط البيوريتان الأندلس و فرضوا على المسلمين و اليهود أعتناق مذهبهم المسيحي ، فمنهم من اعتنق و منهم من هرب . اليهود بمكرهم استطاعوا التوفيق بين المسيحية و معتقداتهم اليهودية . كان لهم دور فعال في إنضاج فكرة المسيحية اليهودية و قد سموا بالمسيحيين الجدد ( المارانو ). من شدة تأثيرها بالعقيدة اليهودية ، ان اطلقوا اسماء توراتية على المدن التي فتحوها في أمريكا مثل : صهيون Zion National Park – Utah the town ، شيلو Shiloh Harris County Georgia ، سالم Salem Massachusetts ، بيت لحم Bethlehem Pennsylvania . بل ان كريستوفر كولمبس قد أكتشف أمريكا بدافع ديني كما يشير الأستاذ رضا هلال في كتابه ، ان كولمبس قال للملكة إيزابيلا ، إنه سوف يستخدم الذهب الذي يجده في العالم الجديد لإعادة بناء الهيكل لكي يكون مركز العالم . لذا أمريكا دائما في خدمة الصهيونية العالمية . النظر الى السياسة الأمريكية حيال القضايا الخارجية التي ترتبط بإسرائيل و المسلمين بصفة خاصة نجد انها تحمل الخلفيات التوراتية و الانجيلية و بوضوح جدا ، بل يصعب في اغلب الاحيان على المتابع لهذه السياسات الفصل بين أي قرار تتخذه الإدارتان الأمريكية و الإسرائيلية ، وواقع النبوءات التوراتية / الإنجيلية حيث تأتي هذه القرارات في غالب الأحوال كترجمة لهذه الخلفيات ، بمعنى ان السياسة تذلل لخدمة الدين .
المقاومة التي واجهوها من قبل السكان الاصليين ، الهنود الحمر ، شبهوا هذه المقاومة بمقاومة الكنعانيين سكان فلسطين الاصليين لقوم سيدنا موسى عليه السلام و قومه حينما خرجوا من أرض مصر الى أرض كنعان الفلسطينية . الغرض من ذلك كسب الشرعية اللاهوتية . ان الله جعلهم شعبه المختار ، أي الصهاينة ( الانجلو – ساكسون البروتستانت البيض ) و دعاهم لقيادة العالم . هذا يتنافى مع العقيدة الاسلامية و ايضا مع العقيدة الكاثوليكية المسيحية الرسمية و التي تقول العقيدة الكاثوليكية ان اليهود في تلك الفترة قد اقترفوا إثما فطردهم الله من فلسطين الى منفاهم في بابل . و عندما انكرو ان سيدنا عيسى هو المسيح المنتظر نفاهم الله ثانية و بذلك انتهى وجود مايسمى ” الأمة اليهودية ” الى الأبد .لذلك ليس لليهود حق في قيام ” وطن قومي لليهود ” ، كأفراد يستطلعون العيش ، نحن لا نطرد اليهود العرب المسالمين ، أما الانجلو – ساكسون عليهم أن يغادروا ارض فلسطين الى البلدان التي قدموا منها . مثل اخوتهم العنصريون البيض في جنوب افريقيا . لا نريد ننتظر مئات السنين حتى يأتي حاكم مثل حاكم ولاية كاليفورنيا السيد جافين نيوسوف الذي جاء الان يعتذر للسكان الأصليين الهنود الحمر على ما لحق بهم من أذى من الانجلو – ساكسون و قال في كلمته ( إنها تسمى إبادة جماعية) . للأسف قد فرض علينا نحن العرب ان نصدق هذه الكذبة ” وطن قومي لليهود ” عام 1947 . بينما دولة اسرائيل هي شبيهة بدولة جنوب افريقيا العنصرية ، التي تكونت من مجموعة عناصر أوروبية بيضاء هولنديون ، المان ، بريطانيون ، فرنسيون سموا انفسهم بالقومية الأفريكان و ابتدعوا لانفسهم لغة ممزوجة بكلمات المانية و انجليزية أطلقوا عليها اللغة الأفريكانية . هكذا في إسرائيل كوكتيل من القوميات بريطانيون ، فرنسيون و روس ..الخ عرفوا بالإسرائيليين و اللغة المستخدمة هي العبرية الحديثة عبارة عن خليط من العبرية القديمة و العربية و الالمانية و اليديشية و الانجليزية .
السؤال هل سيكتفي الإسرائيليين بما أخذوه عام 1947 ؟ هل سيكتفي الإسرائيليين بما أخذوه عام 1967 ؟ لا ، الان عينهم في اراضي الضفة الغربية ، الجولان ، سيناء المصرية و كذا على بعض التجمعات اليهودية القديمة في شبه الجزيرة العربية مثل المدينة ، خيبر ، العلا ، و تيماء و تبوك و اليمن و لهم حضور قوي فيها . حتى مدينة نيوم ( مشروع محمد بن سلمان ) فقد خرج عدد من علماء الدين في الولايات المتحدة ليأكدوا ان الجبل الذي كلم الله فيه النبي موسى هو ” جبل اللوز ” يقع في مدينة نيوم بالاضافة الى مواقع مقدسة اخر تم ذكرها في الكتب السماوية . ان ما يحصل ضد ايران اليوم يصب في خدمة المشروع الصهيوني . ايران و حلفائها هم الذين يقفون ضد المشروع الصهيوني التوسعي .