أخفقت أربع سنوات ونصف من الحرب في استعادة "شرعية" أُختزلت في شخصٍ فرّط بثقة اليمنيين، وتساهل في تسليم صنعاء للحوثيين وأسهم بتذاكيه وتحالفاته المشبوهة في تشويهها وتمزيقها.. علاوة على أنّ حرصه على البقاء لأطول فترة ممكنة فوق كرسي الرئاسة أتاح لقوى الإرهاب استخدامه تنفيذاً لما تبقى من المخطط الساعي لتمزيق اليمن؛ فأنتج أمراء طوائف وعصابات وميليشيات تستمد مشروعيتها من حُجة الدفاع عن شرعيته.
في ظل هذا العبث الكارثي صار الحديث عن “الشرعية” استغباءً لا مثيل له.. وتبريراً لمزيد من الحرب والتشرذم.. سيجني ثماره الإرهابيون.. كما استفاد منه قبلهم "الحوثيون" وفرضوا وجودهم وفقاً لسياسة الأمر الواقع.. كل ذلك حدث في "اليمن" التي كانت آمنة مطمئنة،إلى أن ألقت الفتنة رحالها في وجدان هذه الشرعية المأزومة بضغائن الماضي واحتقاناته.. ولا يكفي الإقرار والاعتراف بجرائمها المروعة.. فأي تجريم لفعل ينبغي أن تتبعه عقوبات ومحاسبة..
دم اليمني البسيط، أغلى وأكثر مشروعية في شرع الله… يا هؤلاء.
أمس الأول، خلال لقائه مساعد وزير الخارجية الأميركي لشئون الشرق الأدنى "ديفيد شينكر" تحدّث "هادي" لأول مرة عن الانتخابات موحياً بأنّ شرعيته مُستمدة منها. وتغافل عن أنّ تلك الانتخابات كانت قد منحته السُلطة لعامين فقط.. ومدّد له المتحاورون عاماً إضافياً لتنفيذ مُخرجات الحوار.. وعليه فهو يربط موافقته على الحوار مع المجلس الانتقالي، وتشكيل حكومة مُصغرة بالبقاء رئيساً لحين إجراء انتخابات قادمة فد تحول الحرب دون إجرائها.
يكفي هذه الشرعية قُبحاً أنّها استهانت بالدستور النافذ، ومهدت الطريق للحرب، وبررت تقسيم اليمن وفقاً لمنطق "الأرض، للباسط عليها" لفرض انفصالات جهوية طائفية تحت دعاوى الأقاليم.
الأهم من ذلك.. اليمن تحتاج قيادة شجاعة مُلهمة تعمل ليلاً ونهاراً لتأمين معيشة المواطنين وحياتهم وتتصدر المشهد السياسي والعسكري ويحتمي في ظلها وبظهرها الضعفاء والمساكين لا العكس… وتتبنى مشروعاً وطنياً جامعاً أساسه تحقيق العدالة والمساواة وحماية الحريات والتعدد الفكري والسياسي.
عدا ذلك.. لا معنى لأي اصطفاف… سواءً أكان اسمه “تحالفاً” أم "ائتلافاً" أم ”مجلساً” أم ”لجاناً” أم “مقاومة”…
العبرة بما يتحقق على الأرض..
وأعني بها أرض اليمن..
ومن داخل اليمن..
*نقلاُ عن نيوز يمن