زادت مبيعات التجزئة الأميركية أكثر من المتوقع في سبتمبر (أيلول) الماضي، مع زيادة مشتريات الأسر من السيارات وإنفاق المزيد على المطاعم والحانات، ما يشير إلى أن الاقتصاد أنهى الربع الثالث بشكل قوي.
وإثر إعلان النتائج، فتحت «وول ستريت» على تراجعات رغم توالي نشر نتائج فصلية قوية للشركات، مع زيادة توقعات مضي الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) في مزيد من تعميق سياسات التشديد من أجل لجم التضخم.
وانخفض المؤشر داو جونز الصناعي 114.70 نقطة، أو 0.34 بالمائة، إلى 33869.84 نقطة. وتراجع المؤشر ستاندرد أند بورز 500 بواقع 28.40 نقطة، أو 0.65 بالمائة، إلى 4345.23 نقطة. وهبط المؤشر ناسداك المجمع 148.12 نقطة، أو 1.09 بالمائة، إلى 13419.87 نقطة.
وقالت وزارة التجارة يوم الثلاثاء إن مبيعات التجزئة ارتفعت 0.7 بالمائة الشهر الماضي، وتم تعديل بيانات أغسطس (آب) بالزيادة لتظهر ارتفاع المبيعات بنسبة 0.8 بالمائة بدلاً من 0.6 بالمائة كما ورد سابقاً. وكان اقتصاديون استطلعت «رويترز» آراءهم توقعوا ارتفاع مبيعات التجزئة الشهر الماضي بنسبة 0.3 بالمائة فقط.
ورغم أن مبيعات التجزئة في الغالب سلع غير معمرة، فإنه يتم متابعتها كأحد مؤشرات الإنفاق خارج الأساسيات، وتزداد مع زيادة الدخول أو المدخرات، وتعد أحد بنود الرفاهية في كثير من حسابات المراقبين.
وقياسا على توجهات الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) خلال العام ونصف الماضية، فإن بيانات التجزئة تعد دليلا على قوة الاقتصاد، لكنها تعد أيضا دليلا على قدرته تحمل مزيد من الضغط ورفع الفائدة، خاصة أن ارتفاع معدلات مبيعات التجزئة يشير إلى استمرار مقاومة التضخم في الأسواق.
وارتفعت مبيعات التجزئة الأميركية رغم الضغوط المتواصلة على كاهل المستهلكين، والتي دفعت مدخراتهم للتآكل. لكن مراقبين يرون أن سوق العمل القوية ونمو الأجور ساهما في استمرار زيادة الإنفاق.
ويرى بعض المحللين أن شرائح الطبقة الوسطى العليا في الولايات المتحدة ربما تكون مسؤولة عن جانب كبير من ارتفاع بيانات التجزئة، فيما تعاني الطبقات دون ذلك من تراكم الديون والتعثر في السداد؛ سواء نتيجة انخفاض مستويات الدخل أو الارتفاع العنيف لمعدلات الفائدة الذي زاد كلفة الديون على الأسر.
وتشير تقارير إلى زيادة حالات التأخر في سداد بطاقات الائتمان إلى أعلى مستوى لها منذ 11 عاماً، حيث يعتمد المستهلكون الأميركيون بشكل متزايد على بطاقات الائتمان لتمويل المشتريات.
كما استأنف ملايين الطلاب الأميركيين مدفوعات القروض الطلابية في أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، والتي قدر خبراء الاقتصاد أنها تساوي نحو 70 مليار دولار، أو نحو 0.3 بالمائة من الدخل الشخصي القابل للتصرف.
وبحسب البيانات الصادرة الثلاثاء، وباستثناء السيارات والبنزين ومواد البناء والخدمات الغذائية، ارتفعت مبيعات التجزئة بنسبة 0.6 بالمائة في سبتمبر الماضي، وتم تعديل بيانات أغسطس (آب) لتظهر أن ما يسمى بمبيعات التجزئة الأساسية ارتفعت بنسبة 0.2 بالمائة شهريا بدلاً من 0.1 بالمائة كما ورد سابقاً.
وتتوافق مبيعات التجزئة الأساسية بشكل وثيق مع عنصر الإنفاق الاستهلاكي في الناتج المحلي الإجمالي. ومن المتوقع أن يتسارع الإنفاق الاستهلاكي في الربع الثالث بفضل الارتفاع في يوليو (تموز) الماضي. ولا يزال الإنفاق على الخدمات قوياً أيضاً، وهو ما من شأنه أن يرفع الاستهلاك الإجمالي.
وتشير تقديرات نمو الناتج المحلي الإجمالي الأميركي للربع الثالث حالياً إلى معدل سنوي يصل إلى 5.1 بالمائة. ونما الاقتصاد بوتيرة 2.1 بالمائة في الربع من أبريل (نيسان) إلى يونيو (حزيران)، ويستمر في المضي قدماً على الرغم من رفع بنك الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة القياسي لليلة واحدة بمقدار 525 نقطة أساس منذ مارس (آذار) 2022 إلى النطاق الحالي ما بين 5.25 إلى 5.50 بالمائة.

حول الموقع

مركز الإعلام التقدمي مؤسسةٌ إعلاميَّةٌ تابعة لـ(ملتقى الرقي والتقدم) تُعنى بخلق ثقافة وطنية مدنية علمانية.