منتدى افغاني
التقى ممثلون عن الفصائل الافغانية المتقاتلة في باريس 20.12.2012 في اطار محادثات تاريخية وغير مسبوقة، تستمر يومين وتعزز الامال في دفع عملية السلام في افغانستان.


ولاول مرة منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة لاخراج حركة طالبان من السلطة في اواخر 2001، تجلس شخصيات بارزة في الحركة الاسلامية مع مسؤولين في الحكومة الافغانية وشخصيات من القوى المعارضة الاخرى على طاولة مناقشات نظمتها مؤسسة فرنسية/ كامي غران لبحث مستقبل افغانستان. ويشارك حوالي 20 افغانيا في المحادثات المغلقة لمدة يومين، الذي أطلقت عليه تسمية "منتدى افغاني حول مستقبل البلاد بحلول العام 2020"، بدعم من الخارجية الفرنسية. [ 1 ] [ 2 ]


وتشارك اهم فصائل الساحة السياسية والعسكرية في افغانستان في الاجتماع وتشتمل على ممثلي حكومة الرئيس حميد كرزاي والمعارضة السياسية وطالبان والحزب الإسلامي الذي يعتبر ثاني اهم حركة متمردة في البلاد بعد طالبان كما يشارك حوالي ستة خبراء وممثلين للخارجية الفرنسية . [ 1]


ولتسهيل ذلك، تدعو الخطوة الولايات المتحدة والامم المتحدة الى شطب العقوبات المفروضة على زعماء طالبان وغيرها من الجماعات المعارضة المسلحة.
 وجدد مجلس الامن الدولي عقوباته ضد حركة طالبان الافغانية، الا انه ادخل عليها تعديلات لمساعدة المدرجين على القائمة السوداء من السفر الى خارج افغانستان لاجراء محادثات سلام [ 5]


تتكاثف محاولات فتح حوار مع الاطراف المعنية لضمان مرحلة انتقالية سلمية منذ اشهر، فيما يخشى الخبراء من استيلاء طالبان على السلطة بقوة السلاح مجددا في بلاد ضعيفة ينتشر فيها الفساد ،ويأتي الاجتماع المنعقد بفرنسا بعد أيام من إعلان السلطات الأفغانية أنها وضعت "خارطة الطريق" للسلام بعد انسحاب قوات حلف شمال الأطلنطي وإجراء انتخابات رئاسية في ابريل 2014. [ 3 ]


اهداف الاجتماع
صرحت مديرة المؤسسة كامي غران ان: "هدف الجلسة افساح المجال لجميع الأطراف كي يتكلموا ويستمعوا إلى بعضهم البعض واطلاق نقاش في افضل الظروف الممكنة".
 واختير موضوع واسع للنقاشات وهو "افغانستان في افق 2020"، لكن يتوقع التطرق إلى محاور محددة على غرار المؤسسات والأمن والنظام السياسي الافغاني.[ 2]


  خريطة الطريق
تحدد الوثيقة -المؤلفة من أربع صفحات وضعها في نوفمبر/تشرين الثاني 2012  المجلس الأعلى للسلام التابع للحكومة- رؤية "تتخلى بموجبها حركة طالبان وجماعة الحزب الإسلامي (يتزعمها قلب الدين حكمتيار) وغيرهما من الجماعات المسلحة المعارضة عن أسلحتها" بحلول 2015.


وتؤكد أنه بحلول ذلك الموعد ستتحول تلك الجماعات "من كيانات عسكرية إلى جماعات سياسية تشارك بشكل نشط في العملية السياسية والدستورية في البلاد بما في ذلك الانتخابات العامة". [ 4]


وتشتمل الوثيقة على خطوات لإثبات حسن النية أولاها الإفراج عن عدد من معتقلي طالبان بالسجون الباكستانية. وتدعو الخطوة الثانية إلى القيام بإجراءات أولية باتجاه إجراء مفاوضات رسمية مباشرة مع طالبان بالسعودية في النصف الأول من العام المقبل 2013 بدعم من الولايات المتحدة وباكستان .


وتدعو الخطوة الثالثة من خريطة الطريق التي من المفترض أن يبدأ تطبيقها بالنصف الثاني من 2013، إلى التوصل إلى اتفاقات لوقف النار وتحويل حركة طالبان وغيرها من الجماعات المسلحة إلى أحزاب سياسية يمكنها أن تشارك بالانتخابات. كما يمكن لزعماء طالبان المشاركة في "هيكل السلطة في الدولة على أن يشمل ذلك مناصب غير منتخبة على مختلف المستويات" وفق الوثيقة.


وتشتمل الخطوات النهائية من الخطة على ضمان نهاية سلمية للنزاع خلال النصف الأول من 2014 وخطوات للحفاظ على "الأمن والاستقرار في أفغانستان والمنطقة على المدى الطويل". [ 4]


الخلاصــــــــــــــــة
جاء اجتماع باريس باشراف مؤسسة فرنسية/ كامي غران وبدعم من وزارة الخارجية الفرنسية ، بديلا الى اجتماعات طالبان العام الماضي  2011 واذار 2012في قطر.


أن انعقاد هذا المؤتمر في المرحلة هذه ، تعتبر  خطوة  تحضيرية للانسحاب الاميركي المقرر في 2014 من أفغانستان. الولايات المتحدة يبدو انها سوف تنفض يدها من افغانستان مثلما نفضتها في وقت سابق من العراق 2011 .لتؤكد بان سياسة الولايات المتحدة تقوم على اساس سحب القوات واعادة نشرها واعادة مراجعة الميزانية. وهي تتماشى مع المعلومات التي تقول بان الولايات المتحدة سوف تغير ستراتيجيتها من منطقة الشرق الاوسط الى اسيا، بعد ان وجدت نفسها عالقة اما تحديات التنين الصيني في اسيا وافريقيا .


الدور الفرنسي والاوربي
السؤال لماذا فرنسا؟ يبدو ان الدور القيادي لدول التحالف الاوربي الاطلسي بدأ يتسم بالدور االريادي وخاصة الدور الفرنسي  اكثر من الموقف الاميركي الذي اخذ يتراجع في منطقة الشرق الاوسط . أن الدور الفرنسي ، كان له الدور الرئيسي في تغيير نظام الرئيس الليبي الراحل، وكذلك بريطانيا التي عرضت مشروع تدخلها العسكري في سوريا لانقاذ الموقف الاميركي المتراجع في الازمة السورية و الموقف الالماني في الملف الايراني النووي الذي اصبح يشكل راس حربة.


 اجتماع بحثي وليس مؤتمرا
الاجتماع  ياخذ  طابع البحث والدراسة وليس مؤتمر ولا جلسات مفاوضات بالاضافة الى انه اجتماع  غير رسمي. ان مشاركة طالبان مع جماعة كرزاي واشتراك الحزب الإسلامي الذي يعد ثاني أكبر مكون للحركات الأفغانية المسلحة بعد طالبان  يعطي أشارة ان طالبان والمجموعات المسلحة الاخرى باتت منفتحة اكثر من السابق على الغرب.


وجاء  الاجتماع نتيجة فشل  المفاوضات التمهيدية مع الولايات المتحدة في اذار/مارس 2012  في الدوحة، وفشل الافراج عن خمسة من اسراى معتقلين في غوانتانامو وهو ، نتيجة جهود اطراف دولية ابرزها تركيا التي تتمتع بالثقة بين غالبية الاطراف كونها دولة مسلمة وغير متورطة في القتال ضد افغانستان مثل الباكستان التي تتمتع بتحالفات عسكرية واستخبارية مع الولايات المتحدة لمقاتلة طالبان على اراضيها وفي اقليم وزيرستان. أن الاستخبارات الباكستانية كانت وما تزال تمسك في تفاصيل تحركات طالبان على اراضيها  وفي افغانستان رغم اختلافها ـ الاستخبارات ـ مع المؤسسة السياسية الباكستانية  .الاجتماع  يعيد الدور السعودي التقليدي بدل قطر في مفاوضات طالبان.


وممكن اعتبار الاجتماع خطوة استباقية ايضا اكثر من تحضيرية بتجنب صعود طالبان المتطرفة واستيلائها على السلطة بعد الانسحاب الاميركي المرتقب في 2014 . لكن تجارب الولايات المتحدة في مناطق النزاعات الاخرى تقول بانه لايمكن التكهن بطموحات كبيرة في حكومات "الشراكة الوطنية" والتي دائما تضم اطراف غير منسجمة ومختلفة في السياسات والاجندة، وهذا يعني ان مشهد افغانستان مابعد الانسحاب الاميركي سيولد صراعات  داخلية اكثر بسبب محاولات السيطرة على السلطة بالاضافة الى ضعف تجربة الاطراف المتحاربة في ادارة الحكومة والدولة وسيدفع بخلق أزمات في المنطقة خاصة مع الباكستان . وتنص خارطة الطريق التي وضعها كرزاي صراحة على اشراك زعماء طالبان في حكومة تقاسم سلطة و تعيينهم في مناصب مثل حكام الولايات في معاقل الباشتون في جنوب وشرق البلاد، وهذا يعطي احتمالات عودة سيطرة طالبان على افغانستان ثانية وهو الاكثر احتمالا.


تنظيم القاعدة هو الخاسر
أما القاعدة / التنظيم المركزي فهو الخاسر الاكبر في هذه العملية وكانها عملية قطع حبل السرة مابين طالبان  اصحاب الارض وتنظيم القاعدة  اصحاب عولمة الجهاد، و تخلي طالبان عن تنظيم القاعدة  بعد تحالف دام اكثر من عشرين عاما. وهذا يعني ان التنظيم سيراهن على رقعة جغرافية اخرى قد تكون اليمن وهي ليست موضوع بحث ورقتنا هذه.


أن حضور طالبان الى باريس يعني انفتاحها اكثر على الغرب وموافقتها العلنية للتفاوض مع الولايات المتحدة ودول التحالف الاوربي مباشرة اكثر من التفاوض مع حكومة كرازي التي تنظر لها طالبان بانها فاقدة القرار. ويعتبر وجود شخصيات بارزة من طالبان في الاجتماع مثل ديلاوار، بمثابة مؤشر على ان الجماعة الاسلامية ممكن ان تذهب ابعد في اتصالاتها مع الغرب و من المتوقع ان تتحول الى مفاوضات اكثر من منتدى حوار بين الاطراف المتصارعة على السلطة.


المصـــــــــــــادر
( 1 ) ـ تقرير المعهد الملكي  للدراسات الدفاعية والامنية / الميدل ايست 20.12.2012
( 2 )- ا ف ب / باريس: 20.12.2012 ، )
(3 ) ـ محيط – وكالات
( 4 ) ـ موقع السكينة 18/12/2012 18:02:00
رابط الموضوع :
http://www.assakina.com/news/news2/20227.html#ixzz2Fe2s0qq6
( 5 )  صحيفة الوسط البحرينية - العدد 3755 - 18 ديسمبر 2012م/أ ف ب ، كابول 2012


حول الموقع

مركز الإعلام التقدمي مؤسسةٌ إعلاميَّةٌ تابعة لـ(ملتقى الرقي والتقدم) تُعنى بخلق ثقافة وطنية مدنية علمانية.