بالوثائق.. والأسماء.. وإستناداً إلى بيانات البنك المركزي اليمني والدورة المالية خلال الفترة من 1يناير 2012 الى 3 مارس 2013م.. الجزء الثالث من فساد ملف جرحى وشهداء الثورة الشبابية


دولة الجماعة والجمعيات!


لدى وزارة المالية مبلغ (2,371,054,000) ريال في حساب جاري بالبنك المركزي اليمني برقم (24105-115) أودع في 2822013م ولم يصرف منه سوى مبلغ (600,000) دولار امريكي بما يعادل (128,946,000) ريال وهو مما اعتمد كتعويضات لأسر الجنود والموطنين.


اعتمدت وزارة المالية 20 مليار ريال باسم جرحى وشهداء الثورة ضمن الباب الثالث لموازنة 2012 ولم تصرف منها غير 5 مليار و108 مليون ريال حتى نهاية ديسمبر 2012م. ووردت 14 مليار و891 لخزينة الدولة استخدمتها في 2013 في عمليات تجنيد العسكر!


- مطالب شبابية بسحب ترخيص جمعية الإصلاح ومؤسسة وفاء والجمعية الطبية الخيرية لعدم إفصاحها عن بياناتها المالية والتبرعات المقدمة لها وكيفية إنفاقها ومخالفتها شروط الشفافية وكأنها شركات تجارية لا منظمات إغاثة!


- في 2013 اعتمدت المالية خمسة مليار صرفت منها 200 مليون خلال الثلاثة الاشهر من العام الجاري


- 146 مليون ريال (684) ألف دولار صرفها باسندوة للجمعية الطبية الخيرية اليمنية من حساب بالبنك المركزي رقم 115-24105 وحوّل الى جمهورية مصر لحساب بالبنك الأهلي بمصر رقم 11050116030وهي ذات الجمعية التي وقعت اتفاقية مع الهلال الأحمر القطري بـ2 مليون دولار ونصف لإجراء عمليات لجرحى الثورة في مستشفى العلوم والتكنولوجيا


- صرف 2 مليار و254 مليون ريال عبر مؤسسة وفاء بموجب رسالة من المالية للبنك المركزي رقم 220-1940 وتاريخ 15/12/2012


- حتى الجرحى الذين قيل إنهم عولجوا على حساب تركيا وقطر ومصر صرفت لهم منح علاجية من البنك المركزي تارةً بطلب من الجمعية الطبية الخيرية وفي الغالب من مؤسسة وفاء التي تبدو الحكومة مجرد صراف مالي لديها


- تكرار أسماء بعض الجرحى المبتعثين الى مصر وتركيا والهند. ومعظم من تم ابتعاثهم دون وثائق قانونية وطبية تؤكد انهم من جرحى الثورة


- سلمت وفاء الأسماء لهيئة البريد وليس للمالية كما نص الاتفاق بينهما ما يعني ان وزارة المالية مجرد صراف عند مؤسسة وفاء. وقد صرفت 627 قسيمة شهيد و291 قسيمة جريح



اعداد/ محمد عبده العبسي


مقدمة:
في 12 من أبريل 2012 نشرت جريدة العرب القطرية تقريراً رومانسياً للصحفي إسماعيل طلاي عن مكرمة قطرية تفضلت بها على بلد فقير وجريح يدعى اليمن ممثلةً بتكفل "مؤسسة حمد الطبية علاج 6 من جرحى الثورة اليمنية" وذلك إثر تلبية "صاحبة السمو الشيخة موزا بنت ناصر حرم سمو الأمير المفدى نداء استغاثة وجهته لها الفائزة بجائزة نوبل توكل كرمان" (1) حسب قول التقرير.
واستعرض الصحفي القطري، بشماتة مُبطنة، قصصاً مؤلمة على لسان الجرحى عن فشل الأطباء اليمنيين في علاجهم، ولم يكذب، والأخطاء الطبية الفادحة أثناء إجراء عدد من العمليات الجراحية في المستشفيات اليمنية عامة وخاصة بما فيها العلوم والتكنولوجيا. ويسرد التقرير، بإسهاب مُضجر، عند بدء قصة كل جريح كيف أجمع الأطباء اليمنيون، وفريق تركي متخصص بالحالات المستعصية أيضاً، استحالة علاج هؤلاء الجرحى غير إن المعجزة حدثت في قطر.
وينتهي التقرير نهاية سعيدة على طريقة الأفلام الرومانسية: فجميع العمليات الجراحية أجريت بنجاح، والجرحى اليمنيون في أبهج حال، وها هم يلهجون بحمد الأمير حمد والشيخة موزة "رافعين أكف الدعاء للشعب والمسئولين القطريين الذين تكفلوا بهم" (2) حسب قول الصحيفة!
والآن أيهم أولى بالشكر والعرفان: الشيخة موزة صاحبة القلب الرحيمة؟ أم توكل كرمان صاحبة نداء الاستغاثة؟ أم قطر صاحبة قناة الجزيرة التي كانت تحرض المئات من شباب الثورة اليمنية يومياً على مواجهة الرصاص بصدور عارية، وعلى زيادة أعداد الشهداء وآخر المطاف عالجت 14 جريحاً فقط. في الحقيقة ينبغي أن أشكر شخصاً آخر، غير من ذكرتُ، ناولني تقريراً حكومياً مهماً من 150 صفحة من القطع الكبير، صدر الأسبوع الماضي، يقدم تحليلاً تفصيلياً للبيانات المالية للبنك المركزي اليمني خلال الفترة من 1يناير 2012 حتى 3 مارس 2013م.
إن كل المبالغ المالية التي اعتمدت في موازنة الدولة، أو صرفت منها، باسم جرحى وشهداء الثورة بكافة مستنداتها وبياناتها مثبتة في هذا التقرير الحكومي غير المنشور. وفيه أن الذين استقبلتهم قطر للعلاج كانوا 12 يمنياً (6 جرحى و6 مرافقين) وأن 16.500 ألف دولار (إلى جانب 3000 دولار للمرافقين) صُرفت من البنك المركزي اليمني باسم هؤلاء الجرحى -الذين تمنُّ الصحف القطرية على اليمنيين بعلاجهم- بإمضاء وزير المالية صخر الوجيه. لا أدري ما إن كان الجرحى على علم أن المنحة الحكومية المالية وزعت فيما بينهم بطريقة غير عادلة فحصل ثلاثة منهم وأسمائهم الأولى (محمد/ وفاء/ مريم) على 500 دولار فقط لكل واحد (على افتراض أنها وصلت إلى أيديهم) وأن الثلاثة الآخرين وهم (فؤاد/ وعدنان/ وعبدالله) حصلوا على خمسة آلاف دولار كل واحد دون وجود مبررات حسب التقرير الحكومي (3).
وتشير حركة حسابات البنك المركزي اليمني أن 9000 آلاف دولار صُرفت لثلاثة من جرحى الثورة بموجب توجيه رئيس الوزراء لوزير المالية رقم (رو/6246) بتاريخ 17/11/2012م بناءً على رسالة من مؤسسة وفاء لرعاية أسر الشهداء والجرحى رقم (187) بتاريخ 2/2/2012م، وأن 9000 آلاف دولار أخرى صرفت بنظر "علي عوض حسن زربة" بموجب استمارة صرف رقم (1238) بتاريخ 15/11/2012م، وأن 3500 دولار قبلها صرفت بنظر "محمد بجاش الشيباني" بموجب استمارة صرف رقم (434) بتاريخ 14/5/2012م (4): يبدو أن حكومة الوفاق مجرد صراف مالي لدى مؤسسة وفاء التي يضم مجلس إدارتها مجموعة من رجال الأعمال والحزبيين، وهي مؤسسة أهلية، وليست حكومية، ولا مخولة من الشعب لتحديد من المستحق لأموال الخزينة العامة، ومن هو غير المستحق.
حتى الجرحى الذين تلقوا العلاج في تركيا، وهم بضعة وثمانون، لا يختلفون حالاً عن رفاقهم في مستشفيات قطر إلا في جزئية صغيرة: الأتراك أقل حرصاً على إدعاء الفضل من القطريين ومستشفياتهم استقبلت عدداً أكبر ما جعل المنح العلاجية التركية مادة للتنافس الإعلامي والرياء الثوري فيما بين مكونات ثورية والحكومة نفسها: فمنظمة صحفيات بلا قيود قالت لدى سفر 33 جريحاً إلى أنقرة في 11 أبريل 2012م إنها ثمرة "التعاون بين الناشطة اليمنية توكل كرمان والحكومة التركية" (5) حسبما نشر موقع المصدر أونلاين. فيما قال مستشار وزير الصحة د عبد الله دحان لدى وصول 29 جريحاً لاسطنبول، في 14 يونيو 2012م إن "هذا التعاون جاء بطلب من الحكومة اليمنية ممثلة برئاسة الوزراء ووزارة الصحة اليمنية عقب زيارة وزير الصحة إلى تركيا" (6). أما الدكتور محمد القباطي مدير المستشفى الميداني لساحة التغيير فقد قال في تصريح للصحوة نت، في 13/أبريل/2012 أي بعد يومين من بيان صحفيات بلا قيود، إنها برعاية "المستشفى الميداني" طبعاً (7).  وهكذا سباق أدعياء
بخلافهما، وفي نفس يوم تصريح أولهما 14 يونيو، قال مدير مؤسسة "وفاء" عبده واصل لصحيفة أخبار اليوم إن الفضل "يعود لرئيس الوزراء محمد سالم باسندوه أثناء زيارته الأخيرة لتركيا، وكذا جهود توكل كرمان الحاصلة على جائزة نوبل للسلام" في محاولة للتوفيق بين الحكومة ومنظمة صحفيات مستثنياً منه وزير الصحة الذي ينتمي إلى حزب المؤتمر الحاكم في نظام الرئيس السابق ويراد على الدوام تحميله وحده المسئولية. ولئن كان لغط كبير قد أثير في أوساط الثوار بشأن عدم أحقية الجرحى الذين رشحوا للسفر للعلاج في تركيا في الدفع السابقة فقد نوه واصل إلى أن "اختيار الجرحى تم من قبل لجنة طبية تركية وان جميع تكاليف سكنهم وعلاجهم على نفقة الحكومة التركية"! لم ينس واصل أثناء توديع الجرحى في مقر منظمة صحفيات بلا قيود أن يباهي أمام كاميرات وسائل الإعلام بقوله: "إن مؤسسة وفاء لرعاية أسر الشهداء والجرحى منحت كل جريح مصاريف شخصية 200 دولار" (8).
غير إن بيانات البنك المركزي اليمني تقول: لا تصدقوهم.
فالعشرات من الجرحى الذين زعم مدير مؤسسة وفاء إن لجنةً طبيةً تركية اختارتهم بعنايةٍ وصرامةٍ شديدتين سبق لبعضهم السفر إلى مصر على نفقة الدولة قبل أن يقع عليهم اختيار اللجنة التركية، ومنهم من سافر للعلاج إلى قطر وحصل على منحة مالية من الدولة ومنهم أيضاً من غيّر جو قبلها في الهند ما يؤكد أن الطابع الشخصي والحزبي كان حاسماً في تحديد أسماء المستفيدين من المنح العلاجية إلى الخارج (سأنشر كشوفاً تفصيلية بالأسماء والبلدان).
وما قيل حول المصاريف الشخصية التي قدمتها مؤسسة وفاء لجرحى الثورة تظهر بيانات البنك المركزي أنها صرفت من خزينة الدولة وليس من جيب المؤسسة التجارية! أعني الخيرية كما سيرد بالتفصيل.
وبينما تبيع وسائل الإعلام التابعة للإخوان المسلمين الوهم للجمهور اليمني من خلال المبالغة في تقدير دور تركيا وسفيرها وفضائلها على الثورة اليمنية وعلاج جرحاها (خاصة صحيفة وموقع المصدر!) تبين حسابات مصرف الدولة المركزي أن أكثر من 120 ألف دولار (26 مليون ريال) صُرفت على دُفع للجرحى في المستشفيات التركية، بدءً برسالة من وزارة المالية إلى البنك اليمني المركزي برقم (220-389) بتاريخ 4/8/2012م بموجب توجيه رئيس الوزراء لوزير المالية رقم (رو/ 26/ 1789) بصرف نفقات علاج 32 جريحاً و8 مرافقين و3 أطباء دون ذكر أسماء المستفيدين ولا وجود لما يثبت تسلمهم إياها من سندات استلام! (نفس الشيء في الحوالة الثانية بتاريخ 31/5/2012م بمذكرة رقم 4610 والتي صرفت بنظر سميح محمد حاجب) والأسوأ أن بعض الجرحى استلم فقط 300 دولار واستلم آخرون 1500 دولار في الدفعة الثانية في حين قدمت الدولة لبعض الجرحى ومرافقيهم، من ذوي الحظوة على ما يبدو، 4 أضعاف المبلغ الذي قدمتهم لرفاقهم، كما سيأتي بالتفصيل، دون أية مبررات (8) سوى حُسن العلاقات العامة وغياب العدالة وفساد القائمين على إدارة البلد!
إنها تجارة الدم!
أهلاً بكم في الحلقة الثالثة من تحقيق "اللصوص الجدد.. ملف فساد جرحى وشهداء الثورة الشبابية" الذي أقف غداً الأحد ورئيس التحرير الزميل محمد عايش بسبب حلقتيه السابقتين أمام محكمة الصحافة والمطبوعات (9) في الدعوى المرفوعة من جمعية الإصلاح الخيرية التابعة لحزب الاخوان المسلمين في اليمن، الجمعية التي يرأسها القاضي مرشد العرشاني وزير العدل الحالي. سأذهب، أنا وعايش، ولسان حالنا قول أبي الطيب المتنبي: "أنت الخصم والحكم".



إذلال جرحى الثورة والتخلي عنهم
نص الدستور اليمني في مادتيه 56/57 على أن "توفر الدولة الرعاية الصحية لكل مواطن مجاناً في حالة الاعاقة والعجز" (10). غير إن القانون المعمول في اليمن هو قانون الأمر الواقع. والذين يحصلون على منحة علاجية، أو حتى دراسية، من الدولة ليسوا الأكثر استحقاقاً وإنما الأكثر قدرة على الوصول إلى مكتب رئيس الجمهورية أو رئيس الوزراء وذيل طلبه بشفاعة، أو شهادة، قائد عسكري أو شيخ قبيلة أو رجل نافذ. تلك هي السنة في اليمن قبل وبعد الثورة الفرق طفيف.
في حكم الرئيس السابق علي عبدالله صالح كان جرحى الحروب الداخلية، وما أكثرها، من القوات المسلحة والأمن يقضون شهوراً طويلة، وأحياناً سنوات، في التردد على وزارة الدفاع وهيئة جرحى وشهداء الثورة من أجل الحصول على منحة علاجية أو إعاشة شهرية. في اليمن ليس من واجبات الدولة أن تحصر جرحى وشهداء كل حرب تخوضها وأن تبادر نحوهم بما يستحقوه من الرعاية والكفالة الاجتماعية. ليس من عادات الدولة أن تذهب هي إلى عند من ضحى بحياته أو بأحد أعضاء جسمه وتظهر كرامته وإنما العكس: عليه هو أن أن يذهب إليها، ولو على نقالة أو عكاز، حاملاً التقارير الطبية حتى يفقد مع التردد اليومي كرامته بين مكاتبها الإدارية أو يقوده يأسه إلى خيارات كارثية أخرى.
القصة ذاتها يرويها جرحى الثورة رغم تنحي الرئيس السابق وحكومته وتولي الرئيس عبد ربه منصور هادي وحكومته إدارة البلاد منذ مطلع 2012م. لا فرق. لم تقم حكومة الوفاق الوطني فور تشكيلها، بالمناصفة بين أحزاب المعارضة وحزب الرئيس السابق، بتشكيل لجنة متخصصة لحصر وتقييم حالات جرحى وشهداء الثورة الذين أوصلوها إلى سدة الحكم. أهملت الملف وتعاملت معه على طريقة النظام السابق الارتجالية: على الجريح أن يأتي هو إلى الدولة وليس العكس، وعليه أن يظهر الأدب في طرح مسألته والإلحاح في متابعتها وليس عليها هي إظهار كرامته وتذليل الصعاب الإدارية والبيروقراطية أمامه، والأهم أن من ثابر واستطاع الوصول إلى مكاتب المسئولين التنفيذيين في الحكومة، عبر توصية أو شفاعة حزبية، سيحصل على المنحة العلاجية من الدولة وأن من قعد في منزله في انتظار ان تطرقه بابه الحكومة تقديراً لتضحيته العظيمة من أجل التغيير فمن المؤكد أنه سيتعفن دون أن يسال عليه أحد. يخطر في بالي الآن عدد كبير منهم كـ(عبد الله احمد البيضاني وأنور العزعزي) اللذين أقدما على إحراق نفسيهما على منصة الاعتصام بصنعاء في مارس 2012م، أو ماهر الحسني الشاب العشريني الذي قطع شرايين يده ونجا بأعجوبة من الموت، ومحمد الجبلي الشاعر التهامي الجميل الذي توفي في خيمته وسط الساحة، وعبدالاله الحميدي (11) الذي ظل مقعداً سنة كاملة جراء إصابته في عموده الفقري برصاصة قناص، وأدرجت مؤسسة وفاء لرعاية الشهداء والجرحى اسمه في قائمة الجرحى المرشحين للسفر غير إن الموت أسرع وقد كتب أحد أصدقاءه (رشيد الحداد) على صفحته بـ"فيس بوك" نعياً مؤثراً قال إن صديقه توفي بسبب "بيع حقه في السفر للخارج واستبعاده من كشوف المرضيين عليهم من بتوع ربّنا في ميدان التغيير بصنعاء. لقد قتلة بلاطجة اللجان الطبية في ميدان التغيير بصنعاء على الرغم من اختراق رصاصات بلاطجة صالح جسده" ويضيف: "لم يقتله بلاطجة صالح بل جرحوه وضل أكثر من 6 أشهر يصارع المرض دون ان يلتفت إليه إخوان صنعاء".


رئيس الوزراء بوصفه صرّافاً مالياً لدى مؤسسة وفاء والجمعية الطبية الخيرية
نتيجة تقاعس حكومة الوفاق ووزارة الصحة عن معالجة ملف جرحى وشهداء الثورة ونتيجة الضغوط الشعبية والإعلامية على القيادة السياسية الجديدة من شباب الثورة أصدر الرئيس عبد ربه منصور هادي في 17 مارس 2012 مرسوماً رئاسياً قضى بـ"تعويض القتلى والجرحى الذين سقطوا خلال الاحتجاجات واعتبار كل القتلى من المدنيين شهداء وصرف راتب جندي لكل شهيد ومعاق كلياً, فيما يُضم المعاقون جزئياً إلى صندوق الرعاية الاجتماعية, طبقا لنظام الصندوق وعلى الصندوق إعداد لائحة خاصة تتعلق بالشهداء والمعاقين كليا تصدر بقرار من رئيس مجلس الوزراء". وألزم القرار الحكومة "توفير الرعاية الصحية للمصابين ومعالجتهم في الداخل أو الخارج" (12).
غير إن هذا القانون الرئاسي، شأن المئات من النصوص الدستورية، حبر على ورق!
ولم يكن إسناد وزارة الصحة إلى وزير من حزب المؤتمر، الحزب الحاكم في عهد الرئيس السابق، إلا ليزيد انقسامات الحكومة ويشيع جواً من عدم الثقة بين أعضاءها. وكان أطرافها في ملف جرحى وشهداء الثورة: رئيس الوزراء ووزير المالية من جهة ووزير الصحة من جهة أخرى.
وفي ظل غياب، أو بالأدق تغيب، دور وزارة الصحة طوال العام 2012 سُلم ملف جرحى وشهداء الثورة، بشكل غير معلن، إلى جمعيات ومؤسسات حزبية وأهلية، تابعة أو مقربة من حزب الإصلاح تحديداً. وكان ملف جرحى وشهداء الثورة يدار فعليا من قبل أربعة جهات طوال عام 2012م بعيداً عن وزارة الصحة المقصية تماماً من التعاملات المالية التي تظهر في حسابات البنك المركزي اليمني وكانت بين:
1-    رئيس الوزراء.
2-    وزير المالية.
3-    مؤسسة وفاء.
4-    الجمعية الطبية الخيرية اليمنية
وصرفت وزارة المالية مبلغ 2 مليار و(248,380,000) بموجب توجيهات رئيس الوزراء الصادرة لوزير المالية بمذكرة رقم (رو,5868,26) بتاريخ 16/10/2012م بناء على مذكرة مرفوعة من مؤسسة وفاء غير الحكومية المرفوعة لرئيس الوزراء رقم (123) وتاريخ 1/9/2012م باعتماد وصرف المبلغ لأسر الشهداء والمعاقين والجرحى لعدد (3786) شهيد ومعاق وجريح تولت مؤسسة وفاء أعداد اسمائهم وحددت هي، بعيداً عن اي إشراف لوزارة الصحة، نوعية حالاتهم وإصاباتهم وكافة البيانات المتعلقة بالمستفيدين من المنحة الحكومية (13) إضافة الى مبالغ أخرى كثيرة سأتناولها بشيء من التفصيل والتدقيق لاحقاً.
وفي تاريخ 292012م وجهت الجمعية الطبية الخيرية اليمنية (التي وقعت مع الهلال الأحمر القطري اتفاقية لعلاج جرحى الثورة بأكثر من 2 مليون دولار ونصف تُجرى في حصرياً في مستشفى العلوم والتكنولوجيا!) مذكرة لرئيس الوزراء برقم (012,9,5) تطلب صرف منحة مالية لإجراء عمليات بالخارج لعدد (120) جريح وقد وجه رئيس الوزراء الذي يبدو كما لو أنه مجرد صراف لدى وفاء والجمعية الطبية، بصرف مبلغ (684,000) دولار قرابة 147مليون ريال (14) دون أن يحيل الموضوع إلى وزير الصحة لدراسة الطلب والتحقق من استدعاء سفر الـ120 جريح إلى الخارج خاصة وأن مذكرة الجمعية الطبية كانت عبارة عن كشوفات بالأسماء فقط دون أن يرفق بها الوثائق والمؤيدات القانونية والإجرائية التي تثبت سلامة قرار تسفيرهم.
وتظهر حسابات المصرف المركزي صرف المبلغ من حساب في البنك المركزي اليمني برقم (24105-115) وتحويله الى حساب باسم جرحى الثورة اليمنية في البنك الأهلي المصري برقم (11050116030) وذلك بموجب مذكرتي وزارة المالية للبنك المركزي برقم (40) بتاريخ 2212003م ورقم (320) بتاريخ 2622013م والمبلغ الأخر وقدرة (84,000) دولار (15).
ويطالب ناشطون شبابيون من النائب العام ووزير الشئون الاجتماعية سحب ترخيص جمعية الإصلاح ومؤسسة وفاء والجمعية الطبية الخيرية اليمنية لمخالفتها قانون الشفافية والعمل الطوعي غير الربحي وعدم إفصاحها عن بياناتها المالية بشفافية كما تقتضي شروط العمل الإغاثي والمجتمع المدني.


إعدام وزارة الصحة واستبدالها بمؤسسة وفاء
في 12/1/2013 تم إعدام وزارة الصحة فعلياً. فقد وقعت وزارة المالية "اتفاقية تقديم خدمة الحوالات المالية" برقم مذكرة (4164) ويمثلها عبده على القواس ومؤسسة وفاء ويمثلها مديرها العام التنفيذي عبده محمد واصل والهيئة العامة للبريد والتوفير البريدي ويمثلها مديرها العام عبد الحميد مانع الصيح (16) وبموجب الاتفاقية منحت كل صلاحيات وزارة الصحة إلى مؤسسة خاصة مشبوهة لا تقدم في موقعها على الانترنت بياناً تفصيلاً ببياناتها المالية والتبرعات التي تتلقاها وكيف تنفقها كما تفعل كل مؤسسات الإغاثة في العالم (نفس الشيء الجمعية الطبية الخيرية اليمنية وجمعية الإصلاح الاجتماعي الخيرية) وكأنها شركات تجارية وليست مؤسسات خيرية!
بموجب الاتفاقية "تتولى المؤسسة اعداد قسائم الصرف للمستفيدين والتوقيع عليها وختمها بختم المؤسسة وإرسالها الى وزارة المالية مرفقا بها عدد من الأوليات" كما نص أحد بنودها. لكن سرعان ما تكشفت أسرار الصفقة فهدد وزير الصحة بالاستقالة ونشرت صحيفة الأولى تقريراً عن الاتفاقية والمبلغ فوجه النائب العام علي الأعوش وكيل نيابة الأموال العامة بالتحقق مما نشرته صحيفة الأولى. وفي 6/2/2013 وجه وكيل نيابة الأموال العامة رمزي الشوافي مذكرة الى وحدة جمع المعلومات بالبنك المركزي للتحقق من بلاغ تقدم به النائب أحمد سيف حاشد وكيل جرحى الثورة الذين رفعوا دعوى قضائية ضد الحكومة (17).
شعرت وزارة المالية ومؤسسة وفاء بالقلق من انكشافهما وبلبلة الرأي العام فقامت وفاء بإرسال كشوف أسماء ومبالغ وعناوين شهداء وجرحى ومعاقي الثورة السلمية إلى هيئة البريد في 232013م(أي بعد نشر "الأولى" للفضيحة بشهر كامل)،وهو ما يعد مخالفاً حتى لبنود الاتفاقية الموقعة بينهما والتي قضت بأن "توافي مؤسسة وفاء وزارة المالية بتلك البيانات لتتولى الوزارة تسليمها للهيئة العامة للبريد" (18).
في تلك الأثناء تقدمت مؤسسة شباب شفافية وبناء بطلب رسمي إلى وزارة المالية ومؤسسة وفاء بموافاتهم بالوثائق المتعلقة بالاتفاقية استناداً إلى المادة 13 لسنة 2012م من قانون حرية الحصول على المعلومات غير إن وزارة المالية ووفاء رفضتا وكأنهما غير معنيتان بالقانون حسبما قال مدير المؤسسة أكرم الشوافي وهو ناشط شبابي عنيد لم يتوقف عند هذه الخطوة.
في 25/2/2013 تقدم المحامي نجيب الحاج، وهو رئيس هيئة محامي جرحى الثورة ايضا، بطلب عن مؤسسة شباب شفافية وبناء إلى النائب العام بالحجز التحفظي على مبلغ الـ2 مليار المتفق عليها بين وفاء ووزارة المالية (19). يعلق أكرم: "كان لا بد من عمل شيء، وأمامنا الكثير لنعمله لكننا نغفل عن نصوص قانونية هامة وخطوات إدارية حاسمة". وبالفعل وكما توقع أكرم فقد وجه النائب العام نيابة الأموال العامة بالتحفظ على المبلغ. غير إن الوقت كان متأخراً. فوفقاً لبيانات البنك المركزي وبموجب كشوف الهيئة العامة للبريد فقد صرف عبر مؤسسة وفاء لأسر الشهداء والجرحى و المعاقين خلال الفترة من 31 يناير حتى 3 مارس 2013م مبلغ(551,660,000) ريال لعدد (623) شهيد وجريح ومعاق موزعة وفقا لطبيعة الحالات كما يلي:
1-     مبلغ (487,000,000) ريال لأسر عدد (487) شهيد بمعدل مليون ريال لأسرة كل شهيد, والكشف المرفق برقم (1) يوضح أسماء الشهداء.
2-     مبلغ (9,000,000) ريال للمعاقين اعاقة كاملة ولعدد(9) معاق بمعدل مليون ريال لكل معاق, والكشف المرفق برقم (2) يوضح أسماء المعاقين.
3-     مبلغ (35,500,000) ريال للمعاقين ذوي الاعاقة الجزئية ولعدد (71) معاق بمعدل خمسمائة الف ريال لكل معاق والكشف المرفق برقم (3) يوضح أسماء المعاقين.
4-     مبلغ (20,160,000) ريال للجرحى ولعدد (56) جريح بمعدل (360,000) ريال لكل جريح والكشف المرفق برقم (4) يوضح أسماء الجرحى.
وبذلك فان الرصيد المتبقي لدى الهيئة العامة للبريد حتى يوم الأحد 3/3/2013م مبلغ مليار (696,720,000) مليون ريال.  (20)


كل المنح العلاجية الخارجية لجمعيات إصلاحية أو مقربة من الاخوان المسلمين
وذهبت المنح والهبات العلاجية المقدمة من الخارج إلى جمعيات ومؤسسات حزبية وأهلية تابعة أو مقربة من الاخوان المسلمين بعيداً عن وزارة الصحة التي يتولاها وزير من حزب المؤتمر ويتم تحريض جرحى الثورة عليه على الدوام. فبعد افتتاح جمعية الإصلاح مركز الأم والطفل الطبي في جبن محافظة الضالع بتكلفه 70 مليون ريال بتمويل من الهلال الأحمر القطري حسبما نشر موقع حزب الإصلاح الصحوة(21)، دشنت "قطر الخيرية" في 8 فبراير 2012م حملة إغاثة في اليمن بقيمة 3.5 ملايين ريال قطري عبر جمعية الاصلاح الاجتماعي الخيرية (22) حسب موقع مأرب برس. وفي 21 يناير 2012م نفذت جمعية الإصلاح المرحلة الثانية من حملة دعم المتضررين في مدينة تعز بتمويل من قطر الخيرية أيضاً حسبما نشر مأرب برس (23).  وفي 2012 دشن الهلال الأحمر القطري مشروع (علاج جرحى الأحداث) بتكلفة (مليون دولار) في مرحلته الأولى ومليون و146 ألف دولار امريكي في المرحلة الثانية لا مع نظيره الهلال الأحمر اليمني وإنما مع الجمعية الطبية الخيرية اليمنية المقربة، أو التابعة، لحزب الإصلاح وقد نفذت 90% من العمليات الجراحية حصرياً في مستشفى العلوم والتكنولوجيا وبشكل انتقائي (24).
ويشير الجهاز المركزي للرقابة في تقريره الأسبوع الفائت بوضوح إلى تغيب دور وزارة الصحة التام من خلال "عدم وجود برتوكولات أو اتفاقيات تمت بين بلادنا وأي من الدول الشقيقة والصديقة بشأن تقديم منح علاجية لجرحى الثورة السلمية وما هي طبيعة الالتزامات المترتبة على كل من تلك الدول من جهة وبلادنا من جهة ثانية". ويضيف: " على الرغم من أنه تم تشكيل لجنة طبية لمعالجة الجرحى(لجنة وزارية) برئاسة الأخ وزير الصحة العامة والسكان وعضوية وزيرة الدولة الأخت جوهرة حمود والأخ علي سيف النعيمي، الا ان دورها ظل محدوداً" (25).


من إدارة الدولة بالتلفون إلى إدارة الدولة بالجمعيات الخيرية
ويقول التقرير الحكومي إن واحدة من ابرز الاختلالات القائمة في ملف جرحى وشهداء الثورة كانت "تعدد الجهات الرسمية والشعبية التي تتولى القيام بإعداد قوائم بأسماء شهداء و جرحى ومعاقي الثورة السلمية و الرفع بتلك القوائم ألى السلطات العليا بالدولة بغرض الحصول على توجيهات بصرف تعويضات لأسر الشهداء و الجرحى والمعاقين أو ابتعاث بعض الجرحى و المعاقين للعلاج في الخارج على نفقة الدولة ويشوب تلك الاجراءات جوانب قصور واختلالات عديدة منها:
أ‌-    غياب الاسس والمعايير الموضوعية التي يتم في ضوئها اعداد قوائم بشهداء وجرحي ومعاقي الثورة السلمية والرفع بمتطلباتها.
ب‌-  العشوائية والانتقائية في اعداد القوائم والتي قد يغلب على بعضها بشكل مباشر أو غير مباشر الطابع الشخصي أو غير ذلك.
ت‌- تعدد مسميات أغراض الصرف لأسر الشهداء(ديات- مواساة- تعويضات الخ)
ث‌- تجاوب وتعامل السلطات العليا بالدولة مع جميع ما يرد اليها من طلبات تتعلق بالشهداء والجرحى و المعاقين والتي في معظمها  عبارة عن كشوفات بالأسماء فقط دون أن يرفق بها الوثائق والمؤيدات القانونية والإجرائية التي تم الاعتماد عليها في اعداد تلك القوائم" حسبما قال التقرير.
ويؤكد التقرير الحكومي "عدم وجود حصر شامل ودقيق لشهداء ومعاقي وجرحى الثورة السلمية على مستوى جميع محافظات الجمهورية ومتفق عليه من الجهات الرسمية والشعبية ذات العلاقة على الرغم من مرور حوالي سنة وثلاثة أشهر منذ التوقيع على التسوية السياسية وتشكيل حكومة الوفاق الوطني". منوهاً إلى "عدم الاطلاع على ما يشير الى وجود أسس ومعايير معدة ومتفق عليها من قبل الجهات الرسمية والمكونات الأخرى المختصة كمرجعية يعتمد عليها في تحديد شهداء ومعاقي وجرحى الثورة السلمية الحقيقيين وكذا ما يتوجب على الدولة تجاههم في الأجل القريب و المنظور" (26) ما يؤكد أن كثيراً ممن تم تصنيفهم باعتبارهم شهداء الثورة هم ربما شهداء حادث مروري، أو نزلة برد، أو من وفيات الحرب الباردة حتى!.
وتظهر كشوفات المبتعثين للخارج لتقلي العلاج "تكرار أسماء بعض الجرحى المبتعثين الى مصر وتركيا والهند" كما سترون في كشوفات الأسماء في ملحق الوثائق. ومعظم من تم ابتعاثهم دون وثائق قانونية وطبية تؤكد انهم من جرحى الثورة.
 
هل غيّرت وزارة الصحة اسمها إلى مؤسسة وفاء؟؟
وفي 1422013 م وجهت مؤسسة وفاء لرعاية اسر الشهداء والجرحى مذكرة رقم ( 510)  لرئيس الوزراء بصرف مبلغ (13.500) دولار بما يعادل (2.700.000) ريال كمساعدة من تكاليف علاج عدنان محمد غلاب الشرعبي الذي تعالج على نفقته الشخصية في الهند (27) وقد وتمت موافقة رئيس الوزراء دون إحالتها أو عرضها على وزارة الصحة ايضاً التي يبدو أنها غيرت اسمها إلى مؤسسة وفاء.
ووجهت مؤسسة وفاء في 13112012م مذكرة رقم (249) لرئيس الوزراء بصرف (6,000) دولار صرف بنظر الأخ على عوض حسن زربه مقابل مصاريف لجرحى الثورة السلمية الذين لازالوا يتلقون العلاج في المستشفيات التركية، وقد وجه رئيس الوزراء الى وزير المالية، وليس إلى وزير الصحة، موافقته بمذكرة رقم (رو266257) بتاريخ 7112012م بصرف (6,000) دولار  لعدد ستة جرحى  (28).
وهكذا العشرات من المعاملات المالية بين مؤسسة وفاء ورئيس الوزراء ووزير المالية ولا وجود لشيء اسمه وزارة الصحة وكأن مؤسسة وفاء بديلا لها (يرأس مجلس إدارتها خالد طه مصطفى شقيق مدير مكتب رئاسة الجمهورية ونائبه فتحي عبدالواسع هائل وتدار المؤسسة من كوادر إصلاحية).
وفي 222012م وجهت مؤسسة وفاء مذكرة رقم (187) طلباً لرئيس الوزراء بصرف صرف مبلغ(19,500)  دولار بما يعادل (4,135,910) ريال كـ"إعانات علاج في الخارج لغير الموظفين" منه مبلغ (7,000) دولار تم تحويله الى حساب سفارة بلادنا في قطر ومبلغ (3,500) دولار صرف بنظر محمد بجاش عبده الشيباني بموجب استمارة صرف رقم (434) وتاريخ 1452012م والمبلغ الأخر وقدرة(9,000) دولار صرف  بنظر على عوض حسن زربة بموجب استمارة صرف رقم(1238) وتاريخ 15112012م مقابل مصاريف لجرحى الثورة السلمية اليمنية الذين يتلقون العلاج بدولة قطر" حسبما تظهر حسابات البنك المركزي اليمني. إضافة إلى توجيه من رئيس الوزراء الى وزير المالية بالمذكرة برقم (رو266246) بتاريخ 7112012م بالموافقة على صرف مبلغ (9,000) دولار لعدد ثلاثة جرحى يتلقون العلاج في دولة قطر (29).
ووجهت مؤسسة وفاء في 7102012 م لرئيس الوزراء برقم ( 206) بطلب صرف (32.782.971) ريال كمساعدة علاجية (22) جريح من جرحي الثورة السلمية الذين تعالجوا في الداخل والخارج على نفقاتهم الشخصية وقد وجه رئيس الوزراء فوراً إلى وزير المالية، ودون المرور بوزارة الصحة، بمذكرة رقم ( رو 265876) وتاريخ 16102012 م بشأن صرف المبلغ المذكور في طلب المؤسسة.
لقد كان الرئيس السابق علي عبدالله صالح يدير الدولة بالتلفون وها نحن اليوم في دولة ما بعد الثورة ننتقل من دولة التلفونات إلى إدارة الدولة بالجمعيات والمؤسسة الخيرية(30).


اللجنة الطبية العليا: خارج الربح داخل في الخسارة!
تدخل الرئيس هادي مجدداً.
بعد تلويح وزير الصحة بالاستقالة من منصبه نتيجة تحميله مسئولية التقصير في علاج جرحى الثورة وتعطيل دور وزارته واستبدالها بجمعيات ومؤسسات خيرية وحزبية إضافة إلى تعنت وزير المالية المستمر وامتناعه غير مرة عن صرف ما يتم رفعه من وزارة الصحة بينما صرف 2 مليار و400 عبر مؤسسة وفاء وصرف 146 مليون ريال للجمعية الطبية الخيرية اليمنية.. نتيجة كل ذلك وجه رئيس الوزراء وزير المالية في مذكرة برقم (رو26466) بتاريخ 1512013 م بصرف مبلغ (200.000.000) ريال لحساب اللجنة الطبية العليا وأن يتم توريد مبلغ مليار ريال إلى رقم حساب اللجنة ولا يتم صرفها إلا من خلال توقيعات التالية أسمائهم:
1-     د. احمد العنسي             وزير الصحة العامة والسكان رئيسا للجنة .
2-     جوهرة حمود               وزيرة الدولة نائبة رئيس اللجنة .
3-     علي النعيمي                المسئول المالي للجنة.
وتضمن التوجيه أيضا أن يتم تغذية الحساب كلما دعت الحاجة". وصرف بموجب مذكرتي وزارة المالية الصادرة للبنك المركزي اليمني برقم (220-67) بتاريخ 2612013م (31)
وهنا تبدو جلية قوة حزب الإصلاح ومكره وتحكمه بالقرار داخل مجلس الوزراء. فبينما كل المساعدات الخارجية وجميع الاعتمادات المحلية التي صرفت باسم جرحى وشهداء الثورة طوال عام ونصف تمت عبر جمعيات ومؤسسات تابعة ومقربة من حزب الإصلاح وأدار هو كل تفاصيلها ها هو الآن يتجنب مواجهة جرحى الثورة الشبابية المتذمرين الذين شرعوا في تصعيد احتجاجاتهم، ونصبوا اعتصاماً أمام مقر رئاسة الوزراء، ويضع في مرمى سخطهم وزيراً مؤتمرياً ووزيرة إشتراكية في حين أن المتحكم الفعلي بالقرار داخل مجلس الوزراء هو صخر الوجيه وزير المالية نائب حميد الأحمر في اللجنة التحضيرية للحوار الوطني!


غلاف عدد اليوم
وعندما حكمت المحكمة الإدارية بصنعاء لصالح جرحى الثورة في الدعوى القضائية التي رفعها القاضي أحمد سيف حاشد بالنيابة عن 11 جريحاً وقضت بعلاجهم في الخارج على نفقة الدولة (32) فإن وزير المالية امتنع عن صرف المبلغ من الباب الثالث لموازنة 2012 المسماة "تعويضات وغرامات ونفقات طارئة" والتي خصصت وزارة المالية لها 20 مليار ريال في موازنة 2012 لم تصرف منها غير 5 مليار و108 مليون ريال حتى نهاية ديسمبر 2012م وتمت إعادة 14 مليار و891 إلى خزينة الدولة.
ومن خمسة مليار ريال اعتمدت في موازنة 2013 لجرحى وشهداء الثورة لم تصرف وزارة المالية خلال الثلاثة الأشهر الأولى من العام الجاري سوى صرفت منها 200 مليون ريال.
وتظهر حسابات البنك المركزي أن لدى وزارة المالية 1.6 مليار ريال متبقية في هيئة البريد من حساب بالبنك المركزي رقم 1004-15144 الذي صرف عبره لمؤسسة وفاء.
ولدى وزارة المالية مبلغ (2,371,054,000) ريال في حساب جاري بالبنك المركزي اليمني برقم (24105-115) أودع في 2822013م ولم يصرف منه سوى مبلغ (600,000) دولار امريكي بما يعادل (128,946,000) ريال وهو مما اعتمد في الباب الثالث بند (تعويضات وغرامات ونفقات طارئة) حتى على هيئة تعويضات لأسر الجنود والموطنين (33). 
والآن:
هل تصدقون أن الوزير صخر الوجيه لم يصرف فلساً من الحسابات الآنفة الذكر للجرحى الذين حكمت المحكمة الإدارية بعلاجهم في الخارج في قضية أحمد سيف حاشد، وإنما نفذ حكم المحكمة وصرف لهم من الـ200 مليون ريال التي صرفها للجنة الطبية العليا لعلاج الجرحى برئاسة وزير الصحة وجوهرة حمود والتي عليها خوض خصامات يومية مع الجرحى من مختلف أنحاء الجمهورية!
إنها دولة الجماعة والجمعيات الخيرية.


حول الموقع

مركز الإعلام التقدمي مؤسسةٌ إعلاميَّةٌ تابعة لـ(ملتقى الرقي والتقدم) تُعنى بخلق ثقافة وطنية مدنية علمانية.