إن كان الجيش أطاح بحكم الإخــوان في مصر، فإنه في اليمن سيأتي بـ"سيسي" أخواني إلى الحكم، في ظل مؤشرات عديدة تؤكد أن أخوان اليمن سيستثمرون الانبهار اليمني بـ"السيسي" في قيادة إنقلاب عسكري بنفس السيناريو المصري، فيعيدوا خلط الأوراق، وقلب المعادلات..

ففي اليمن، تم تفكيك الجيش والدفع بالكثير من القيادات الأخوانية إلى أعلى هرم كثير من الألوية والمؤسسات العسكرية، وصولاً إلى منصب المستشار العسكري لرئيس الجمهورية. وتم خلال الأزمة السياسية استيعاب أكثر من (80) ألف مسلح أخواني في مختلف الوحدات كجزء من التسويات السياسية لرفع المظاهر المسلحة، في الوقت الذي أصبحت وزارة الداخلية بيد الأخوان أيضاً.. علاوة على أن ما يزيد عن (70) شخصية من الضباط والقادة العسكريين والأمنيين "المحنكين" ممن حسبوا على النظام السابق تم إغتيالهم بمسدسات كاتمة صوت- بعضهم في قلب العاصمة صنعاء..

ومن جهة أخرى، فإن من الواضح جداً أن الأخوان لن يغامروا في دخول أي انتخابات قادمة مهما كلفهم الأمر، لأن نتائجها ستمثل فضيحة كبيرة لحجمهم الهزيل، خاصة بعد تنامي نفوذ الحوثيين بصورة مذهلة، وتحالف الحراك الجنوبي معهم، وربما أيضاً المؤتمر الشعبي العام، مع تصاعد حدة خصومة بقية شركاء اللقاء المشترك للأخوان.. وإذا ما جازفوا ودخلوا الانتخابات وخسروا فإن ذلك سيسقطهم من حسابات اللعبة الخليجية- وخاصة السعودية التي تمثل أكبر خزائن تمويلاتهم- وبالتالي ستكون "شمسهم"قد شارفت الأفول.

لكن ما يتفوق به الأخوان في اليمن على بقية القوى هو: ترسانتهم الحربية وإستعدادهم لتفجير العنف بكل صوره.. وقدرتهم على الحشد في الشوارع.. ومهاراتهم الفائقة جداً في الكذب والتهويل الإعلامي وتزوير الحقائق وتضليل الرأي العام.. بالاضافة إلى إنصهارهم تنظيمياً في التكوينات القبلية التي تمنحهم قدرة تشكيل جبهات حرب في أنطقة جغرافية عديدة.. ثم أخيراً تحالفهم مع الولايات المتحدة..

إن ثورة 30 يونيو المصرية سرقت أنظار أخوان اليمن بسيناريوهاتها التي أفضت إلى طلب تدخل الجيش، وبات كل تفكيرهم يدور في نطاق سؤال أول: ماذا لو دفعوا بقواعدهم الى الشوارع ثم استنجدوا بالجيش، ألــن يلبي ندائهم اللواء علي محسن أو محسن القشيبي أو أيـاً من قادة تنظيمهم!؟ وسؤال ثاني: هل سيكون الموقف السعودي مؤيداً وداعماً لإنقلابهم أسوة بما أعلنه الملك تجاه قيادة الجيش المصري!؟ وسؤال ثالث: من يجاري الأخوان بإعلامهم في تصوير الحدث على أنه مماثل للثورة المصرية الكبرى، وتضليل الرأي العام حول الهوية الحزبية للقوى الانقلابية!؟؟

الأخوان في اليمن لا ينظرون لقضيتهم من أفقها الحزبي بدرجة أولى، حيث أن النخب العليا لهرمهم التنظيمي تستحوذ على أكثر من 65% من المصالح الاستثمارية في اليمن، وأغلبها نفطية في الجنوب. وبالتالي فإن همهم الأول هو فقدان قدرتهم على حماية تلك المصالح إن فقدوا نفوذهم السياسي- وهو ما يفسر أدوارهم في اللعب بأوراق الحراك الجنوبي وتمزيق فصائله ودعم بعضها بسخاء، فأي وضع فيدرالي للجنوب ينتزع من أيدي قيادات الأخوان ثروات طائلة..! كما إن فقدان الإخوان لقوة تأثيرهم السياسي والكشف عن حقيقة قوة النفوذ الحوثي يعني فقدان قيادات الجماعات الأخوانية "الدينية والقبلية" لثروات هائلة كانت لعقود تتدفق عليها مقابل دورها كـ"شرطي سعودي" وخليجي في اليمن لمنع "التمدد الشيعي"، وفرض أجندات سياسية معينة على النظام اليمني.

إن أكثر ما يخشاه الأخوان المسلمين في اليمن هو أن يتمعن الشارع إليمني بقائمة أسماء النخب القيادية العليا للتنظيم، لأن ذلك سيكشف أن التنظيم عبارة عن تحالف مدهش يضم أكبر رؤوس الطبقة الاقطاعية وطبقة رجال المال والأعمال على الإطلاق، ممن وجدوا بجلباب الديــن "المقدس" أفضل وسيلة لحماية فسادهم، والتوسع به، وأقوى سلاح بمواجهة الدولة أو أي قوى وطنية تحررية.. لذلك وجدنا هذا التحالف هو من فجر وقاد ومول "ربيع اليمن" ضد الرئيس صالح،، وهو نفسه المتورط بإغتيال زعيم يمني آخر قبل صالح، وأيضاً هو نفسه من كان يقف وراء إشعال حرب صيف 1994م وحروب صعدة الستة وغيرها.. وسنجده قريباً يعيد قواعده إلى الشوارع والساحات اليمنية تحت مسميات جماهيرية جديدة تستقطب حتى من هم خارج تنظيمه تمهيداً لحركة انقلابية عسكرية تحاكي أسلوب ثورة 30 يونيو المصرية، غير أنها بسيناريو مصطنع، و"سيسي" أخواني..!!

وبلا شك أن الأخوان في اليمن وغيرها يدركون جداً خطورة ما حدث في مصر على وجودهم ومصالحهم، وبالتالي فإنهم ينظرون للأمر كـ"قضيــة مصـيرية" فلا يمانعون في التحالف حتى مع الشيطان من أجل البقاء- على غرار ما رأيناهم عليه في تحالفهم مع أمريكا وأوروبا ضد نظام بشار الأسد،، وتهليلهم لقصف الطائرات الإسرائيلية لمناطق سورية.. فيما رفع أخوان مصر التكبيرات من المآذن ترحيبـاً واستبشاراً بتحرك سفن حربية أمريكية بإتجاه مصر للتدخل بالأحداث، وفجروا معاركاً إرهابية دامية في "سينـاء" لإيجاد مبرر جديد لإسرائيل لخلع السيادة الوطنية المصرية من "سيناء" وتسليمها لقوات دولية!!

حول الموقع

مركز الإعلام التقدمي مؤسسةٌ إعلاميَّةٌ تابعة لـ(ملتقى الرقي والتقدم) تُعنى بخلق ثقافة وطنية مدنية علمانية.