أعتذر مسبقاً عن تكرار بعض الأفكار وردت في مقالات سابقة لي، أعيدها هنا لإكمال وتوضيح الصورة، ففي الإعادة إفادة!

بدءً، المملكة العربية السعودية تحكم الشعب السعودي المغلوب على أمره بنظام ديني متطرف وفق التعاليم الوهابية المعادية للإنسانية وجميع الأديان والمذاهب من غير الإسلام الوهابي وتبرر حرب إبادة الجنس. ومعاداة السعودية الوهابية للحضارة والإنسانية والشيعة على وجه الخصوص ليس جديداً، إذ بدأت منذ تأسيس هذه المملكة في العشرينات من القرن الماضي، حيث قامت بتدمير الآثار التاريخية الإسلامية في مكة المكرمة والمدينة المنورة، بما فيها بيت النبي محمد، و زوجته خديجة، إضافة إلى إزالة مقبرة البقيع في المدينة التي تضم قبور الصحابة وأئمة المسلمين، سنة وشيعة. وحتى أرادوا إزالة قبر النبي ومسجده لولا الاعتراضات والإدانات العالمية. كل ذلك بحجة أن القبور والآثار التاريخية عادة وثنية، تتعارض مع الإسلام، وهو تفسير خاطئ لا يؤيده أي دليل منطقي أو ديني، سوى تعاليم محمد بن عبدالوهاب، الخارج عن الملة. فالوهابية خوارج العصر بكل معنى الكلمة.

كذلك مارس الوهابيون الإرهاب، وشنوا حروب الإبادة ضد شيعة العراق في القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين حيث قاموا بهجمات متكررة على النجف وكربلاء وقتلوا الألوف وخربوا ودنسوا الأضرحة ونهبوا خزائنها. وهذا بالضبط ما تقوم به عصابات "داعش" في سوريا والعراق من أعمال إجرامية بحق الأبرياء وتدمير المعالم الحضارية، ودور العبادة من أتباع مختلف الأديان والمذاهب.


هناك سلسلة من الأسباب والنتائج ساعدت السعودية على نشر التطرف الديني و وهبنة المسلمين وتحويلهم إلى وهابيين إرهابيين. فالسعودية تكاد تكون أغنى دولة في العالم، وهذه الثروة الهائلة هي ملك الأسرة الملكية الحاكمة تتصرف بها كما تشاء، ولا تحتاج إلى موافقة البرلمان لأن ليس هناك برلمان ولا دستور ولا قوانين، بل حكم ملكي إلهي مطلق كما كان الوضع في القرون الوسطى المظلمة في أوربا.

كذلك استفادت السعودية من الأحداث الدولية، وتحالفها الاستراتيجي مع الولايات المتحدة الأمريكية. وبرز توافق المصالح عند نشوب الثورة الشيوعية في أفغانستان وما تلاها من الاحتلال السوفيتي، فتم استغلال الإسلام الوهابي لتشكيل تنظيمات المجاهدين وتدريبهم من قبل العسكريين الأمريكان وبالمال السعودي وشحنهم بالأيديولوجية الوهابية، ومن بين هذه التنظيمات: (طالبان) و(القاعدة). وبعد سقوط الحكم الشيوعي في أفغانستان هيمنت طالبان والقاعدة على السلطة، واتخذوا من أفغانستان قاعدة انطلاق لهم، وأخيراً انقلب السحر على الساحر، فدشنوا إرهابهم ضد أمريكا نفسها بجريمة 11 سبتمبر 2001، التي غيرت السياسة الخارجية الأمريكية ومسار التاريخ.


وبعد إسقاط النظام البعث الفاشي في العراق، استخدمت السعودية التنظيمات الإرهابية في العراق ضد العملية السياسية وضد الشيعة، وتخريب العراق الجديد تحت مختلف الأكاذيب من بينها (عزل وتهميش العرب السنة)، و(هيمنة إيران على العراق). وراح مشايخ الوهابية في السعودية وقطر يصدرون الفتاوى التحريضية ضد الشيعة لإشعال الفتن والحروب الطائفية.

كما واستفادت السعودية، و قطر وتركيا، من فلول البعث الذي يمتلك أعلى قدر من الخبث والدهاء والغدر والمكر في استغلال الظروف، وعقد التحالفات حتى مع الشيطان، وهنا (وافق شن طبقة)، فتوافقت مصالح البعث مع مصالح السعودية، وحصلت التحالفات والتوافقات ضمن التنظيمات الإرهابية (القاعدة) و(جبهة النصرة) و (داعش). وراحت هذه الحكومات ترتكب أبشع الجرائم يحق الشعوب وبغطاء داعش وغيرها.


استطاعت السعودية ممارسة كل هذا الإرهاب وإسكات العالم عن جرائمها، وتبعد الشبهة عن نفسها وذلك عن طريق شراء الحكومات وحتى الأمم المتحدة بالمال. فقد تبرعت السعودية في العام الماضي بمائة مليون دولار للأمم المتحدة لمحاربة الإرهاب. كذلك نجحت السعودية في تكوين اللوبيات، وشراء الذمم، ومؤسسات الإعلام في الشرق والغرب، فهي تسيطر الآن على نحو 70% من الإعلام العربي. كذلك نرى السعودية من أكثر الدول سعياً في عقد مؤتمرات دولية للتقارب بين الأديان والمذاهب، والأعلى صوتاً في إدانة التنظيمات الإرهابية، بينما عملياً هي من أشد الدول التي تمارس إرهاب الدولة بدهاء وخبث، وأكثرها دعماً للتنظيمات الإرهابية، إذ كما قال بلزاك: "حذار من إمرأة تتحدث عن الشرف كثيرا".

وعندما تفشل منظماتها الإرهابية في تحقيق أهدافها، لن تتردد السعودية في التدخل مباشرة في ممارسة الإرهاب ضد تلك الدولة كما هي الحال في حربها الإجرامية الإرهابية على الشعب اليمني الفقير، وبحجة محاربة التدخل الإيراني. بينما ليس هناك أي تدخل عسكري إيراني وإنما تدخل عسكري سعودي فظ، حيث نجحت السعودية في شراء 12 حكومة عربية وغير عربية بما فيها السنيغال في هذا الإرهاب الحكومي ضد شعب أعزل.

وأخيراً دشنت السعودية حرب الإبادة على شيعة السعودية في المنطقة الشرقية، إذ أفادت الأنباء عن تفجير انتحاري في مسجد شيعي في القطيف إثناء أداء صلاة الجمعة (يوم 22/5/2015)، أدى إلى مقتل أكثر من عشرين مصلياً، وإصابة العشرات، وكالعادة في هذه الحالات، أعلنت "داعش" مسؤوليتها عن الجريمة. والحقيقة هي أن الأجهزة الأمنية بدأت حرب الإبادة ضد الشيعة وبأوامر من جهات دينية وحكومية عليا لتلقي الجريمة على داعش. فالدولة السعودية هي داعش، وهذه الجريمة ضد شيعة السعودية هي أول الغيث. فالحكومة خلقت داعش وغيرها من أجل ممارسة الإرهاب وحرب إبادة الجنس بغطاء داعش والنصرة والقاعدة وغيرها، وتبرئة نفسها، بل وتتظاهر بأنها هي ضحية هذا الإرهاب ، فتقتل الشيعة من شعبها وتتاجر بدمائهم في نفس الوقت.


وما يواجهه العراق وسوريا من إرهاب وحرب الإبادة وتدمير مؤسساتهما الاقتصادية ومعالمهما التاريخية الحضارية على أيدي داعش وجبهة النصرة إلا بدعم من السعودية وتنفيذاً للتعاليم الوهابية، فكما بينا أعلاه، هذه الجرائم مارستها السعودية نفسها من قبل.

وعليه فالحكومات (العراقية والسورية واليمنية) مطالبة بتقديم شكوى إلى الأمم المتحدة وجميع المحافل الدولية، بما فيها محاكم الجنايات الدولية، ضد الحكومة السعودية وكذلك حكومة قطر وتركية، لدعمها الإرهاب و قيامها بحرب الإبادة ضد الجنس وتدمير المعالم الحضارية والمؤسسات الاقتصادية، ومطالبة هذه الحكومات بدفع التعويضات للضحايا وذويهم، وأن تتحمل تكاليف إعادة إعمار هذه البلدان. ولا يمكن تحقيق هذا الهدف إلا بكسب أمريكا إلى جانبنا، وهذا ممكن عن طريق تكوين اللوبيات وإيجار شركات العلاقات العامة (PR)، تماماً كما نجحت السعودية في هذا المجال.

ولدي تقارير ودراسات غربية ومن جهات رسمية أمريكية تؤكد دور السعودية وقطر وتركيا في الإرهاب ضد العراق وسوريا واليمن. أدرج أدناه روابط بعض هذه التقارير والدراسات وحتى خطابات من شخصيات أمريكية رسمية مثل نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن.

حول الموقع

مركز الإعلام التقدمي مؤسسةٌ إعلاميَّةٌ تابعة لـ(ملتقى الرقي والتقدم) تُعنى بخلق ثقافة وطنية مدنية علمانية.