حذر الكاتب المحلل الروسي ألكسندر نازاروف دول الخليج من ضرية امريكية عقب تخفيض انتاج النفط من قبل منظمة اوبك+ في ظل انزعاج امريكي واضح من خطة التخفيض، وزعم ان الخليج لا يشهد مجرد ثورة وهمية، بل تمردا جماعيا وحقيقيا ضد الغرب.
واكد الكاتب الروسي على حتمية إعادة توجه دول الخليج نحو الصين، فآسيا هي المشتري الرئيسي للنفط العربي، وأينما وجدت المحفظة، يوجد قلب رجل الأعمال.
ووصف العلاقات بين روسيا والمملكة العربية السعودية في المرحلة الراهنة بالممتازة للغاية، سواء على المستوى الشخصي بين فلاديمير بوتين والأمير محمد بن سلمان، أو على مستوى تطابق المصالح (النفط عالي السعر).
أما من حيث أهمية موقع قيادة البلاد بالنسبة لروسيا، فبإمكاننا القول إن المملكة العربية السعودية دخلت إلى محيط أكبر ثلاثة شركاء رئيسيين إلى جانب الصين والهند.
واوضح انه وبسبب العقوبات، اضطرت روسيا إلى إعادة توجيه نفطها من أوروبا إلى آسيا، وهو ما يخلق بالتأكيد مشكلات للمصدرين الخليجيين، إلا أنه، وبدلا من اشتداد المنافسة وخفض الأسعار، نرى أن العرب وقفوا كتفا بكتف إلى جانب روسيا في الأوقات الصعبة.
لكن الأمر، بطبيعة الحال، لا يتعلق بتعاطف شخصي، قدر تعلقه بتطابق المصالح.
واشار الى دول الخليج اصبحت اليوم تواجه حقيقة أن المال لم يعد بإمكانه شراء تقارب الولايات المتحدة الأمريكية، بينما تندفع واشنطن من النقيض للنقيض بحسب الانتماء الحزبي للرئيس، وسياسة الولايات المتحدة ليست مستقرة ولا متسقة.
ولم تمنع صفقة ترامب الضخمة لمشتريات المملكة من الأسلحة الأمريكية هجمات واشنطن على محمد بن سلمان بشأن قضية خاشقجي، ولم تستبعد الدعاوى القضائية المستقبلية بشأن الحادي عشر من سبتمبر.
وبعد إعادة توحيد شبه جزيرة القرم مع روسيا، ساعدت المملكة العربية السعودية الولايات المتحدة الأمريكية في الدفع نحو انهيار أسعار النفط، والتي كان من المفترض، حسب خطة واشنطن، أن تسقط روسيا، فما الذي حصلت عليه الرياض مقابل ذلك؟
وضعت أسعار النفط المنخفضة المملكة العربية السعودية في وضع مالي صعب، واضطرت إلى البدء في بيع كنزها الوطني، شركة "أرامكو" السعودية وأصولها. ومع ذلك، وبدلا من المساعدة، رفض الغرب شراء أسهم الشركة، واضطرت الرياض إلى إجراء اكتتاب عام للشركة داخل المملكة بسعر أقل.
واعتبر ألكسندر نازاروف ترويج الغرب لقضية الطاقة الخضراء والتخلي عن الوقود الأحفوري، ليس أكثر من محاولة منه لفرض ضريبة استعمارية على منتجي المواد الخام.
والآن تتجسد نفس السياسة في محاولة لوضع سقف سعري لروسيا، ثم للنفط كله، وبالفعل تتم الآن في أوروبا مناقشة اقتراح مشابه.
وراى ان توجه "أوبك+" يحمل جانبا موضوعيا، حيث أدى انخفاض استهلاك الطاقة أثناء الوباء، والفترة الطويلة من انخفاض الأسعار، والآفاق الغامضة فيما يتعلق بـ "التحول إلى الطاقة الخضراء" في الغرب، إلى انخفاض كبير، خلال السنوات الأخيرة، في الاستثمار في إنتاج النفط، حتى أن دول "أوبك+" لا تستطيع زيادة الإنتاج حتى لو أرادت ذلك، والعديد من البلدان لا تصل إلى حدود حصتها.
وقال يبقى السؤال: هل يتغير الوضع إذا وصل الجمهوريون إلى السلطة في الولايات المتحدة الأمريكية؟ وهل هذه الصلابة السعودية مجرد محاولة لمساعدة بايدن والديمقراطيين على خسارة الانتخابات الأمريكية؟
ربما، لكني أعتقد أن العامل الأساسي هو رغبة الخليج في الانتقال من معسكر يحتضر إلى معسكر ينمو وبحاجة إلى النفط العربي لعقود قادمة على أقل تقدير. إضافة إلى ذلك، فالعالم يقترب من أزمة اقتصادية عملاقة، ما سيقلل من الطلب على النفط، لذلك فلا يزال الإنتاج بحاجة إلى خفض.
وبشكل عام، يهتم الخليج بالنظام العالمي الجديد، في الوقت الذي يبدو الاتصال بالولايات المتحدة الأمريكية مفارقة تاريخية.
وهاجم الكاتب الروسي الصين واعتبر ردة الفعل التي اظهرتها بكين ازاء زيارة نانسي بيلوسي الى تايوان بالمثير للشفقة كما اثبت ان الصين ليست مستعدة بعد للدفاع عن نفسها أو عن حلفائها. وقد يجلس الصينيون على ضفاف النهر لقرون، في انتظار جثة عدوهم لتطفو، لكن الولايات المتحدة الأمريكية لن تنتظر، وستجبر خصومها على القتال معها وهي لا تزال في أوج قوتها، وكما قد يبدو مفارقة.
وزعم الكاتب الروسي ان الدول العربية في الخليج ليست بحاجة إلى الصين للانتقال إلى المعسكر الاقتصادي الصيني، وإنما بحاجة إلى روسيا، الدولة الوحيدة في تاريخ العالم، القادرة على محاربة الغرب بنجاح.
ووصف ألكسندر نازاروف الوضع الخطير، وان تفجير "السيل الشمالي" يوضح كيف يمكن للولايات المتحدة الأمريكية الانتقام، وأنه إذا استمر الخليج في إظهار الرغبة في إعادة توجيه بلاده نحو الصين، فربما تضربه الولايات المتحدة، وتلقي باللوم على الحوثيين في اليمن.
على أي حال، من غير المرجح أن يغير الخليج موقفه في الخريف أو الشتاء. سيكون شتاء ممتعا.

حول الموقع

مركز الإعلام التقدمي مؤسسةٌ إعلاميَّةٌ تابعة لـ(ملتقى الرقي والتقدم) تُعنى بخلق ثقافة وطنية مدنية علمانية.