ليس أمام المواطن المقدسي إياد أبو صبيح، إلّّا أن يوجه نداء لكل المقدسيين للتواجد والتظاهر غدا الثلاثاء للاحتجاج على القرار الإسرائيلي بهدم البناية التي يسكن فيها إلى جانب عشرات المواطنين المقدسيين في بلدة سلون.

وبحسب صبيح، فإن بلدية الاحتلال أخطرت بهدم بناية سكنية تضم 12 شقة في حي واد قدوم ببلدة سلوان، جنوبي المسجد الأقصى، وتأوي ما يقارب 100 مقدسي.

وكانت محاكم الاحتلال قد رفضت تأجيل أو تجميد هدم البناية، وأمهلت ساكنيها حتى السابع من كانون أول الجاري لتنفيذ الهدم، وإلّا ستقوم آلياتها بتنفيذ الهدم وتحميل السكان تكاليفه.

ويشدد أبو صبيح أن اللجوء للشارع هو الحل الوحيد أمام السكان بعد أن سقطت كل الخيارات من قضاء وقناصل أجانب.

وكانت بلدية الاحتلال في القدس قد أخطرت السكان بهدم البناية قبل ستة أشهر، لكن قوة التحرك الشعبي قادت إلى تأجيل الهدم الذي جاء هذه المرة عبر تبليغ محامي العائلات بالهدم في فترة مسائية وقبل يومين من تنفيذه، أي يوم الأربعاء من الأسبوع الجاري.

وما ضاعف معاناة المواطن أبو صبيح أنه تعرض قبل ثلاثة سنوات لعملية هدم منزله التي يتذكرها بألم ووجع هو وعائلته، ويقول إنه احتاج إلى أكثر من ثلاثة أشهر كي يجد منزلا تعيش فيه عائلته.

وتعتبر مسألة إيجاد منزل مناسب في مدينة القدس “صعبة للغاية” في ظل تناقص أعداد المنازل المتاحة للإيجار، إلى جانب ارتفاع الأسعار الجنوني.

ويعيش سكان البناية المكونة من أربعة طوابق تحت خطر التشرد من منازلهم بعد قرار هدمها في السابع من الشهر الجاري.

ويستذكر أبو صبيح الهبّة الجماهيرية أمام مقر بلدية الاحتلال بالقدس، حيث ترافقت باهتمام القناصل الأجانب في المدينة، حيث تم تمديد فترة الهدم، لكن لم ينتج عنها انتزاع قرار بإلغاء الهدم أو ترخيص الإسكان (البناية).

ويعاني المقدسيون من سياسة سلطات الاحتلال إلى جانب جهود البلدية ممثلة بالحكومة التي تدعي تنفيذ قانون كامنتيس العنصري الذي أصدره الكنسيت في 2017.

ويقول أبو صبيح إن هذا القانون لا يمنح المحامين حق الترافع عن المواطنين المخالفين في موضوع البناء، وهو ما يجعل من كل الملفات المرفوعة أمام المحاكم جاهزة للهدم.

ويطالب سكان البناية المهددة بالهدم بأكبر حالة إسناد ودعم ومؤازرة للاحتجاج صباح الثلاثاء في ساحة بلدية الاحتلال على أمل أن يستمر المقدسي في العيش بمنزله.

ويشدد أبو صبيح أن كل عمليات الهدم والتهجير والاستيلاء على الأراضي وتحويلها لحدائق توراتية، ووضع الأحجار المزيفة لن تقود إلى إخراج أهل القدس من مدينتهم.

ويختم: “أصغر شجرة زيتون في الوادي أطول من عمر الاحتلال، وسنبقى في المدينة، ولن يحصل ما حصل في الماضي من عمليات تهجير جماعي، سنسكن الكهوف وتحت الأشجار والخيام، فالقدس أرضنا”.

وستعيش العائلات الـ12 يومين قاسيين في ظل حالة من الترقب والانتظار للهدم، وهو ما يعني أنها ستعيش فترة طويلة من التهجير والقهر على أعتاب فصل الشتاء.

وتبلغ مساحة أراضي بلدة سلوان 5640 دونما، وتضم 12 حياً يقطنها نحو 58500 مقدسي، وتوجد في البلدة 78 بؤرة استيطانية يعيش فيها 2800 مستوطن.

وفي سياق متصل، سلمت سلطات الاحتلال إخطارات لهدم تجمع سكاني يضم أربع عائلات من سكان تجمع أبو النوار البدوي شرقي القدس المحتلة.

وتعود ملكية هذه التجمعات إلى كل من: موسى محمد جهالين، محمد يوسف جهالين، جعفر علي جهالين، جهاد داوود جهالين، علما أن أحدهم يقطن بمنزله منذ 15 عاما، والآخرين منذ أكثر من عام.

ووفق مصادر محلية، فإن عدد المواطنين الذين يعيشون في المنازل المهددة بالهدم والمبنية من براكسات وخشب وزينكو، ما يقارب 14 فردا.

وفي ذات السياق، تلقت عائلة صب لبن قرارا بالإخلاء من منزلها في عقبة الخالدية بالبلدة القديمة للقدس، وتسليمه للمستوطنين بحلول منتصف شهر يناير/ كانون ثاني المقبل.

وبحسب مصادر مقدسية، فإن قرار الإخلاء تجاهل قرارا سابقا لمحكمة الاحتلال العليا بتاريخ 20/12/2016، والذي قضى بعدم السماح لأبناء العائلة بالسكن في المنزل، باستثناء الوالدين (مصطفى وزوجته نورا)، لمدة 10 سنوات فقط. وحينها أجّل الاحتلال إخلاء العائلة 10 سنوات ولم يبطله، لكن الجديد هنا أنه قلّص المدة إلى 6 سنوات فقط، وسيطرد العائلة من بيتها مبكرا.

يذكر أن موقع منزل عائلة صب لبن يعتبر حساسا للغاية كونه قريب جدا من المسجد الأقصى.

وبحسب مصادر في العائلة، فإنها كانت قد استأجرته من الحكومة الأردنية قبل احتلال القدس عام 1953، بينما تدعي جمعية “إلعاد” الاستيطانية أن المنزل يملكه يهود قبل عام 1948.

وبحسب ما وثّقت “شبكة القسطل” المقدسية، فإن سلطات الاحتلال قامت خلال شهر نوفمبر/ تشرين الثاني بهدم منازل 18 عائلة مقدسية.

مزيد من الاستهداف والتهويد
وتوقع مختصون وباحثون، أن الاحتلال وعبر حكومته المتطرفة المقبلة، سيسعى بكل جهوده من أجل العمل على تهويد مدينة القدس المحتلة، وعلى رأسها المسجد الأقصى المبارك.

وقال المختص في شؤون القدس بسام أبو سنينة، في حديث صحافي، إن الاحتلال يسعى لاستهداف منطقة باب المغاربة بهدف تهويدها وتوسعة جسر المغاربة.

وأشار أبو سنينة إلى أن الاحتلال ما زال يستهدف المسجد الأقصى والشعب الفلسطيني في الضفة، ويسعى لتوسعة جسر المغاربة بهدف دخول مركبات الاحتلال إلى المنطقة.

وقال الباحث في شؤون القدس راسم عبيدات، إن الاحتلال لديه أهداف خبيثة تمارس بحق الشعب الفلسطيني في الضفة المحتلة.

وأشار عبيدات إلى أن الاحتلال يهدف لكي وعي الشعب الفلسطيني من خلال مشاريعه الاستيطانية ومنها مشروع الخدمة المدنية، وأسرلة العملية التعليمية الفلسطينية.

وأكد عبيدات على أن أهداف حكومة الاحتلال المتطرفة القادمة، قائمة على التطهير العرقي والتهجير بحق الشعب الفلسطيني، والسيطرة على الأراضي الفلسطينية.

ودعا الشيخ كمال الخطيب، نائب رئيس الحركة الإسلامية في الداخل المحتل، الفلسطينيين في الأراضي المحتلة عام 48، وأهالي الضفة والقدس لشدّ الرحال إلى المسجد الأقصى المبارك.

وقال الخطيب إن المؤامرات الخطيرة التي تحاك حول المسجد الأقصى، ومشاريع التطبيع، تستدعي من الفلسطينيين في كل مكان أن يوصلوا رسالة للاحتلال بأن الأقصى وحائطه الغربي لن يكون إلا للمسلمين.

وأكد الخطيب أن أوهام الاحتلال ومستوطنيه ستتحطم على جدران المسجد الأقصى، وعلى صلابة صخرته ستتبدد كل مشاريعهم.

وفي سياق متصل، اعتبر وزير شؤون القدس لدى السلطة الفلسطينية فادي الهدمي، أن مدينة القدس تتعرض لهجمة إسرائيلية ممنهجة وغير مسبوقة على كل المقدسات الإسلامية والمسيحية، والبنية التحتية.

وجاء تصريح الهدمي خلال الاجتماع التحضيري للمؤتمر الدولي لدعم القدس المتوقع عقده في مارس/ آذار من العام المقبل، في الجامعة العربية.

حول الموقع

مركز الإعلام التقدمي مؤسسةٌ إعلاميَّةٌ تابعة لـ(ملتقى الرقي والتقدم) تُعنى بخلق ثقافة وطنية مدنية علمانية.