يعرض المهرجان السينمائي الذي تقيمه منظمة "هيومان رايتس ووتش" في لندن، هذا العام تسعة عشر فيلما تطرح قضايا مختلفة إبتداء بالفقر وحقوق المهاجرين وإنتهاء بالعنصرية وحقوق المرأة، في سعي لمعالجتها، خدمة لقضايا حقوق الإنسان.


ويقول المشرفون على هذه الفعالية إنهم وضعوا في أذهانهم تشجيع النساء المخرجات وإدراج أعمالهن في المهرجان، لإشراك المزيد من الأفلام التي تعالج قضايا المرأة.


ومن بين الأفلام الأكثر نجاحا الشريط الذي باع أكبر عدد من التذاكر بفترة زمنية قصيرة، بالرغم من سوداوية موضوعه. وهو فيلم وثائقي بعنوان "ثمن الجنس" و يكشف عن مسار الإتجار بالجنس من دول شرق أوروبا الى عدد من الدول في الشرق الأوسط مثل تركيا والإمارات.
وتعريف الإتجار بالجنس هو نقل النساء من بلدانهن الأصلية وتوظيفهن قسرا كبائعات هوى.


وتتبع الكاميرا تنقلات المخرجة ميمي شاكاروفا وهي تسافر من دولة الى أخرى متحدثة مع كل من له دور في صناعة الجنس، إبتداء من النساء والزبائن الى الوسطاء والسماسرة والشرطة والسلطات، لتكون حلقات متصله كسلاسل الرق.


ويكشف الفيلم اللقاءات التي تجريها شاكاروفا مع النساء عن معاناتهن النفسية التي لا تتوقف حتى بعد العودة الى قراهن. وتتحدث النساء كيف صدقن وعد الوسيط الذي رتب كل إجراءات سفرهن من ضمنها جوازات السفر، وقوله إن هناك من سيوظفهن كخادمات أونادلات. ولكن نظرات النساء وحركاتهن اللا شعورية التي تكشف كل تفاصيلها الصغيرة عن "الثمن" النفسي الخفي الذي يدفعنه يوميا. ويكشف فيلم "حفظ الوجه" عن تعرض نساء في باكستان لتشويه وجوههن بالأسيد. قد يعتبر البعض أن الأفلام الروائية في المهرجان أخف وطأة من الوثائقيات لأنها تضفي نوعا من الشاعرية على المعاناة . فربما ليس من المفارقات أن الشعر بعينه يلعب دورا مهما في فيلم "حبيبي " للمخرجة الأمريكية من أصل لبناني سوزان يوسف.


ويحكي الفيلم قصة حبيبين من مدينة خان يونس في قطاع غزة إسم الفتاة "ليلى" والشاب "قيس". ومن هنا من السهل أن يلاحظ أي جمهور عربي أن الفيلم يعيد رواية قصة مجنون ليلى. فبينما كان مجنون ليلى الأصلي يهيم في الصحراء ويردد أشعاره على مسامع الجميع يقوم "قيس" المعاصر بكتابة شعر أجداده على حيطان المخيم الذي يعيش فيه. ما يفرق بين الحبيبين في هذه القصة المعاصرة ليس عرف القبائل بل المجتمع المحافظ من حولهما.. لكن المخرجة تنفي أنها كانت تقصد إنتقاد تيار معين وتقول إنها لم تقصد حتى ان تتحدث عن حقوق المرأة بشكل خاص بل أرادت أن تلفت الأنظار الى الصعوبات التي يواجهها شباب غزة في إستكمال تعليمهم خارج القطاع بسبب القيود على الحركة التي تفرضها إسرائيل. تلك الظروف تضع حدا لآمال قيس وليلى بالزواج لأن قيس لا يتمكن من التخرج فليس أمامه مستقبل سوى العمل في البناء، الأمر الذي يجعله غير مرغوب كعريس في نظر والد ليلى.


وعرض المهرجان في الإفتتاح فيلم فلسطيني بعنوان خمس كاميرات محطمة. وهو فيلم وثائقي صوره أحد النشطاء وإسمه عماد برناط، ضد الجدار الذي بناه إسرائيل في قريته بلعين. عماد هو الناشط والمخرج في آن وحد فهو الذي صور مقاومة عائلته للجيش الإسرائيلي وللجدار بواسطة خمس كاميرات. عندما تتحطم كاميرا يشتري أخرى ثم قام هو بمساعدة مخرج إسرائيلي، غاي ديفيد، ببناء قصة الفيلم من خمسة أجزاء كل جزأ ترويها كاميرا قبل تحطيمها. هناك أيضا فيلم "هلق لوين" للمخرجة اللبنانية نادين لبكي حول محاولات النساء للحفاظ على صداقاتهن التي تربط مسلمة بمسيحية ولا يتخلين عن هذه الصداقات بالرغم من الحرب الطائفية التي تدور من حولهن.


وفيلم رابع حول مجموعة جزأ منه يروى باللغة العربية يحكي قصة مجموعة من الطالبات في الجامعة الأمريكية في مدينة السليمانية، في إقليم كردستان العراق، وهن أعضاء في فرقة لكرة السلة.


مهمة المهرجان كما يريد له منظموه التعبير عن آمال شخصية ومعالجة معضلات اجتماعية، وفي نفس تسليط يسلط الضوء على قضايا متشابكة إن لم تطرح وتحل تترك بصمات على المجتمعات من الصعب علاجها.
"بي بي سي"

حول الموقع

مركز الإعلام التقدمي مؤسسةٌ إعلاميَّةٌ تابعة لـ(ملتقى الرقي والتقدم) تُعنى بخلق ثقافة وطنية مدنية علمانية.