الحرازي: هذه المسلسلات تدعو إلى التمرد على القيم والمبادئ والتقاليد                                             
أقبل موسم عرض المسلسلات التركية التي تتسابق وتتنافس كل القنوات الفضائية لعرض الجديد منها بما تحمله من (الهرج والمرج), ولكن الغريب في الأمر هو الشغف الملحوظ والشوق الكبير الذي يملى عقول وقلوب معجبيها  ومحبيها, لتصبح أوقات عرضها ساعات مهمة لا يمكن التنازل أو الأعراض عنها لأي غرض من الأغراض, ولا يقتصر هذا الإدمان على فئة أو جنس أو منطقة بحد ذاتها بل حتى الأرياف تبدي استمتاع كبير حال مشاهدتها أكانت ذات طابع رومانسي أو تلك التي تحمل طابع قتالي يبعث في النفس المغامرة والإثارة والتشويق.. وقد تعوق تلك المتعة الانطفاءات المتكررة للكهرباء إلا إن الأمل لا ينهي أفضلية المتابعة...                                       


في البداية يقول أحمد محمد يوسف 35 عاما- تربوي- في الحقيقة وجدت في المسلسلات التركية ميزة غير موجودة في الدراما العربية التي لم تعد تلقي بالا للعواطف الإنسانية والمشاعرية حيث أصبحت معظم مسلسلاتها تناقش مواضيع غير موجودة تعني فقط لشريحة معينة من مجتمعاتنا العربية وهي الطبقة الغنية ومشاكلها وهمومها وتجارتها وربحها..                                                                                                     


ويضيف أحمد: أما الدراما التركية فهي تتحدث عن مشاعر صادقة موجودة في الواقع لكنها أظهرتها بشكل راقي في بعضها بغض النظر عن العيوب الأخرى الموجودة في المسلسل التي إن ظهرت فأنا أغير المحطة على الفور.


أما لينا عبد الصمد- 20 عاما تقول: أنا من المدمنات على متابعة الحلقات التركية, فأنا أحبها وأفضل متابعتها عما سواها.. وأشعر معها بأني في عالم آخر بعيدا عن واقعنا الذي يبعث في أنفسنا الكدر والضجر نتيجة الأزمات المتوالية لذا فمشاهدتنا إياها هي من باب الترويح عن النفس.       


                                  مسلسلات تركية              


مغامرة وفتى الأحلام                                                    
يرى عاصم ناير 38 عاما, بأن ليس كل ما عرض مفيد ويجب متابعته, حيث أن هناك العديد من المسلسلات التركية لا ينبغي متابعتها لأنها تختلف تماما عن بيئتنا وعادتنا وتقاليدنا وتحتوي على مشاهد محرم النظر إليها.


ويوضح عاصم قائلا: وإزاء ذلك فأنا لا أتابع إلا القتالية منها لأنها تحمل معنى المغامرة والإثارة والتشويق وتدل على البطولة والرجولة, وخير دليل على ذلك مسلسل الأرض الطيبة الذي تعرضه الآن قناة ال أم بي سي في جزئه الرابع, وكنت من قبل شغوف بمتابعة حلقة مراد وسمعت الآن أن له جزء خامس أنتظر عرضه بكل شوق. 


بينما تتساءل ندى- ربة منزل 29 عاما قائلة: هل حقا يوجد أزواج رومانسيين كهؤلاء الذين يظهرون في الشات؟ وهل هكذا حقا يتعاملون مع زوجاتهم بكل لطف ورقة وإحساس؟!.. وكأنها سيدة البيت وأميرته فهذا ما كنت أتمناه من قبل وأحلم به,                                                                                                       


وتضيف ندى متحسرة: ( يا بختي ) طول عمري أنا والهم والهرم من بيتنا لبيت زوجي الذي لا ألقى منه كلمة طيبة سوى صناعة المشاكل مع عمي وعمتي..                                                                            


طلقني !!                                                           
تقول سبأ ناجي- خريجة جامعة صنعاء- أجد سعادة ومتعة كبيرة في متابعة هذا النوع من المسلسلات المدبلجة ولا أشعر معها بالملل أبدا, فأحاول بقدر الإمكان أن أنهي أعمالي ومشاغلي المنزلية قبل عرضها.. إلا إن زوجي دائما يتضايق من ذلك وقد منعني مرارا من متابعتها لأنه يزعم إنها غيرت من طباعي وتصرفاتي وتعاملي له, وأنا قي الحقيقة لا أرى إلا إنها فتحت عقليتي لأشياء كثيرة كنت غافلة ومتنازلة عنها.                                       


وتضيف سبأ: إلا إنه في أحد الأيام بلغ الشجار ذروته بخصوص هذا الأمر عندما قرنته بطيبة وتقدير (سليم لزوجته أسماء في مسلسل قلوب منسية) الذي كان يعرض في قناة أم بي سي دراما قبل شهر رمضان المبارك, ليذهب بي الغضب والانفعال المفاجئ إلى كلمة طلقني !!, إلا أن زوجي كان رحيما وأكثر تماسكا مني واكتفى بطلقة واحدة!   


أما نبيل 43 عاما- موظف- يقول: في حال عودتي من المسجد بعد أداء فريضة العصر, وإذ أسمع زوجتي تحدث إحدى صديقاتها في المجلس عن ملامح ووسامة أحد شخصيات مسلسل ( العشق الممنوع).. حتى أخذت بي الغيرة والعصبية كل مأخذ وكنت ناويا حينها بطلاقها إلا إنني تماسكت عندما رأيت أولادي الصغار واكتفيت بأخذها إلى منزل أهلها ومقاطعتها لمدة شهر حتى تعهدت لي أمام الله وثم أمام أخوتها بعدم متابعة هذه الحلقات مرة أخرى, وأضاف نبيل: وقمت بعد ذلك بتشفير كل المحطات التي تعرض هذا النوع من المسلسلات المدبلجة..               


  بناتي الثلاث
تبدي أم وليد 46 عاما- ربة منزل,استياءها الشديد وتقول: احترت مع ابني وبناتي الثلاث, فنحن من أسرة جدا محافظة ولا نرضى لفلذات أكبادنا متابعة هذه المسلسلات التركية لما تحمله من مناظر إباحية أستحي وأنا مزوجة وأم النظر إليها فكيف بهؤلاء الشباب والشابات الذين تصيبهم وتعتريهم حالة من الذهول عند متابعتها وكأنهم في عالم آخر قلبا وقالبا.


وتضيف أم وليد: حاولت بقد الإمكان نصيحتهم بأن هذا حرام ويجب على المسلم غض البصر ولكن لا فائدة, فشفرت القناة التي تعرضها فذهب ابني وليد عند زملائه ليتابعها أما بناتي الأخريات صعدن الدور الثاني لمشاهدتها مع الجيران.. وكأنك يا زيد ما غزيت!


المسلسلات التركية


  شو بتقول أستاز..
أوضحت رغدة محمد ثابت- مدرسة مادة الكمبيوتر للمرحلة الأساسية- مدى تأثير الدراما التركية في حياة الفتيات الصغيرات قائلة: أنا رائدة الصف الخامس في المدرسة ومسئولة عن مناقشة قضاياهن ومشاكلهن, ولكن ما أراه حاصلا هو حب متابعة المسلسلات المدبلجة خاصة التركية بين أوساط الطالبات وهن مازلن قي هذه المرحلة الصغيرة من العمر, ففي أوقات الراحة يبدأن بسرد أحداثها والتنبؤ بما سوف يحدث حتى وصل ذلك إلى درجة المحاكاة عند المشاركة أو الإجابة داخل الفصل.. فبدلا عن قولهن أستاذ ينطقنها (أستاز).. وعبارة ماذا تقول تصبح (شو بتأووول)- ولا نريد امتحان تغدو (ما بدنا فحص اليوم آنسة).


فبعد إن كن أربع طالبات يقمن بذلك سار الفصل كله على نهجهن, وتضيف رغدة: إلا إننا لم نقف ساكتين فقد قمنا بجلسة توعية عن خطورة هذه المسلسلات من الناحية التربوية والدينية وكذا عقد مجلس للأمهات لمناقشة مثل هذه القضايا.


 حتى جدتي !!
أسامة 12 عاما- طالب في الإعدادية يقول: أنا لا أتابع أي برامج أو مسلسلات ألا فقط الحلقة التركية (الأرض الطيبة) .. حتى جدتي تصلي أحيانا صلاة العصر قبل الأذان لتتمكن من متابعة المسلسل من دون أي مقاطعة وحتى لا يفوت عليها أي مشهد منه, وتدعو أحيانا ألا تموت إلا بعد أن ترى الحلقة الأخيرة للمسلسل!


وعندما سألنا جدة أسامة قالت بعباراتها البسيطة عن: ( الله ينصر الدكتور طارق, عذبوه.. ضربوه.. كهربوه وهو ثابت لأنه مع الحق والذي مع الحق ربنا ما يضيعوش ولا بد ما ينتصر في الأخير.. حرام إننا أدعلوه من كل قلبي بعد كل صلاة )


وكذلك هو حال بقية أحفادها الصغار سمية وعمر وبشرى وسليمان الذين يجدون متعتهم في متابعتها عوضا عن كراتين الأطفال..


  ما الذي أصابهم ؟
تقول الداعية الإسلامية هدى الحرازي: أتعجب من حال هؤلاء الشباب وتلكم النسوة لأي حال وصلوا إليه!, حتى غدت عقولهم وقلوبهم معلقة بالهوى والضلال, فقد باعوا الباقي بالفاني واستسهلوا النظر إلى ما حرم الله من المشاهد والمناظر الإباحية التي يجدون في متابعتها ألف مبرر ومبرر يحل لهم ذلك, وزد بذلك ما تدعو إليه من إقامة علاقات وهمية وقصص غرامية تحت مسمى الصداقة والحب والوفاء والإخلاص وكلها معان جميلة ظاهرها الرحمة وباطنها الويل والعذاب.


وتضيف الحرازي: بأن هذه المسلسلات جاءت لاستهداف عقول الشباب والشابات ليعيشوا حياة همجية بعيدة كل البعد عن قيم شريعتنا الحنيفة وأخلاقنا القويمة, بل إنهم يجعلون من أبطال مسلسلاتهم الشيطانية نماذج لا بد أن يقتدي بها الشباب ويصورونهم بأنهم مثالا عظيما للإخلاص والتضحية بالتمرد على القيم والمبادئ والأعراف والتقاليد وغير ذلك مما يصاحبها من الفجور والمجون بإظهاره بحلة الحب البريء الطاهر النقي, حاشا وكلا أن يدنس ويكون كذلك.


وأوضحت الحرازي: إن سبب خراب البيوت ودمارها وتفكك روابطها هي هذه الدراما والمسلسلات الهابطة, فكم هي تلك المشاكل الزوجية التي انتهت بالطلاق إزاءها فلم يكن تأثيرها على وطننا فحسب بل على مستوى شعوبنا العربية, فقد دخلت إلى كل بيت وأفسدته وقضت على كل معنى جميل لسعادته واستقراره...


 


 

حول الموقع

مركز الإعلام التقدمي مؤسسةٌ إعلاميَّةٌ تابعة لـ(ملتقى الرقي والتقدم) تُعنى بخلق ثقافة وطنية مدنية علمانية.