اليوسفي: النشأة الخاطئة وضعف الوازع الديني المعول الأول للوقوع في مستنقعات الجريمة
سعيد: الفقر بيئة خصبة لتفشي ظاهرة السرقة والدولة من تتحمل المسؤولية بدرجة أساسية
 
 الأطفال هم زهرة الحياة وأمل المستقبل , والمرأة هي نصف المجتمع بتواجدها وحضورها في جميع المجالات الحياتية الموافقة لميولها وطبيعتها التي أودعها الله فيها .. والواقع يظهر مشاركة المرأة الفعالة مع أخيها الرجل في بناء مجتمع ديمقراطي حضاري متزن ,, بيد أن الشرخ والخلل يحدث في استغلال هذا العنصر استغلالا خاطئا وفي عمليات إجرامية خطيرة ومن أبرزها السرقة !! , هذه المعضلة والظاهرة الخطيرة التي غدت في التفشي والانتشار ..
                        
 بداية يخبرنا الأخ عماد – مهندس تليفونات – أنه تعرض للسرقة أكثر من مرة من قبل أطفال لا يتجاوزون سن الخامسة عشرة , خاصة من بعض أولئك المتسولين .. حيث قام أحدهم بالتشبث بملابسي بحجة الضغط علي لإعطائه النقود , ولم أدري بعد ذلك إلا باختفاء جوالي !! ومن ثم عدت إلى نفس المكان للبحث عنه ولكن دون جدوى !؟      
 
بينما أفادت الأخت إيمان ياسين – ربة منزل – إن بعض المترفات لجريمة السرقة , يقمن  باستغلال أماكن التجمعات خاصة النسائية ومواطن الأعراس والاحتفالات لتحقيق مآربهن الضالة وألاعيبهن الدنيئة .. حيث أوضحت بأنها تعرضت إثر ذلك لسرقة ذهبها كاملا والذي قدرته بالملايين حال مغادرتها إحدى قاعات الأعراس .. فجن جنونها وحاولت بمساعدة الأخريات إقفال باب القاعة ومن ثم تفتيش الحاضرات جميعا لكنها لم ترجع إلا بخفي حنين ؟!

وتوافقها الرأي الأخت سمية – مدرسة قرآن كريم – أمانة العاصمة – وأضافت بقولها أنه في أثناء حضورها لحفل تخرج إحدى قريباتها استغلت أحدى الحاضرات الازدحام الكبير وسرقت حقيبتي عن غفلة مني .. وكدت أن أنهار حينها , إذ أن وثائقي الشخصية وتليفوني الذي يحتوي على العديد من الصور والمقاطع الخاصة .. ومعاشي الذي كنت قد استلمته .. كل ذلك قد ضاع مني , فقمت بالإجراءات اللازمة , ومن ثم دعوت الله أن يجنبني كل سوء ومكروه , لذا فأنا أنصح الجميع بعدم الاحتفاظ بالصور العائلية في التلفونات لكونها أكثر عرضة للسرقة والنهب وقد يحدث ما لا يحمد عقباه !!
    
    سرقة المنازل     
 لا يقتصر الحال على الأماكن العامة , بل يتعدى خطر المحترفات إلى داخل المنازل والبيوت , تحت أي ظرف كان ! ,  وهنا  يكمن دور الأطفال , إذ يبدأ بالترقب والترصد ,,    حيث تذكر لنا الأخت نبيلة – ربة منزل – بأنها حضرت عزاء إحدى صديقاتها .. وشاهدت طفلة تراقب صاحبة البيت , حال دخولها غرفتها الخاصة وإخراجها بعض النقود من أحد الأدراج , وإذا بي أرى والدة الطفلة تتسلل إلى نفس الغرفة !! , فاكتشفتها متلبسة , فحاولت ضربي ومن ثم رمت بالمال ولاذت هي وابنتها بالفرار ..!!                         
 
 محلات البيع
أكثر الأشخاص عرضة للسرقة والنهب والغش والخداع هم أصحاب المحلات التجارية ... الذين تزايدت شكاواهم وتكررت بلاغاتهم حول الموضوع نفسه.
هذا ما أوضحه الأخ عبد الحميد – بائع مواد غذائية – شعوب – وأضاف بأنه مرة إلى مرتين في الشهر للسرقة من قبل أطفال محترفين !!, يدخلون المحل بحجة الشراء ومن ثم يقومون بالتمويه والمغالطة , مستخدمين مختلف الأساليب والحيل , فبعضهم يقع في شر أعماله بينما يلوذ الآخرين بالفرار ..
 
ويوافقه الرأي الأخ أسامة عامر – أحد الزبائن الموجودين في المحل – ويضيف بأنه شاهد بؤم عينيه طفلا قام بتمويه البائع بطلبه إحدى السلع الموجودة في الزاوية الأخرى , وأثناء تلبية صاحب المحل طلبه , سارع الطفل بسرقة مبلغ من المال وفر هاربا , فعندما قمت بملاحقته , لم أره إلا وقد   دهسته إحدى سيارات الأجرة             ..     !!                               

 ضعف الوازع الديني  
   اتفق العلماء على إن الدافع الرئيسي والأساسي لهذه الجريمة النكراء التي تهدد أمن المجتمع واستقراره , وتسبب إخلالا واضحا لأخلاقياته ومبادئه , حيث أوضح الشيخ والداعية سلمان اليوسفي أن ضعف الوازع الديني هو المحرك الأساسي للوقع ضحايا لهذا الجرم الشنيع في نفوس مرتكبيها , حيث أن الشرع بين لنا طرقا عديدة ووفيرة تكفل للإنسان الكسب الحلال .                            

   ولأن المال لا يتولد من تلقاء نفسه , وإنما لا بد من العمل والجهد بعيدا عن استغلال حاجة المحتاج , وحجر على السفهاء والقاصرين لعجزهم عن الالتزام بضوابط الكسب وطرق الرزق المشروعة , فالمال وسيلة الحياة لا غايتها , فكم هي تلك الآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي نصت ودلت على تحريم هذا الجرم الشنيع , ومعاقبة مرتكبيه العقاب الحازم والرادع , ويلزم قبل هذا التوعية الدينية بمختلف وسائل الإعلام المقروءة منها والمسموعة ,  لتنمية الروح الإيمانية وضبط النفس عن الوقوع في الإثم والمحظورات والمشتبهات ..  لقيام مجتمع تتوازن فيه مصالح الناس وتتحقق فيه أغراضهم وغاياتهم .

 الفقـــــــر
ومن جهته أوضح الأكاديمي مروان عبده سعيد أن المجتمعات الفقيرة  هي أكثر المواطن عرضة للسرقة والنهب , وما ينتج عنها من ظلم وفقر وتفاوت في الثروات , واستغلالا للحاجيات ..                                                  

إذ ينشأ الفرد ولا يلقى ما يسد به حاجياته الأساسية في العيش , وممارسة نشاطاته الحياتية المعهودة منه . لذا قد يدفعه ذل الحاجة إلى تجاوز المحظور , والوقوع في المحرمات إن لم يكن ذو ضوابط أخلاقية ومبدئية , لذلك كان من الضرورة الاهتمام بالتنمية الاقتصادية التي يتوجب على الدولة ضمانها ,فهي أول ما تستهدفه القضاء على الفقر والتخلف , لتهيئ المناخ المناسب الذي يتمتع فيه الإنسان بحقوقه كاملة .                

مضيفا وهذا ما أكدته كل تلك الدراسات والمسوح الواقعية بخصوص هذا المجال و التي جاءت لدراسة أسباب النوازع السيئة والأوضاع المتردية في حياة الفرد , ليصبح إنسانا نافعا وصالحا , ونواة حسنة ومنتجة في مجتمعه ووطنه.

 مبينا: وقد يستغل ضعاف النفوس ضعف المرأة التي لا تعطي للقيم بالا , حاجتها وفاقتها , أو عجزها عن توفير حاجيات أطفالها خاصة إن لم يكن لها ظهر يحميها , فيقودها تصورها الخاطئ وفهمها المقصور وعاطفة الأمومة الغير موجهة والمندفع تفكيرها تحت أي طارئ لأي سلوك يلبي متطلباتها المعيشية وحاجيات أطفالها وأسرتها                                                   .                                                                     فتعمي الحاجة عين الحقيقة , وتغيب الفاقة ألم العقاب .
 
  أزمة تربوية نفسية     
تقول أسماء عبد الجليل – مدربة في مجال التنمية البشرية – بأن الإهمال في التربية وعدم المتابعة منذ الصغر , وانعدام القدوة التربوية والأخلاقية في حياتهم , ساعد في تطور هذا السلوك المنحرف عن عقيدتنا وأخلاقياتنا . ولابد من الاعتراف ابتداء بأن القضية وتطوراتها وتداعياتها الخطيرة تكمن أولوياتها في البيئة المرافقة للطفل ,  فإما ينشأ جيل متكامل ومتوازن ذو مناعة ذاتية تحفظه من الانحراف والضياع والسقوط في متاهات الهواء والنزوات. وإما تستهويه الآفات والسلوكيات المرضية , مما ينتج عنه خلل في النهج التربوي والأخلاقي                
 
 موضحة: ,, بأن العملية التربوية يجب أن تبدأ بعد كشف الحالة التي عليها  الفرد , لمعرفة أفكاره , وكيف يفكر , تصرفاته وكيف يتصرف , علاقاته ومن يعاشر , مشاكله ومسبباتها , ميوله ورغباته ومدى تحكمه فيها , مكامن الخير والشر فيه , بعد ذلك يكمن تحديد المنهج موضوعا وكيفية , وكل عملية تربوية وأخلاقية تتم خلاف ذلك لا تحقق إلا تراكمات جديدة في شخصية الفرد , قد تصيب حينا , ولكنها تكون فاشلة في غالب الأحيان , لأن الجديد بني على اعوجاج القديم ..!!

حول الموقع

مركز الإعلام التقدمي مؤسسةٌ إعلاميَّةٌ تابعة لـ(ملتقى الرقي والتقدم) تُعنى بخلق ثقافة وطنية مدنية علمانية.