* ميادة: أي فرحة نبحث عنها في مقبرة الأحياء!!
 * عروس تزف إلى السجن بدلا عن بيت الزوجية...
كان رمضان يوما يجمعهن على مائدة الإفطار برعاية ودفء أسرتهن , فتغمرهن سعادة لا مدى لها ... فلم تعد إلا تلك الذكريات الجميلة هي التي تصبر وتنير وحشة وظلمة السجون, ليضيف إليهن الزمن جرحا آخر ومرارة أخرى أشد وطئا مما رسمته لهن الأقدار, تخلي أقرب الناس في حال كن أحوج ما فيه إلى الكلمة الطيبة والوقفة الحانية والدمعة المواسية ... هن السجينات بأجسادهن والأحرار بأرواحهن.

"مركز الإعلام التقدمي"  زارهن الى السجن المركزي بصنعاء، ووقف على فصول مآسيهن، ليُسمع أنينهن إلى الرأي العام..

ميادة 25 عاما متهمة بجريمة قتل – تقول: أي فرحة لرمضان أجدها هنا, ودموع الحسرة والألم يصطحباني ويلازماني في السجن وأنا بعيدة عن أبنتي وولدي وأهلي الذين تخلوا حتى عن زيارتي والسؤال عن أحوالي فهم يرون بأنني جلبت لهم الفضيحة والعار إزاء دخولي السجن دون مراعاة بأن هذه إنسانة لا حول لها ولا قوة, إلى الآن وأنا أعيش في غيبوبة وفي كابوس لا أدري متى سأفيق منه !!
 
دمعـــة نــــدم
 وتعايشها مرارة الألم أروى 3 سنين سجن – بتهمة سرقة, وتضيف: هنا جدار الويلات والكروب والأحزان, غابت عنا صور جميلة ولحظات رائعة كانت تجمعنا في رمضان وتملأ جونا الأسري بالألفة والمحبة, إلا إن أقدار الزمن رمت بنا إلى هذه السجون الكئيبة, خلف القضبان والأسوار المريرة ...
 لسنا أول من أخطأ ولا آخر من أذنب, فلماذا ينظر إلينا المجتمع نظرة قاصرة ومغلظة وكأننا من عالم آخر!!
ولعنت أروى الظروف التي أوصلتها إلى هذا المكان وفيما أجهشتها دموع الندم تتمنى إلى من يمد لها ولزوجها يد العون ليخرجهما مما هما فيه.
 
أما حليمة – متهمة بشروع قتل صاحبتها – تقول لدي ستة أولاد ولا أدري عنهم شيئا , طوال وقتي وأنا أفكر في حالهم وأخشى أن يصيبهم مكروه .. فلا فرق عندي رمضان ولا غيره من الأشهر فالهم والحزن يعتصران في قلبي على نفسي وعليهم .. فمن ذا الذي ينظر إلينا بعين الرحمة ويخرجنا مما نحن فيه؟
                        
عروس تزف إلى السجن
 كان موعد زفافها يوم الخميس لطالما انتظرته بشوق ووله لم تكن تصدق بأن السجن هو محطة شوقها ومكان زفافها وأن القضبان ستكون يوما شرفة غرفتها!!
لتتجلى عافية العروس التي سبقها السجن قبل عريسها ليخطفها بين أضلاعه ماكثة فيه 6 أشهر حتى الآن مع أختان متزوجتان وابن أختً يبلغ من العمر 14 عاماً في الأحداث بتهمة قتل للمستأجر منهم لم يعرف جانيها، هكذا شاءت الظروف لهذه الشابة المقبلة على العمر أن تستقبل رمضان وهي في أشد الحاجة إلى من يمسح دمعتها التي لم تهدأ منذُ دخولها إلى هذا المكان المزري الذي لا يرحم ولا يستغفر لمن تدخله، خاصة في هذا المجتمع الذي لا يعرف ولا يتقبل للمرأة طريق حتى وإن كانت بريئة.
 
الخالـــة مريـــم
 ربما كانت الخالة مريم هي النبض الوحيد المتفائل والروح الراضية المرحة في جو الأحزان والكروب,  تقول عن شهر رمضان: الحمد لله أشعر بسعادة وطمأنينة كبيرة في قلبي ولا أشعر بأنني في سجن أبدا, بل إنني لا أتمنى الخروج منه فهو فرصة للخلو مع ربي بالذكر والعبادة والصلاة والصيام وقيام الليل. وأضافت إنني في السجن منذ ست سنوات ختمت خلالها القرآن الكريم بالتلاوة والحركات, وأقوم بنصيحة السجينات من مختلف الأعمار للمحافظة على الصلاة في وقتها وأحببهن لأداء النوافل تقربا إلى الله ليكشف ما أصابهن من ضر.
ولا أخفي عليكم بأنني قد مررت بظروف صعبة حيث ماتت أبنتي وهي في عز شبابها ولم أتمكن من رؤيتها إلا أنني صابرة وراضية بما كتبه الله لي.
 
الغريب في الأمر أن الخالة مريم تدعي بأنها امرأة مبروكة وتعالج السحر والشعوذة بالقرآن وأن لها رؤية صادقة حيث رأت بأن إحدى السجينات ستحل أزمتها وتخرج من السجن وذلك ما حصل فعلاً بعد ثلاثة أيام كما زعمت.
 
رسالـــة إستغاثــــة
رسالة خطت بدم قلوب السجينات إلى كل فاعلي الخير إلى المسئولين إلى رجال الأعمال بأن ينظروا إلينا في هذا الشهر الكريم فنحن أحوج ما نكون إلى صدقاتكم وتبرعاتكم التي تعيد الحياة إلينا وتفك أسرنا وتكشف كربنا وضيقنا، فكم نحن اللواتي طال بنا الأمد ولكن عجزنا عن دفع الحق العام أو الخاص على ذمة مائة ألف أو ثلاثمائة أو مليون، قد حطم حياتنا وأودعنا في معزلٍ عن الحياة وعن المجتمع وبيننا وبينكم الله أن يجزيكم جزاء لا يعرف مداه أو منتهاه إلا هو.
 
أخـــــيراً
 انتهى الوقت وحان موعد مغادرتنا فوجدناهن ينظرن إلينا بعين الأمل والأمانة على أن نحمل رسالتهن للعالم أجمع.. ودعنا هند الصغيرة بعمرها الكبيرة بتحملها ونوال الشابة الرائعة بثقافتها ومريم وميادة والخالة مريم بطيبتها ومرحها، الكل يملك مشاعر طيبة وصادقة مع بعضهن البعض ونتمنى أن تُزف عروستهن إلى مكانها المعهود .. لوحنا إليهن بيد الوداع ولوحت إلينا أعينهن أخرجونا معكم وأعيدوا لنا بسمةٍ سحقت.




حول الموقع

مركز الإعلام التقدمي مؤسسةٌ إعلاميَّةٌ تابعة لـ(ملتقى الرقي والتقدم) تُعنى بخلق ثقافة وطنية مدنية علمانية.