قبل عامين كانت الثورات في العالم العربي لا تخطر على بال، حتى أنها كانت شيئًا يستعصي على الأحلام، لكن هذا لأمر بات حقيقة ماثلة أمامنا، وعلى حين غرّة، إذ احتلت الثورات الشوارع والميادين، والاهتمامات اليومية، والتحركات السياسية، وشاشات الفضائيات.
مع ذلك فإن قيام ثورة ما لا يعني بداهة حلّ كل المشكلات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، للمجتمع المعني دفعة واحدة، لأن الثورات ليست مجرّد عملية انقلابية، وإنما هي مجرّد فتح لعملية تاريخية طويلة، مع التأكيد أنها ربّما تتعرّض لنكسات وتراجعات.
هذا يعني، حسب ما جاء في تقديم الكاتب والباحث الفلسطيني ماجد كيالي لكتابه "قيامة شعب. قراءة أولية في دفتر الثورات العربية"، الصادر عن "جداول للنشر والترجمة والتوزيع"، أن الثورات هي عملية صعبة ومعقّدة وطويلة، وأنها تحتاج إلى مواكبة نقدية جدية ومسؤولة، فالثورة ليست بمثابة عملية انقلابية تغيّر في أسابيع أو في أشهر واقعًا له من العمر عدة عقود، وربما عدة قرون.
وهذا يفيد، أيضًا، بأن الثورات الشعبية الحاصلة في بعض بلداننا تعتريها عديد المشكلات والنواقص والمخاوف والتحديات، لكنها مع ذلك بمثابة طريق لا بد من ولوجه لكسر حلقة الاستعصاء التي يمثلها الاستبداد، من أجل الدخول في التاريخ، وقيام المواطن والمجتمع والدولة حقًّا في البلدان المعنية، هذا ما تقوله تجارب الثورات التي حدثت عبر التاريخ.
فضلا عن المقدمة والخاتمة فقد تألف الكتاب من ستة فصول، الأول تحدث عن نقص الدولة في العالم العربي، وإشكاليات الديمقراطية والليبرالية، والفصل الثاني، ناقش إشكالية قضية الأقليات والطوائف والهويات في العالم العربي علي ضوء الثورات، والثالث يعرض للاختبارات التي تتعرض لها الثورات العربية، أما الفصل الرابع فقد خصص للحديث عن الثورة ونقدها ونقد نقدها، في حين ان الفصل الخامس تحدث عن معني فلسطين في الثورات الشعبية العربية، وأخيرا فإن الفصل السادس تضمن شهادات وهوامش من وحي الثورات العربية.
ونوه الكاتب إلى أن كتابه مجرد قراءة أولية في دفتر الثورات العربية، بمعنى أنها لا تتضمن ادعاء أنها قراءة نهائية وكاملة، مع تأكيده بأن هذه القراءة تعبر عنه، في هذا المرحلة التاريخية، من الناحيتين السياسية والأخلاقية.