تجري وزارات العمل والمؤسسات المعنية بالعمالة في عدد من دول الخليج، مراجعات بشأن وضع العمالة العربية والأجنبية العاملة لديها، من خلال اتخاذ عدد من الإجراءات الخاصة بالعماله، وذلك بعدما أشارت الاحصاءات الرسمية الخليجية إلى ارتفاع أعداد العمالة الاجنبية في دول الخليج الست إلى أكثر من 18 مليون عامل.
وأظهرت بيانات أجهزة الاحصاء الخليجية، ارتفاع أعداد العمالة في دول الخليج، خاصة في السعودية والتي تجاوز عددها الـ 8 مليون و429 ألفاً خلال العام 2010م، وتليها الإمارات 4 ملايين و600 ألف، والكويت 2 مليون و365 ألفاً وقطر مليون و357 ألفاً وعمان مليون و300 ألف، والبحرين أكثر من 570 ألف عامل .
وتشمل هذه المراجعات تعديل القوانين والأنظمة المنظمة لعمل العمالة الوافدة، وتقييم أوضاعها وإصدار لوائح جديدة بشأن منح تأشيرات الدخول والخروج النهائي وفترات الإقامة، وغيرها من الاجراءات التي تشمل زيادة الرسوم المالية وتطبيق العقوبات ضد العمالة المخالفة وترحيلها وتنفيذ حملات التفتيش لتنفيذ ذلك .
ووفقاً لوزارات العمل والمؤسسات المعنية في دول الخليج، فإن هذه المراجعات تهدف إلى ضبط سوق العمل وتنظيمه وإنهاء الإشكاليات التي يشهدها سوق العمل جراء العماله السائبة، وكذا الإكتفاء بالعمالة التي يحتاجها الاقتصاد الوطني لكل بلد، وبما يساعد على استبدال أنواع من العمالة الوافدة، بعمالة محلية.
كما تهدف إلى الحد من المشاكل والاختلالات التي تسببها تلك العمالة ، خاصة القادمة من منطقة وسط وجنوب شرق آسيا، والتي تجهل العادات والتقاليد في دول الخليج، ما تسبب في وقوع العديد من الاضطرابات والمشاكل الامنية، خاصة بعد ما شهدته العديد من دول الخليج من حوادث وجرائم لم تكن معروفة في المجتمع الخليجي، من قبل .
ويؤكد العديد من المختصين في دول الخليج، خطورة العماله الاجنبية، حيث يقول أستاذ مكافحة الجريمة في جامعة القصيم بالسعودية الدكتور يوسف الرميح: «إن تلك العماله أدخلت معها أنماطاً معيشية سلبية، فضلاً عن الأفكار والسلوكيات والتي أثرت سلباً على المجتمع الخليجي مؤكداً ان هذه العماله اصبح وجودها يشكل خطراً على النسيج الخليجي، ما يستلزم إعادة النظر في بقائها».
وقد اتخذت عدد من دول الخليج اجراءات بشأن العمالة لديها، وأبرزها السعودية والتي أجرت تعديلاً لعدد من مواد قانون العمل، لتحظر على العامل بموجبه، العمل عند غير صاحب العمل الذي استقدمه، وكذا منعه من العمل لحسابه الخاص، إضافة إلى تحديد سنوات العمل وغيرها من الاجراءات، والتي يتم تنفيذها من خلال حملات للتفتيش .
فيما أطلقت البحرين حملة ضمن خطة أقرتها لضبط العمالة ومحاربة ظاهرة العمالة السائبة، من خلال تطبيق عدد من المعايير القانونية، وتنفيذ حملات تفتيش لمناطق ومراكز العمل في مختلف مناطق المملكة، وضبط العمالة المخالفة، وتأسيس مركز لإيوائها تمهيداً لترحيلها .
وتهدد هذه الاجراءات عشرات الآلاف من المغتربين اليمنيين في دول الخليج، كونهم سيعتبرون مخالفين للأنظمة الجديدة، خاصة في السعودية، حيث إن معظم المغتربين اليمنيين يعيشون منذ سنوات، من دون أوراق ثبوتية تؤكد مزاولتهم أعمالهم وإقامتهم .
ويأتي ذلك في الوقت الذي تؤكد مختلف الأوساط الخليجية السياسية والاقتصادية والاجتماعية والاعلامية، بأنه لا يمكن مقارنة المغتربين اليمنيين بغيرهم، وذلك للعديد من الاسباب والاعتبارات.
وأشارت العديد من الأوساط الخليجية، إلى ما يتميز به المغتربيون اليمنيون من سمعة طيبة في دول الخليج، من خلال وجودهم في المنطقة منذ عشرات السنين، وإلى ما يجمعهم بأبناء الخليج من روابط وأواصر قربى ونسب، فضلاً عن كونهم أبناء منطقة واحدة، تجمعها هوية وثقافة ودين واحد.
وأكدت مختلف الأوساط الخليجية، أن العمالة اليمنية وعلى مدى تاريخها، كونها أقدم عمالة في منطقة الخليج، كانت ومازالت عامل أمن واستقرار في مختلف دول الخليج والتي عملت فيها، وفي أوج الازمات التي شهدتها بعض الدول الخليجية، وعندما كانت تشكل أعلى نسبة من العماله فيها.
وتشير تلك الأوساط إلى أن ذلك، يأتي مقارنة بالعمالة الأخرى، والتي عانت منها دول الخليج، بسبب الاضرابات والمشاكل الامنية، واضطرت السلطات إلى ترحيلها، خاصة في الامارات وقطر والكويت والتي رحلت آلاف العمال الآسيويين عامي 2005م و2006م، عقب اضرابات وأعمال عنف دامية تسببت في خسائر بملايين الدولارات.
ولعل أبرز تلك الشهادات، ما قاله ولي العهد الأسبق في المملكة العربية السعودية الأمير سلطان بن عبدالعزيز رحمه الله، والذي اعتبر أن اليمنيين كالسعوديين، وذلك في تصريح له عقب اجتماع مجلس التنسيق السعودي – اليمني في دورته الـ 18 في الرياض عام 2007م، حيث أكد أن اليمنيين في المملكة «ليسوا مغتربين، ونعتبرهم سعوديين، كما ان السعودي هو ابن اليمن، ولا، لكلمة المغترب، ونستبعدها من أذهاننا».
إضافة إلى ذلك، شهادة العديد من الأوساط الثقافية والاعلامية الخليجية، ومنها الاعلامية الكويتية القديرة سعاد العبدالله والتي قالت في مقابلة مع الفضائية اليمنية خلال زيارتها لليمن «اننا في الكويت لم نسمع عيبه واحدة عن مغترب يمني، وأهل الكويت يعرفون ذلك».
يأتي ذلك، في الوقت الذي يرى عدد من المختصين بالعلاقات اليمنية – الخليجية، أن مقارنة المغتربين اليمنيين بغيرهم من العماله الاخرى، لا ينسجم ورؤية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز لوضع اليمن في المنطقة، والذي يؤكد أن وضعه الطبيعي، هو ضمن منظومة مجلس التعاون الخليجي .
كما يؤكدون أن وجود المغتربين اليمنيين في دول الخليج، هو نتاج طبيعي بين سكان المنطقة الواحدة، لما يجمعهم من مصالح مشتركة، تتعدد فيها أوجه المنافع للافراد والشركات في التجارة والعمل والتسويق وغيرها، وذلك مقارنة بمن يأتون من مناطق بعيدة وينحصر انتقالهم في غرض محدد، فضلاً عن ان وجودهم يكون غريباً في المنطقة، لاختلاف هوياتهم وثقافاتهم .
فيما يشير عدد من الاقتصاديين، إلى أن التحويلات المالية للمغتربين اليمنيين في دول الخليج، لا تقل أهمية عن الدعم الذي تقدمه دول الخليج لليمن بشكل متواصل، خاصة أن هذه التحويلات والتي تصل إلى أكثر من 2 مليار و500 مليون دولار، تساهم بشكل كبير في حل العديد من المشاكل الاقتصادية التي يعانيها اليمن .
وتعد تحويلات المغتربين اليمنيين في دول الخليج، مكملاً للدعم الذي تقدمه دول مجلس التعاون الخليجي لليمن، خاصة الدعم الاقتصادي والمالي والذي زاد مؤخراً، ومن مختلف دول مجلس التعاون .
ولعل أبرز ذلك، ما قدمته المملكة العربية السعودية في مؤتمر المانحين لليمن والذي عقد في الرياض سبتمبر الماضي ، من دعم مالي سخي، تمثل في تقديم 3.250 مليار دولار، ما يؤكد اهتمام المملكة باليمن وحرصها الكبير على Bمنه واستقراره سياسياً واقتصادياً .
خبر

حول الموقع

مركز الإعلام التقدمي مؤسسةٌ إعلاميَّةٌ تابعة لـ(ملتقى الرقي والتقدم) تُعنى بخلق ثقافة وطنية مدنية علمانية.