أكد مسؤول كبير في البنك الدولي أن الوقت غير مناسب لرفع الدعم عن المشتقات النفطية في وقت يعيش الشارع اليمني حالة قلق وإحباط جراء التسريبات التي انتشرت مؤخرا عن اعتزام حكومة الوفاق الوطني تنفيذ جرعة اقتصادية جديدة تتضمن بدرجة رئيسية رفع أسعار الوقود وأن توقيتها سيكون في شهر رمضان.
وقال المدير التنفيذي للبنك الدولي الدكتور ميرزا الحسن لدى مغادرته صنعاء مساء الثلاثاء "الوقت غير مناسب لتنفيذ قرار رفع الدعم عن المشتقات النفطية وليس من العدالة أن ترفع الدعم ولديك فقراء سيتضررون"، مؤكدا ضرورة حماية الفقير إذا ما وجدت هناك أي تعديلات سعرية.
وشدد الدكتور ميرزا على أن هناك ضعفاً في المؤسسات الحكومية في اليمن حد من الاستفادة من المبالغ والتمويلات المقدمة من المانحين بشكل فاعل ، لكن الحكومة بدأت ألان العمل على إيجاد آليات جديدة لتسريع عملية الاستفادة من المبالغ المرصودة ومنها الجهاز التنفيذي الذي تم تشكيله مؤخرا والذي يمكن ان يحل هذه المعضلة.
وكانت الأيام القليلة الماضية شهدت جدلا واسعا بين النخب السياسية والاقتصادية بخصوص الأنباء غير المؤكدة عن اعتزام حكومة الوفاق الوطني رفع أسعار المشتقات النفطية.
وقال وزير المالية صخر الوجيه في تصريح صحفي إن الحكومة ليست بصدد رفع أسعار بعض المشتقات النفطية رغم أن الدعم الحكومي لهذه المشتقات يمثل 25 بالمائة من الإنفاق العام.
غير أنه أبقى الباب مفتوحا حين استدرك قائلا "ما تردد عن اعتزام الحكومة فرض مثل هذه الزيادات السعرية خلال شهر رمضان القادم لا أساس له من الصحة وأنه في حال أقرت الحكومة مثل هذه الإصلاحات السعرية فإنه يجب أن تذهب إلى مستحقيها من الفئات الفقيرة".
كما كان لافتا المؤتمر الصحفي الذي عقده السفير الأمريكي بصنعاء قبل يومين وركز فيه على هذه القضية حين قال إن مؤسسة النقد الدولية هي من طلبت من الحكومة اليمنية رفع الدعم عن المشتقات النفطية وليست الولايات المتحدة كما يزعم البعض، مشيرا إلى أن الزيادة التي ستضاف على المشتقات النفطية يمكن أن تعود بفائدة كبيرة على الملايين من فقراء اليمن.
ووفقا لمعلومات غير رسمية متداولة فإن حكومة الوفاق الوطني قدمت مطلع الأسبوع إلى الرئيس عبد ربه منصور هادي مقترحا يقضي برفع سعر صفيحة البنزين سعة 20 لترا من 2500 ريال "12 دولارا" إلى 4500 ريال "22 دولارا" وإضافة 500 ريال على سعر صفيحة الديزل سعة 20 لترا ليصبح 2500 ريال.
وفي تعليقه لـ"العربية نت" قال المحلل الاقتصادي سعيد أحمد أن أي زيادة في أسعار المشتقات النفطية سينتج عنها زيادات كبيرة في باقي السلع والخدمات وهو ما يشكل انتحار لحكومة الوفاق الوطني التي جاءت على أشلاء مئات الشهداء وآلاف الجرحى الذين سقطوا خلال الاحتجاجات التي عاشتها اليمن ضمن ما عرف بالربيع العربي.
ونوه إلى أن الملايين من اليمنيين يعيشون ظروفا اقتصادية ومعيشية صعبة سواء خلال حكم صالح أو منذ الإطاحة به حيث تفاقمت المعاناة جراء الأزمة والمواجهات التي عاشتها البلد وهم لا زالوا يتمسكون ببصيص الأمل يمكن أن ينفجر إلى بركان ثورة جياع اذا ما أقدمت الحكومة على رفع أسعار المشتقات النفطية.
ومنذ تطبيق برنامج الإصلاح الاقتصادي والمالي والإداري كروشتة علاج اقترحها البنك الدولي على الحكومة اليمنية مطلع 1995 فقد فُرض على اليمنيين أكثر من 10 زيادات استهدفت رفع الدعم كليا عن القمح والحليب والسكر والدواء وتدريجيا على المشتقات النفطية التي وصلت قبل بدء الاحتجاجات ضد نظام الرئيس السابق علي عبد الله صالح مطلع 2011 إلى 1500 ريال لصفيحة البنزين سعة 20 لترا و1000 ريال لصفيحة الديزل.
وبفعل الأزمة السياسية والمواجهات المسلحة التي عاشتها اليمن خلال العام 2011 شهدت البلاد أزمات خانقة في المشتقات النفطية ووصل سعر 20 لتر بنزين في السوق السوداء إلى 12 ألف ريال، وهو ما يعادل 60 دولارا.
ولم تتسن معالجة تلك الأزمة سوى بفضل منحتين سعوديتين سخيتين وجه بهما خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز بالإضافة إلى مساعدة أخرى قدمتها دولة الإمارات العربية المتحدة.
وفيما لا تزال عمليات تخريب أنابيب النفط والغاز مستمرة حيث لا يمر أسبوع دون حدوث عملية أو أكثر قالت الحكومة أن خسائر اليمن جراء تلك الأعمال التخريبية بلغت 3,2 مليار دولار خلال العام 2012 جراء توقف إنتاج وتصدير النفط أغلب فترات العام المنصرم.

* سما- العربية

حول الموقع

مركز الإعلام التقدمي مؤسسةٌ إعلاميَّةٌ تابعة لـ(ملتقى الرقي والتقدم) تُعنى بخلق ثقافة وطنية مدنية علمانية.