في ثالث رمضان يمر على سوريا والذي يستمر فيه النزاع الذي قسم المجتمع والعائلة والمناطق والأحياء بآراء سياسية وحواجز، بدأت الدراما السورية تنقل أحداث الشارع.. أحداث الاعتقال.. النزوح و"الثورة"، لكن السوريين انقسموا حول ما يتم عرضه، فمنهم من اعتبره نقلا حقيقيا لـ "الثورة"، ومنهم من قال إن هذا النقل جاء متأخرا.. ومنهم من قاطع الموضوع كليا.
ثلاثة أعمال درامية اقتربت من "الألم" السوري في رمضان 2013، بعد اتهامات لحقت الأعمال السورية رمضان المنصرم في أنها بعيدة كل البعد عن الواقع الذي كانت تعرف بقربها منه، وبعد أن خيبت أمل سوريين انتظروا مشاهدة قصصهم كما اعتادوا كل رمضان.
ورغم قرب الأعمال لهذا العام من الواقع إلا أن الانقسام حول صدقيتها وحياديتها كان نصيبها من المتابع السوري على حسب انتمائه "السياسي" بين تأييد للحكومة ومعارض لها؟.
ففي الوقت الذي تعتبر فيه راما (29 عاما)، إحدى قاطنات العاصمة دمشق، أن مسلسل (سنعود بعد قليل) للمخرج ليث حجو يقارب ما يحدث في يوميات السوريين، قاطع محمد (33 عاما) ما يعرض معتبرا أن الواقع السوري مؤلم لدرجة اعتزال رفاهية الجلوس أمام الشاشة لمتابعة ما أسماه التمثيل على السوريين.
وتقول راما لموقع سكاي نيوز عربية "للمرة الأولى أسمع كلمة ثورة في دراما سورية.. للمرة الأولى يتحدثون عن المعتقلين في أفرع الأمن.. وللمرة الأولى يتحدثون عن النازحين".
وتضيف "قد تكون الدراما تنقل جزءا صغيرا من الواقع لكن هذا أفضل بكثير من التجاهل شبه التام الذي حدث العام الماضي" تصمت وتضيف "أن تصل متأخرا خيرا من أن لا تصل أبدا".
وعن الأعمال الدرامية التي تتابعها هذا العام تقول "أتابع (سنعود بعد قليل) و(الولادة من الخاصرة 3" وتضيف "ليسا العملان الوحيدان الذين يتحدثان عن سوريا وإنما هناك عمل ثالث لكنه سطحي جدا ويصف المعارضة والثوار بأنهم عصابات إرهابية وهو (تحت سماء الوطن) للمخرج نجدت أنزور واعتقد أنه يتوافق تماما مع الإعلام السوري الذي يرفض رؤية الطرف الآخر.. هذا ما أوصلنا إلى هذه النتيجة".
ولا يتفق محمد مع راما برأيها ويقول لموقعنا "أكثر من 100 ألف قتيل بكثير.. وأكثر من 500 ألف بين معتقل ومفقود.. ودمار حلّ في 70% من المناطق غير ملايين النازحين والهاربين واللاجئين والمسافرين والمبعدين عنوة.. وبعدها نقول دراما؟ أي دراما ونحن غارقين بالدماء؟ أي دراما وهناك من لايجد ما يؤكل؟".
ويضيف "لا أدري لما سأكون سعيدا إن قالوا كلمة ثورة في مسلسل يقاطعه غالبية السوريين مجبرين لأنه لا كهرباء لديهم؟ أو لا سقف لهم إلا قماش خيمة!".
وبالاتصال مع عدة عائلات سورية مقيمة في حلب بمناطق سيطرة المعارضة، قالت إحداها إنهم لايتابعون شيئا فلا كهرباء لديهم، فيما قالت عائلات أخرى إنهم يتابعون (الولادة من الخاصرة) لأنه "يعبر عن إجرام النظام وينقل الصورة الحقيقية للجيش وقوى الأمن" وفقا لقولهم.
من جهته درويش (26 عاما) يقول لموقعنا "هذه المسلسلات التي تتحدث عن الجيش السوري والأمن الذي يسهر على راحتنا يجب عدم عرضها.. (تحت سماء الوطن هو الوحيد الذي يحكي ما نحن فيه".
ويبدو أن آراء متابعي الدراما السورية تأتي على خلفية ميولهم السياسية حيث تنتمي راما إلى مؤيدي الحراك الاحتجاجي السلمي بعيدا عن حمل السلاح، أما محمد معارض للحكومة السورية، بينما درويش مؤيد للنظام السوري.
ورغم النزاع في البلاد تمكنت الدراما السورية من التواجد بقوة خلال موسم رمضان بـ 23 عملا دراميا يدور بعضها حول الأحداث التي بدأت منتصف مارس 2011.
بدوره الكاتب المعارض صخر حاج حسين قال لموقعنا إن الدرما لهذا العام نقلت 20% فقط من ما يحدث في الشارع، ويؤكد أن رصد الثورة السورية يحتاج إلى مادة وثائقية إلى المادة الفيلمية الهامة التي تصعب حتى على الأفلام التسجيلية.

حول الموقع

مركز الإعلام التقدمي مؤسسةٌ إعلاميَّةٌ تابعة لـ(ملتقى الرقي والتقدم) تُعنى بخلق ثقافة وطنية مدنية علمانية.