أعلنت "هيئة علماء اليمن"، التي يرأسها الشيخ عبدالمجيد الزنداني، موقفا تصعيديا ضد ما وصفته بـ"المخاطر المهددة لدين الدولة والشريعة الإسلامية في اليمن"، والتي تقصد بها مجموعة قرارات اتخذها مؤتمر الحوار الوطني، تتعلق بمشاريع نصوص للدستور الجديد.
وإذ أكدت الهيئة، في بيان لها صدر مساء أمس، على أنها في حالة انعقاد دائم لمتابعة كل المستجدات الجارية, فقد أهابت "بجميع أبناء الشعب اليمني للقيام بواجبهم في الدفاع عن دينهم وشريعتهم بالطرق المشروعة, والاستجابة لنداء العلماء المطالب بذلك".
وقال البيان إن من وصفهم بـ"علماء اليمن" فوجئوا بـ" بالمخرجات الأولية لفريق بناء الدولة (في مؤتمر الحوار)، وما تمخض عنه من منازعة خطيرة لسيادة الشريعة الإسلامية ودين الدولة، وهي أمور لم يكن يخطر على البال أن تكون محلاً للجدال والنزاع في مجتمع الإيمان والحكمة، وأن يرفض 84% من فريق بناء الدولة في الحوار الوطني، أن تكون الشريعة الإسلامية مصدر جميع التشريعات, مما ينذر بشر مستطير يلغي تفرد حاكمية الشريعة في كل شؤون الحياة في بلادنا, وكما هو معلوم من الدين بالضرورة أن الشريعة الإسلامية صالحة لكل زمان ومكان، وتستوعب مستجدات الحياة وتطوراتها، ولم تضق يوماً بأي جديد في مصلحة العباد والبلاد"، بحسب تعبير البيان.
وقالت هيئة الزنداني إنها ترفض "ما ورد في تقرير فريق الحقوق والحريات ورؤى بعض الأحزاب من فقرات" قالت إنها "تفتح باب الردة والخروج من الإسلام، وتُؤمِّن عمل المنظمات التنصيرية في بلادنا بقوة الدستور تحت مسمى (حرية الدين والمعتقد), كما تساوي بين المسلم والكافر تحت مسمى "المواطنة المتساوية وألا تمييز على أساس الدين أو المعتقد"، والله تعالى يقول: "أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ(35) مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ" (القلم: 35، 36), وفي الشريعة الإسلامية أحكام خاصة بالمسلمين وأحكام خاصة بغير المسلمين من الذميين والمعاهدين والحربيين, وكل تلك الأحكام دين يسأل الله عباده عنه"، حد قولها.
وقال البيان إن "هيئة العلماء" سبق أن دعت مؤتمر الحوار الوطني إلى الأخذ بالاعتبار النصوص الدينية، غير أن المؤتمر لم يلتفت، "وهو الأمر الذي أدى إلى الوقوع في مخالفات للشريعة الإسلامية من بعض مكونات الحوار الوطني وفرقه المتعددة تناقض أصل الشريعة الإسلامية وأحكامها".
هيئة علماء الزنداني بالغت في تبني تكفير مؤتمر الحوار وأعضائه، إذ اعتبرتهم أولا يسعون لفرض قوانين غير إسلامية وتفتح المجال للردة، ثم قالت إن فتح "أبواب الردة عن الإسلام وتزيينها تحت أي مسمى أو شعار, أو إلزام الشعب بمواد دستورية أو قانونية تناقض الإسلام عقيدة وشرعية، تعتبر جريمة وردة عن الإسلام".
يشار إلى أن هيئة رئاسة المؤتمر عقدت مؤتمرا صحفيا، الأحد الماضي، للرد على بيان الزنداني، وطالبت بمحاكمة المتورطين بفتاوى التكفير.
وتلا القيادي في حزب الإصلاح محمد قحطان، بيان هيئة رئاسة المؤتمر، ووصف بيان الزنداني بالتحريضي.
وقال البيان: "إن هيئة الرئاسة نيابة عن مؤتمر الحوار الوطني الشامل، تدين هذه البيانات التحريضية، وتطالب بإحالة المعنيين للمحاكمة".
وأضاف: "وقفت هيئة رئاسة مؤتمر الحوار الوطني الشامل، في اجتماعها، وقفة جادة أمام الهجمات التحريضية ضد أعضاء مؤتمر الحوار من فريق بناء الدولة".
وأردف: "وتدين رئاسة المؤتمر هذه الهجمات التي اعتبرتها تزييفا للوقائع، وتصويرا للنقاشات التي حدثت في الفريق وكأنها بين من هو مع الدين وبين من هو ضده، وهذا تصوير خاطئ لحقيقة النقاشات ومحاكمة للنوايا"، مضيفا: "وإذ تدين هيئة رئاسة المؤتمر هذه البيانات والتناولات الإعلامية المجافية للحقيقة، تؤكد على أن الإسلام والهوية العربية والإسلامية للدولة والمجتمع ليسا قضية خلافية مطروحة للنقاش".
وتابع أن "مثل هذه البيانات ما هي إلا محاولة لجر مؤتمر الحوار الوطني إلى معارك جانبية خارج إطار مهمته الرئيسية، والمتمثلة بالتعاطي مع مطالب الشعب اليمني في بناء دولة العدالة والحرية والديمقراطية، وبلورة رؤى من شأنها معالجة الإشكالات والقضايا الوطنية وصولا الى يمن جديد تتحقق فيه المواطنة المتساوية، وينعم أبناؤه بالأمن والاستقرار، وتفتح فيه الأبواب مشرعة لتحقيق تنمية مستدامة شاملة تُلحق اليمن بركب العصر".

حول الموقع

مركز الإعلام التقدمي مؤسسةٌ إعلاميَّةٌ تابعة لـ(ملتقى الرقي والتقدم) تُعنى بخلق ثقافة وطنية مدنية علمانية.