على خلاف ما كان عليه الحال قبل بضع سنوات حيث كانت المساجد والمقاهي ملجأ غالبية سكان اليمن في ليالي رمضان، تبدل الحال الآن حيث تصدرت التطورات السياسية والجدل حول نتائج مؤتمر الحوار الوطني ومستقبل البلاد، النقاشات في مجالس القات الرمضانية، وباتت مواقع التواصل الاجتماعي تلعب دورا فاعلا وقويا في أمسيات مزاج الخير المطعمة بنكهة السياسة ودخان السجائر والشيشة لتكسب ساحة النقاشات حدة، وتزيدها انفعالا.

يقول الموظف الحكومي بدر احمد علي، ان اليمنيين الذين تطحنهم الأزمة الاقتصادية وارتفاع معدلات الفقر والبطالة انشغل غالبيتهم في مناقشة أعمال مؤتمر الحوار الوطني، وأثرت تطورات الأوضاع في مصر على مجالس القات الرمضانية التي اتسعت هذا العام، بعد ان كانت خلال العام الماضي وقبله ترجمة صادقة لمشاعر الالاف في ساحات الاعتصامات بمختلف المدن للمطالبة بإسقاط نظام الحكم السابق وعزل الرئيس.

ويلاحظ ان هناك أسبابا عديدة أدت لاتساع رقعة تواجد مجالس القات، أبرزها سخونة الأوضاع السياسية في الداخل اليمني وفي مصر وهما أمران جعلا الكثيرين يفضلون متابعة المحطات الفضائية ومناقشة التطورات في مجالس القات التي تبدأ عقب صلاة العشاء وتمتد الى موعد السحور.

ويقول عبدالله الحبيشي العامل في احد أهم مقاهي صنعاء، ان الفقر دفع الكثير من الناس الى التخلي عن متطلبات رمضان والاهتمام بالسياسة ومنذ الثورة الشبابية على الرئيس السابق ازداد الاهتمام بالسياسة بشكل كبير، فالنقاشات لا تتوقف فهي تبدأ بنقد الحكومة. وتمتد الى المنطقة العربية. وللأسف فبدلا من قضاء ليالي رمضان وفق ما كان زمان في قراءة القرآن وأداء العبادات، اصبحت ليالينا سياسية خالصة، وحتى العبادات سيست بشكل فج، واتى السؤال المطروح دائما، هل أنت مع الاصلاح أم مع السلفيين وهل تفضل الحوثيين؟.

والملاحظ ان صفحات التواصل الاجتماعي أضحت هي الأخرى أيضاً ساحة للجدل السياسي حيث تشتعل كل مساء بالنقاشات حول الصراع على مساجد العاصمة بين اتباع الجماعات الدينية المختلفة بين مؤيدين للأطراف المتصارعة والمناهضين لذلك الصراع المذهبي، فنشطاء الاصلاح والجماعات السلفية يهاجمون بشدة مواقف الناشطين الحقوقيين والقوى المدنية بسبب مهاجمة الحوثيين لمسجدين في صنعاء ومنع اقامة صلاة التراويح فيهما.

واتباع الحوثي من جهتهم ينتقدون بشدة حديث انصار تجمع الاصلاح والسلفيين عن منعهم اقامة صلاة التراويح ويقولون ان الاصلاح يسعى للسيطرة على بقية مساجد صنعاء التي تديرها الجماعة تحت غطاء اقامة صلاة التراويح، فيما يطلق النشطاء المدنيون نداءات للسلطات لوقف حرب السيطرة على المساجد وجر البلاد الى صراع مذهبي لن ينجو منه احد. كما ينتقد هؤلاء استعانة الحوثيين لعناصر مسلحة في اقتحام احد المساجد.

ويرى المهندس محمود قاسم ان الأوضاع الاقتصادية والسياسية فرضت تغيرا كبيرا على طقوس ليالي رمضان في اليمن وزاد من حدتها الهجمات المتواصلة على خطوط نقل الكهرباء من محطة مأرب التي تمد البلاد بمعظم احتياجاتها. ولهذا فإن المولدات باتت البديل للأسر القادرة على شرائها، بينما الأسر الفقيرة تقضي معظم لياليها في ظلام دامس والسعداء منهم من يجتمعون على ضوء فانوس. ومعظم المساجد تغرق في الظلام وهو أمر ساهم في عزوف العديد من الناس عن ارتيادها. انها ليال جميلة في شهر كريم تستمر سهراتها مع "تخزين" قات يمتد سمرها خمس ساعات كل يوم. ولأن الحكومة فيها بعض الأفراد الذين يواكبون المزاج العام، لم تقصر في دعم أهل المزاج الخاص، فمنحت موظفيها اجازاتهم السنوية خلال الشهر الفضيل ومزاج الخير أيها الشعب الأصيل.

سخونة الأوضاع السياسية في الداخل اليمني ومصر جعلت الكثيرين يفضلون متابعة المحطات الفضائية ومناقشة التطورات في مجالس القات التي تبدأ عقب صلاة العشاء وتمتد الى موعد السحور.
______________________
المصدر: البيان الاماراتية

حول الموقع

مركز الإعلام التقدمي مؤسسةٌ إعلاميَّةٌ تابعة لـ(ملتقى الرقي والتقدم) تُعنى بخلق ثقافة وطنية مدنية علمانية.