أثارت الغارات التي تنفذها الطائرات الأميركية بدون طيار ضد عناصر تنظيم القاعدة موجة من الجدل الشديد لم تعرفه الساحة اليمنية منذ بدء هذه العمليات بالتنسيق مع السلطات اليمنية قبل عدة أعوام.
 
وفي مؤشر على تصعيد اميركي غير مسبوق، لقي 11 شخصاً يشتبه بانتمائهم لتنظيم القاعدة مصرعهم في ثلاث غارات لطائرات اميركية بدون طيار في محافظتي مأرب وحضرموت. وذكرت مصادر محلية أن ستة لقوا مصرعهم في هجوم في وادي عبيدة بمارب فيما لقي خمسة اخرون مصرعهم في غارتين منفصلتين في منطقة غيل باوزير بمحافظة حضرموت جنوب شرق اليمن.
 
واعتبر المؤيدون لهذه الضربات أداة فاعلة لمنع تمدد التنظيم وسيطرته على مناطق واسعة من البلاد بسبب عجز السلطات عن بسط نفوذها على كل مناطق البلاد، فيما يراها البعض انتهاكا للسيادة الوطنية.
 
ومع التزام الحكومة والأحزاب السياسية الصمت إزاء تنامي تلك الغارات والتي أضحت شبه يومية وأدت إلى مقتل اكثر من ثلاثين من المشتبه بانتمائهم إلى "القاعدة"، فإن الكتاب والمحللين انقسموا بين مؤيد لهذه الضربات ومعارض لها.
 
ويرى المؤيدون لهذه الضربات فيها أداة فاعلة لمنع تمدد التنظيم وسيطرته على مناطق واسعة من اليمن بسبب عجز السلطات عن بسط نفوذها على كل مناطقه بسبب ما خلفته الثورة الشعبية التي أطاحت بالرئيس السابق علي عبد الله صالح من انقسام في صفوف قوات الجيش والأمن.
 
انتهاك السيادة
وعلى الجانب الآخر، فإن المعارضين لهذه الغارات يعتبرونها انتهاكا للسيادة على الرغم من أنها تنفذ بتنسيق مسبق مع الجانب اليمني. كما يراها آخرون مخالفة للقانون لأنها تستهدف أشخاصا مازالوا في دائرة الاتهام ولم تصدر بحقهم أي إدانة قضائية.
 
وأيد الناشط الاشتراكي همدان الحقب الضربات التي تشنها الطائرات الأميركية بدون طيار وتستهدف المشتبه بانتمائهم للتنظيم، قائلا : "إذا لم تتحرك الجهود المحلية والدولية لضرب الإرهاب، فان ثلث الشعب اليمني يمكن أن يصير جيشا لتنظيم القاعدة". أما الكاتب والمحلل السياسي سامي غالب، فاعتبر هذه الغارات "انتهاكا للسيادة"، وحمل النخبة السياسية المسؤولية عن ذلك، حيث قال إن هذه النخبة "لا تعني لها السيادة شيئا وحساسيتها منعدمة تجاه التدخل الخارجي".
 
وأضاف غالب إن "استباحة السماء اليمنية من الخارج هي عكس استباحة الدولة اليمنية من قوى الداخل"، في إشارة إلى التقاسم الحزبي للمناصب والوظائف في القطاعين المدني والعسكري.
 
اختراق أمني
من جهته، انتقد الصحافي المختص بشؤون التنظيم عبد الرزاق الجمل تلك الغارات، قائلا: "يعتقد البعض أن نجاح واشنطن في استهداف أعضاء القاعدة عبر صواريخ طائراتها من دون طيار، دليل اختراق أمني للتنظيم". وأضاف: "لكن الولايات المتحدة اكتفت بتحقيق نجاحات لا تحول دون تنامي قوة التنظيم، كما هو حاصل".
 
انتقاد
وانتقد الصحافي أحمد الزرقة بشدة صمت قادة الأحزاب السياسية على الغارات الأميركية. وقال إن "النخب لن تجرؤ على إدانة الانتهاكات للسيادة اليمنية". وأضاف : "مهما كان ثمن سكوت تلك القوى، فإنه يظل أرخص بكثير من دماء اليمنيين التي تراق وصورة الدولة التي تستباح وتسقط من عيون مواطنيها"، على حد وصفه.
 

حول الموقع

مركز الإعلام التقدمي مؤسسةٌ إعلاميَّةٌ تابعة لـ(ملتقى الرقي والتقدم) تُعنى بخلق ثقافة وطنية مدنية علمانية.