اكتسبت مبادرة رئيس مجلس النواب اللبناني، نبيه بري، زخما في ظل جو التهدئة السائد حاليا مع تقدم الحل الدبلوماسي على خط الأزمة السورية، مما ساهم في تحريك الملفات الداخلية اللبنانية.
تأتي هذه المبادرة وسط دعوة للحوار كان قد أطلقها رئيس الجمهورية ميشال سليمان، استنادا إلى وثيقة "إعلان بعبدا" التي تنص على تحييد لبنان عن الصراعات الإقليمية، لاسيما الأزمة السورية وأخرى يفترض أن يعلنها رئيس الحكومة المستقيل نجيب ميقاتي الأسبوع المقبل.
جو ملائم
وفي هذا السياق، يقول عضو كتلة التنمية والتحرير التي يتزعمها الرئيس نبيه بري النائب ميشال موسى في تصريح لـ"العربية.نت" إن الرئيس بري يستفيد من الجو الداعم للحوار في البلد لتسويق مبادرته، بغية تحريك المياه الراكدة في ما يخص موضوع تأليف الحكومة وغيره من المواضيع الأساسية في لبنان.
وفي المقابل، لم ينف وجود بعض النقاط الخلافية في بنود المبادرة، إلا أنه أكد أن النقاط المتعلقة بها قابلة للنقاش ريثما يتم التوصل إلى حلول تجنب لبنان التدهور الحاصل على الصعيد الأمني والاقتصادي والسياسي.
ووصف موسى المبادرة بانها حوارية تهدف إلى إزالة المعوقات أمام الوضع السياسي المتأزم في البلاد، وهي مؤلفة من عدة بنود أبرزها الشروع "فوراً في الحوار، لمناقشة شكل الحكومة وبيانها ومنح الجيش حقه في تطويع خمسة آلاف جندي جديد، ووسائل فك ارتباط لبنان بالأزمة السورية وقانون الانتخاب وبحث الاستراتيجية الوطنية للدفاع والملفات المرتبطة بالشأن الاقتصادي والمعيشي".
في ما يتعلق بالبحث في الاستراتيجية الوطنية للدفاع وبإمكانية تحييد لبنان عن الأزمة في سوريا، في الوقت الذي يتمسك حزب الله بتدخله العسكري هناك دفاعا عن النظام السوري، قال موسى إن هذا الطرح خاضع للنقاش وسوف يتم بحث كل الأمور مع رؤساء الكتل النيابية الأسبوع المقبل، ولفت إلى أنه بعد إتمام المشاورات، على رئيس الجمهورية تولي الدعوة إلى طاولة الحوار.
"خارطة طريق" التي أطلقها بري يبدو أنها فعلت الحراك السياسي الداخلي، على أن تتضح الصورة النهائية في الأيام القليلة المقبلة، وذلك بعد استكمال اللقاءات التي يقوم بها وفد كتلة «التنمية والتحرير» مع القوى السياسية الأخرى.
وحتى الآن الاجتماعات مع كل من رئيسي الجمهورية وحكومة تصريف الأعمال ورئيس الحكومة المكلف تمام سلام، كانت إيجابية بحسب موسى الذي حضر اللقاءات.
من جهة أخرى، يرى المحلل السياسي شارل جبور أن هناك مؤشرات مقلقة على هذا الصعيد، ويرى في حديثه مع "العربية.نت" أن هناك على ما يبدو اتفاقا ضمنيا بين رئيس الجمهورية وبين حزب الله من أجل تسهيل تأليف حكومة، وهذا تجلى من خلال عدة مؤشرات.
أولا، طرح رئيس الجمهورية تشكيل حكومة جامعة تضم كل الأحزاب اللبنانية بما فيها حزب الله، بعد أن كان قد أعلن في وقت سابق أنه متمسك بتأليف حكومة حيادية.
النقطة الثانية تكمن في إصدار رئاسة الجمهورية بيانها التوضيحي الأخير حول إعلان بعبدا، الذي أسقط منه بند سلاح حزب الله، إذ شدد الرئيس على أن الإعلان "لم يتضمن أي نصّ يتعلق بالمقاومة وسلاحها".
ثلاثية "الشعب والجيش والمقاومة"
في المقابل، نُقل عن حزب الله تخليه عن بند الثلاثية "الشعب والجيش والمقاومة"، على أن يتمسك بمشروعية سلاح الحزب في البيان الوزاري الجديد.
هذه التنازلات بين رئيس الجمهورية وحزب الله تبعث بالقلق. من ناحية أخرى يحاول رئيس الحكومة المستقيل نجيب ميقاتي "تعويم" نفسه سياسيا مجددا عبر مبادرته للحوار .
جبور يعود ويؤكد في حديثه لـ"العربية.نت" إن مبادرة الرئيس بري التي تزامنت مع البيان التصحيحي الذي أطلقه رئيس الجمهورية قد تكون قد حركت الملفات الداخلية في لبنان.
مناورة سياسية
وفي موازاة ذلك، فيما تحدثت قوى 14 آذار وعلى رأسهم رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري عن إيجابية إعلان بعبدا، تنوي كتلة المستقبل تقديم ملاحظاتها لوفد كتلة بري عند لقائها به يوم الاثنين، وفق ما أشار إليه النائب عمار حوري في حديثه مع "العربية.نت".
وكان النائب عن كتلة المستقبل أحمد فتفت، قد أوضح في حديث صحافي نقاط الخلاف مع مبادرة بري، معتبرا أن بعض بنودها تمهد لـ(مؤتمر تأسيسي)»، واصفا إياها بـ«المناورة السياسية» لاسيما أنها تطال صلاحيات الرؤساء الثلاثة ومجلس النواب، لناحية البنود المتعلقة، بـ«شكل الحكومة» التي هي من صلاحيات الرئيس المكلف وقانون الانتخابات الذي هو من ضمن مهام مجلس النواب، إضافة إلى تطويع عناصر في الجيش وتعديل السياسة الاقتصادية التي هي أيضا من صلاحيات مجلس الوزراء.
وكرر فتفت دعوته لأن يكون «إعلان بعبدا» هو الأساس في أي حوار مستقبلي، مشيرا إلى أن تجارب الحوار السابقة مع الفريق الآخر لم تكن مشجعة، لاسيما بعد تنكره لوثيقة هذا الإعلان الذي أعلنوا موافقتهم عليه.

حول الموقع

مركز الإعلام التقدمي مؤسسةٌ إعلاميَّةٌ تابعة لـ(ملتقى الرقي والتقدم) تُعنى بخلق ثقافة وطنية مدنية علمانية.