لا يعتقد الكاتب والخبير السياسى اليمنى زيد الذارى أن بلاده مقبلة على حرب أهلية، لكنه يتخوف من محاولات خارجية لفرض سيناريو دولى على الشعب اليمنى رغماً عنه لن تكون نهايته قرارات الأمم المتحدة الأخيرة بشأن الرئيس اليمنى السابق على عبدالله صالح، و2 من قادة الحوثيين بتجميد أرصدتهم وما تردد عن محاولات إخراجهم من اليمن.

يحذر الخبير السياسى اليمنى من خطورة السيناريو الذى تقوده أمريكا وبريطانيا لرسم يمن يروق لهم، خاصة مع محاولات التخلص من الرجل القوى على عبدالله صالح، كما يصفه، الذى نجا على مدار السنوات الثلاث الأخيرة من كل محاولات الإطاحة به، ويبشر «الذارى» بتحالف مقبل بين «أنصار الله» وحزب «صالح»، معتبراً أنهما أقوى قوتين حقيقيتين على الأرض، ويطالب مصر والسعودية بفتح صدورهما لسماع «أنصار الله»، مطالباً الجماعة الشيعية بضرورة بذل الجهد لإقناع الجميع باستقلاليتها عن إيران.

■ كيف ترى قرارات الأمم المتحدة الأخيرة بتجميد أرصدة الرئيس اليمنى السابق و2 من قيادات الحوثيين؟

- لأن التركيبة والرؤية والمشروع الذى وضع لليمن ابتداء من 2011 وتبنته بريطانيا وأمريكا من خلال مؤتمر أيرلندا يبدو أنه فشل، ولم يسِر المخطط كما أرادوا، إن قرارات الأمم المتحدة الأخيرة بشأن على عبدالله صالح تأتى لأنه أزعج آخرين، ويبدو أنه كان مطلوباً التخلص منه، وتثبت الأحداث أن على عبدالله صالح استطاع تجاوز كل المحطات، والمحاولات الجادة للتخلص منه، وفى الوقت نفسه حدثت التطورات الحالية، تفوق «أنصار الله» على الرغم من أنهم كانوا خارج كل الحسابات، وفى كل السيناريوهات المعدة لليمن لم يكن هناك أى سيناريو فيه حتى إشارة لـ«أنصار الله»، بمعنى أن التقدم الذى أحدثه «أنصار الله» سبب إزعاجاً للكثيرين، ومثل مفاجأة، هذا التطور الذى حدث أخيراً، أقصد قرارات الأمم المتحدة، جاء لأن «أنصار الله» لم يكن حاضراً فى عقلية المخططات الدولية التى خططت لليمن مستقبله، والحوثيون غيروا المعادلة وعطلوا الخطة.
هل هذا يعنى أن على عبدالله صالح ما زال الرجل القوى فى اليمن، ولماذا لم يصدر قرار الأمم المتحدة قبل عامين؟

- صعود الحوثيين قلب الطاولة، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى عدم نجاح من أعطوا مهمة وراثة الحكم فى قيادة المشروع لنهايته، وأقصد الإخوان، لم يكونوا على المستوى المطلوب، ولم يستطيعوا تحقيق المطلوب منهم دولياً، ولا يمكن أن ننكر أن سقوط الإخوان فى مصر أثر بشكل كبير على مشروعهم باليمن، ولا شك أن «أنصار الله» استفادوا من الموقف، كذلك استفاد منه على عبدالله صالح، والشعب اليمنى كله، كل هذه المتغيرات على الأرض أدت لخروج قرارات الأمم المتحدة الأخيرة، هذه القرارات كان الهدف منها إعادة التوازن إلى مسار اليمن المرسوم وإعادة اليمن إلى محطة التغيير المطلوب منه دولياً.

■ من أسقط على عبدالله صالح فى 2011؟

- المجتمع الدولى وكان الإخوان هم أداة هذا المجتمع لإسقاط على عبدالله صالح، الذى وصل من القوة وقتها إلى أن حيرهم وسيطر سيطرة مطلقة، وأعتقد أن على عبدالله صالح ساهم فى ذلك بفعل ممارساته الخاطئة واستهزائه بحصار الإخوان له، وعلاقاتهم الخارجية، ومحاولة ترتيبه للوضع من أجل توريث ابنه الحكم، هذا قلص مساحة التحالفات وضيق دائرة علاقاته بينما الطرف الآخر المتمثل فى الإخوان عمل على إقامة دائرة علاقات واسعة مع كل معارضى «صالح»، واستخدموا الشباب المتحمس، وركب الإخوان الموجة وسيطروا على الثورة، فى الوقت الذى كانت فيه هناك إرادة أمريكية وبريطانية للتخلص من «صالح»، وحينما عجزوا عن التخلص من على عبدالله صالح وقع حادث تفجير المسجد بدار الرئاسة ولا أستطيع أن أنفى أن هناك بعداً دولياً ضالعاً فى هذا الحدث، لا يمكن لأى سياسى أن يتجاهل ذلك، هناك كلام يتداول أن هناك جنسيات عربية متورطة فى محاولة اغتيال على عبدالله صالح، كان هناك سورى وباكستانى وقطرى، هى معلومات متداولة، وهناك مسئولون أمريكيون أبلغوا الجانب اليمنى بأن الإخوان المسلمين كانوا وراء المحاولة ولكنهم كانوا ينصحون باستبعاد الإخوان وعدم توجيه أية اتهامات لهم وهو ما حدث للآن، وفى كل الأحوال فى تقديرى كان هناك قرار دولى لإخراج على عبدالله صالح من الحكم وعندما عجزوا لجأوا لمحاولة الاغتيال، ربما مقتضيات السياسة اقتضت عدم الإفصاح أو المضى فى تحقيقات جادة، والغريب أنه لم يحدث أى تحرك جدى للتحقيق، وكأنه كان هناك تواطؤ محلى وإقليمى ودولى لعدم التحقيق سواء أكان ذلك فى عهد الإخوان أو غيرهم، وبعد ذلك تلقى على عبدالله صالح تهديداً أمريكياً بعدم العودة.

■ البعض يتهم على عبدالله صالح بأنه ساعد الحوثيين على اقتحام صنعاء؟

- ما أشاهده الآن أن هناك محاولة أمريكية - بريطانية لإعادة تمكين الإخوان المسلمين من الحكم فى اليمن، وكل ما يحدث الآن هو رد فعل لبروز قوة الحوثيين من ناحية، ومن ناحية أخرى لبقاء على عبدالله صالح قوياً وخروجه من كل المطبات التى وضعت له، وفى تقديرى أن ما يجرى اليوم هو إحياء لحلم الإخوان المسلمين لتمكينهم من حكم اليمن، وإعادة التحكم فى كل مسارات الأحداث فى المنطقة التى نجمت عن ثورة 30 يونيو فى مصر، وتحالف السعودية ومصر ضد خطر الإخوان وتضخيم وتهويل خطر «أنصار الله» ووصفهم بأنهم يمثلون خطراً على المنطقة، وأنهم خطر على باب المندب، وما يمكن أن يمثله ذلك من ضغط على السعودية لتعود إلى تمكين الإخوان ربما دون أن تشعر لتتجنب أخطار «أنصار الله» التى يروجها الإعلام، مخوفاً من سيطرة الحوثيين على باب المندب وغيره من التهويلات الإعلامية.
هناك مخاوف حقيقية من علاقة الحوثيين بإيران وهناك مخاوف سعودية ومصرية أيضاً من سيطرة الحوثيين ومن خلفهم إيران على باب المندب؟

- أريد أن أسال ما السلاح الإيرانى الكاسح الذى استخدمه الحوثيون فى مكاسبهم العسكرية؟ لا يوجد، فكل أسلحة الحوثيين من السوق المحلية الممتلئة بالأسلحة، ومن مغانمهم التى حصلوا عليها من على محسن الأحمر والجيش.

■ إذن هم حصلوا على أسلحة من معارك مع الجيش اليمنى؟

- هو ليس جيش الدولة لكنه جيش التنظيم الإخوانى، كانت هناك وحدات كاملة تتقاضى رواتبها من الدولة ولكنها كانت لها ولاءات لآخرين وتأتمر بأوامر آخرين غير الأوامر العسكرية من قادة الجيش، وبالنسبة للمخاوف أنا معكم، هناك بعض المخاوف من هذا الجانب، لكن «أنصار الله» غير تابعين لإيران، لكنهم يتمتعون بعلاقات واسعة وطيبة مع الجانب الإيرانى، لكنهم أيضاً مستعدون لإقامة علاقات جيدة ومتوازنة مع الجميع، بشكل مستقل وحيادى تماماً، هم مستعدون كما أتابع، لإقامة أفضل وأقوى العلاقات مع المملكة العربية السعودية، ومع مصر، ولا يشكلون أدنى تهديد لأمن المملكة، ولا لأمن مصر، أعتقد أنهم حريصون على ذلك، سواء من ناحية باب المندب، أو البحر الأحمر، بالعكس تمكين الإخوان الآن من هذه المناطق هو الخطر الحقيقى على السعودية ومصر، أنت أمام «أنصار الله» يمكن أن ترفع فى وجههم وقت الحاجة الشعار المذهبى لحشد الناس ضدهم، كما أن ورقة القرب من إيران يمكن أن تلعب بها وقتما تريد لحصارهم ولتخلق حالة من الصد ضدهم، ولكنك لن تستطيع أن تفعل ذلك ولن تستطيع الحشد ضد الإخوان نظراً للتماهى المذهبى والمجتمعى، أضف إلى ذلك الدعم التركى والقطرى الكبير، أنت أمام مشروعية سنية مع الإخوان وضد الحوثيين إذا أردت، أيضاً لا أستطيع الفهم كيف تخسر حليفاً قوياً ومتوازناً بالنسبة لك وهو على عبدالله صالح وأقولها لك الآن إنه سيتنازع على إرث على عبدالله صالح طرفان، هما الإخوان و«أنصار الله»، وفى الحقيقة أرى أن «أنصار الله» لم يجربوا لا على المستوى الداخلى ولا الإقليمى ولا الدولى.

■ لكن «أنصار الله» تواجه حالة من الرفض الداخلى وتواجه باتهامات العنف والسيطرة على مفاصل الدولة بالسلاح؟

- هذه اتهامات إعلامية يروجها الإعلام لكن فى الحقيقة هناك شعبية كبيرة لـ«أنصار الله» بالشارع اليمنى، و«أنصار الله» لم يجربوا حتى يجرموا لا على المستوى الإقليمى ولا الدولى وليس عليهم إلا شبهات العلاقة مع إيران، المطلوب جهود واتصال لمعرفة حقيقة نوايا وتوجهات «أنصار الله».

■ هل انتهت شرعية الرئيس عبدربه منصور؟

- للأسف الشديد شرعية الرئيس منصور وطنياً وشعبياً تتآكل بشكل كبير جداً، وشرعيته السياسية تتآكل وتكاد كل المؤشرات تقول إن شرعية التوافق والإنجاز التى حظى بها فى البداية تتلاشى، وفى تقديرى حتى شرعية الدعم الدولى للرئيس «منصور» بدأت تتراجع وربما هناك فى بعض الدوائر المؤثرة التى كانت ترى الرئيس «منصور» جزءاً من الحل تراه الآن جزءاً من المشكلة.

حول الموقع

مركز الإعلام التقدمي مؤسسةٌ إعلاميَّةٌ تابعة لـ(ملتقى الرقي والتقدم) تُعنى بخلق ثقافة وطنية مدنية علمانية.