الإكراه في الدين أي دين .. يخلق منافقين وليس مؤمنين .. ويؤدي الي انتشار ثقافة النفاق والكيل بمكيالين في المجتمع .. وهذه الثقافة هي المسئولة عن انتشار التخلف الحضاري الذي نعاني منه ..

الاسلام وبعد الاعلان العالمي لحقوق الانسان وتزايد موجات الهجرة الي الغرب والشرق حظي بأكبر فرصة في تاريخه أن ينتشر وأن يدعو أتباعه اليه سلميا عبر مراكز الدعوة في كل بقاع الارض .. فهل استفدنا من هذه الفرصة .. هل نجحنا في الدعوة الي الاسلام بطريقة سلمية وهادئة .. للأسف وعبر تطرف قلة من المسلمين .. نجحنا في أن نظهر الاسلام كدين تعصب وعنف .. نجح بن لادن ورفاقه ومشجعيه من شيوخ التطرف .. في القضاء علي مجهود الملايين من المسلمين المعتدلين في الغرب والذين عبر العمل واحترام القانون في البلاد التي هاجروا اليها وعبر التمسك والالتزام بقيم الاسلام المعتدل والوسطي في نفس الوقت نجحوا في أن يكونوا قدوة حسنة ونموذجا جيدا للمسلم والاسلام

بينما نجحت الدول الاسلامية والعربية عبر نظم الحكم المستبدة والفاسدة فيها أن تضرب نموذجا غير حضاري للإسلام .. عبر تحويل شعوبها ومجتمعاتها الي نموذج طقوسي للإسلام ... نموذج يتمسك بالمظهر دون الجوهر ..و يشارك في الحضارة الإنسانية كمستهلك وليس منتج.

رغم أنني لا استطيع الاجابة علي السؤال الصعب من خلق الأخر الله ام الانسان .. فانني اومن بحاجتي الي الله .. ولأنني ولدت مسلما فانا وقت الحاجة اتقرب الي الله بالطريقة التي اعرفها ولكن في نفس الوقت موقن ان من حق اي انسان ان يتقرب الي تلك القوة المعنوية التي يحتاجها أغلب البشر والتي اصطلح علي تسميتها الله او أي اسم آخر. بالطريقة التي تريحه

للأسف إن نقد الاسلام كدين يدفع الي التخلف الحضاري اصبح مسوغا بل ويبدو ضروريا منذ حيلة رفع المصاحف علي أسنة الرماح طلبا للتحكيم وهروبا من الهزيمة العسكرية التي كانت وشيكة لمعسكر معاوية ابن أبي سفيان .. منذ هذه الحيلة التي هي في الأصل حيلة سياسية ابتدعها داهية العرب السياسي عمرو بن العاص .. أخذ الأمر منحي آخر .. ومنذ هذه اللحظة بدأت فكرة التكفير نتيجة اختلاف المواقف السياسية تظهر ويزداد تأثيرها السيء في عالمنا..

لقد سقط الخوارج مع من أخرجهم من جماعة المسلمين في مشكلة النظر للسياسة من منظار الدين. فتحول الانتماء الحزبي إلى انتماء ديني، والخطأ السياسي إلى خلل في العقيدة والمعارضة إلى شق عصا الطاعة والتأييد إلى سنة وجماعة.

منذ هذه اللحظة بدأ الخلط بين ماهو سياسي وماهو ديني ولهذا تحول الخليفة إلى ظل لله في الأرض، وأضحت طاعته جزآ لا يتجزأ من الدين وعصيانه خروجا قد يقتضي الحد الشرعي بقتل من يفكر في ذلك .. كما تحولت أحزاب كثيرة إلى أحزاب إسلامية ترفع شعار الحل الإسلامي، وترفع شعار السيفين مع كلمة أعدوا في وجه خصومهم السياسيين رغم كونهم مسلمين أو مؤمنين حتي لو كانوا غير مسلمين .. لقد اعتبرت هذه الجماعات .. جماعات الاسلام السياسي وعلي راسها جماعة الإخوان المسلمين .. منافسيها من الأحزاب الأخري في عملية سياسية سلمية ,, وكأنهم أعداء الله .. كما تؤكد الآية التي أخذوا منها كلمة واحدة مع شعار السيفين " وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ورباط الخبل ترهبون به عدو الله وعدوكم " وهو منحي ينذر بعواقب وخيمة تؤدي الي انتشار العنف بأبشع صوره .. لقد نجحت جماعات الاسلام السياسي برفعها شعارات دينية في معارك سياسية بحته .. تصوير الأمر علي أنه صراع ديني .. من ليس معها .. أو من يصوت ضدها .. وكأنه خرج عن الدين وعن الملة .. هو عدو الله وعدو المسلمين .. كما يؤكد شعار الجماعة الرسمي .. تماما كما أدت حيلة رفع المصاحف علي أسنة الرماح ألي آثارها مازلنا نعاني منها ا
لي الآن .. وتماما كما أدي شعار الخوارج " وما الحكم إلا لله " الي سفك دماء المعارضين بدم بارد رغم إجماع المسلمين علي ورعهم وتقواهم وعلي رأس هؤلاء سيدنا علي ابن أبي طالب .. إمام المتقين ..فهل يجوز أن يدعي إنسان أو جماعة أو حزب أنه يتحدث باسم الله، وهل من المنطق أو العقل أو الدين أن نصف أفكارا انطلقت من الدين على أنها الدين نفسه أو من النص على أنها النص ذاته.

ولقد حدث نفس الشيء في الأديان الأخري في العصور الوسطي.. المشكلة أن العالم كله انتبه الي هذه المشكلة وتأثيرها الضار علي المجتمعات وتطورها،، بينما نحن كمجتمعات وليس أفراد لم ننتبه الي خطورة الأمر.. ألم تجند الكنيسة في تلك العصور آلافا مؤلفة من البسطاء وشحنتهم بعقائد القتل وسفك الدماء، فعانت منهم الإنسانية نفس معاناتنا من الإرهاب الآن ؟ ما الذي جعل الشاب المسيحي في العصور الصليبية يقطع القفار مغامرا بحياته؟ إنه المفهوم الخاطيء للدين والعقيدة التي إذا رسخت في قلب ميت وعقل فارغ دمرت صاحبها وما حوله.،، أنه نفس الأمر الذي يجعل شاب في مقتبل عمره يفجر نفسه في سيارة مفخخة فيقتل نفسه ومعه العشرات ممن قد لايكون لهم أي ذنب أو علاقه بالقضيه التي يعتقد هذا الشاب أنه يدافع عنها..

إن تسييس الدين وإفراغه من قيمه الروحية والإنسانية وتحويله إلى رصيد رمزي للدعاية السياسية أدي إلي تحول الفكر الإسلامي إلى مجرد شعارات جوفاء يغيب فيها العلم وينكمش الفكر الخلاق، و حتي الآن لم تستطع الحركات السياسية الإسلامية إبداع فكر أوسع مدى من فكر أجدادنا العظام من المعتزلة ، وإبداع فكر يضاهي في عقلانيته الفكر السياسي الغربي الحديث،

حتي نتخلص من الاصدارين الصحراوين للاسلام ونرجع به الي دين روحي لايتعارض مع الاعلان العالمي لحقوق الانسان فسيستمر نقد الاسلام كدين اكثر من باقي الاديان التي تقول عن نفسها سماوية او الاديان الارضية بوذية كانت او هندوسية لان اتباعها لا يكرهون أحدا علي التدين الظاهري.

إن حرية العقيدة حق انساني اصيل .. ونقد اي دين أو ايدلوجية هو حق انساني اصيل مثل الدعوة السلمية لهما .. أما العنف او التحريض عليه فيجب أن يخضع صاحبهما لطائلة القانون .. وهذا للأسف ما لايفهمه غالبية المسلمين ونحن في القرن الواحد والعشرين.

حول الموقع

مركز الإعلام التقدمي مؤسسةٌ إعلاميَّةٌ تابعة لـ(ملتقى الرقي والتقدم) تُعنى بخلق ثقافة وطنية مدنية علمانية.