ليتنا نحن المسلمين نتعلم من جيراننا في الجغرافيا وشركائنا في الحياة …. وإذا فقد الدين قدرته على التأثير في نفوسنا بعدما حوله الكهنة إلى شظايا ونثروه في الطرقات على لافتات مقاطعة وحراب حين المنازلة وإقصاء وتكفير عند المجادلة … وتفريغ لقيمه الحقوقية الكبيرة التي ترفع الإنسان وتصون حريته وكرامته …بعدما أصبح لحيه وسواك وكلاشنكوف وسكينا يشق الصدور ويأكل الأكباد على غير طبيعته التي جاءت لآنسنه الناس وتحويلهم من سفاحين بريين إلى رحماء … وإلا فالله غني عن العالمين … لا يُرد مسجدك ولا كنيستك ولا دار عبادتك … عندما يكون إنتاجها أشرار متقاتلون سفاكي دماء على أسوار المدن الآمنة باسم الله ظلما وزورا …

الله لا يريد كتب الفقه والفتاوى عندما تعيش على مص الدماء والتحريض ضد الأخر وتعمل على إنشاء بيئة للقتل المتبادل …حينها فنحن ننشئ باسم الله بيئة للمافيا وكتبا للجريمة .. الله لا يريد خلافة تهدم المدن بل خليفة على صورته رحمانا رحيما … إذا فشلنا في فهم الدين ومعرفه مراميه … وذهب كل ضال إلى حماية مذهبة وطائفته وإدعاء امتلاكه لكل الحقيقة فهو في الأصل لص سرق ويسرق عقول الناس ويسرق معها أقدس ما يملكون وهو تزوير وعيهم بإنشاء عصابة باسم المذهب …!!

عصابة تحارب الآخرين وهي تظن أنها تحمي الدين وليست في الحروب حماية للأديان التى تدعوا على السلام والرحمة …! لقد انحرفنا بالبوصلة وولغنا في دماء الحقيقة عندما حولنا النصوص المقدسة إلى تفاسير للمرضى عقليا المعتوهين بكراهية الأخر المرعوبين من بشر مثلهم ولكنهم مختلفين …إذا فشلنا في التعلم من التاريخ ولم نحصل فائدة من دروس الصراع الديني والمذهبي الطويل الذي لم ينتج مؤمنين ولكن قتله باسم الله ومجرمين باسم المذهب وسبابين وفاسقين باسم الحقيقة … كذبا وزورا

فعلينا أن نتعلم من ألمانيا … ونتعلم من إخوتنا المسيحيين في ألمانيا … نتعلم التجرد للحقيقة والدفاع عن القيم الكبيرة الحقوقية التي تكفل للإنسان حريته في العبادة وحقه في العبادة وإن كانت ضد ما يريدون …إنهم طبقوا بحذافيرها الآية القرآنية ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو اقرب للتقوى … فعدلوا وظلمنا … وقاموا بها وقعدنا … واستوت لها صفوفهم .. وابتلعتنا ساحات الزور الطائفية البغيضة كل يشهد زورا لجماعته …!!

ففي مطلع عام 2013 م تعرضت ألمانيا لأكبر جدل ديني عام … أخذ من الشوارع ووسائل الإعلام جهدا هائلا على قدر الحدث الكبير حين عرضت أكبر كنيسة في مدينه هامبورج للبيع وسط حي مسيحي عريق نتيجة لأنها أصبحت شبه مهجورة بعدما تخلف عنها تمويلا ماليا تنشده …. وكان المتوقع أن يتحول الموقع إلى موقع خدماتي لخدمه أهل الحي الذي تعيش فيه الكنيسة … ولكن الذي حصل أن مركزا إسلاميا اشترى الكنيسة وتسرب خبر رغبته بتحويلها إلى مسجد ضخم .. وسط ما تمثله الصورة الذهنية المنتشرة عن الجهاد السلفي في العالم الذي يقطف الرؤوس ويمثل بالجثث … مما أحدث رعبا هائلا … في المجتمع الألماني خوفا من إنتاج سلالات إرهابيه وطنيه في الحي الذي طالما نعم بالأمن والسلام .. وافترق الألمان إلى قسمين …هنا قسم معه السياسيين وقساوسة مسيحيين وشعب طيب يؤمن بحريه العبادة وحق المسلين ..وقسم آخر عبارة عن مجموعات ذات أصول نازيه تحرض في كل اتجاه ضد تحويل الكنيسة إلى مسجد … وظل السجال بين الفريقين …. ليصعد في النهاية احد القساوسة داعما حق المسلمين بخطبة عصماء في موقع البناء للمسجد الجديد ..  وهو يشرح للمسيحيين أنه خيرا للمكان أن يظل بيتا لله … يخدم عباد الله وبدأ الجهد المسيحي في جمع التبرعات المسيحية لبناء مسجد يتحول إليه المسلمون بعبادتهم بدلا من جراج يهين كرامتهم …

هذا حدث في ألمانيا …. لا رعب ولا هلع …تضامن إنساني كامل …. فتح لطريق التعايش والتضامن والتواصل … تعبير عظيم عن حقيقة ديننا الذي هجرناه .. وخرج بيننا من يخوف ويخون الطوائف الإسلامية الأخرى ويخشى مجرد الخشية من زيارة بعضها لبعض الأماكن الدينية في بلاده تحت ذريعة التبشير المذهبي … متى نتحول من عنصريين إلى إنسانيين متى نتحول من مذهبيين إلى مؤمنين متى نسلم حقا لله رب العالمين أو نتعلم بعضا من فضائل إخوتنا المسيحيين … لماذا هم آمنوا بحقنا …. ونحن لا نؤمن بحق بعضنا الآن عرفتم لماذا تقدموا …. ولماذا الدماء لا زالت عالقة بطرف أثوابنا ..؟

حول الموقع

مركز الإعلام التقدمي مؤسسةٌ إعلاميَّةٌ تابعة لـ(ملتقى الرقي والتقدم) تُعنى بخلق ثقافة وطنية مدنية علمانية.