رغم أن المنافقين مازالوا في ضلالهم وبغيهم وعتوهم ومحاربتهم للإسلام من داخله هم من دون أدنى شك في الدرك الأسفل من النار ومع ذلك لم يصدر الرسول أمرا بإخراجهم من الملة أو طردهم من حظيرة الإسلام، مثلما فعل الدواعش وهم نتاج رحم الوهابية ومن تربوا على فكر يهودي هدفه هدم بنية الدين الاسلامي بوصفه الخطر الوحيد المهدد لوجود الكيان الصهيوني .
ولا تشبه العقوبات التي يمارسها الدواعش للنيل من خصومهم أي عقوبة على الارض عبر تاريخ الاجرام العالمي ومهما بلغ الظلم فلم يصل الحدود التي وصلها هؤلاء كأسوء ما أنتج الفكر المتطرف .
فإذا أعلن شخص ما إسلامه أصبح له كل أحكام الإسلام وعليه كل هذه الأحكام بما فيها قانون العقوبات الإسلامي الذي يجرم القتل فيقتل القاتل بجريمته لا بسبب ردته ويعاقب السارق والزاني ومن يقذف الأبرياء بجريمته لا بردته ويقاتل البغاة المتمردين على الدولة المسلمة بسبب بغيهم وعدوانهم لا بسبب كفرهم.
الحديث عن الجوانب العقائدية والسلوكية هو الآخر حديث ذو شجون وعلى سبيل المثال فإن الله تبارك وتعالى يقول (قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا) الكهف 110. والشرك المعني هنا هو ما يقابل إخلاص العبادة لله الواحد القهار والتوجه له وحده بالعبادة والطلب والسؤال ولكنه لا يقابل الكفر والجحود أو الخروج من الملة الإسلامية.
الشرك في العبادة لا يعني الكفر ولكنه يعني نفي الإخلاص ويعني عدم صدق النية ولكنه لا يعني أبدا نفي صفة الإسلام على من وقع في هذا المحظور.
كثير من المسلمين يجعلون عبادتهم رياء واستعراضا وكلها أمور وأخطاء محلها القلب فضلا عن أنه لا مجال للجزم بأن هذا أو ذاك هو من المرائين ثم اتهامهم من باب أولى بأنهم من الكفار المشركين.( )
الآية الكريمة تطالب (المسلمين) من حملة الصفة بإخلاص العبادة لله رب العالمين ولكنها لا تعطي بحال من الأحوال مبررا لنزع الصفة عن أولئك الذين افتقدوا هذا الإخلاص كما أنها لا تعطي لكائنا من كان حق الحكم على قلوب العباد ومدى إخلاصهم لله في عبادتهم فهو سبحانه وحده من (يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور).
القرآن الكريم كان واضحا وحاسما في قطعه السبيل على من يسعون لإقامة محاكم للتفتيش عن النوايا والبحث عما في داخل الصدور ومن ثم إصدار الأحكام على هذا بالكفر وعلى غيره بالشرك الأصغر أو الأكبر حسب زعمهم.
الله تبارك وتعالى يقول (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَتَبَيَّنُواْ وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلاَمَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِندَ اللّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنتُم مِّن قَبْلُ فَمَنَّ اللّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُواْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا) النساء (94).
كما أن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله كان أكثر وضوحا عندما حذر من شق الصدور بحثا عن أدلة وبراهين تثبت تلك الجريمة المفترضة والحديث المروي عن رسول الله صلى الله عليه وآله في البخاري (عن ‏ ‏أبي سعيد الخدري ‏قال: ‏‏بعث ‏ ‏علي بن أبي طالب ‏ ‏رضي الله عنه ‏ ‏إلى رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏من ‏ ‏اليمن ‏ ‏بذهيبة ‏ ‏في أديم ‏ ‏مقروظ ‏ فقسمها بين أربعة نفر بين ‏ ‏عيينة بن بدر ‏ ‏وأقرع بن حابس ‏ ‏وزيد الخيل ‏ ‏والرابع إما ‏ ‏علقمة ‏ ‏وإما ‏ ‏عامر بن الطفيل ‏ ‏فقال رجل من أصحابه كنا نحن أحق بهذا من هؤلاء قال فبلغ ذلك النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏فقال ألا تأمنوني وأنا أمين من في السماء يأتيني خبر السماء صباحا ومساء قال فقام رجل ‏ ‏غائر ‏ ‏العينين مشرف الوجنتين ‏ ‏ناشز ‏ ‏الجبهة ‏ ‏كث ‏ ‏اللحية محلوق الرأس مشمر الإزار فقال يا رسول الله اتق الله قال ويلك أو لست أحق أهل الأرض أن يتقي الله قال ثم ولى الرجل قال ‏ ‏خالد بن الوليد ‏ ‏يا رسول الله ألا أضرب عنقه قال لا لعله أن يكون ‏ ‏يصلي فقال ‏ ‏خالد ‏ ‏وكم من مصل يقول بلسانه ما ليس في قلبه قال رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏إني لم أومر أن ‏ ‏أنقب ‏ ‏عن قلوب الناس ولا أشق بطونهم).
وإذا كان رسول الله صلى الله عليه وآله لم يؤمر بشق بطون الناس ولا قلوبهم رغم أن كثيرا من المصلين هم بالفعل ممن يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم فمن الذي منح ابن عبد الوهاب أو غيره مثل هذا الحق؟؟!!.( )
الذين صحبوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من المسلمين وانهزموا يوم أحد كان من بينهم من (يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم) ومع ذلك فلم يكفرهم أحد أو يتهمهم بالشرك رغم أن القرآن وصفهم بأنهم أقرب للكفر منهم للإيمان.
(وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللّهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ* وَلْيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُواْ وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ قَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَوِ ادْفَعُواْ قَالُواْ لَوْ نَعْلَمُ قِتَالاً لاَّتَّبَعْنَاكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلإِيمَانِ يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِم مَّا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ) ( )
أما على مستوى الذنوب التي يرتكبها العباد من حملة صفة الإسلام فإنها لا تتيح لكائن من كان أن يحكم عليهم بإخراجهم من الملة ودونكم ما قاله أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام عندما خاطب الخوارج الحمقى بقوله: ( )
فإنْ أَبَيْتُمْ إِلاَّ أَنْ تَزْعُمُوا أَنِّي أَخْطَأْتُ وَضَلَلْتُ، فَلِمَ تُضَلِّلونُ عَامَّةَ أُمَّةِ مُحَمَّد(صلى الله عليه وآله)بِضَلاَلِي، وَتَأْخُذُونَهُمْ بِخَطَئِي، وَتُكَفِّرُونَهُمْ بِذُنُوِبي! سُيُوفُكُمْ عَلَى عَوَاتِقِكُمْ تَضَعُونَهَا مَوَاضِعَ البَراءةِ وَالسُّقْمِ، وَتَخْلِطُونَ مَنْ أَذْنَبَ بِمَنْ لَمْ يُذْنِبْ.
وَقَدْ عَلِمْتُمْ أَنَّ رَسُولَ اللهِ (صلى الله عليه وآله) رَجَمَ الزَّانِيَ [الْـمُحْصَنَ] ثُمَّ صَلَّى عَلَيْهِ ثُمَّ وَرَّثَهُ أَهْلَهُ، وَقَتَلَ الْقَاتِلَ وَوَرَّثَ مِيرَاثَهُ أَهْلَهُ، وَقَطَعَ السَّارِقَ وَجَلَدَ الزَّانِيَ غَيْرَ الُْمحْصَنِ ثُمَّ قَسَمَ عَلَيْهِمَا مِنَ الْفَيْءِ وَنَكَحَا الْمُسْلِمَاتِ--;-- فَأَخَذَهُمْ رَسُولُ اللهِ (صلى الله عليه وآله) بِذُنُوبِهمْ، وَأَقَامَ حَقَّ اللهِ فِيهمْ، وَلَمْ يَمْنَعْهُمْ سَهْمَهُمْ مِنَ الاِْسْلاَمِ، وَلَمْ يُخْرِجْ أَسْمَاءَهُمْ مِنْ بَيْنِ أَهْلِهِ. ثُمَّ أَنْتُمْ شِرَارُ النَّاسِ، وَمَنْ رَمَى بِهِ الشَّيْطَانُ مَرَامِيَهُ، وَضَرَبَ بِهِ تِيهَهُ!.

إي والله إنهم شرار الناس ومن رمى بهم الشيطان من أراد هدم الإسلام والقضاء عليه من داخله ولا شك أن هدف الشيطان الأول هو نقض عرى الإسلام عروةً عروة وبث الفرقة وإعلان الحرب بين أبناء أمة لا إله إلا الله.
الكلام الوارد عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب يقطع الطريق على ذلك الصنف من الخوارج من أصحاب بدعة تكفير أهل الذنوب والمعاصي وهو ما يبدو مختلفا للوهلة الأولى عن بدعة التكفير الوهابي (الأخير زمانه) الذي جاء بما لم يأت به الأوائل من تكفير المخالفين لما ورد في المانيفستو الوهابي المسمى بكتاب التوحيد.
إلا أن الناظر المدقق سرعان ما يكتشف الخدعة الوهابية الكبرى وأن الأمر كله لا يختلف في قليل ولا كثير عما فعله من خاطبهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب.
تمثلت الخدعة الوهابية في ذلك التدرج بدءا من التأكيد على أهمية الاعتقاد بوحدانية الله عز وجل وكأن التوحيد هو عمل مستقل وقائم بذاته عن منظومة العقيدة الإسلامية أو كأنه اكتشاف جديد يسمع عنه المسلمون لأول مرة ثم الحديث عن وجوب نفي الشرك عن الأعمال العبادية التي يقوم بها المسلم ثم النص على أن بعض الأعمال دون بعض هي من الأمور التي توقع في الشرك ثم اعتبار من يقوم بهذه الأعمال كافرا وخارجا من الملة وأخيرا إعلان الحرب عليه ثم استباحة دمه تطبيقا للمانيفستو الوهابي التكفيري المسمى بكتاب التوحيد. ( )
الوحدانية والأحدية:
الغريب أن الشيخ عبد الوهاب في كتابه المسمى بالتوحيد لم يستشهد ولو لمرة واحدة بسورة الإخلاص وهي السورة التي تعدل ثلث القرآن كما هو مشهور (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ* اللَّهُ الصَّمَدُ* لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ* وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ).
إنها تعدل ثلث القرآن لأنها جمعت في سطر واحد منظومة العقيدة الإسلامية حيث يفسرها الشيخ الطوسي في كتابه (التبيان في تفسير القرآن):
وهذا أمر من الله تعالى لنبيه صلى الله عليه واله أن يقول لجميع المكلفين (هو الله) الذي تحق له العبادة (أحد) ومعناه واحد فقوله (هو) كناية عن اسم الرب لأنهم قالوا ما ربك؟ قال هو الله أحد وقوله (الله) ابتداء وخبره (أحد) وأصل (أحد) وحد فقلبت الواو همزة وقد جاء وحد على الأصل وحقيقة الوحد شئ لا ينقسم في نفسه أو معنى صفته فإذا أطلق أحد من غير تقدم موصوف فهو واحد نفسه فإذا جرى على موصوف فهو أحد في معنى صفته فإذا قيل الجزء الذي لا يتجزأ واحد فهو واحد في معنى صفته وإذا وصف تعالى بأنه أحد فمعناه أنه المختص بصفات لا يشاركه فيها غيره من كونه قديما وقادرا لنفسه وعالما وحيا وموجودا كذلك وأنه تحق له العبادة لا تجوز لأحد سواه ولا يجوز أن يكون (أحد) هذه هي التي تقع في النفي لأنها أعم العام على الجملة أحد والتفصيل فلا يصلح ذلك في الإيجاب كقولك ما في الدار أحد أي ما فيها واحد فقط ولا أكثر ، ويستحيل هذا في الإيجاب وفى قوله (الله أحد) دليل فساد مذهب المجسمة لان الجسم ليس بأحد إذ هو أجزاء كثيرة وقد دل الله بهذا القول على أنه أحد فصح أنه ليس بجسم. ( )
والمعنى الذي نستخلصه من هذه السورة العظيمة التي اشتملت على التوحيد الإلهي الحقيقي هو أن الله تبارك وتعالى واحد أحد إذ أن كل أحد واحد وليس كل واحد أحد.
إنها أحدية الذات والصفات فالله سبحانه وتعالى ليس كمثله شيء وهو السميع البصير وبينما يثبت الوهابيون للخالق عز وجل صفات جسدية تنافي الأحدية الإلهية, حيث يقول في معرض تفسيره لحديث رسول الله ص (من قال لا إله إلا الله يبتغي بها وجه الله - إثبات الصفات، خلافاً للأشعرية)!!! ص 4 أي أنه يثبت لله سبحانه صفة الوجه face. ( )
الوجه ليس مجرد صفة بل هو (جزء) من الرأس أي أنه سبحانه وتعالى عما يقول الوهابيون علوا كبيرا له رأس والوجه هو الجزء الأمامي من الرأس كما أن الوهابيين يثبتون لله عز وجل صفات جسدية أخرى لا تقتصر على هذه الصفة مثل الأذنين واليدين والرجلين!!!!.
أي أن الله تبارك وتعالى في التصور الوهابي كائن يتكون من أجزاء وهو على شاكلة المخلوقات!!! كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا.
ولكي نزداد فهما للمسألة ننقل خطبة إمام المتقين علي بن أبي طالب عليه السلام وهي أول خطبة نقلها الشريف الرضي في نهج البلاغة.
الحَمْدُ للهِ الَّذَي لاَ يَبْلُغُ مِدْحَتَهُ القَائِلُونَ، وَلاِ يُحْصِي نَعْمَاءَهُ العَادُّونَ، ولاَ يُؤَدِّي حَقَّهُ الُمجْتَهِدُونَ، الَّذِي لاَ يُدْركُهُ بُعْدُ الهِمَمِ، وَلاَ يَنَالُهُ غَوْصُ الفِطَنِ، الَّذِي لَيْسَ لِصِفَتِهِ حَدٌّ مَحْدُودٌ، وَلاَ نَعْتٌ مَوْجُودٌ، وَلا وَقْتٌ مَعْدُودٌ، وَلا أَجَلٌ مَمْدُودٌ. فَطَرَ الخَلائِقَ بِقُدْرَتِهَ، وَنَشَرَ الرِّيَاحَ بِرَحْمَتِهِ، وَوَتَّدَ بِالصُّخُورِ مَيَدَانَ أَرْضِهِ.
أَوَّلُ الدِّينِ مَعْرِفَتُهُ، وَكَمَالُ مَعْرِفَتِهِ التَّصْديقُ بِهِ، وَكَمَالُ التَّصْدِيقِ بِهِ تَوْحِيدُهُ، وَكَمَالُ تَوْحِيدِهِ الإخلاص لَهُ، وَكَمَالُ الإخلاص لَهُ نَفْيُ الصِّفَاتِ عَنْهُ، لِشَهَادَةِ كُلِّ صِفَة أَنَّها غَيْرُ المَوْصُوفِ، وَشَهَادَةِ كُلِّ مَوْصُوف أَنَّهُ غَيْرُ الصِّفَةِ، فَمَنْ وَصَفَ اللهَ سُبْحَانَهُ فَقَدْ قَرَنَهُ، وَمَنْ قَرَنَهُ فَقَدْ ثَنَّاهُ، وَمَنْ ثَنَّاهُ فَقَد جَزَّأَهُ، وَمَنْ جَزَّأَهُ فَقَدْ جَهِلَهُ، وَمَنْ جَهِلَهُ فَقَدْ أشَارَ إِلَيْهِ، وَمَنْ أشَارَ إِلَيْهِ فَقَدْ حَدَّهُ، وَمَنْ حَدَّهُ فَقَدْ عَدَّهُ، وَمَنْ قَالَ: «فِيمَ» فَقَدْ ضَمَّنَهُ، وَمَنْ قَالَ: «عَلاَمَ؟» فَقَدْ أَخْلَى مِنُهُ.
كائِنٌ لاَ عَنْ حَدَث مَوْجُودٌ لاَ عَنْ عَدَم، مَعَ كُلِّ شَيْء لاَ بِمُقَارَنَة، وَغَيْرُ كُلِّ شيء لا بِمُزَايَلَة، فَاعِلٌ لا بِمَعْنَى الْحَرَكَاتِ والآلة، بَصِيرٌ إذْ لاَ مَنْظُورَ إلَيْهِ مِنْ خَلْقِهِ، مُتَوَحِّدٌ إذْ لاَ سَكَنَ يَسْتَأْنِسُ بهِ وَلاَ يَسْتوْحِشُ لِفَقْدِهِ. ( )
أَنْشَأَ الخَلْقَ إنْشَاءً، وَابْتَدَأَهُ ابْتِدَاءً، بِلاَ رَوِيَّة أَجَالَهَا، وَلاَ تَجْرِبَة اسْتَفَادَهَا، وَلاَ حَرَكَة أَحْدَثَهَا، وَلاَ هَمَامَةِ نَفْس اضطَرَبَ فِيهَا.
الدين يقوم أولا على معرفة أن الله تبارك وتعالى هو الخالق البارئ المصور له الأسماء الحسنى وله صفات الكمال والجلال والجمال ولا تكتمل هذه المعرفة إلا بالإيمان بما جاء به رسوله محمد صلى الله عليه وآله وسلم وإعلان الخضوع والخشوع له سبحانه ولا يكتمل هذا التصديق والإيمان إلا بإفراده سبحانه وتعالى بالألوهية وشهادة ألا لا إله إلا الله ولا يكتمل الإيمان بالله إلا بإخلاص العبادة له دون سواه من دون شرك ولا رياء ولا يكتمل الإخلاص إلا بنفي صفات المخلوقين عن الله الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد وهي بدهية عقلية إيمانية لشهادة كل موصوف أنه غير الصفة وشهادة كل صفة من صفات المخلوقين أنها غير الموصوفين.
فلا يقال كما يزعم الأشاعرة أن الله تبارك وتعالى عالم بعلم أو حي بحياة إذ أن الحياة والعلم صفات غير الحي فالإنسان حي بحياة ممنوحة له من خالقه وعالم بعلم اكتسبه بالتعلم وكلها صفات يمكن أن تزول عن الإنسان المخلوق فلا تفقده صفة الإنسانية فيقال مات فلان بعد أن صعدت روحه إلى بارئها ويقال عالم وجاهل إلى آخر تلك الصفات البشرية الاكتسابية التي توجد في شخص ولا توجد في غيره وتوجد في الشخص نفسه ثم تزول إلى آخر ما هو معلوم من الصفات الإنسانية.
الشيخ عبد الوهاب سيرا على نهج شيخه ابن تيميه غير راض على المعتقد الأشعري لأنه اكتفى بإثبات سبع صفات نفسية زائدة عن الذات الإلهية أي (سبع آلهة مع الله) بينما يريد هو جريا على نهجه التيموي أن يضيف إلى تلك الصفات النفسية الزائدة صفات أخرى جسدية مثل الوجه واليدين ومن لا يصدقنا فليرجع إلى تلك المسألة في كتب القوم والتي لا يخفف من بشاعتها تلك الإضافة الاحترازية (وجه ولكن ليس كوجوه المخلوقات!! رجل ولكن ليس كأرجل المخلوقات!!! يدين ولكن ليست كأيدي المخلوقات!!!) إلى آخر تلك الخرافات والترهات التي لا تختلف في شيء عن العقائد الوثنية البدائية. ( )
الإمام علي بن أبي طالب الذي جحد الوهابيون وغيرهم إمامته يتدرج في تعليم الناس التوحيد الحقيقي وفقا للتسلسل الآتي:
أولا: بالإقرار بأن للكون إلها (أَوَّلُ الدِّينِ مَعْرِفَتُهُ) وهو ما يعتقده أغلب البشر من المسلمين وأهل الديانات الأخرى وربما ممن لا يؤمنون بدين معين ولكنهم يؤمنون بوجود إله خالق من دون اتفاق على تحديد صفته.
ثانيا: ما يترتب على المعرفة وهو الإيمان والتصديق (وَكَمَالُ مَعْرِفَتِهِ التَّصْديقُ بِهِ).
ثالثا: ما يترتب على التصديق وهو الشهادتين لا إله إلا الله (وَكَمَالُ التَّصْدِيقِ بِهِ تَوْحِيدُهُ).
رابعا: وأخيرا يأتي الإخلاص المترتب على التوحيد (وَكَمَالُ تَوْحِيدِهِ الاِْخْلاصُ لَهُ، وَكَمَالُ الاِْخْلاصِ لَهُ نَفْيُ الصِّفَاتِ عَنْهُ) سواء كان الأمر متعلقا بنفي الشريك أو نفي الشبيه. ( ) - See more at: http://www.ssrcaw.org/ar/show.art.asp?aid=457531#sthash.vwQBEPpK.dpuf

حول الموقع

مركز الإعلام التقدمي مؤسسةٌ إعلاميَّةٌ تابعة لـ(ملتقى الرقي والتقدم) تُعنى بخلق ثقافة وطنية مدنية علمانية.