صدر العدد الجديد المزدوج 59/60 من المجلة الثقافية الفصلية المغربية (نوافذ)، مشتملا على عدد من الدراسات والأبحاث والقراءات، إضافة إلى حوار مطول حول التجربة الصينية والماركسية، وملف خاص حول فعاليات الزيارة التي قام بها القائد الفلطسيني الكبير نايف حواتمة، الأمين العام للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، رفقة وفد هام إلى المغرب أواخر السنة الماضية.


افتتاحية العدد، رغم اللغة المجردة التي كتبت بها، إلا أن رسالتها تبدو واضحة. فقد توقفت عند حالة الجمود التي تخيم على واقع المغرب السياسي والثقافي وتصلب التقليد ومقاومته للتغيير بسبب"غياب ثورة سياسية وصناعية عميقة". في حين، يتواصل اختراق الريع المتعدد المنابع ل"كل البناء الاجتماعي، أفقيا وعموديا، لأنه يتغذى من تداخل السلطة السياسية والسلطة الاقتصادية"؛ وهو الذي "يستنزف الموارد النادرة أصلا في البلاد"، فيما تعمل الدولة المخزنية على توظيفه ل"إعادة إنتاج ذاتها، بما في ذلك توسيع قاعدتها الاجتماعية بالاستقطاب، وفي تغذية نظام إضفاء المشروعية على الحكم". هذا اللوحة القاتمة لا تعدو أن تكون جزءا من مشهد عام ضاعت فيه "لحظةالأمل"، واستشرى فيه"الافتراس الاقتصادي الشرس والفساد المعمم والاستبداد الشرقي"؛ وقد تعمقت القتامة وانسداد الأفق أكثر مع غياب الفكر الذي أصابه نوع من الجفاف على حد تعبير الافتتاحية، والاغتراب "عن الكائن الاجتماعي وانفصاله عن الواقع المادي"، والعجز"عن نسج سرد غائي يثني فيه التاريخ السياسة، والفعل الحدث؛ سرد يكشف حقيقة الحاضر على ضوء الماضي، يستشرف أفق المستقبل الممكن الذي يحبل به الواقع، ثم يجند خطاطته لل

تأثير الذاتي في الراهن والانصهار في "البراكسيس" الاجتماعي". ولعل مسؤولية المثقفين في هذا الباب خطيرة ولا تقبل التبرير، خاصة منهم أولئك الذين آثروا التقاعس عن بذل "أي جهد فكري أو معرفي في محاولاتهم البئيسة لتبرير الوضع القائم"، و"فضلوا الاستسلام للأمر الواقع، أي التواطؤ مع التقليد والتسلطية، على أمل التحصن في واحة الريع"؛ ويجاهدون في "الدعوة إلى الالتفاف حول رمز السيادة والوطن المجسد في الواحد وليس في كائن جماعي لا يتجزأ، لأن الشعب غير مؤهل لهذه الرسالة". فهؤلاء فقدوا ثقتهم في الشعب منذ زمن بعيد، ولم يعد يهمهم غير "حفظ إرث التحديث وضمان استمرارية عجلته تحت سقف نظام الحكم الفردي القائم، الذي يعملون جاهدين على تبرير مشروعيته أو وجوده، ويرون من الواجب التفاني في دعمه". وفي ذلك يتنافسون في البحث عن اللبوس المناسب لتعليل امتثالهم وتبعيتهم للسلطان والاندراج في حاشيته.

أما مواد العدد فقد جاءت على النحو التالي:


في باب القضايا الكونية، أجرى عبد المجيد السخيري، نائب رئيس تحرير المجلة، حوارا مطولا مع الدكتور أحمد الحارثي تحت عنوان" الصين والمسيرة الطويلة إلى المستقبل"؛ وفي نافذة "فن المخزن" كتب أيضا عبد المجيد السخيري عن "المهرجانات الفنية بالمغرب، تمسرح السلطة والسيطرة الناعمة". أما نافذة الأدب فقد اشتملت على نصوص ودراسات منها" تقريب النحو في التراث العربي الإسلامي: كتاب «الرد على النحاة» لابن مَضاء القرطبيِّ أنموذجاً" للباحث المغربي علي صدَيقي، ودراسة بعنوان "خصائص الرحلة السِّفارية المغربية إلى أوربا خلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر للباحث المغربي فريد أمعاضشو، وقراءات في كتابين تحت عنوان" لسانيات النص ونظرية النقد" للباحث الجزائري محمد سيف الإسلام بوفلاقة. وفي نافذة الدراسات والأبحاث جاءت للباحث المغربي جميل حمداوي دراسة بعنوان "التراث الكولونيالي الإسباني في الـمغـرب (البنايات الـمسرحية نموذجـــا)". وللباحث الجزائري م.سيف الإسلام بوفلاقة أيضا في باب الرسائل الجامعية مداخلة بعنوان "الشعر الأندلسي في عصر بني الأحـمر: دراسة أسلوبية لشعراء الـمائة الثامنة".


نافدة فلسطين اشتملت على عدد من النصوص والمقالات، منها قراءة هامة للكاتب الفلسطيني فهد سليمان في "المشروع الفلسطيني-العربي إلى مجلس الأمن"، ونص تقديمي لنائب رئيس تحرير المجلة خاص بملف حول زيارة نايف حواتمة والجبهة الديمقراطية إلى المغرب بعنوان" فلسطين من العدوان إلى الخذلان: كثير من الحب ..قليل من الفعل"، ثم تقرير تركيبي لفعاليات وأنشطة نايف حواتمة و"الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين" في الـمغرب، وكلمة أمين عام الجبهة في افتتاح مؤتمر حزب التقدم والاشتراكية المغربي ، وتقرير بلقاء خاص أفرده الزعيم الفلسطيني لمجلة "نوافذ" في شخص مديرها أحمد الحارثي، ويليه نص الحوار الذي أجري مع نايف حواتمة أختير له عنوان: "فلسطين، الثورات والانتفاضات في العالم العربي، وتحولات العصر الجديد للرأسمالية"، وأخيرا في القسم الفرنسي أعد رئيس تحرير المجلة أرضية لبرنامج للبحث في موضوع "اللامساواة، الحركية والتنمية في البلدان العربية".

حول الموقع

مركز الإعلام التقدمي مؤسسةٌ إعلاميَّةٌ تابعة لـ(ملتقى الرقي والتقدم) تُعنى بخلق ثقافة وطنية مدنية علمانية.