ليس بالأقوال وحدها تصاغ المواقف وتبنى السياسات بل باقتران ذلك بعمل جدي على الأرض يزاوج بين القول والفعل كي يتم من خلال ذلك قياس وتتبع مواقف الدول ومدى صدقيتها وترجمة ذلك على الأرض.

التصريحات الأخيرة الصادرة عن واشنطن التي تكشف أن الولايات المتحدة لا تريد انهيار مؤسسات الدولة في سورية قد تبدو للوهلة الأولى براقة وجيدة، لكن إذا ما نظرنا إلى الممارسة وأبرزها استمرار دعم واشنطن للإرهابيين ممن تسميهم «المعتدلين» وتدريبهم وحتى حمايتهم، ومايرتكبه هؤلاء من استهداف لمؤسسات الدولة، فضلاً عن غض النظر عن مواقف الدول الأخرى الداعمة للإرهاب وحتى التربيت على كتفها نجد أن ثمة تناقضاً كبيـراً بين الأقوال والأفعال لاتستقيم معه الأمور وهذا يمكن فهمه في زاوية ما على أنه مجرد تصدير مواقف لذر الرماد في العيون والمضي في النهج الخطأ وعدم الاعتراف بفشل المخططات بفضل صمود الشعب السوري وبطولات جيشه وانهيار المشاريع وتبخّر أحلام المستعمرين القدامى والجدد.

حديث مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية «سي.آي.إيه» جون برينان أمام مجلس شؤون العلاقات الخارجية في نيويورك وإن حاول الإيحاء بموقف أميركي مقبول فهو في الحقيقة جانب الصواب في نقاط عدة وما زال مسكوناً في مقاربات لم تخرج بعد عن نمطية الموقف الأمريكي وخاصة عند إشارته إلى «قوى غير متشددة» فيما سماها «المعارضة» فضلاً عن تدخل فظ في شؤون سوريّة سيادية، وحده الشعب السوري صاحب الحق في البت فيها.

والسؤال الأكبر إزاء هذه التصريحات هو: من أوصل الأوضاع في سورية إلى ما هي عليه الآن؟ وتالياً: من أوصل كل هؤلاء الإرهابيين؟ وأليست الدولة السورية هي من وقفت سداً طوال ما يقرب من أربع سنوات أمام تمدد الإرهاب؟ الإجابة بالتأكيد على كل هذه التساؤلات يعرفها برينان وكامل أفراد إدارته.

لكن من المفيد إعادة التذكير لعل في الإعادة إفادة, بأن الجيش العربي السوري هو القوة الرئيسية التي تقف بوجه الإرهابيين حالياً وهذا أقل ما يمكن قوله في صمود وبطولة وتضحية أفراد هذا الجيش ومن خلفه دولة وقيادة وشعب مؤمن بأنه يواجه أعتى حرب إرهابية تشنّ على سورية.

في غضون ذلك أكد وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو أمس أن مكافحة الإرهاب تتطلب جهوداً دولية متفقاً عليها من السلطات العسكرية في مختلف دول العالم.

ونقلت وكالة «تاس» الروسية عن شويغو قوله في نشرة مخصصة لمؤتمر موسكو الرابع حول الأمن الدولي: إن المؤتمر سيولي اهتماماً خاصاً لمكافحة التهديدات الإرهابية التي أصبحت أكثر تعقيداً، مضيفاً: نعتبر تطور التعاون العسكري الدولي لمكافحة الإرهاب بأي شكل من الأشكال عنصراً مهماً للنجاح.

ونقلت «سانا» عن شويغو قوله: إن وزارة الدفاع الروسية مهتمة بمناقشة دور الوسائل السياسية والعسكرية في توفير الأمن الإقليمي والعالمي، ونحن نرى أن الخبرة الإضافية مطلوبة لفاعلية تلك السبل في البيئة الحالية.

ولفت شويغو إلى أن مؤتمر موسكو الرابع حول الأمن الدولي سيضم العديد من وزراء الدفاع والخبراء البارزين من مؤسسات دولية وممثلين عن منظمات غير حكومية بالإضافة إلى أكاديميين.

يذكر أنه من المقرر عقد هذا المؤتمر في السادس عشر والسابع عشر من نيسان المقبل وسيضم وفوداً من نحو 80 دولة وقد أكد وزراء دفاع من 15 دولة مشاركتهم في المؤتمر.

حول الموقع

مركز الإعلام التقدمي مؤسسةٌ إعلاميَّةٌ تابعة لـ(ملتقى الرقي والتقدم) تُعنى بخلق ثقافة وطنية مدنية علمانية.