رجحت مصادر صحفية في العاصمة صنعاء، أن إحراز التقدم في العملية السياسية وتسارع مفاوضات حل الأزمة، خلال الأيام الماضية، جاء انعكاساً لتغييرات في الموقف السعودي، خاصة بعد زيارة المبعوث الأممي جمال بنعمر، أواخر الأسبوع الماضي إلى الرياض، ولقائه بكبار المسؤولين السعوديين.

وقالت صحيفة "المنتصف" في عددها الصادر الاثنين، إن مباشرة الأطراف والبت في مسألة المجلس الرئاسي، فور عودة بنعمر من زيارته الخليجية، والتي شملت الدوحة وما رافق ذلك من استدعاء هادي من قبل الرياض، يؤكد أن ذلك سبقه تغيير في الموقف لدى السعودية.

وعلمت وكالة "خبر" من مصادر ذات اطلاع في صنعاء، أن بنعمر وضع المسؤولين السعوديين في الصورة لما توصلت إليه المفاوضات بين الأطراف، والتقدم الذي أحرزته برعاية الأمم المتحدة.

وبحسب المصادر، فإن المبعوث الأممي، أبدى استياءه من تصريحات سابقة للرئيس تزامنت مع الدعوة لمؤتمر في الرياض، باعتبار أن أي مخرجات للحوار في صنعاء، برعاية الأمم المتحدة، غير شرعية.

الموقف الخليجي جاء من خلال مخرجات اجتماع وزراء الخارجية، الذي انعقد في الرياض، الأربعاء، وقال أمين عام المجلس عبداللطيف الزياني، في المؤتمر الصحفي الذي عقده رفقة وزير خارجية قطر خالد العطية، إن مؤتمر الرياض لا يلغي النقاشات القائمة في "الموفنبيك" بصنعاء، تحت رعاية الأمم المتحدة..

اتصالات مع السعودية..

وفي تصريحات هي الأولى من نوعها، كشف زعيم جماعة أنصار الله، المعروفة إعلامياً "الحوثيين"، عبدالملك الحوثي، عن وجود اتصالات غير مباشرة مع السعودية تهدف لتحسين علاقات بلاده مع المملكة على أسس جديدة تقوم على الندية وعدم التدخل في شؤون الآخر..

ونقلت وكالة "سبأ" الرسمية، عن الحوثي - خلال لقائه مع وفد إعلامي في صعدة – قوله: "اتصالاتنا مع السعودية لم تنقطع، وهناك اتصالات غير مباشرة تمت خلال اليومين الماضيين، تم التأكيد خلالها على وجود استعداد تام لعودة العلاقات بين البلدين وفق قاعدة الاحترام المتبادل، وعدم التدخل في الشئون الداخلية وتبادل المنافع المشتركة".

وأضاف، أن المبعوث الأممي في زيارته الأخيرة إلى كل من الرياض والدوحة توصل إلى نتيجة بأن رغبة تلك الدول في نقل الحوار إلى الخارج غير واضحة، الأمر الذي يعزز من استكمال الحوار في العاصمة صنعاء".

وأوضح، أن "مغادرة هادي إلى مدينة عدن جاءت بهدف خلق أزمات جديدة بين القوى السياسية بعد أن كانت قد شارفت على توقيع اتفاق نهائي ينهي الأزمة السياسية في اليمن".

وقال الحوثي: إن "أموالاً كبيرة تدفقت إلى هادي تقدر بنحو 3 مليارات دولار, من أجل إعاقة مسار الحوار القائم بين القوى السياسية حالياً".. مشيراً إلى أن "مثل تلك المساعي مآلها الفشل بعد أن اتفق الجميع على استكمال الحوار في العاصمة صنعاء".

استدعاء هادي..

الزيارة غير المعلنة أو بالأحرى، استدعاء الرياض للرئيس المستقيل هادي، جاء بعد الخطوات المتسارعة التي يتبناها الرجل من عدن، باتجاه تفجير وضع عسكري، من خلال التحشيد القبلي، وتوجيهاته بتجنيد الآلاف في اللجان الشعبية، والتي انخرط فيها كثير من عناصر وقيادات في تنظيم القاعدة، واستدعائه قوات اللواء 115 المرابطة في أبين، والتي يقودها العميد فيصل رجب، إلى عدن، بعد أزمة تغيير قائد قوات الأمن الخاصة "المركزي سابقاً" العميد عبدالحافظ السقاف.

وبدأ هادي التصعيد نحو الانفصال وتدشين تنفيذ مشروع مسودة الدستور التي تحوي أقلمة اليمن، وتغيير هوية الدولة من الجمهورية اليمنية، إلى الدولة الاتحادية، فور وصوله عدن، وهو ما حذر مهتمون وكاتبون صحفيون من نتائجه الكارثية على البلد، واندلاع الحرب الأهلية..

وتقول مصادر محلية، إن هادي، أوعز التجنيد في اللجان الشعبية، إلى قيادات محسوبة على جماعة الإخوان، وموالين له في فصائل الحراك، وهو ما انعكس بدوره على موقف الشارع، تجاه هادي، وكانت إشارة البدء، بتظاهرة انطلقت في شبوة الأسبوع الماضي، أكدت رفضها انتقال هادي إلى عدن، ونقل الصراع من الشمال إلى الجنوب..

لكن محللين ومهتمين في الشأن اليمني، يرون أن هادي حصل على ضمانات تخصه ورجاله من ضباط وكبار المسؤولين الذين كانوا في الدوائر المقربة منه، أثناء تربعه على رأس السلطة في صنعاء.

مجلس الأمن لا يجيز نقل الحوار

وكشف الكاتب والمحلل السياسي اليمني، أحمد الحبيشي، أنه كان مقرراً أن يصدر بيان صحفي غير ملزم عن اجتماع مجلس الامن الدولي مساء الجمعة، بضغط من السعودية ودول الخليج، يرحب فيه بنقل الحوار بين الأطراف اليمنية، من صنعاء برعاية الامم المتحدة، الى الرياض برعاية مجلس التعاون الخليجي.

وقال، إن مجلس التعاون الخليجي - وعبر مندوب الأردن في مجلس الأمن – مارست الضغط لاصدار قرار ملزم لكنها أخفقت، وتمكنت فقط من إقناع الدول دائمة العضوية في المجلس باصدار بيان غير ملزم، لكن الدول الخمس أجمعت على رفض تصريحات عبداللطيف الزياني امين عام مجلس التعاون عشية اجتماع مجلس الأمن الدولي التي قال فيها ان حوار الرياض سيختلف عن حوار صنعاء.

وأضاف الحبيشي، أن الدول دائمة العضوية تحدثت بصوت واحد ازاء تصريحات الزياني لأنها تتعارض مع قرارات مجلس الامن الدولي التي رسمت مسارا محددا للتسوية السياسية في اليمن، ومخرجات الحوار الذي تم في صنعاء برعاية الأمم المتحدة.

وتابع: ويبقى القول ان دول مجلس التعاون فشلت حتى الآن، في استصدار قرار دولي يؤيد نقل الحوار من صنعاء الى الرياض، كما تسببت تصريحات الزياني في عرقلة صدور بيان غير ملزم عن اجتماع مجلس الأمن مساء الجمعة، فهل تنجح جهود المندوب الاردني لمنع صدور بيان صحفي اليوم (الاثنين)؟

200 شخصية لمؤتمر الرياض

إلى ذلك نقلت صحيفة "الشرق الأوسط" السعودية الصادرة من لندن، عن مصدر خليجي، أن 200 شخصية يمنية من جميع الأحزاب والأقاليم سوف تشارك في مؤتمر الرياض الذي من المتوقع انعقاده خلال الأيام القادمة.

وكان أمين عام مجلس التعاون قال في تصريحاته بعد انعقاد اجتماع وزراء خارجية الخليج، إن تحديد موعد انعقاد المؤتمر، متروك للرئيس المستقيل هادي..

وأكد المصدر، أن الحوار سيكون تحت مظلة الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي، ويهدف إلى إنهاء حالة ما وصفها بـ"الانقلاب على الشرعية" التي فرضها الحوثيون، والاتفاق على خارجة طريق تعيد البلاد لمسار الاستقرار.

وأضاف، أن "الشخصيات تمثل المكونات الشرعية اليمنية، ومن أقاليم أهمها سبأ والجند وحضرموت، وعدن وتهامة".

وقال وزير خارجية قطر خالد العطية، لدى ختام اجتماع وزراء الخارجية، الأربعاء، إن الدعوة لمؤتمر الرياض تشمل جميع اليمنيين، بمن فيهم جماعة الحوثي، مشيراً إلى أنهم يمثلون أحد المكونات اليمنية ولهم حرية قبول الدعوة أو عدم الحضور

حول الموقع

مركز الإعلام التقدمي مؤسسةٌ إعلاميَّةٌ تابعة لـ(ملتقى الرقي والتقدم) تُعنى بخلق ثقافة وطنية مدنية علمانية.