وافق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الجمعة 6 نوفمبر/تشرين الثاني على اقتراح هيئة الأمن الفدرالية الروسية بتعليق الرحلات الجوية إلى مصر ومنها حتى ضمان أمنها بالكامل.


وجاء هذا الخبر بعد ما أعلنت بريطانيا وعدد من الدول الأوروبية الأخرى قرارها وقف الرحلات إلى مدينة شرم الشيخ المصرية، وذلك على خلفية شبهات باحتمال وجود عمل إرهابي وراء كارثة طائرة الركاب الروسية التي تحطمت فوق شبه جزيرة سيناء يوم 31 من الشهر الماضي.


إجراء احترازي


وفي وقت سابق عقدت اللجنة الروسية لمكافحة الإرهاب اجتماعا طارئا لبحث اتخاذ إجراءات احترازية إضافية لضمان أمن الرحلات الجوية في ضوء الكارثة. وفي كلمة أمام المشاركين في الاجتماع قال رئيس اللجنة، مدير هيئة الأمن الفدرالية، ألكسندر بورتنيكوف، إنه من المجدي تعليق رحلات الطائرات الروسية إلى مصر، وإلى منتجعاتها في المقام الأول، حتى كشف أسباب تحطم الطائرة.


مدير هيئة الأمن الفدرالية الروسية ألكسندر بورتنيكوف

مدير هيئة الأمن الفدرالية الروسية ألكسندر بورتنيكوف

كما أشار بورتنيكوف إلى ضرورة التعاون الفعال مع السلطات المصرية في إطار "مواصلة العمل المشترك على التحقيق في أسباب الكارثة". وشدد مدير هيئة الأمن الفدرالي على أهمية أن تكون المعلومات التي من شأنها تسليط الضوء على أسباب تحطم الطائرة "موضوعية وموثوقة تماما"، لكون هذا الأمر ضروريا سواء لإجراء التحقيق أو لإطلاع الرأي العام الروسي على حقيقة ما حدث. وأضاف أن العمل يجب أن يجرى بدقة عالية وأن يأخذ ما يتطلبه من الوقت.


من جهته أكد وزير الطوارئ الروسي فلاديمير بوتشكوف إن خير الخبراء الروس المزودين بأجهزة تقنية مطورة يفحصون حطام الطائرة المنكوبة بحثا عن آثار متفجرات محتملة فيها. وأشار الوزير إلى أن نتائج الفحوصات ستنشر لاحقا.


إعادة المواطنين


وفي تصريح صحفي قال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف أن الرئيس بوتين وافق على توصيات لجنة مكافحة الإرهاب والتي أبلغه بها مدير هيئة الأمن الفدرالية بعد انتهاء الاجتماع.


وبحسب بيسكوف فإن الرئيس الروسي كلف الحكومة بوضع آليات تنفيذ هذه التوصيات وضمان إعادة المواطنين الروس من مصر. وأوضح أن الرئيس بوتين أمر بتعليق الرحلات الجوية إلى مصر ومنها، إلى أن يتم ضمان المستوى اللازم لأمنها، كما أنه كلف السلطات الروسية بإقامة التعاون مع الجانب المصري لضمان الأمن المذكور.


من جهته قال رئيس الوكالة الروسية للطيران المدني ألكسندر نيرادكو أن وكالته قد بدأت في وضع خطة لتنفيذ الشركات الجوية الروسية للتوصيات بتعليق الرحلات إلى مصر. فيما أعلنت وكالة السياحة الروسية أن العمل يجري على إنشاء مركز خاص بتنظيم "إعادة السياح الروس الموجودين في أراضي مصر في الوقت الحالي". وأوضحت الوكالة على لسان رئيسها أوليغ سافرونوف أن هناك نحو 45 ألف مواطن روسي في مصر حاليا.


وفي وقت متأخر من مساء الجمعة نقلت وكالة تاس الروسية عن مصدر في قطاع الطيران المدني أن مطار دوموديدوفو الدولي بضواحي موسكو تلقى أوامر بحظر رحلات طائرات الركاب إلى مصر حتى إشعار آخر، وذلك اعتبارا من الساعة الثامنة مساء الجمعة 6 نوفمبر/تشرين الثاني.


فيما قال نائب رئيس الحكومة الروسية أركادي دفوركوفيتش إن أمتعة الركاب الروس الذين سيجري أعادتهم من مصر سيتم نقلها منفردة على متن طائرات شحن خاصة بذلك، ولن يسمح للركاب بأن يأخذوا معهم غير الحقائب اليدوية الخفيفة، وذلك لاعتبارات أمنية.


وذكر دفوركوفيتش في تصريح صحفي أن إعادة السياح من مصر هي "المهمة الأكثر تعقيدا"، مشيرا إلى أن عددهم يتراوح بين 45 ألفا و70 ألف شخص، حسب التقديرات. وشدد المسؤول الحكومي على أن الحديث لا يدور عن إجلائهم دفعة واحدة، بل عن إعادتهم المنظمة "وفقا لمواعيد الاستجمام التي تم تحديدها مسبقا".


مخاوف الأوروبيين


يذكر أنه خلال الأيام القليلة الماضية أعلنت كل من بريطانيا وهولندا وإيرلندا تعليق رحلاتها الجوية إلى شرم الشيخ، فيما أوصت سلطات فرنسا وإسبانيا وبعض الدول الأوروبية الأخرى سياحها بالامتناع عن زيارة هذا المنتجع المصري، مع إعلانها نية إعادة السياح المتواجدين في مصر إلى أوطانهم.



حطام الطائرة (A321) الروسية التي سقطت في منطقة جبلية في شبه جزيرة سيناء المصرية 31 أكتوبر/تشرين الأول 2015


حطام الطائرة (A321) الروسية التي سقطت في منطقة جبلية في شبه جزيرة سيناء المصرية 31 أكتوبر/تشرين الأول 2015


أما الولايات المتحدة فأفادت وكالة الأنباء الفرنسية بأن سلطاتها شددت الإجراءات الأمنية في المطارات الأمريكية وتفتيش الرحلات القادمة من الشرق الأوسط.


وجاءت هذه الخطوات على خلفية المخاوف من احتمال أن يكون سبب تحطم طائرة A321 الروسية التي أقلعت من مطار شرم الشيخ باتجاه سان بطرسبورع، هو انفجار عبوة ناسفة كانت على متنها. هذا ونقلت وسائل إعلام بريطانية عن مصادرها في الأجهزة الاستخباراتية قولها إنه تم تسجيل مكالمات بين مسلحين منتمين لداعش، وهذا يدل على احتمال أن تكون العبوة الناسفة قد وضعت في مؤخرة الطائرة قبيل إقلاعها.


يذكر أنه في اتصال هاتفي مع الرئيس الروسي الخميس 5 نوفمبر/تشرين الثاني أبلغه رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون بما لدى بلاده من شبهات بهذا الخصوص.


مع ذلك لم تؤكد أي جهة رسمية أن كارثة الطائرة سببها اعتداء إرهابي، الأمر الذي أمكن المتحدث باسم الكرملين من القول إن قرار الرئيس بوتين القاضي بتعليق الرحلات الجويةإلى مصر لا يعني أن تكون فرضية العمل الإرهابي هي الرئيسية. وقال بيسكوف: "لا شك أن أية من الفرضيات لا يمكن الآن أن تكون هي الرئيسية، وذلك لغياب أدلة تدعم هذه الفرضية".


وفي وقت سابق أعلن المركز الروسي للطب الشرعي أن فحص جثامين الركاب من قبل خبراء روس ومصريين لم يكشف عن آثار انفجار عبوة ناسفة.


وما دام التحقيق مستمرا في ملابسات الكارثة التي أودت بحياة 224 شخصا كانوا على متن الطائرة الروسية، لا تزال جميع الفرضيات مطروحة على الطاولة.


المصدر: تاس

حول الموقع

مركز الإعلام التقدمي مؤسسةٌ إعلاميَّةٌ تابعة لـ(ملتقى الرقي والتقدم) تُعنى بخلق ثقافة وطنية مدنية علمانية.