تل أبيب: تأسس حلفُ يضم اليونان قبرص إسرائيل ومصر والأردن وتركيّا بقيت خارجًا ومصر بالنسبة لنا هي مرسى استراتيجي ثانٍ في أهميته بعد أمريكا


لقصة الغرام مع رجل الإخوان المسلمين اردوغان لا يوجد أيّ احتمال لأنْ ترفع رأسها، ولكنّ المصالح المشتركة مع المصريين، اليونانيين، القبارصة، الأكراد وحتى مع السعوديين تضمن منظومة علاقات أكثر استقرارا بكثيرٍ، هذا ما نقله مُحلل الشؤون الأمنيّة، أليكس فيشمان، من صحيفة (يديعوت أحرونوت) الإسرائيليّة، عم مصادر عليمة ورفيعة في تل أبيب.


ولفت إلى أنّه في تركيا قد يكونوا يتحدثون عن إعادة السفير إلى إسرائيل، عن تطبيع العلاقات، ولكنّ القطار فاتهم، ذلك لأنّه عندما أرادت إسرائيل – اردوغان ركل، والآن، عندما يصدر اردوغان أصوات من يريد، إسرائيل لا تقع على قدمي السلطان من اسطنبول.


وشدّدّ المُحلل الإسرائيليّ على أنّه بهدوءٍ تامٍّ، وبلا طقوس وبلا تصريحات دراماتيكيّة، نُسج من تحت الأنف حلف اقتصاديّ-أمنيّ على أساس مصالح إستراتيجية صلبة، يضم اليونان، قبرص، إسرائيل ومصر، وبشكل غير مباشر الأردن أيضًا.


وإنْ شئتم: حلف دول الحوض الشرقي للبحر المتوسط. وتركيا؟ في الخارج. وأردف: رئيس وزراء اليونان اليكسس سفراس وبعض من وزرائه وصلوا لزيارة إسرائيل، للمرة الثانية في الأشهر الثلاثة الأخيرة، وتحدثوا مع رئيس الوزراء نتنياهو ضمن أمور أخرى عن التعاون الأمني بين الدولتين، مكافحة الإرهاب والتعاون في مجالي الطاقة والاقتصاد.


كما عقد المشاركون قمة أخرى في قبرص، بمشاركة رئيس الدولة المحلي، للبحث في حماية مصادر الطاقة، أي الغاز، وقبل يومين فقط عاد وزير الأمن موشيه يعلون من زيارة عمل إلى اليونان، حيث عقد لقاءات مع وزير الدفاع، وزير الأمن الداخلي، رئيس الأركان وقيادة الجيش اليوناني، ودعي لزيارة أخرى في الأشهر القريبة القادمة. وبرأي المصادر عينها، صحيح أنّ ليس لدى اليونانيين المال لشراء السلاح، ولكن لديهم الكثير من الرغبة في التعاون، وتقاسم المعلومات وتنفيذ مناورات مشتركة.


وأشار إلى أنّه من ناحية إسرائيل، هذه علاقة هامّة جدًا مع دولة عضو في الناتو، ولا سيما في ضوء حقيقة أنّ الأتراك لم يجتهدوا حقًا في توثيق التعاون بين إسرائيل والمنظمة، كما أنّ الرئيس المصريّ الجنرال السيسي زار اليونان في نهاية السنة الماضية وناقش هناك مواضيع أمنية.


وأوضح أنّ العلاقة مع اليونان بدأت تتوثق في 2010، عندما نشأ صدع بين إسرائيل وتركيا، وفي 2013 وقعت مذكرة تفاهم أمني بين إسرائيل واليونان، وبدأ الجيشان يتدربان معًا، وفي كانون الثاني (يناير) 2015، عندما تغير الحكم في اليونان وانتخب سيفراس الذي يترأس جبهة اليسار اليونانية لرئاسة الوزراء، كان تخوف في إسرائيل من برود العلاقات مع اليونان، ولكنّ هذا لم يحصل، بل العكس، توثقت العلاقات فقط.


وقال أيضًا أنّ الأتراك قلقون من محور البحر المتوسط الجديد هذا، الذي يعزلهم ليس فقط عسكريًا بل واقتصاديًا أيضًا، ولهذا فإنّهم يطلبون فتح باب لإسرائيل، غير أنّ ليس لتل أبيب أيّ سبب يدعوها لأنْ تُضعف العلاقة الوثيقة مع اليونان في صالح الأتراك، وفضلاً عن ذلك فإنّ المصريين يرون بعين الاشتباه كل تقارب إسرائيلي مع تركيا، المنبوذة في نظرهم، ومصر، من ناحية إسرائيل هي مرسى استراتيجي ثانٍ في أهميته بعد الولايات المتحدة فقط.


وبالتوازي، أضاف فيشمان، رفع التفكك الإقليمي في السنة الأخيرة قوة جديدة تغازلها الولايات المتحدة وروسيا: الأكراد في سوريّة وفي العراق، ممن اثبتوا قدرتهم في القتال ضد داعش. وتكافح الدولتان العظميان لكسب انتباه الأكراد، بل أنّ الأمريكيين يُنزلون سرًا المؤن للأكراد في سوريّة، ضمن أمور أخرى صواريخ مضادة للدبابات ووسائل قتالية أخرى، مما يخرج الأتراك عن طورهم، وربمّا الروس يُساعدون الأكراد على الحدود السورية-التركية، الأمر الذي شكل خلفية لإسقاط الأتراك للطائرة الروسية.


ورأت المصادر الإسرائيليّة ذاتها أنّ الأكراد يتطلعون للاستقلال، والظروف آخذة في النضوج لذلك، رغم الفوارق السياسية بين الأكراد في العراق، في سوريّة وفي تركيا. وهذا هو كابوس الأتراك: 40 مليون كردي يقيمون دولة مستقلة، أوْ كلّ كيان معاد آخر، يجلس على رقبتهم. وأشار إلى أنّه في علاقات إسرائيل مع الأكراد سُجّل صعود وهبوط، ولكن لا شك أنّه إذا احتاجت إسرائيل لأنْ تختار بين القيادة الكردية وبين تركيا اردوغان، الذي لا يخفي عداءه لإسرائيل، فإنّ الحلف مع الأكراد سيكون أهم لها بأضعاف.


وخلُص إلى القول إنّه في المحادثات التي تجري اليوم بين إسرائيل وتركيا، والتي يتصدرها المحامي يوسف تشخنوبر، هناك إحساس بأنّ إسرائيل تتحدث مع تركيا بانفصام للشخصية: الشرطي الطيب وزير الخارجية التركي مولوت كابوسوغلو والشرطي السيئ اردوغان، يتفقون على شيء ما مع وزير الخارجية، وعندما يصل هذا إلى اردوغان كل شيء ينقلب رأسًا على عقب، على حدّ تعبيره

حول الموقع

مركز الإعلام التقدمي مؤسسةٌ إعلاميَّةٌ تابعة لـ(ملتقى الرقي والتقدم) تُعنى بخلق ثقافة وطنية مدنية علمانية.